لولا تدخل امريكاو ايران واقليم كردستان مااشتعل العراق بالنيران

· أ.د.سلمان لطيف الياسري

لولا تدخل امريكاو ايران واقليم كردستان مااشتعل العراق بالنيران
ومااصبح الكثير عريان و ماظهرت هاي الوجوه ام قبقاب ونخالة التراب وقصاصات من ورق زلماي وبريمر ولولا القضاء الراخي و الداستور

مااستوطن الاغراب في بلدي ودمروا كل شيء

الدعاية الإيرانية المحمومة تسعى لإقناع العراقيين بأنه لولا إيران لما كان هناك عراق، وأن إيران خامنئي هي التي دافعت عن العراق ضد داعش وأنه لولا هذا (الدفاع) الإيراني لكان العراق الآن قد سقط تحت سيطرة داعش، وأن قاسم سليماني وإيران قد حميا )أعراض( العراقيين من داعش، لذلك وجب على العراقيين أن يشعروا بالامتنان لإيران إلى الأبد على هذا الفضل الذي أسبغته عليهم فلولاها لما كانوا.

تريد هذه الأبواق من العراقيين أن يصدقوا بأنهم عاجزون عن الدفاع عن بلدهم، وأنهم لا يستطيعون محاربة الإرهاب، وهم الذين حاربوه بشراسة وقدموا 40 ألف شهيد في حرب السنوات الثلاث ضد داعش وحدها.

كما يُراد للعراقيين أن يصدقوا بأن جيشهم قد انهار كليا في حزيران/يونيو عام 2014، وأن إيران وحدها هي التي دافعت عنهم وحمتهم من داعش ولم يكن هناك أحد غير إيران في الساحة، فلا التحالف الدولي كان موجودا، يوفر غطاءً جويا ومعلوماتٍ استخباريةً مطلوبة واستشارات عسكرية قيمة، وأسلحةً متطورة ساهمت في حسم المعركة لصالح العراق، ولا ملايين العراقيين الذين تطوعوا للدفاع عن بلدهم في صفوف الجيش والشرطة والحشد، قد هبوا لحماية العراق، وإنقاذه من براثن الجماعات الإرهابية، ولا مليارات الدولارات العراقية التي أنفقت على التسلح والتدريب والرواتب في زمن الشح وانخفاض أسعار النفط. نعم انهارت بعض قطعات الجيش والأسباب معروفة للجميع، وسوف يُحاسَب المسؤولون عن هذا الانهيار، إن عاجلا أو آجلا، لأنهم هم المسؤولون عن الهزيمة، لكن جيش العراق لم ينهَر بل صمد وحارب وضحّى وانتصر. وليس مفاجئا للعراقيين أن المسؤولين عن الهزيمة أمام داعش هم الذين يطبِّلون لإيران وينتقصون من جهد العراقيين في تحقيق النصر.

يريد لنا أن نصدق أن “لا فتى إلا قاسم سليماني ولا سيف إلا سيف علي خامنئي”، وأننا قوم لا هوية وطنية لنا ولا ننتمي إلى أعرق الحضارات التي سُن فيها أول قانون وخُط فيها أول حرف، وتأسس فيها أول العلوم وشيدت فيها إحدى عجائب الدنيا السبع. بل إن أتباع إيران في العراق تجرأوا مرارا واقترحوا إلغاء اسم بابل العظيمة واستبداله بـ(مدينة الإمام الحسن)! نعم يُراد استغلالُ أسماء الأئمة والأولياء والصالحين لإلغاء حضارة العراق وتأريخه، وهذا المسعى الإيراني ليس جديدا، فقد سعى الإيرانيون دائما إلى محاربتنا بمقدساتنا وتشويه تأريخنا وتلفيق قصص مختلقة كي تترسخ في أذهان الناس وتحُل محلَ القصص الحقيقية.

وعلى الرغم من الخطاب الديني الذي يمارسه الإيرانيون بشكل محموم منذ 41 عاما، فإن خطاب الاستعلاء القومي الفارسي مازال سائدا لكنه أصبح مغلفا بالدين. الحقيقة هي أن التفكير الإيراني لم يتغير على مر العصور، فالإيرانيون مازالوا يعانون من (جُرح) سقوط الإمبراطورية الفارسية على أيدي العرب في القرن السابع الميلادي، ثم دخولهم في الإسلام، مضطرين على ما يبدو، لذلك فإنهم يحاولون منذ ذلك الوقت الانتقاص من جيرانهم العرب، والاستعلاء على الأقوام الأخرى من حولِهم، خصوصا تلك التي اعتنقت الإسلام، في مسعى كلّفهم غاليا، وسيبقى يكلفهم المزيد، إن هم أصروا عليه. قادة إيران لم يقرأوا التأريخ جيدا، فكل إمبراطورية أو دولة، مهما عَظُمَت واتسعت، فإنها لابد أن تتغير، متكيفةً مع الظروف المحيطة بها، أو تبلغ نهايتها المحتومة، فهذه هي سنة التأريخ.

