صحيفة بريطانية: هل اصبحت حكومة طوارىء خياراً لانهاء الازمة العراقية ؟

صحيفة بريطانية: هل اصبحت حكومة طوارىء خياراً لانهاء الازمة العراقية ؟

سلطت صحيفة اندبندنت البريطانية ، الضوء على الازمة العراقية المستمرة منذ اندلاع الاحتجاجات في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب منذ تشرين اول 2019 ، متسائلةً عن امكانية ان تنقذ حكومة الطوارىء البلاد من ازمة تتفاقم يوما بعد يوم وجاء في التقرير

تكرر الحديث، منذ سنوات، عن حكومة طوارئ، خصوصاً في ظل الأزمات السياسية والأمنية في العراق. وفي حين يجدد المحتجون رفضهم حكومة محمد توفيق علاوي، يطالبون بحكومة طوارئ أو إنقاذ وطني مستقلة عن القوى السياسية وتتكفل بمحاسبة المتهمين بقتل المحتجين وتضمن إجراء انتخابات مبكرة خارج إطار “السلاح المنفلت”.

في غضون ذلك، تستمر الحوارات حول الحكومة المقبلة التي ستُعلن تشكيلتها قريباً. وتفيد تسريبات عن أن القوى السياسية الرئيسية وافقت على إمرار الكابينة الحكومية في البرلمان على الرغم من الاعتراض الكبير الذي تواجهه في ساحات الاحتجاج.

وعلى الرغم من أن معظم القوى السياسية الرئيسية تعلل رفضها تشكيل حكومة طوارئ بـ”العودة إلى الدكتاتورية والمخاوف من الحرب الأهلية”، إلا أن مراقبين يرون أن تلك القوى تخاف فتح ملفات عدة متعلقة بالفساد فضلاً عن ملف قمع الاحتجاجات.

ولعل ما دفع المحتجين إلى المطالبة بحكومة الطوارئ هي حالة اليأس من إمكانية التغيير وفق الخريطة السياسية الحالية، ومحاولة لخلق بيئة مناسبة للتنافس السياسي، فضلاً عن المخاوف في ما يتعلق بمستقل الديمقراطية في البلاد.

“حرب أهلية”
يعتبر النائب عن تحالف “سائرون” جواد الموسوي أن “حكومة الطوارئ مخالفة للدستور الذي يحكمنا، وهذا الدستور غير معطل للشروع نحو حكومة بهذا الشكل”.

واضاف الموسوي لـ”اندبندنت عربية”: “علاوي محكوم بشروط عدة منها أن الحكومة لا تتعدى السنة وملزمة بإجراء الانتخابات المبكرة بنهايتها”.

ويشير إلى أن “هناك مخالفات للدستور لكن من غير المنطقي تشكيل حكومة بالكامل مخالفة للدستور”.

مبيناً أن “المخاوف من تعطيل الدستور تتعلق بأنه يؤدي إلى إشكالات في إدارة الدولة وعودة الدكتاتورية”.

ويلفت إلى أن “التساؤل الأكثر أهمية هو هل أن المكلف بحكومة الطوارئ سيرضي الجميع؟”، معرباً عن اعتقاده أن “حكومة الطوارئ قد تؤدي إلى صراعات وحرب أهلية لوجود السلاح المنفلت خارج إطار الدولة”.

تهديد السلم الدولي
في السياق ذاته، يقول القانوني علي التميمي إن “حكومة الإنقاذ الوطني تتكون بقرار من مجلس الأمن وفق المادة 39 منه في الفصل السابع، وتتشكل في الدول التي تشهد قلاقل وعدم استتباب عام أو تهدد السلم الدولي سواء فيها أو على العالم”.

مضيفاً، “تشكل هذه الحكومة تحت الوصاية الدولية كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية للدول المستعمرة، وتسمى مرحلة انتقالية تدار بها تلك الدول من شخصيات وطنيه بإشراف الأمم المتحدة لحين انتخاب حكومة وفق دستور يسن فيها”.

ويلفت إلى أنه “على الرغم من كون حكومة الطوارئ غير منصوص عليها بالدستور، لكن احتمال عودة العراق إلى الفصل السابع قد تجعل ذلك ممكناً”، مبيناً أن “العراق بدأ يتدرج بالذهاب نحو الفصل السابع، ما قد يعجل بذلك”.

مردفاً “أما تأليف حكومة الطوارئ فهو إجراء تتخذه الدول لتلافي حدوث كوارث أو لتفادي نتائج تلك الكوارث طبيعية كانت أو جنائية لحماية أمن مواطنيها”.

وسيلة للتهديد
يعتقد رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، أن “من الناحية الدستورية، لا شيء اسمه حكومة طوارئ، وأنها استخدمت وسيلة للتهديد منذ 2004 حتى الآن، لكن من يشكلها على اعتبار أن كل الحكومات تأتي بالتوافقات ولن تقبل الكتل بالتنازل”.

ويوضح لـ”اندبندنت عربية” أن “كنا بأمسّ الحاجة في ظروف عديدة إلى حكومة الطوارئ، لكن واقع الحال يقول إن تلك القوى السياسية لن تقبل أبداً بها، تتذرع بأنها قد تكون توجهاً نحو الدكتاتورية”.

ويكشف عن أن “القوى الكوردية هددت في حال ترشيح أي شخصية عسكرية، فأنها ستنسحب من العملية السياسية”.

ويشير إلى أن “سيناريو عادل عبد المهدي سيتكرر مع علاوي، وهذا يضعنا أمام إعادة سيناريو الإشكالات والصراعات في الحكومة المقبلة”.

