القبول بالأمر الواقع اساس الأستقرار و الأزدهار

لا يمكن ان تستمر هذه التوترات و النزاعات و الحروب و التي تشمل اغلب دول الشرق الأوسط الى مالا نهاية و التي كان آخرها ما سمي ( الربيع العربي ) الذي اتى على ما تبقى من تلك الدول في حروب داخلية مدمرة و اذا كانت مقولة ( لا صداقات دائمة في السياسة و لا عدوات دائمة انما هناك مصالح دائمة ) هي الأساس الذي يحكم علاقات الدول فيما بينها فأن دول الشرق الأوسط هي في حاجة ماسة الى اعتماد و تطبيق هذه المقولة ( الحكمة ) و التي ان طبقت فأن دول وشعوب المنطقة سوف تكون في استقرار و امان و ان تتقاطع المصالح تكون في رفاهية و ازدهار شعوب هذه الدول .

كانت الدول التي استحدثت و قامت على انقاض الدولة العثمانية و وفق المعاهدات الأستعمارية التي اعقبت الحرب العالمية الأولى قد يكون الطابع القومي العربي هو السائد على تلك البلدان و التي و ان كانت فيما بينها من التوترات و المشاحنات الا ان الأنتشار القبلي و العشائري العابر للحدود كان اقوى من تلك الخطوط المرسومة على الخرائط الجغرافية و ان اصبحت هذه الخطوط فيما بعد الحواجز النفسية التي فصلت ابناء العشيرة و فرقت ابناء العمومة و مع كل ذلك فقد استقطعت ارض و استحدث كيان جديد و اضيفت دولة جديدة الى هذا المحيط المتكون من الدول العربية الحديثة التكوين فكانت ( اسرائيل ) التي اقحمت في هذا التجمع الدولي المتجانس الى حد ما .

بداية النهاية لأزمات المنطقة و الأنتقال بها الى بر الأمان و السلام هو القبول بوجود دولة ( اسرائيل ) و ان كان على مضض و اذا كانت ( السياسة فن الممكن ) فأن هذه الدولة أمر واقع و قوي وليس من الممكن في الوقت الراهن على الأقل من تغييره فلابد من التعامل معه بحكمة وعقلانية بعيدآ عن الشعارات الحماسية الفارغة و التي لم تجلب سوى الهزائم و الأنكسارات و زادت من رقعة الأراضي المحتلة بدلآ من تحرير السليب منها لكن هذا يعني ان يكون للشعب الفلسطيني ايضآ دولته المستقلة وفق الجغرافية التي يتفق عليها و يقبل بها الفلسطينيين و التي يجب على المجتمع الدولي الأعتراف بها .

الدعوة المهمة لجميع حكومات دول المنطقة للجلوس الى طاولة الحوار و المفاوضات و بالأخص تلك المؤثرة و المهمة منها و هذه الدول تشمل ايران و تركيا من الدول الغير عربية و كذلك العراق و السعودية من الدول العربية و التي سوف يكون لها الثقل الأكبر في ادارة الحوار و النقاش و التفاهم و اللتان قد تشكلان محورآ ليس بالضرورة الأعلان عنه لكنه يتبلور من خلال السياسات المتوافقة في المحافظة على منظومة الأمن السياسي و الأقتصادي العربي في الحوار البناء و الأيجابي مع الجيران من الدول الغير عربية لاسيما ايران و تركيا لما لهما من امتدادات و مصالح في العديد من الدول العربية لا يمكن اهمالها او التغاضي عنها .

لقد جربت الكثير من الدول العربية و الغير عربية التمدد و التوسع من خلال الحروب و النزاعات لكنها فشلت و لم تجن من تلك السياسات المغامرة سوى العزلة السياسية و الخراب الأقتصادي و حين حاولت ( ايران ) تصدير ثورتها الى الضفة الأخرى من الخليج جوبهت بالمقاومة الشديدة و التي كانت الحرب الأيرانية – العراقية اكثر فصولها دموية و تدميرية و بأنتهاء تلك الحرب الطويلة تحطم حلم ( ايران ) في العبور الى الضفة المقابلة من الخليج العربي و اسقاط انظمة الممالك و الأمراء و اقامة انظمة حكم موالية لها .

كذلك كانت ( تركيا ) قد جربت ان تتوغل و تتوسع في العمق العربي و كانت الحرب السورية الطريق الأمثل للهيمنة على الدولة السورية من خلال دعم المجاميع المسلحة المناوئة للحكم السوري و اسناد كل تلك الفصائل الأرهابية منها و المعتدلة بالمال و السلاح و التدريب و ارسالهم الى العمق السوري في هدف التمكن من النظام السوري و اسقاطه و اقامة نظام حكم تابع لتركيا الا ان التدخل العسكري الروسي القوي الذي اوقف تمدد الفصائل المسلحة الموالية لتركيا و استطاع مع حلفاء الحكم السوري الآخرين من دحر الفصائل المسلحة و ملاحقتها و محاصرتها في الجيب الأخيرمن الأراضي السورية في ( ادلب ) و عندها انتهى الحلم التركي في الهيمنة و التوسع كنظيره الأيراني .

لن يكون امام دول المنطقة جميعها بما فيها ( اسرائيل ) الا الأعلان و الأستعداد الحقيقي و بوضوح للتطبيع المرحلي و ليس الأزلي مع الدولة اليهودية في الدعوة الى الحوار و المفاوضات بعد ان حصد الجميع من تلك الحروب و المنازعات بلدانآ مدمرة و شعوبآ منهكة و اقتصادات منهارة تئن تحت وطأة الديون و حتى ( اسرائيل ) و التي تتباهى بالأقتصاد المتين و الجيش القوي الا ان الشعب اليهودي يعيش في حالة من الخوف و الهلع و التوتر الشديد من تلك القذائف و الصواريخ التي قد تنهال عليهم في اي وقت و في اي لحظة و عليهم الهروب الى الملاجئ و الأختباء فيها فليس امام جميع دول المنطقة من حل سوى الحوار و التفاوض و الجلوس الى الطاولة المستديرة و بعد ان جربت الحروب و النزاعات دون فائدة فقد يكون الوقت قد حان ان تجرب السلام و الأستقرار عسى و لعل .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here