بريطانيا التي كانت يوما “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس”، أصبحت الآن دولة صغيرة يخشى سكانُها الذوبان في أوروبا، فقررت حكومتهم أخيرا مغادرة الاتحاد الاوروبي. والبرتغال التي كانت يوما إمبراطورية كبيرة، حكمت أجزاءً من أوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وتبنت لغتها الكثير من الدول، بينها البرازيل، أكبر دولة في أمريكا الجنوبية، أصبحت الآن دولة صغيرة تعتمد على السياحة الأوروبية وتتلقى المساعدات من الاتحاد الأوروبي. هنغاريا التي كانت يوما مركزا للإمبراطورية الهنغارية النمساوية، أصبحت اليوم دولة عادية، انضمت إلى الاتحاد الأوروبي كي تنهض اقتصاديا وعلميا. تركيا، التي كانت من أكبر الامبراطوريات في العالم، قبلت الآن بأنها لم تعد إمبراطورية، بل دولة تسعى لأن تكون قوة اقتصادية إقليمية، وتحاول منذ سنين أن تنضم للاتحاد الأوروبي كي تحسِّن من فرص تقدمها.

العراق الذي تريده إيران ليس كالعراق الذي يريده العراقيون. إيران تريد عراقا يسير في فلك قادتها ويتبع أيديولوجيتها ويتحول أبناؤه تابعين لها، سائرين وفق (هدي) نظامِها السياسي و(إرشادات) الولي الفقيه ونصائحه وفتاواه. إيران تريد عراقا يشاركها شظف العيش، ويخفف عنها العقوبات التي جلبتها سياسات قادتها الطائشة ويقف سدا منيعا ضد أعدائها المتزايدين في العالم. تريد عراقا يحارب الولايات المتحدة والدول العربية وباقي دول العالم نيابة عنها، وعراقا منسجما مع العُقَد الكثيرة التي يعاني منها قادتُها. بل إن إيران لا تريد حتى رجال دين مستقلين عنها في العراق، لذلك ترعى رجال دين يسيرون وفق سياساتها ويروجون للإسلام الإيراني الذي لا يمت بصلة للإسلام الذي نعرفه، بل إن لديها (مراجع) جاهزين دائما للإفتاء بناء على طلب المرشد (الأعلى) والولي الفقيه.

لقد أفتى أحد هؤلاء (المراجع) عام 2005 بحرمة التصويت للعلمانيين في الانتخابات العراقية! بينما أفتى عام 2019 بمحاربة القوات الأجنبية في العراق، التي جاءت بطلب من الحكومة العراقية لمحاربة الجماعات الإرهابية. الطريف أن حزبا عراقيا اختاره فقيها له في الثمانينيات، فأفتى بحل الحزب وذوبانه في الجمهورية الإسلامية! والغريب أن هذا (المرجع) الذي نشأ في العراق لم يفتِ يوما في أي قضية غير عراقية. معنى هذا أنه مرجع ذو مَهَمَّة خاصة، وهي الإفتاء بما يتلاءم مع مزاج الولي الفقيه (ونائب المهدي المنتظر) علي خامنئي.

العراق الذي يريده العراقيون هو العراق الحضاري الذي تحكمه دولة عصرية ديمقراطية تساوي بين مواطنيها ولا تصنفهم دينيا أو مذهبيا أو عرقيا أو مناطقيا، العراق المتصالح مع العالم أجمع والمتعاون مع الدول التي يمكنها أن تساعده على النهوض والتطور ورفع المستوى المعاشي والخدمي لسكانه. العراق الذي يرفل مفكروه ومثقفوه وأكاديميوه ومهنيوه ومتعلموه وعماله وفلاحوه بحقوق الإنسان والحرية والأمن والرفاه. العراق الذي يحتضن العلماء والمفكرين والفنانين والمبدعين والمثقفين والموسيقيين والشعراء والمتميزين. إنه عراق طه باقر وعلي الوردي وكوركيس عواد ورفعة الجادرجي ومحمد مكية وفالح عبد الجبار ومهدي المخزومي وانستاس الكرملي ومصطفى جواد وعمو بابا وصالح الكويتي وطالب القرةغلي وسيف الدين ولائي وناظم الغزالي وسليمة مراد وعفيفة سكندر وفؤاد سالم وكاظم الساهر وسيتا هاكوبيان وحسين نعمة وأمل خضير وسليم البصري ومحمد حسين عبد الرحيم وسامي قفطان. عراق بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعاتكة الخزرجي ومحمد مهدي الجواهري ولميعة عباس عمارة وفهمي المدرس ومصطفى جمال الدين ومحمد سعيد الحبوبي وعبد المحسن الكاظمي وعلي الشوك وعبد الخالق الركابي وفؤاد التكرلي ومحمود البريكان وأحمد سعداوي.

