قول الفحش تجارة خاسرة

التاجر الذكي هو الذي يجني الأرباح الطائلة بأقل المبالغ وأسهل الطرق وأيسرها ، وكلما كان العمل التجاري به ديمومة الأرباح كلما كان المشروع ناجحاً وأكثر فائدة ، والنجاح الحقيقي عندما تتعدى الأرباح حدود الحياة المحدودة وتصل الى ما بعد الموت أو الحياة الأبدية عندها يكون المشروع قد حقق أهدافه المرجوة والمبتغاة والأكثر فائدة بل هو المشروع الحقيقي وغيره الذي يقتصر على دار الدنيا فقط فأنه مشروع وهمي قد زالت اثاره الإيجابية عند أول نقطة حدودية ما بين الدنيا والحياة الآخرة وهي القبر.

وقد بيَّن لنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أهم ملامح التجارة الناجحة من الخاسرة وكيف تجنى الأرباح من التجارة الرابحة وكيف تدفع الضرائب بسبب التجارة الخاسرة ، إذ يقول (صلى الله عليه واله وسلم)( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة)… (1) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (ايما داع دعا الى الهدى فأتُبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، وايما داع دعا الى ضلالة فأتُبع عليه فإن عليه مثل أوزار من أتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)(2) وعن الإمام الباقر عليه السلام( من أستن بسنةٍ عدل فأتَبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن أستن سنة جور فأتبع كان عليه مثل وزر من عمل به من غير ان ينتقص من أوزارهم شيء )( 3)، وسوف نطبق هذه الاحاديث على أرض الواقع من الناحية المادية ، نلاحظ الشركات الكبرى لها فروع في أغلب مدن العالم وجميع هذه الفروع تصل الى مكتب واحد وهو الذي يدير هذه المؤسسات ويجني الأرباح كلما حصلت عليها تلك الفروع ومن خلال هذه الشبكة الكبرى هناك وسائط تعمل مابين هذه الفروع والمكتب الرئيسي وهذه الوسائط تربح ايضاً كلما انتشرت فروع أكثر وأصبحت الأرباح أكثر ، وفي الخسارة تكون النتيجة نفسها المكتب الرئيسي يخسر والوسطاء أو العاملون يخسرون ايضاً وأمثلة ذلك ( ماكدونالد وتم هورتن وول مارت وزارا وبك ستار وأبل ومايكروسوفت وغيرها كثير قد ملئت الدنيا فروعها) .

وكل شخص منا يمتلك شركته الخاصة به ولهذه الشركة فروع كثيرة وتكثر هذه الفروع اعتمادا على المنتج من القول أو الفعل ، وكلما كان الناتج خيرا كانت الحسنات وكلما كان الناتج خبيثا وبذيئاً كانت السيئات ، فعندما ننقل حدثاً فيه تجربة خيرة فيها صلاح ووعظ فكلما انتقلت هذه التجربة ما بين الناس تأتي حسناتها لنا ، وعندما ننتقل الى الحياة الآخرة والتجربة مستمرة بالتحرك ما بين الناس في الحياة فأن حسناتها تصل لنا ونحن في قبورنا أي نجني ثمار نقل أو طرح تجربة الخير إن كان وعظا أو موقف أخلاقي وغيرها من أفعل الخير ، والتجربة السيئة التي نقلناها أو فعلناها أو قلناها كلما انتقلت ما بين الناس فأن سيئاتها تصل لنا في الدنيا وتطوقنا في قبورنا .

وفي هذه الأيام نعيش انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وبها ومنها ينتشر الخبر إن كان كلاماً أو مقاطع فيديو بأسرع مما نتصور كماً وسرعةً ، لهذا علينا ان نحتاط أشد الاحتياط لكل كلمة نكتبها أو ننقلها أو مقطعاً تصورياً أو صور وغيرها ، فإذا كانت هذه المنشورات خير فإننا نجني الحسنات في الدنيا والآخرة وتتكاثر الحسنات كلما انتشرت أكثر وأكثر، عن الإمام الباقر عليه السلام قال: كان أبو ذر يقول( يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر ، فأختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك)(4) ، وأما إذا كانت كلمات الخبيثة كقول الفحش ومناظر الفحش وتسقيط الناس وغيرها من أفعال الرذيلة التي حذرنا الشارع المقدس والعقل والضمير منها ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام ) ( أسفه السفهاء المتبجح بفحش الكلام) (5) وقال الإمام الباقر عليه السلام ( سلاح اللئام قبيح الكلام)( 6)فأننا ندفع ضرائب هذه المنشورات في الدنيا والآخرة كلما استمرت في الانتشار والانتقال لان نتيجتها تدمير الأسرة ومن ثم المجتمع وبعدها نحصد التعاسة والحزن في الحياة الدنيا قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)( إن الله حرم الجنة على كل فحّاش بذيء قليل الحياء ، لا يبالي ما قال ولا ما قيل له ، فإنك إن فتشته لم تجده الا لغية أو شرك شيطان ، فقيل يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أما تقرأ قول الله تعالى ( وشاركهم في الأموال والأولاد )(7)، فالتاجر الذكي عليه أن يختار البضاعة المربحة حتى يجني أعلى الأرباح منها ويتجنب التجارة الخاسرة حتى لا يدفع الضرائب ومن ثم الخسران المبين ، فلا تستصغروا الأقوال والأفعال فأن الأعواد الصغيرة تشعل أكبر النيران .

(1) هدية الأمة الى أحكام الأئمة عليهم السلام – الحر العاملي ج579ص (2) مستدرك الوسائل – ميرزا حسين النوري الطبرسي ج12ص230 (3) وسائل الشيعة – الحر العاملي ج11ص437(4) الوافي ج3ص85 عن الكافي(5)ميزان الحكمة – الري شهري – ج3ص2378 (6) ميزان الحكمة – الري شهري – ج3ص2378 (7) الوافي ج3ص160 من الكافي

خضير العواد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here