الإِنتفاضةُ..قِراءةٌ وطنيَّةٌ [القِسمُ الأَوَّل]

*لقد علَّقت [أُم الولد] الجرس وسينهض الجميع قريباً، أَو فلينتظرُوا الطُّوفان، وفي التَّاريخِ عبرَةٌ!.
[القِسمُ الأَوَّل]
نـــــــــــزار حيدر
*أَدناه؛ مُشاركتي ضمنَ ملفٍّ عن إِنتفاضة تشرين الباسِلة المُستمرَّة منذُ الأَوَّل من تشرين الأَوَّل المُنصرم، أَعدَّهُ وحرَّرهُ الزَّميل عدنان أَبو زَيد بتاريخ [١٦ شباط] المُنصرم، لوكالةِ [المسلَّة] الإِخباريَّة.
مِحور الملف حولَ التساؤُلات والإِستفهامات التَّالية؛
ما أَبرز الإِنجازات التي حقَّقتها التَّظاهرات، سياسيّاً، إِجتماعيّاً، مُتغِّيرات “ماديَّة” ملمُوسة؟!.
أَم ثمَّة مَن لا يرى أَيَّ إِنجازٍ على كافَّة الأَصعدة، بل هو تراجعٌ وانقسامٌ!.
نصُّ المُشاركة؛
١/ هذهِ أَوَّل مرَّة ينتقض فيها الشَّارع ضدَّ أَحزاب السُّلطة الحاكِمة، الفاسِدة والفاشِلة، ومِن دونِ استثناء.
فلقد شهِد العراق منذ التَّغيير عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن آلاف التَّظاهرات والإِعتصامات والإِحتجاجات في مُختلف المُحافظات، لكن ما ميَّز إِنتفاضة تشرين الحاليَّة عن سابِقاتها، أَمرَين؛
أ/ إِنَّها إِنتفاضة الشَّارع، أَمَّا في المرَّات السَّابقة فقد كانت تنتفض أَحزاب السُّلطة وتيَّاراتها لمُساومة شركائِها في العمليَّة السياسيَّة وابتزازهِم من أَجل كسبِ المزيد من السُّلطة والنُّفوذ والإِمتيازات.
ولذلك كانت تنتهي في كلِّ مرَّةٍ بقرارٍ أَو إِشارةٍ من زعيم الحزب أَو التيَّار حال حصولهِ على ما يُريد.
أَمَّا هذهِ المرَّة فالإِنتفاضةُ لا تنتمي إِلى حزبٍ أَو تيَّارٍ أَو كُتلةٍ، ولذلكَ استمرَّت كلَّ هذهِ المُدَّة الزمنيَّة وستستمِر بإِذن الله، وبجهُود وتضحيات العراقيِّين وحِماية المرجع الأَعلى الذي رمى بكلِّ ثقلهِ خلفَ أَهداف الإِحتجاجات عندما حدَّد معها معالِم الإِصلاح الحقيقي المُرتقب، وعندما قالَ بصريحِ العِبارة، أَنَّ عِراق ما بعد الإِحتجاجات يختلف عن عِراق ما قبلها، ما يعني أَنَّهُ اعتبرَ الإِنتفاضة فَيصلاً وحدّاً فاصلاً بين مرحلتَين، تميَّزت الأُولى بالفسادِ والفشل في كلِّ مفاصل الدَّولة، والأَمل في أَن تتميَّز المرحلة القادِمة بعكسِ ذلكَ تماماً.
ب/ إِنَّ شعارها العام هو التَّغيير وإِصلاح النِّظام السِّياسي، أَمَّا في المرَّات السَّابقة فكانت الأَهداف آنيَّة تتعلَّق مُباشرةً بمعاشِ النَّاسِ ومُعاناتهِم اليَوميَّة، فضلاً عن أَنَّ أَغلبها كان يتعلَّق بأَجندات الحزب أَو التيَّار الذي يحرِّكها عند الحاجةِ ويوقفها عند تحقيقِ تلكَ الحاجةِ.
لقد سعت أَحزاب السُّلطة الفاسِدة والفاشِلة لتدميرِ الإِنتفاضة بكلِّ الطُّرق والأَساليب والوسائل؛
فتارةً بدسِّ عناصرها المُسلَّحة لتقتُل وتغتال وتختطِف وتقنُص وتُطارد المُحتجِّين السلميِّين.