مثل هذا العراق لا تريده إيران، بل سعت بقوة ومنذ عام 2003 لتجريده من كل مزاياه الحضارية والمدنية وجعله مناهضا لهويته الثقافية العربية، بل وحتى هويته المتنوعة التي تعترف بالكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة شركاء في الوطن، متساوين في الحقوق والواجبات. لقد سعى أتباع إيران إلى تغييب كل مفكر وأكاديمي وعالم وضابط شجاع ومجرب وصحفي محترف يرفض التطبيل والتزوير ومثقف حر يصدح برأيه الوطني المطالب بدولة مدنية والمعارض لولاية الفقيه. قتلوا كامل شياع وهادي المهدي وعلاء مشذوب وأحمد عبد الصمد ورفيف الياسري وسعاد العلي وتارة فارس. قتل مرتزقة إيران حتى الآن الآلاف من خيرة العراقيين والعراقيات، غدرا وغيلة، وكل ذلك باسم الدين والمذهب الذي لا يمتون إليه بصلة. فلا يوجد مذهب ديني يجيز قتل الأبرياء وتغييب الرأي الآخر بالقوة.

نعم خسر العراق مئات الآلاف من خيرة أبنائه بسبب حروب إيران وأيديلوجيتها العدوانية، لكنه لم يخسر هويته وتراثه وحضارته التي يريد النظام الإيراني وأتباعه تجريده منها، ولكن هيهات. فشباب العراق الآن يملأون الساحات في كل مدن العراق مطالبين باستعادة الوطن العراقي الذي فقدوه، رفعوا شعار “نريد وطنا” لأنهم شعروا بأن وطنهم يُسلَب منهم. الولايات المتحدة، بقصد أو دونه، سهلت مهمة إيران في العراق فسمحت لمليشياتها وعملائها بالسيطرة على مقدرات البلد، وهي اليوم، إلى جانب كل دول العالم الحر، مدعوة للوقوف مع العراقيين الساعين لاستعادة بلدهم من سيطرة إيران التي تروج للإرهاب والدكتاتورية والتعسف والتخلف.

عراق العراقيين هو الذي سيسود في النهاية لأنه خيار الشعب العراقي والهوية الراسخة للعراقيين، أما عراق إيران المُتخيَّل فغير قابل للحياة، لأنه عليل وكسيح ومفروض بالقوة والدّجل والخداع، ولأنه ليس أصيلا بل غريب، ثقافيا وسياسيا واجتماعيا

منذ اقرار الدستور العراقي عام 2005 وحتى الان حاولت الاحزاب الدينية الموالية لإيران تقديم نفسها على انها احزاب مدنية تحاول تطبيق الديمقراطية و تعمل على تشكيل المؤسسات و تقوية الدولة وجلب الاستثمار الخارجي لتقديم صورة مشرقة للعالم عن طريق اتباع هذه الاستراتيجية و التغطية على الفساد السياسي و الإداري والمالي و الميليشيات و العصابات الخارجة عن القانون. وعلى الرغم من وجود قرار استراتيجي لدى الاحزاب السياسية بالمحافظة على الاذرع المسلحة و الميليشيات وعوامل اللادولة على حساب الدولة، إلا انها كانت تؤكد في خطابها الداخلي واثناء اللقاءات بالشخصيات الدولية على ضرورة تطبيق الدستور و التعامل مع العراق كدولة مستقلة ذات سيادة بعيدة عن الاملاءات الخارجية.

كما وبلا شك إن للتدخلات الإقليمية لدول الجوار دورا تدميريا تخريبيا ومؤذيا منذ 2003، ولا أبرئ دولة من كل من تلك الدول، سواء إيران أو السعودية أو تركيا أو قطر، بل وحتى سوريا ما قبل 2011، بل وإلى حد ما الأردن، وربما بدرجة أقل دول خليجية أخرى [بما في ذلك الكويت]، كما لا أبرئ سلطة إقليم كردستان وسياساتها المضرة لكردستان وبمصالح الشعب الكردي بالدرجة الأولى، ولعموم العراق، كما ولا أبرئ السيئين جدا والطائفيين جدا من السياسيين السنة، والذين بقي الكثيرون منهم يحنّون إلى نظام صدام.

