جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة:معالجة وتدوير النفايات في العراق بين متطلبات حماية البيئة وفرص الاستثمار

نظمت جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة مؤتمراً علمياً تحت عنوان “معالجة و تدوير النفايات في العراق بين متطلبات حماية البيئة و الصحة و فرص الأستثمار”

ولمدة يوم واحد في جامعة اليوسيئل UCL في لندن و قد حضر المؤتمر حشد من الضيوف و الأكاديميين و الخبراء و الباحثين العراقيين من المهتمين بشؤون و معالجة و تدوير النفايات و ممثلي الجمعيات العراقية في المملكة المتحدة و بمشاركة عدد من طلاب الدكتوراه المبعوثين.

وقد بدأ المؤتمر أعماله بالوقوف دقيقة واحدة حداداً على أرواح شهداء الشعب العراقي في نضاله ضد الإرهاب ومن أجل الحرية والديمقراطية و الإصلاح و بعدها افتتحت الدكتورة جيهان بابان مؤسِسة و رئيسة جمعية البيئة والصحة المؤتمر رسمياً بكلمة الافتتاح و رحبت بالضيوف الحاضرين من السيدات و السادة و تناولت بعدها معضلة تراكم النفايات في العراق كنتيجة للنشاط البشري والتي لها تبعات صحية خطيرة وأكدت الى ضرورة التقليل من استخدام الطاقة الاحفورية في العراق و الانبعاثات الكاربونية المسببة لتلوث الهواء و التغير المناخي و التوجه لاستخدام الطاقة النظيفة المتجددة و حدّدت أنواع النفايات من صلبة و سائلة وخطرة كالكيمياوية و الإشعاعية و الطبية. و يقدر معدل رمي النفايات ما يعادل 1 كغم للفرد في اليوم الواحد و في المدن المقدسة خاصة أيام الزيارات الدينية يرتفع الى 1.5 كغم في اليوم و أشارت بعدها الى ضرورة التعامل مع النفايات كمورد اقتصادي و اعتماد الطرق و التكنلوجيا الحديثة التي تتبع سياقات الاقتصاد الدائري عبر تقليل كمية االنفايات و إعادة استعمالها و تدويرها و تحويل النفايات العضوية الى أسمدة و الأخرى الى طاقة كهربائية أو حرارية و أيضاً الى الطرق الخاصة التي يجب التعامل مع النفايات الخطرة. و انتقلت بعدها الى المعوقات التي جابهتها الوزارات الاتحادية و الحكومات المحلية في التعامل الناجح مع النفايات على الرغم من وجود التخصيصات المالية في بعض الأحيان وأبرزها ضعف الإرادة في اتخاذ القرار وتدني الخبرات في طرق الإدارة و تشظي منظومة الحوكمة و السيطرة التي تضمن الجودة و النوعية و هشاشة البيئة الجاذبة للأستثمار وأيضاً إشكالات مرتبطة بالفساد و هدر المال العام . و أكدت أيضاً على ضرورة مراجعة التشريعات القانونية المتعلقة بالنفايات و تعزيز تطبيقها الفعال و أشارت الى تجارب بعض الدول ومنها ماليزيا على سبيل المثال.

بعدها عقدت الجلسة الأولى التي أدارتها الدكتورة جيهان بابان الخبيرة في شوؤن البيئة و الصحة حيث ألقى الدكتور كامرون علي حسن وكيل وزير الصحة و البيئة العراقية محاضرة بعنوان ” معالجة مشكلة اللألغام في العراق ” و أشار الى أهمية نشاطات جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة ودوام تواصلها مع الوزارة ومن ثم تحدث عن عناصر البيئة هي الماء و الهواء و التربة و جميعا شهدت تلوثاً كبيراً . فمثلاً %30 من الاراضي العراقية تلوثت نتيجة الحروب المتعاقبة و منها انتشار الألغام في المناطق الريفية, و التي أدت الى إصابة أعداد كبيرة من الضحايا سواء الموت أو الإعاقة, كما قامت عصابات داعش في المناطق التي امتدت فيها بنشر الالغام في مساحات واسعة و اضافت لها العبوات الناسفة و أعطى معطيات رقمية عن سعة المناطق الملوثة بالألغام و أنواعها و أشار أيضاً الى الجهود الوطنية و الدولية التي بذلت لنزعها من قبل شركات عالمية و منظمات متخصصة و أيضاً عبر تقديم المساعدة لتزويد الضحايا بأطراف صناعية عالية الجودة. وقد تم تنظيف الألغام في المناطق الواقعة فقط بين إيران و العراق