وتارةً بزجِّ [جمهورها] في وسطِ الإِحتجاجات وعندما تتمكَّن من ساحات التَّظاهر يعمدُون إِلى تركِها في مُحاولةٍ منهُم لرَكوب مَوجة الإِنتفاضة والتحكُّم بمساراتِها والسَّيطرة على زخمِها واندفاعها ومساحاتِها التي كانت تتوسَّع يوماً بعد آخر.
وتارةً ثالثةً بإِنزالِ ميليشياتهِم إِلى ساحات التَّظاهر لتقتُل وتحرق وتُدمِّر وتعتدي على المُمتلكات العامَّة والخاصَّة، ومن ثمَّ إِتِّهام المُحتجِّين السلميِّين بذلكَ.
وفي أَحيانٍ كثيرةٍ لتصفيةِ حِسابات بعضهُم مع البعض الآخر تحتَ غِطاء الإِنتفاضة التي تبرَّأَت من أَفعالهِم الشَّنيعة في كلِّ مرَّةٍ يركتبُون فيها الجرائِم.
وتارةً رابعةً بتلويثِ سُمعة الإِنتفاضة من خلالِ الجيُوش الإِليكترونيَّة التي يُديرها [جوكر] أَحزاب السُّلطة وذيولها وأَبواقها.
وكلُّ ذلك وأَكثر من أَجل السَّيطرة على الإِنتفاضة إِذا أَمكن للبدءِ بالإِتِّجارِ بها عندَ الشُّركاء في العمليَّة السياسيَّة، ومعَ [الغُرباء] خلفَ الحُدود، فإِذا تحقَّق لها ذلكَ بادرت إِلى تدميرِها وإِنهائِها والقضاءِ عليها.
إِنَّ إِستمرار الإِنتفاضة كلَّ هذهِ المُدَّة الزمنيَّة وبكاملِ عُنفوانها وزخمها واندفاعها على الرَّغمِ مِن عِظَم التَّضحيات الجبَّارة التي قدَّمها المُحتجُّون [الماديَّة والمعنَويَّة] دليلٌ قاطعٌ على أَنَّها لم تنتمي إِلى السُّلطة وأَحزابها وميليشياتها، وإِنَّما تنتمي فقط إِلى الوطن وإِلى المُواطن الذي قرَّر هذهِ المرَّة أَن يُحقِّق رغباتهِ وينتزِعَ حقوقهِ في الحريَّة والكرامة والقانون الذي يحقِّق العدل والإِنصاف والمُساواة وتكافُؤ الفُرص في ظلِّ نظامٍ سياسيٍّ مُحترم قادرٌ على حِمايةِ سِيادة الدَّولة وهيبتها بعيداً عن تدخُّلات [الغُرباء] على حدِّ وصف الخِطاب المرجِعي.
٢/ إِنَّ الهدف الإِستراتيجي الذي تطمح الإِنتفاضة لتحقيقهِ كبيرٌ جدّاً تراكمت أَسبابهُ على مدى [١٧] عاماً، وأَقصد بهِ الإِصلاح الحقيقي وإِنقاذ البِلاد من الفسادِ والفشلِ والذي وصفهُ الخِطاب المرجعي بـ [معركة الإِصلاح] التي لا تقِلُّ ضراوةً عن معركةِ الإِرهابِ إِن لم تكُن أَشد وأَقسى، على حدِّ قولهِ.
لقد استحوذت [العِصابة الحاكِمة] طِوال الفترة المُنصرمة على المال والسِّلاح والإِعلام والسُّلطة والنُّفوذ والإِمتيازات والعِلاقات الإِقليميَّة والدَّوليَّة، فاستقوت على الشَّعب، ولذلك فليسَ من السُّهولة إِنتزاع كلَّ ذلكَ من بينِ مخالبِها في ليلةٍ وضُحاها.
إِنَّ التَّغيير والإِصلاح المطلوب الذي تسعى قِوى الإِنتفاضة، وعلى رأسها الخطابُ المرجعي، لإِنجازهِ، هو في إِطار الدُّستور والقانون، وهذا ما يُصعِّب المُهمَّة أَكثر فأَكثر، فالإِحتجاجات محكومةٌ بالنِّظام السِّياسي العام الذي لا يسعى أَحدٌ من المُحتجِّين لإِسقاطهِ بِرمَّتهِ وإِنَّما إِلى إِصلاحهِ بما يحقِّق الأَمن والإِستقرار والسِّيادة والتَّنمية.