لكني أقول إن حصة الأسد في عملية تدمير العراق هي للقوى الشيعسلاموية، أعني أحزاب الإسلام السياسي الشيعية، فـ(الشيعسلاموية) العراقية هي المسؤولة الأولى والمسؤولة الرئيسة لتأسيس وتأصيل وإدامة كل عوامل تدمير العراق، دولة ومجتمعا، فضيعت الفرصة التاريخية على العراق، وعلى الشعب العراقي، أن يقيم نظاما ديمقراطيا حقيقيا، ودولة حديثة تقوم على أساس المواطنة، وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه للمجتمع العراقي، وتجذّر مشاعر وأواصر الإخاء بين شرائح المجتمع، وتُنجِح التجربة الديمقراطية الاتحادية في العراق، لتكون نموذجا يرفع الرأس ويحتذى به، أو نحسد عليه. بل حتى المرجعية الدينية الشيعية تتحمل قسطا من المسؤولية، وإن كانت بعد سنوات من تجربتها مع القوى الشيعسلاموية التي دعمتها ومنحتها الشرعية الدينية في البداية، قد تداركت الموقف، وأخذت تقترب من توجهات الوسط السياسي المدني

منذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، حاولت إيران التأثير على السياسة العراقية من خلال العمل مع الأحزاب الشيعية والكردية لإنشاء دولة فدرالية ضعيفة يهيمن عليها الشيعة وتكون أكثر انصياعاً للنفوذ الإيراني. وكانت طهران قد دعمت الجماعات المسلحة والميليشيات [الشيعية] أيضاً، وعززت من قوتها الناعمة في المجالات الاقتصادية والدينية والمعلوماتية. وقد قامت استراتيجية إيران على توحيد الأحزاب الشيعية في العراق لكي تتمكن هذه الأحزاب من ترجمة أهميتها الديموغرافية إلى نفوذ سياسي، وبالتالي تعزيز السيادة الشيعية في بغداد. من هنا، شجعت طهران أقرب حلفائها، أي فيلق «فيلق بدر» و «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» و «حزب الدعوة الإسلامية» والتيار الصدري، على المشاركة في الحياة السياسية والمساعدة في تشكيل المؤسسات الناشئة في العراق. وقد دعمت طهران مجموعة من الأحزاب والحركات المختلفة لتوسيع خياراتها وضمان تقدم مصالحها، بغض النظر عن الطرف العراقي الذي يصل إلى القمة.

أنشئ «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» من قبل مغتربين عراقيين في طهران عام 1982، وكان مقره في العاصمة الإيرانية إلى حين عودة هؤلاء إلى العراق في عام 2003. أما الميليشيا التابعة له، «فيلق بدر»، فقد قام «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» بتدريبها والسيطرة عليها وقاتلت إلى جانب القوات الإيرانية خلال الحرب بين إيران والعراق. وبعد عام 2003، دخل الآلاف من رجال «ميليشيا بدر» من إيران إلى جنوب العراق للمساعدة في تأمين ذلك الجزء من البلاد. وفي وقت لاحق تم دمج العديد من مقاتلي «فيلق بدر» في قوات الأمن العراقية، وخاصة الجيش والشرطة الوطنية. وقد قاد عمار الحكيم «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» منذ وفاة والده عبد العزيز الحكيم في عام 2009. وفي عام 2012، انشقت «منظمة بدر» عن «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق»، وعملت منذ ذلك الحين كطرف مستقل. وبعد سقوط الموصل بيد تنظيم «الدولة الإسلامية» في حزيران/ يونيو 2014، تزعمت «منظمة بدر» وقائدها هادي العامري، الحملة العسكرية ضد تنظيم «داعش»، مما عزز إلى حد كبير من صورة المنظمة السياسية على الصعيد الداخلي. واعتباراً من عام 2015، أصبح هادي العامري أحد أقرب حلفاء طهران في العراق.

