شذرات في الشخصيه العراقيه ٤،

اياد الزهيري
====
نتناول في هذا المقال صفه من الصفات المميزه للمجتمع العراقي الا وهي صفة التمرد والمشاكسه ،والتي من مصاديقها خرق القانون والتجاوز عليه، وغالباً ما يصاحب المتجاوز للقانون شعور النشوه بالفوز والغلبه على الحكومه ،وهذا الشعور يستمد جذوره من الأصل البدوي للقسم العربي من الشعب العراقي ،حيث ان الإنسان البدوي لا عمل له للكسب ومنذ أيام الجاهليه الى حد البدايات الاولى للقرن الماضي الا الغزو الذي يعتمد على السلب والنهب وسبي النساء ،فالمنتصر يأتي متباهياً فخوراً الى عشيرته وكله فخر وفرح بشعوره بالغلبه على خصمه ،وهذا الامر استمر لمئات من السنين كسلوك معتاد للفرد البدوي مما تحول الى سلوك عام ،كما هناك حافز آخر يساهم في هذا السلوك الا وهو قسوة الانظمه التي حكمت العراقين على طول الزمن مما ولد لديهم دافع المقاومه لهذه الانظمه ومحاولة الإطاحة بها وازالة ظلمها ،وهذه المقاومه امتدت أيضا مئات من السنين ومن الجدير بالذكر ان العراق قد حكمه عتاة الحكام من مثل يزيد بن معاويه قاتل الحسين ع والحجاج بن يوسف الثقفي وأبو العباس السفاح وغيرهم الكثير حتى كان آخرهم صدام حسين ،حتى سميت حكومته بجمهورية الخوف ،وهي تسميه أطلقها الباحث كنعان مكيه في كتابه جمهورية الخوف .هناك نقطه مهمه يهمني ذكرها الا وهو ان نظام صدام وحتى الحكومات التي قبله جعلت العراقيين ينظرون الى دول الخليج بانها دول الرفاهية بسبب حالة التقشف التي مارستها هذه الحكومات العراقيه بسبب الحروب سواء كانت الداخليه (الحرب مع الكرد)او حروب مع الدول الاخرى مما نشط من أعمال التهريب وخاصه المدن الحدوديه وهذا النوع من العمل يتخلله او اساسه هو التجاوز على حدود وضوابط الدوله فمما يولد حاله من الجرئه لدى ممارسه ،كما ان حروب صدام حسين وقسوته ولد لدى الشعب العراقي نوع من الممانعه والمعارضة لحكمه وخاصه وان هذه المعارضه شملت قطاعات كثيره من الشعب العراقي وخاصه الشيعه والكرد ،كل ذلك نمى وشجع شعور التحدي والمقاومه والمعارضة في مزاج الشعب العراقي حتى سمعت في مقابله للرئيس المصري حسني مبارك في وصفه للشعب العراقي بانه (شعب لا يقبل بحاكه) ،اما أحمد جبريل القيادي الفلسطيني في الجبهه الشعبيه فسمعته يقول في احد مقابلاته التلفزيونيه واصفاً الشعب العراقي بانه (شعب صعب المراس).هذه الروح المتمرده زادت درجه عندما انفتح على العالم الخارجي عبر الإنترنت بعد ان كان محاصر بسور حديدي من قبل النظام العراقي ،فأندفع بقوه وتمرد على كثير من القيم والمحددات الاجتماعيه والدينيه ،وطبعاً لعبت حالة الكبت النفسي دوراً رئيسياً في هذا التمرد ،ومصداق ذلك هو صور العهر والفساد الأخلاقي الغير مسبوقه حتى أني أتحفظ من ذكرها لانها لا تحدث حتى في الغرب الأوربي الا نادراً،كما يمكن الاشاره الى ان هذه السلوكيات يندمج فيه التمرد مع الازدواجية . يمكنني أن أفسر الكثير بل أغلب ما يحدث من مظاهرات وما تخللها من شعارات ومن سلوكيات عنيفه ،بل واستمرارهم رغم بعض ما قدمته الحكومه من تغيرات وتحقيق من رغبات للمتظاهرين بالعناد الموروث ،حتى أن الكثير من المتظاهرين يتظاهر لأجل التظاهر ،حيث يشعر الكثير منهم وكأنه يمارس نوع من أنواع الهوايه ،بل والكثير من المتظاهرين وكأنه يستمتع بهذه المعارضه للحكومه ،وأنا أوعز كثير من هذه السلوكيات الى طبيعة الشخصيه العراقيه العنيده والمتمردة ولكن ذلك لا يلغي أن هناك مطالب حقه لهم لكننا لا يمكن تعليل كل هذه الممارسه المعارضه الى عامل واحد ،وهو المطالبه بالإصلاح السياسي والاقتصادي .نكتفي بذلك ونواصل انشاء الله بحلقات آتيه.

أياد الزهيري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here