“طوارئ” بخلفية عسكرية
“حكومة الطوارئ هي الأجدى في توفير حل للأزمة العراقية، وتكون ذات خلفية عسكرية من المتقاعدين وبإشراف الأمم المتحدة وتحل نفسها بعد 6 أشهر بعد المضي إلى انتخابات حقيقية من دون تزوير، على أن تؤخذ تعهدات على حل نفسها بعد إجراء الانتخابات”، بحسب الباحث سرمد البياتي.

ويقول البياتي لـ”اندبندنت عربية”، إن “الوضع العراقي يحتاج إلى ضبط أمني حقيقي، يستند إلى سحب كل السلاح المنفلت خارج إطار الدولة”، مبيناً أن “الكتل السياسية لن تتقبل ذلك بحجة أنها عودة للديكتاتورية، لكن المانع الحقيقي هو التخوف من استهدافهم بقضايا فساد وإرهاب والكشف عن ملفات كثيرة أخرى تتعلق بقتل المحتجين”.

يضيف “إذا لم تحصل حكومة علاوي على ثقة البرلمان فهذا يعني أن العراق ذاهب لنفق مظلم لن يخرج منه إلا بحكومة طوارئ”، مبيناً أن “هذا الفشل سيجعل الشارع لا يتقبل أي حلول أخرى ولن يتقدم للمنصب شخص آخر”.

ويشير إلى أن “التساؤل المستمر حالياً والذي لا إجابات عنه هو هل أن حكومة علاوي سائرة بالانتخابات المبكرة أم أنها ستستمر إلى نهاية الدورة البرلمانية؟”.

نهاية العلاقة بين الانتفاضة والقوى السياسية
أما الكاتب والإعلامي فلاح الذهبي، فرأى أن “عقبات كثيرة تقف في طريق تشكيل حكومة طوارئ، والأمم المتحدة لن تتدخل لأن هناك عدم اعتراض أميركي على تشكيل حكومة علاوي”.

ويكشف لـ”اندبندنت عربية” عن أن “علاوي اختار كابينته في إطارٍ مكوناتي يشمل 11 وزيراً شيعياً و6 وزراء سنة و4 كورد، وهناك حديث عن وزير واحد من ساحات الاحتجاج”.

يتابع أنه “حتى الآن لا اعتقد أن الأمر ماضٍ في اتجاه حكومة طوارئ، لكن هذه الطلبات قد تولد ضغطاً على القوى السياسية ما يدفعها إلى الموافقة على كابينة يقال إنها مستقلة”.

ويشير إلى أن “هذه القوى لا تريد أن تكشف ظهورها وما زالت متمسكة بخياراتها وتضع اشتراطات أمام التشكيلة الوزارية على أن لا تحاسب أحداً”، مردفاً “الحكومة المقبلة ستكون امتداداً للحكومات السابقة”.

ويبيَّن أن “هذه الحكومة تمثل آخر مطاف العلاقة بين الشارع الشيعي المنتفض والقوى السياسية، وقد تؤدي إلى صراعات بين الفصائل المسلحة والمعترضين عليها”.

ويلفت إلى أن “الشعور باليأس سيولد دوافع للصدام المسلَّح المقبل بين طبقات المحتجين الذين ينتمون لعشائر وتلك الأذرع المسلحة”.

ويختم “وراء الكواليس يدور حديث عن حل البرلمان ويتولى رئيس الجمهورية التهيئة لانتخابات خلال 60 يوماً، ما قد يوفر حلاً للأزمة الحالية”.

حمل المتظاهرون صور علاء الركابي.

مطلب المحتجين
في السياق ذاته، يرى ناشطون أن حكومة الطوارئ باتت الخيار الوحيد أمام القوى السياسية لاستعادة ثقة الشارع، مشيرين إلى أن الثقة بين الشارع العراقي والقوى السياسية أصبحت معدومة.

ويقول الناشط علاء ستار إن “حكومة الطوارئ أو مجلس الحكم الانتقالي يمثلان الحل الحقيقي للحالة العراقية بكاملها، لأنها ستوفر حكماً انتقالياً يهيئ الأجواء بشكل ملائم للانتخابات المبكرة”.

ويضيف، لـ”اندبندنت عربية” أن “الحكومة التي يتم إعدادها الآن في ظل الوضع السياسي الراهن والخريطة السياسية الحالية لن تلبي الطموح الذي خرج له شباب أكتوبر (تشرين الأول) لأنها ستبقى خاضعة للميليشيات والأحزاب الفاسدة”.

ويشير إلى أن “تلك الأحزاب لن تسمح بإيجاد وضع خلال مرحلة ما قبل الانتخابات المبكرة لظهور بديل سياسي حقيقي، بل أنها استمرار للوضع الأمني الهش الذي تقوده الأسلحة كاتمة الصوت والخطف والسلاح السائب”.

ويتابع أن “إعادة السياق المتبّع في تشكيل الحكومات السابقة، سيوفر دوماً حلولاً للسلطة للالتفاف على مطالب المحتجين، ويعيد العراق إلى الفشل مرةً أخرى كما هي الحال في كل المرات السابقة”.

ويلفت إلى أن “المرجعية تتفهم ذلك، وطرحت على السلطة مع بدء انتفاضة أكتوبر مبادرة تتضمن وجود لجنة عليا من عددٍ من الأسماء المعروفة ومن خارج قوى السلطة تقوم بتحديد إجراءات الحل للوضع العراقي الراهن”.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here