أما «حزب الدعوة الإسلامية»، الذي تأسس في أواخر الخمسينات، فقد تمتع بدعم الجمهورية الإسلامية خلال المرحلة الأخيرة من وجوده السري في العراق. وبعد 2003، انضم «حزب الدعوة» إلى العملية السياسية، ولكن إمكاناته كانت محدودة بسبب افتقاره إلى ميليشيا مسلحة. وقد اختير زعيمه نوري المالكي من قبل «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» و”التيار الصدري” الأكثر قوة كحل وفاقي لرئاسة الوزراء في عام 2005، لكن المالكي استخدم منصبه في وقت لاحق لبناء قاعدة قوة في الحكومة والجيش، وعملت أجزاء من هذه القاعدة كميليشيا شخصية وحزبية. وبعد انتخابات عام 2014، تم استبدال المالكي بحيدر العبادي كرئيس للوزراء – وهذا الأخير هو عضو آخر في «حزب الدعوة». لقد كان المالكي متقارباً بشكل عام من النظرة الإسلامية الشيعية في طهران، ولكن ليس من عقيدتها حول ولاية الفقيه. وحيث أخذ بعين الاعتبار اعتماده على واشنطن من أجل البقاء، حاول السير في طريق وسطي بين طهران وواشنطن، وتجنب احتضان كامل لطهران. أما العبادي، الذي قضى سنوات في المنفى في المملكة المتحدة، فقد مثّل ميلاً أقل نحو الانعزالية داخل الحزب. إلا أنه تابع سياسة المالكي بمحاولة شق طريق وسطي بين واشنطن وطهران، والدعوة للمصالحة مع العرب السنة في العراق في الوقت نفسه. لكن تأثير العناصر الطائفية داخل “ائتلاف دولة القانون” الذي ينتمي إليه و”التحالف الوطني العراقي” الحاكم منعه من تنفيذ هذه الأجندة. وقد ظهر “التيار الصدري” كقوة رئيسية في السياسة العراقية والشارع العراقي منذ عام 2003. واستغل زعيمهم مقتدى الصدر اسم عائلته بصفته الإبن الوحيد على قيد الحياة لآية الله الموقور محمد صادق الصدر الذي اغتيل على يد عملاء النظام في عام 1999. كما أن خطابه الشعبوي والمناهض للولايات المتحدة والقوة والمحسوبية التي تقدمها له ميليشيا «جيش المهدي»، التي أُعيدت تسميتها مؤخراً بـ «سرايا السلام»، عززت جميعها من تأييده بين الفقراء في مناطق الشيعة الحضرية. وعلى الرغم من انحيازه السياسي مع «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» و «منظمة بدر» و «حزب الدعوة»، كانت للتيار الصدري أيضاً علاقة مثيرة للجدل وعنيفة مع العديد من هذه الأحزاب. فقد فرّ الصدر إلى إيران في عام 2007 لتجنب استهدافه من قبل القوات الأمريكية والعراقية، ولمواصلة دراسته الدينية. وعاد إلى العراق في عام 2011 واستمر في لعب دور هام في السياسة العراقية، على الرغم من أنه غالباً ما نأى بنفسه عن السياسات الإيرانية. أما الأحزاب الكردية، أي «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، فتربطها علاقات طويلة الأمد مع إيران. فقوات “البيشمركة” الكردية قاتلت إلى جانب إيران خلال الحرب بين إيران والعراق. كما قامت طهران بتسليح «الاتحاد الوطني الكردستاني» أثناء قتاله مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بين عامي 1994 و 1998. ولا تزال إيران تتمتع بعلاقات وثيقة مع «الاتحاد الوطني الكردستاني» و «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وكذلك مع «حكومة إقليم كردستان» في شمال العراق. وفي الماضي، وجهت طهران ضربات مدفعية عبر الحدود بين الحين والآخر ضد المقاتلين الإيرانيين الأكراد المتمركزين في شمال العراق، على الرغم من أن هذه الأنشطة قد تراجعت في السنوات الأخيرة. كما أن علاقة إيران مع الأكراد قد تحسنت وأصبحت «حكومة إقليم كردستان» شريكاً تجارياً هاماً لإيران، التي هي مركز لخرق العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