ولذلكَ فليسَ من الإِنصاف أَن نتوقَّع من الإِنتفاضة أَن تُحقِّق هذا الهدف الوطني الجبَّار بزمنٍ قصيرٍ بالقياسِ إِلى عُمر الشُّعوب والإِنتفاضات في العالَم، قديمها وحديثها.
ولقد حقَّقت الإِنتفاضة لحدِّ الآن ما يلي؛
١/ إِنَّها نجحت في مسعاها الإِستراتيجي الرَّامي إِلى إِعادة مفهوم المُواطنة للدَّولة.
لقد بُنيت الدَّولة منذُ ٢٠٠٣ على أَساس مفهُوم [المُكوِّن] أَو ما يُعرف بالكانتُونات، ولقد ظلَّ التَّهديد بالخطر [المُفترض أَو الوهمي] المحدِق بـ [المُكوِّن] من قِبل القادة والزَّعامات السياسيَّة السِّلاح المُفضَّل عندهُم للتشبُّث بالسُّلطة مهما أَفسدُوا وفشلُوا، لإِسكاتِ وقمعِ الأَصوات الرَّاغبة في فضحهِم وتعريتهِم، وإِماطة اللِّثام عن حقيقة واصل الصراع في البلاد، من اجل اطلاق عملية التغييرِ والإِصلاح الحقيقي.
وعندما تنطلق الإِنتفاضة من مُحافظات الوسط والجنوب ضدَّ [الزَّعامات السياسيَّة] التي تُمثِّل هذهِ المناطق فهذا دليلٌ صارخٌ على أَنَّ المُحتجِّين لم يعُد تخدعهُم المخاوف الوهميَّة أَو يصدِّقوا خطابات وأَحاديث زعاماتهِ التي تسوقهُم على أَساس أَنَّهم حُماة المذهب مثلاً! فإِذا رحلُوا عن السُّلطة رحلَ كلَّ شيءٍ!.
إِنَّ إِنتفاضة [المُكوِّن الشِّيعي] ضدَّ [أَحزاب السُّلطة الفاسِدة والفاشِلة الشيعيَّة] [جدلاً] هو دليلٌ على أَنَّ الإِنتفاضة وطنيَّة وليست طائفيَّة وأَنَّها تُريد كنس الفساد والفشل وتغيير الوجُوه الكالِحة التي ظلَّت تتحكَّم بمصير البلاد وتُمثِّل [المُكوِّن] قسراً من دونِ أَن تجلِبَ الخير لا للمكوِّن ولا للبلادِ، حالها حال [زعامات] بقيَّة المُكوِّنات.
هيَ إِنتفاضةٌ وطنيَّةٌ ضدَّ الفساد والفشل وليست إِنتفاضة طائفيَّة، فالشِّيعة [المكوِّن] لم ينتقضُوا ضدَّ الشِّيعة [السَّاسة] بسببِ مذهبهِم وإِنَّما بسببِ فسادهِم وفشلهِم الفضيع والذَّريع.
وأَنا على يقينٍ وثقةٍ تامَّةٍ بأَنَّ المُكوِّنَين الآخرَين [السنَّة والكُرد] سينتفضُونَ ضدَّ زعاماتهِم الفاسِدة والفاشِلة ويلتحقا بالإِنتفاضة الوطنيَّة الرَّامية إِلى الإِصلاح الحقيقي، فما يُعانيه أَبناء المُكوِّنَين من ظُلمٍ وفسادٍ وفشل النِّظام السِّياسي الحالي وتحديداً من الزَّعامات التي تُمثِّلهم في هذا النِّظام، لا يقلُّ عن المُعاناة التي يتجرَّعها أَبناء الوسط والجنُوب من أَحزاب السُّلطة الفاسِدة والفاشِلة والظَّالِمة.
لقد علَّقت [أُم الولد] الجرس وسينهض الجميع قريباً، أَو فلينتظرُوا الطُّوفان، وفي التَّاريخِ عبرةٌ!.
*يتبع…
٢٨ شباط ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Twitter: @NazarHaidar2
‏Skype: nazarhaidar1
‏WhatsApp & Viber : + 1(804) 837-3920
*التلِغرام؛
‏https://t.me/NHIRAQ
*الواتس آب
‏https://chat.whatsapp.com/KtL7ZL3dfhi8dsTKUKjHOz

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here