من اجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة .. يوم السعادة العالمي

الدكتور . احمد آل حميد

منذ نشأة الكون والإنسان يبذل قصارى جهده بحثا عن السعادة أملاً منه في الوصول إلى الرضا والعيش الذي يساعده على مواجهة التحديات والصعوبات بإيجابية وهمّة عالية. قد تختلف أنواع السعادة بحسب مفهومها من شخصٍ لآخر، وتعتمد على ما لديه من طموحات وأهداف يسعى لتحقيقها في الحياة، فإذا أردت إن تكون سعيدا عليك أولاً البحث في أهدافك وطموحاتك، وجمع معلومات عن السعادة في مفهومك الخاص. فالسعادة حق إنساني وغاية نبيلة، وهي أحد مؤشرات الاستقرار والنمو التي تتسابق دول قليلة إلى تحقيقها وقد أدركت دول العالم مجتمعة ذلك، حيث أعلنت “الأمم المتحدة UN”، عام 2012 يوم20 آذار من كل عام هو “اليوم العالمي للسعادة IDH”، يحتفل العالم بـ”يوم السعادة العالمي” وذلك اعترافاً بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب. وفي الإعلان الرسمي للاحتفال بهذا اليوم، قالت الجمعية العامة “لأن الجمعية العامة تدرك أن السعي لتحقيق السعادة هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وتدرك أيضا الحاجة إلى نهج أكثر شمولاً وإنصافاً وتوازناً لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يعزز التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والسعادة والصحة العامة لجميع الشعوب، فقد قررت إعلان الـ20 من آذار اليوم العالمي للسعادة، وتدعو جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، فضلاً عن المجتمع المدني بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والأفراد، للاحتفال باليوم العالمي للسعادة بطريقة مناسبة من خلال التعليم وأنشطة التوعية العامة”. وطرح فكرة تحديد يوم عالمي للسعادة المستشار الخاص للأمم المتحدة الفيلسوف جايمي ليان للاحتفال بالسعادة في يوم مخصص لها، وتعزيز حركة السعادة العالمية. ففي عام 2012، طرح ليان فكرة تحديد يوم عالمي جديد يتم الاحتفال به عالميا وقام بحملة ناجحة يضم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، وحصل على موافقة الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون ، لدعم مفهوم إنشاء يوم تقويمي رسمي جديد للأمم المتحدة معروف باليوم الدولي للسعادة. حيث تقرر في 28 حزيران 2012 على هامش فعاليات الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان “السعادة ورفاهية المجتمع والنموذج الاقتصادي الحديث” قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن العالم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة والرفاهية المادية والاجتماعية وسلامة الفرد والبيئة ويصب في تعريف ماهية السعادة العالمية. وحدد قرار الأمم المتحدة 281/66 “اليوم العالمي للسعادة” ، والذي تم تبنيه في النهاية بالإجماع من جانب جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها193 . واختار جايمي ليان تاريخ 20 آذار على اعتباره يوافق يوم الاعتدال الربيعي، وهي ظاهرة عالمية تحدث حول العالم في الوقت نفسه وبذلك سيشعر العالم جميعهم بالشعور نفسه. وهذا المؤشر يتم من خلاله قياس مدى شعور الفرد بالسعادة طبقا لدراسات وإحصائيات متعددة والدول الأكثر غنا وثراء بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الدخل الإضافي والدعم الاجتماعي وغياب الفساد والحرية التي يتمتع بها الفرد هي الدول الأكثر سعادة ، فمنذ سبعينيات القرن الماضي اتخذت بوتان وهي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها سبعمائة ألف نسمة، ولا يزيد دخلها القومي عن 2 مليار دولار قرار رشيد يمكن لدولة فقيرة أن تتخذه، وهو التحول في قياس رضا ورفاهية مواطنيها من التعويل على “الناتج المحلي الإجمالي” إلى “ناتج السعادة الإجمالي”، ومن “مستوى دخل الفرد” إلى “مستوى سعادة الفرد”، وها هي بعد 40 عاماً من نضجها الحضاري، تصبح الدولة الوحيدة في العالم الخالية من الانبعاث الكربونية، مع تناغم مطلق بين حياة سكانها في تجمعاتهم البشرية، وبين البيئة الحيوية التي تشكل الغابات 70% من مساحتها الطبيعية لكنها أدركت أن السعادة مسألة نسبية، وأنه يمكن تحقيقها من خلال البساطة والقناعة وفعل الخير لشعبها والعالم .