تمارس إيران نفوذها من خلال سفارتها في بغداد وقنصلياتها في البصرة وكربلاء وأربيل والسليمانية. كما أن كلا سفيريها في بغداد بعد عام 2003، حسن كاظم قمي وحسن دانائي فر – الذي ولد في العراق ولكن صدام حسين طرد عائلته، قد خدم في «قوة القدس» النخبوية التابعة لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وبالتالي، يعكس تعيينهما دور الأجهزة الأمنية الإيرانية في صياغة السياسة في العراق وتنفيذها. فـ «قوة القدس» هي وحدة «الحرس الثوري» المسؤولة عن العمليات الخارجية السرية الأكثر حساسية في ايران. وقد أفادت بعض التقارير أن إيران حاولت التأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية في عامي 2005 و 2010 وانتخابات مجالس المحافظات في عام 2009 من خلال تمويل المرشحين المفضلين لديها وتقديم المشورة لهم. كما يُقال إن قائد «قوة القدس» قاسم سليماني لعب دوراً رئيسياً في المفاوضات لتشكيل الحكومة العراقية عام 2005. وقد أفادت بعض التقارير أيضاً أنه توسط في وقف إطلاق النار بين «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» و «جيش المهدي» في عام 2007، وبين الحكومة العراقية و «جيش المهدي» في عام 2008. كما قامت إيران، من دون جدوى، بتشجيع «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» و «حزب الدعوة الإسلامية» و”التيار الصدري” لخوض الانتخابات في كتلة موحدة في عام 2010. وبعد انتخابات عام 2010، وردت بعض التقارير بأن رئيس “مجلس الشورى” الإيراني علي لاريجاني حث هذه الأحزاب على تشكيل حكومة ائتلافية. ولعبت إيران دوراً أقل أهمية في عملية تشكيل الحكومة عقب الانتخابات عام 2014. فقد تم استبدال مرشحها المفضل لرئاسة الوزراء، نوري المالكي، بحيدر العبادي بناءً على طلب من الولايات المتحدة، والأهم من ذلك، آية الله العظمى علي السيستاني. وبعد ذلك لعب الأدميرال علي شمخاني، أمين عام “مجلس الأمن القومي” الإيراني، دوراً رئيسياً في عملية تشكيل الحكومة (كبديل لسليماني الذي أصبح غير ملائم لهذه المهمة بسبب دعمه المتواصل لولاية ثالثة للمالكي). وقد تنافست إيران أيضاً على “القلوب والعقول” العراقية من خلال بث الأخبار والبرامج الترفيهية باللغة العربية في العراق (والعالم العربي) عبر شبكة “قناة العالم”. فقد عكست برامج هذه القناة ما تريد طهران أن تروجه عن الأخبار المتعلقة بالمنطقة. هذا وكان قد تم إطلاق “قناة العالم” عشية الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

خلال فترة الاحتلال، شجعت إيران حلفاءها السياسيين العراقيين على العمل مع الولايات المتحدة. ولكن «قوة القدس» قامت بتسليح وتدريب وتمويل الميليشيات المرتبطة بهذه الأطراف، فضلاً عن الجماعات المتمردة المتشددة التي هاجمت القوات الأمريكية. ولا تزال هذه الجماعات تقدم لطهران وسيلة للانتقام من 3500 مستشاراً ومدرباً أمريكياً حالياً في العراق، إذا ألحقت الولايات المتحدة (أو إسرائيل) أضراراً بالمصالح الإيرانية في أماكن أخرى في المنطقة. بعد عام 2003، ركزت إيران مواردها في البداية على حلفائها التقليديين في «فيلق بدر» التابع لـ «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق». لكنها سرعان ما وسّعت من مساعداتها لتشمل «جيش المهدي» التابع لـ “التيار الصدري”، والجماعات الخاصة المرتبطة بها وحتى بعض الجماعات السنية المسلحة. كما أنها استخدمت في بعض الأحيان عناصر «حزب الله» اللبناني الناطقين باللغة العربية لتسهيل هذه الجهود. لقد ثبت أن دعم إيران لـ «جيش المهدي» يطرح إشكالية بشكل خاص. فقد توسعت ميليشيات الصدر توسعاً كبيراً بعد عام 2003، مما أدى إلى دمج العديد من العناصر الإجرامية في صفوفها. كما أن أجندة الميليشيا المتطرفة ومنافستها على السلطة داخل الطائفة الشيعية سرعان ما جرتها إلى صراع مع كل من «المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» والحكومة العراقية، الأمر الذي أدى بالتالي إلى تقويض الجهود الإيرانية لتوحيد الطائفة الشيعية. وقد أفادت بعض التقارير أيضاً إن إيران قد سهّلت أنشطة «جماعة أنصار الإسلام» – جماعة جهادية سلفية في شمال العراق – التي مكنت طهران من ممارسة النفوذ على «حكومة إقليم كردستان» وأمّنت مدخلاً إلى الدوائر الجهادية السنية. وبحلول عام 2010، كانت إيران قد ضيقت من نطاق دعمها لثلاث جماعات شيعية مسلحة: «لواء اليوم الموعود» التابع للحركة الصدرية وهو خليفة «جيش المهدي» ، وجماعتين خاصتين: «عصائب أهل الحق» و «كتائب حزب الله». وتفيد بعض التقارير أن مستشارين إيرانيين عادوا إلى العراق في منتصف عام 2010، إلى جانب نشطاء «كتائب حزب الله» الذين تدربوا في إيران لشن هجمات على القوات الأمريكية مع تقلص عددها. وقد كمن هدفهم في خلق انطباع يوحي بأن الولايات المتحدة أُجبرت على الخروج من العراق. بعد الانسحاب الأمريكي من العراق في عام 2011، تنحت العديد من هذه الجماعات. ولكن عندما استولى تنظيم «داعش» على الموصل وبدأ يتقدم نحو بغداد، أصدر آية الله العظمى السيستاني فتوى تدعو العراقيين إلى الالتفاف حول “قوات الأمن العراقية” للدفاع عن بلدهم وشعبهم وأماكنهم المقدسة. وقد تم تنظيم أعداد هائلة من الشيعة الذين تطوعوا في مختلف الميليشيات المعروفة باسم «وحدات الحشد الشعبي». وتم تنظيم المتطوعين ضمن أكثر من 50 ميليشيا جديدة، وبلغ عددهم ما بين 60 و90 ألف رجل. وقد كان العديد منهم مسلحين من قبل إيران ويعكسون التوجه الإيديولوجي الخاص بالخميني. وقد لعبت هذه الجماعات، إلى جانب حلفاء إيران التقليديين مثل «منظمة بدر» و «عصائب أهل الحق» و «كتائب حزب الله»، دوراً قيادياً في القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». إلا أن هذه التنظيمات كانت جهات طائفية اعتمدت نهجاً عسكرياً حازماً، وشاركت في كثير من الأحيان في انتهاكات حقوق الإنسان ضد العرب السنة. وبالتالي فإنها ساهمت أيضاً في الاستقطاب الطائفي في المجتمع العراقي.ووفقاً لمجرى الأمور في عام 2015، بقيت التداعيات الطويلة الأمد لبروز «وحدات الحشد الشعبي» غير واضحة. وسيعتمد حيز كبير من هذه التداعيات على ما إذا كان سيتم دمج هذه الوحدات بـ ” قوات الأمن العراقية” في النهاية أو إذا كانت ستشكل نقطة انطلاق للسياسيين الشيعيين المتشددين الطموحين الذين يسعون إلى ترجمة إنجازاتهم العسكرية إلى رصيد سياسي. كما يمكن أيضاً أن تبقى كقوة عسكرية موازية يستخدمها السياسيون الشيعة الشعبويون المتطرفون للضغط على الحكومة، أو تستخدمها إيران لدفع مصالحها في العراق، بطريقة مماثلة لما يفعله «حزب الله» في لبنان.

