بمناسبة الذكرى ال61 لحركة الشواف في الموصل,حدث وعبرة

في مثل هذااليوم(التاسع من مارس)وقبل 61 عاما,اي في عام 1959,استيقظت مدينة الموصل على لعلعة الرصاص,وتبين لاحقا ان امرموقع الموصل,العقيدعبدالوهاب الشواف,قدأعلن التمردعلى حكومة رئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم,بدعم وتحريض من قادة دولة الوحدة العربية ,مصر وسوريا,وبمساندة كبيرة من قبل ضباط كبار,واعيان المدينة,وحدث ذلك نتيجة لموافقة الزعيم على اقامة مهرجان انصارالسلام في ملعب الادارة المحلية في الموصل ,متجاهلا أصوات الرفض والاستنكاروالتحذيرالتي جائت من قبل ,الاحزاب القومية والدينية,واخرين.
المهم ان محاولة الانقلاب تم اجهاضها بسرعة بعد تدخل الطيران الحربي,حيث قام العقيد الطيارخالد سارة بتوجيه ضربة جوية الى مقر قيادة الانقلاب وقتل العقيد الشواف,بعدها وقعت حرب شوارع ,وللاسف انها حدثت بين الاهل والاشقاء والاصدقاء والاقرباء,ومن سكان المدينة,أنفسهم!وانتهت بتدخل قوات من البيشمركة,التي ساندت,المقاومة الشعبية( وهي ميليشيا الحزب الشوعي العراقي)وتمكنت من حسم الموقف لصالح الشيوعيين,وبعد ذلك وقعت احداث يندى لها جبين الانسانية,وذلك عندما قامت مجموعات من الغوغاء,بالهجوم على بيوت الذين ساندوا حركة الشواف,فقتلوا الكثيرين منهم ونهبوا بيوتهم ,ثم قاموا بسحل جثث ضحاياهم في الشوارع وعلقوها على اعمدة الكهرباء,ومثلوا بها بطريقة واسلوب عكس سادية مرضية خطيرة
وبقية التفاصيل,كانت تراجيديا,يمكن ان تملأ تفاصيلها مجلدات,لكني ساكتفي بما ذكرته لسببين,أولهما:- رأيت ان واجبي تنبيه الذاكرة الى التاريخ الذي وقعت فيه تلك الحادثة,لأنها تحمل في طياتها اكثرمن عبرة ودرس
وثانيهما:-اني اريد ان الفت عناية الاخوات والاخوة القراء الى حقيقة مايسمى (ثورة الرابع عشرمن تموز!) بالدلائل والوقائع,التي اكدت ان ماحدث لم يكن ثورة بل انقلاب عسكري غبي وغاشم نفذته مجموعة من الضباط,الذين لاعلم لهم ولافهم في امورالعمل السياسي,كل الذين جمعهم كان عدائهم,لنظام الحكم الملكي,وللسياسي العراقي الكبير,نوري السعيد,مدفوعين بالشعارات الثورية,والدعايات,والتي لم تكن لها أساسات حقيقية على ارض الواقع .
لقد تبين بشكل سريع مدى التاقضات والخلافات بين من سموا انفسهم مجموعة الضباط الاحرار,وبعد اقل من شهرين على توليهم الحكم,وذلك عندما زار نائب رئيس الوزراء,ووزير الداخلية انذاك عبد السلام عارف مدينة الموصل,فاستقبلته الجماهير,بالترحاب والهتافات الحماسية,ومن بينهم الشيوعيون,والذين اطلقوا شعارت تعبرعن اهدافهم وتوجهاتهم,المنادية بالصداقة السوفيتية والاتحاد الفدرالي(والخ)فنهرهم عارف,والذي,كانت توجهاته قومية,ووبخهم,فدق اسفين بين الجماهير,المؤيدة والمناهضة لافكاره,ومن تلك اللحظة بدأواضحا للجميع الانقسام الكبير,والتباين في افكارواهداف وتوجهات الضباط(الاحرار)الذين قادواالانقلاب,حيث استقطب كل منهم جماهيرمؤيدة لتوجهاته,وبدلا من الحوار والتفاهم بين الاشقاء من ابناء الشعب الواحد,وقدكان هذا الاعتبارسائدا في العراق قبل انقلاب تموز,اذ رغم الانقسامات في الاراء والتوجهات,فقد كان هناك احتراما متبادلا بين كل من يحمل فكراسياسيا واضح الاهداف والتوجهات,كانت هناك خلافات فعلا,ونقاشات حادة, احيانا,لكن احدا لم يخون الاخر ولم يكفره,كل ذلك كان تحت نظام الحكم الملكي,ولكن عندما اسقط,وذهبت القيادة الى امرة العسكر,فقد ادت الى حالات من العداء والمناكفات بين صفوف الجماهيروسرعان ماتحولت الى صراع دموي ,بعد ان تخندق الفرقاء وتعصب كل الى حزبه او اثنيته,لقد تفاقمت الامور بسبب غياب العقل السياسي والنظرة الاستراتيجية عن عقول ومدارك اولئك القادة,والذين لم يكونوا يفرقوا بين قيادة الجيوش او ادارة الدولة المدنية,اقل مايجب ان يقال ان احد منهم لم يفقه شيئا في امورالعمل السياسي,ولأن السياسة علم وفن وخبرة تقنية تخصصية,والتي تسمى فن الممكن,فقد فشلت كل القيادات السياسية التي جاء بها النظام الجمهوري,لأنهم اعتمدوا على قيم واعتبارات ومخططات قصيرة نظر لاتخلوا من حماقة وعنجهيات فارغة
مختصر القول
ان كل الاحداث التي وقعت,وتتابعت بعد اسقاط النظام الملكي في العراق ,هي تحصيل حاصل ودليل دامغ على ان انقلاب 14 تموز1958 كان بمثابة ثغرة فتحت على العراق من جدارجهنم,واستمرت تكبر,وتتسع,حتى سقط الجدارتماما,واصبح العراق جزءا منها,وشعبه يحترق بنارها
ويقينا ان ذلك ادق وصف يمكن ان يطلق على حالة العراق هذا اليوم
مازن الشيخ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here