بعدها ألقت الدكتورة جيهان بابان محاضرة بعنوان ” تطوير نظام مستدام لإدارة و معالجة النفايات الخطرة في العراق ” تحدثت فيها عن وجود ثلاثة أنواع من النفايات الخطرة, الكيمياوية و الأشعاعية و الطبية و أهمية معالجتها , هو لمنع تلوث الهواء و الماء و بضمنها المياه الجوفية و التربة و تقليل مخاطرها على الصحة العامة للمواطنين , ثم قدمت لمحة تاريخية حول التعامل مع المخلفات الخطرة, ودور التشريعات و القوانين العراقية في ذلك و أهمية وجود نظام فاعل وسليم وآمن لتجميع و نقل و خزن و معالجة النفايات الخطرة أو سياقات تنظم عملية نقلها من بلد لآخر ولايعرض المواطنين أو البيئة للخطر ، ثم تطرقت الى تفصيلات نظم المراقبة و التفتيش من قبل مهنيين متدربين و أيضاً نظام لحفظ وتوثيق النقل و الخزن للنفايات الخطرة أما طرق المعالجة فتعتمد على نوعية النفايات الخطرة و مواصفاتها و مخاطرها البيئية و البشرية . و يجب أن يقدم أية مشروع لتجميع و نقل و خزن ومعالجة النفايات الخطرة دراسة تقييم الجدوى البيئية للمشروع التي تنبه للمخاطر المحتملة و الطرق المستخدمة لمنع حدوثها . بعدها تناولت نماذج من التلوث الكيمياوي في العراق مثل الصناعات البترو كيمياوية و الأسمدة والمبيدات و أيضاً الى أشكال الأنشطة الملوثة للبيئة من قبل المخلفات الخطرة و كيفية التعامل معها، وأيضا شرح للتلوث الاشعاعي و درجاته و السياقات العالمية للتعامل معها و نقلها في براميل خاصة و طمرها في تحت الأرض بمواصفات خاصة جداً و بعمق يعتمد على مستوى الدرجة الإشعاعية للتلوث و اختتمت محاضرتها بتناول أنواع النفايات الطبية , أشكالها و طرق المعالجات و التعامل معها بدءاً من الوحدات الطبية وجمعها في حاويات خاصة و طرق للنقل تتبع المواصفات العالمية و يتفق مع السياقات العالمية و التكنلوجيا الحديثة لنقل و خزن و معالجة النفايات الطبية.

وتوالت بعد ذلك إلقاء عدد من البحوث والمحاضرات المتميزة رافقها جملة من الأسئلة و المداخلات. وفي ختام الندوة صدر عدد من التوصيات كان أبرزها :

1. السعي لوضع مسألة تدوير و معالجة النفايات من أولويات الخطط البيئية في العراق و في البرامج الحكومية القادمة مع وضع التخصيصات المالية المناسبة و تشجيع الفرص الاستثمارية ومنها مشاريع تحويل النفايات الى طاقة متجددة و على أساس نموذج الاقتصاد الدائري و التنمية المستدامة.

2. تعزيز دور وزارة البيئة و تزويدها بتخصيصات مالية كافية في الميزانية و تشكيل هيئة وطنية لمراقبة البيئة العراقية, مستقلة عن الجهاز التنفيذي للدولة.

3. بلورة مشاريع بحثية بالتعاون مع كليات البيئة في الجامعات العراقية لمراقبة نوعية و مستوى التلوث البيئي وصولًاً الى مسح بيئي شامل في كافة محافظات العراق و إعداد قاعدة بيانات وطنية تكون أساساً في رسم السياقات و الأهداف و البرامج لتحسين البيئة العراقية.

4. معالجة ضعف الإدارة و الحوكمة عبر تطوير الكفاءات الإدارية في إدارة المشاريع المتعلقة بالبيئة العراقية لتحقيق كفاءة و نوعية عالية في الإنجاز.

5. توفير البيئة القانونية و المالية لدعم مشاريع تدوير و معالجة النفايات و خلق وسط جاذب للاستثمارات في مجال معالجة النفايات و تحويلها الى طاقة حرارية أو كهربائية.

6 تعزيز دور منظمات المجتمع المدني التي هي أحد أركان مستلزمات حماية البيئة عبر تقديمها الدعم أو الخبرات أو التوعية المجتمعية و نشر الثقافة البيئية و الصحية في داخل العراق حول واقع البيئة و الصحة في العراق و سبل تحسينها.

7. العمل من أجل أن يحقق العراق أهدافه في تقليص انبعاث الكاربون للتقليل من التغير المناخي العالمي وأن يكون مؤشراً هاماً في جميع المشاريع الصناعية والزراعية و أيضاً توسيع حملات التشجير و إصلاح التربة و تقليل هشاشتها.

8. رفع مستوى الإعلام البيئي و تعزيز دورها الأستقصائي , و أهمية التوعية و ضرورة وجود نظام خاص للحوافز لتغيير سلوكية المواطنين.

9. القيام بورشات عمل تدريبية لرفع مستوى المناهج البيئية في المدارس و تمكين المعلمين و الأساتذة و تزويدهم بخبرات عصرية و يمكن لمنظمات المجتع المدني في العراق أن تلعب دوراً هاماً في هذا المجال.

10. تنظيم ورشات عمل تدريبية حول خزن و معالجة النفايات الخطرة من المواد (الكيمياوية و المشعة و الطبية) بصورة عصرية تطابق المواصفات العالمية و التكنلوجيا الحديثة.

11. تحديث التشريعات القانونية المتعلقة بالنفايات و مياه المجاري في العراق بما يلائم و الطرق العصرية الحديثة في معالجتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here