حافظت إيران على علاقات تجارية واقتصادية مع العراق من أجل تحقيق مكاسب مالية وكسب النفوذ على جارتها. ووفقاً لبعض التقارير تشكّل إيران أكبر شريك تجاري للعراق، حيث يدّعي مسؤولون إيرانيون وعراقيون أن إجمالي حجم التجارة بين البلدين بلغ 12 مليار دولار في العامين 2013 و2014. إلا أن الإحصائيات الرسمية الإيرانية تظهر أن إجمالي التجارة بلغ حوالي 6 مليارات دولار في تلك الفترة، وجاءت غالبية هذا المبلغ من الصادرات الإيرانية إلى العراق. وتتكون الصادرات من الفواكه والخضار الطازجة والمواد الغذائية المصنعة ومواد البناء والأجهزة المنزلية الرخيصة والسيارات. كما ينشط المستثمرون الإيرانيون وشركات البناء في بغداد، وجنوب العراق ذات الغالبية الشيعية، وكردستان. إن تكديس إيران لمنتجات غذائية وسلع استهلاكية رخيصة ومدعومة في العراق (إلى جانب سياسات الحكومة العراقية ذات النتائج العكسية) ألحقت الضرر بالقطاعات الزراعية والصناعية الخفيفة في العراق، مما أثار استياء العراقيين. فبناء السدود وتحويل الأنهار التي تغذي ممر شط العرب المائي الذي تقوم به إيران أدى أيضاً إلى إلحاق الضرر بالزراعة العراقية في الجنوب وعرقلة الجهود المبذولة لإحياء الأهوار العراقية. وعلى الرغم من أن إيران سدت النقص في الكهرباء في العراق من خلال توفير حوالي 5 إلى 10 في المائة من الإمدادات المتاحة في العراق (وهذه النسبة أعلى بكثير في عدة محافظات على الحدود الإيرانية)، يعتقد الكثير من العراقيين أن إيران تلاعبت أحياناً بهذه الإمدادات لأغراض سياسية.

تعمل إيران على ضمان الأسبقية لرجال الدين الذين تدربوا في قم، المنغمسين في الأيديولوجية الرسمية للجمهورية الإسلامية، وتفضيلهم على رجال الدين الذين تدربوا في حوزات النجف غير السياسية نسبياً والتي تعتمد “موقف السكينية”، [أي الهدوء واللافعالية السياسية]. وتهدف من وراء ذلك إلى ضمان كَوْن نسختها من الإسلام الأيديولوجيا السائدة بين الشيعة في جميع أنحاء العالم.

