شذرات في الشخصيه العراقيه ٢

، اياد الزهيري
========
أستكمالاً للمقال السابق الذي تناولت فيه الشخصيه العراقيه وما طرأ عليها من تحولات وتغيرات في طبيعتها النفسيه والقيميه لأسباب ذكرناها في مقالنا الأول والذي وصلنا فيه الى التفاف الشخصيه العراقيه على نفسها وأنكفاءها على ذاتها ،وذكرنا أن تضخم ألانا وأستشراء القيم الماديه،بالاضافه الى فساد السلطه ،ونهب ثروة البلد من قبل بعض السياسين ،قاد ذلك الى الشعور بالخوف من المستقبل المجهول،هذا الخوف على النفس والعائله جعل الفرد لا يفكر الا في ذاتيته في محاوله لحمايتها من شر ينتظره ،مما اصابه شيء من الفزع الشديد.في مثل هكذا ظروف يصاب المرء بحاله من الشك ازاء المجتمع ،مما يحاول الى تشكيل وسائل دفاعيه لحماية نفسه من محيط معادي ،وفي اقل الأحوال لا يكن له الخير.طبعاً في هكذا ظروف ينقسم الأفراد الى عدة أصناف في محاوله منهم لدفع ضرر متوقع ،منها على سبيل المثال استعمال طريق الخدع والمراوغه والاحتيال للكسب السريع،وهذا ما نلمسه وبشكل كبير في الواقع ،وخير دليل هو ما تغص فيه المحاكم وما ترفع فيها من قضايا النصب والاحتيال ،حتى بين أقرب الاقارب،كما اتجه البعض الى السرقات واستخدام طرق القتل المختلفه بل وبأبشعها مقابل الحصول على المال ،حتى ان قتل النفس المحترمه أصبح لأبسط الامور وأتفهها ،وهذا مؤشر خطر على أنتشار الجريمه في المجتمع ،وهذا ما سبب هلعاً كبيراً أقلق الجميع وأنتابهم الرعب منه .هذا الجو يترك آثاراً نفسيه سيئه على الفرد والمجتمع معاً.طبعاً في ظل هكذا ظروف تتعمق فيها مشاعر ألانا ،في المقابل تتراجع فيها مظاهر التعاون والتضامن والتكافل الاجتماعي،حتى يصبح الإحسان شيء لا يذكر ،وهذا ما نلمسه من مشاعر الندم والحسره على مايسموه بالزمن الجميل،في حين ليس هناك زمناً جميلاً في العراق ،لانه بلد الحروب والدكتاتوريات ،ولكن هو بالحقيقه حسره على زمن كان الناس ترحم بعضها وتتضامن مع بعضها ،وتساعد بعضها ،ولم يسمع أحد سابقاً في العراق أن أحداً هلك جوعاً،وكان هناك شيء يقترب من وصف الحديث النبوي لهم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد أذا أشتكى منه عضواً ،تدعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)،هذا التراحم الاجتماعي أستبدل بالتزاحم والتصارع ،و بالشقاق والنفاق،وهناك توجه آخر هو الانعزال من المجتمع وفك كل أرتباط فيه كردة فعل لما يلقاه من صدود وجفاء وخشونة الطبع الاجتماعي وغياب الأمان .هذا اللون من ردود الأفعال تشكل خطوره لا يستهان بها ،الا وهي فقدان حالة التواصل التي تؤدي الى غياب التعاون والتضامن أزاء كل خطر داهم يتعرض له البلد من أعتداء خارجي ،وتسود حاله من اللامبالاة وتسود مشاعر (أنا ومن بعدي الطوفان)،حيث يتحول المجتمع الى جزر متباعده لا يربطها رابط ،فيسهل على كل طامع ان يخترقها ويهدد كيان الوطن لان ليس هناك من يستجيب لها النداء بسبب هذه العزله بين الناس وعدم تواصلهم،لان عدم التواصل من أعراضه هو عدم التفاهم ،وعدم التفاهم يؤدي بلا شك الى عدم الاتفاق ،وعدم الاتفاق لا يحقق أي أنجاز ،وهذه حاله خطره ،وتشكل أحد أهم مسببات عدم الانسجام المجتمعي ،والذي هو بدوره أحد أقوى مسببات الانقسام والتشظي للوطن.كما هناك توجه ثالث كنتيجة لمشاعر ألانا ،وهو من اخطرها وأسرعها نتيجه على المجتمع والوطن معاً الا وهو فقدان الهويه الوطنيه وسقوط قيم الشرف الوطني حيث يستزيغ الإنسان خيانة الوطن مقابل المال السياسي والانخراط في أجنده معاديه لوطنه حتى يصبح كل شيء يباع ويشترى في روما كما يقال ،وللأسف ان هذا ألداء قد أصاب الكثير من العراقيين وما نشاهده من استباحه لكرامة المواطن وسيادة الوطن الا مظهراً من المظاهر المألوفه،حتى كاد لا يستحي منها البعض ،بل ويتبجح بها ،وهناك الكثير من الشخصيات والأحزاب من تتبارى في خيانتها للوطن وعملها التآمري مع المحتل بدون خجل ولا حياء.

أياد الزهيري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here