وقد تكون إيران حالياً مستعدة لتحقيق هذا الهدف، ويرجع ذلك إلى:.

· استخدامها المُسرف لأموال الدولة من أجل أنشطة رجال الدين المسيّسين.

· وفاة آية الله العظمى حسين فضل الله في عام 2010، وهو رجل دين لبناني مؤثر تلقى تدريبه في النجف.

· السن المتقدمة لآية الله العظمى علي السيستاني، أهم أعضاء مرجعية النجف وأحد المراجع الدينية، أو مصدر إقتداء، لـ 80 في المائة من الشيعة تقريباً. وقد وُلد في عام 1930 ويُقال إنه مريض.

لقد أصبح العراق مقصداً رئيسياً للسياح الدينيين الإيرانيين. فمن العامين 2013 و2014، زار 1.2 مليون سائح ديني إيراني العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء. وبالمثل، فخلال تلك الفترة، زار 1.7 مليون عراقي إيران. وتستثمر الجمهورية الإسلامية عشرات الملايين من الدولارات سنوياً لبناء المرافق السياحية للحجاج الإيرانيين وتحسينها.

على الرغم من الاستثمارات الكبيرة لتوسيع نفوذ إيران في العراق، أسفرت جهود طهران عن نتائج متباينة فقط. وقد ثبَت أن هدف الوحدة الشيعية في العراق بعيد المنال. فالعلاقات بين عملاء إيران العراقيين غالباً ما كانت محفوفة بالتوتر والعنف، وقد أمضت إيران الكثير من الوقت والجهد في التوسط بينهم. وقد أصبح تدخل طهران في السياسة العراقية يشكل عبئاً ثقيلاً في بعض الأحيان، الأمر الذي أدى إلى رد فعل قومي عنيف ضد إيران وحلفائها المحليين. إلا أن بروز تنظيم «داعش» ورد إيران السريع بالسلاح والدعم العسكري والمستشارين بعد سقوط الموصل (بالمقارنة مع الرد الأمريكي البطئ والمقيّد نسبياً)، قد خلق فرصاً لإيران لتصوير نفسها على أنها منقذة العراق. وقد عزز سلوكها منذ ذلك الحين من مكانتها في نظر الكثير من العراقيين. ومع ذلك، بالغت إيران أحياناً في الأمر. إذ تفاخر مسؤولون، من قاسم سليماني وصولاً إلى مستشار الرئيس ووزير الاستخبارات السابق علي يونسي، بالنفوذ الإيراني في العراق، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة بين العراقيين. كما أن المنهجية العسكرية التي تفضلها إيران، أي الاعتماد على «وحدات الحشد الشعبي»، لم تسفر عن نتائج عسكرية حاسمة بحلول أواخر عام 2015، في حين ساهمت في الاستقطاب الطائفي في المجتمع العراقي. ومع ذلك، فإن التحفظ وضبط النفس اللذان تعتمدهما الولايات المتحدة، من المرجح أن يكونا تأكيداً على أن إيران لا تزال تلعب دوراً عسكرياً كبيراً في العراق، على الأقل طالما لا يزال تنظيم «الدولة الإسلامية» يشكل تهديداً وشيكاً، وأن العراق يثبت أنه غير قادر على التعامل مع هذا التهديد بمفرده.

· تضمن الجغرافيا والسياسة والاقتصاد والدين احتفاظ إيران بنفوذ كبير في العراق. إذ دائماً سيكون هناك عراقيين على استعداد للدخول في شراكة مع إيران لأسباب عملية أو أيديولوجية أو أخرى تتعلق بالمرتزقة، وخاصة طالما يُنظر إلى إيران كقوة صاعدة وقائدة لأكثر المحاور تماسكاً في المنطقة.

· لا تزال القومية العراقية والسياسات الإيرانية الخاصة وسلوك طهران المتعالي في بعض الأحيان، هي التي تشكّل القيود الأكثرة قوة على النفوذ الإيراني في العراق. ولكن من دون بذل جهود أمريكية مصممة على موازنة الوجود الإيراني، ستبقى إيران القوة الخارجية الأكثر نفوذاً في العراق.

· على المدى الطويل ستعتمد علاقات العراق مع إيران إلى حد كبير، على وضعها الأمني (لا سيما مصير تنظيم «الدولة الإسلامية»)، والنسيج السياسي لحكومتها، ونوع العلاقة طويلة المدى التي تقيمها مع الولايات المتحدة وجيرانها العرب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here