ويعتمد ترتيب مؤشر السعادة العالمي إلى ستة عوامل وهي نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط العمر والحرية وسخاء الدولة مع مواطنيها والدعم الاجتماعي وغياب الفساد في الحكومات أو الأعمال. وبحسب التقرير، تمت مقارنة الناتج المحلي الإجمالي الموزع على عدد السكان في كل من الدول. ومن العوامل الأخرى

التي استخدمت في مقارنة الدول هي الكرم، ومعدل طول حياة الفرد، وسهولة إيجاد الفرد لأشخاص يمكن الاعتماد عليهم، وحرية اتخاذ القرارات في الحياة.

أقيم الاحتفال الأول بهذا اليوم في العام 2013 من قبل نبادا حفيد نيلسون مانديلا وشيلسيا ابنة الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون.

أما في عام 2014 فتم الاحتفال به من قبل فاريل ويليامز، وجمعيات الأمم المتحدة، بتقديم أول فيديو موسيقي لمدة 24 ساعة لأغنية “سعيد” وقد دعيت الدول حول العالم لتقديم فيديو يدوم يوما كاملا على وقع موسيقى الأغنية، بهدف تقديم الأغنية بشكل متعدد المصادر.

أما في العام 2015 فقد تم الاحتفال باليوم من خلال التركيز على العلاقات، لأن البشر كائن اجتماعي والتواصل يعد من الأمور الأساسية لتحقيق سعادتها، في حين تشير النتائج التي تمّ التوصل أن الحياة المعاصرة أبعدت الناس عن التواصل.

إما في العام 2016 صنف التقرير السنوي بنسخته الرابعة الدول حسب سعادة مواطنيها ورفاهيتهم الشخصية . وتم إضافة معايير لتقييم مدى السعادة على أساس تداعيات انعدام المساواة في المجتمعات.

إما في العام 2017 تم التركز على «السعادة في مكان العمل» وخصوصاً على معدل المعاشات، وقدرة الموظف على إيجاد التوازن بين العمل وجوانب الحياة الأخرى، ومقدار الاستقلالية في مكان العمل بالإضافة لتنوع خيارات العمل المعروضة.

إما في العام 2018 أبرز ما تم التركيز عليه هو الاتساق الملحوظ بين سعادة المهاجرين وسعادة المولودين في بلادهم عندما ينتقلون إلى بلد سعيد أو إلى بلد أقل سعادة .

وفي العام 2019كان شعار هذه المناسبة العالمية بعنوان “السعادة معا” وتحت هذا الشعار دعت الأمم المتحدة العالم للسعي نحو السعادة، وذلك في إطار تعزيز الاهتمام بالسعادة ونشرها في أنحاء العالم كافة وقد تبوأت فنلندا مؤشر السعادة العالمي للعام الثاني على التوالي، حسب تقرير السعادة العالمي السنوي الذي تعده شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وركز التقرير الذي، شمل 156 دولة في تصنيفه على عوامل عدة، أبرزها متوسط العمر والدعم الاجتماعي والفساد واحتلت كل من النرويج والدنمارك وأيسلندا وهولندا المراتب الأولى تباعا، يذكر أن دول شمال أوروبا تحتل المراتب الأولى من المؤشر منذ بداية إصداره في 2012 .

أما عربيا فجاءت الإمارات في المرتبة الأولى والـ 21 عالمياً، حيت تتصدر دولة الإمارات دول العالم العربي في ترتيب السعادة منذ خمسة أعوام، فقد حافظت على المركز الأول منذ 2015، وفقاً لنتائج تقرير مؤشر السعادة العالمي الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة، ويستند هذا التقرير على تقييم الفرد للمستوى المعيشي في الدولة، ومدى رضاه عن جودة الحياة المتوفرة، حيث أطلقت الإمارات عشرات المبادرات التي استهدفت تعزيز سعادة المواطنين والمقيمين، واستحداث وزارة للسعادة في 2016 وتمت إضافة حقيبة وزارية جديدة لمنصب وزير دولة للسعادة، ليصبح وزير دولة للسعادة وجودة الحياة في العام 2017 .

فيما حلت السعودية وقطر على التوالي في المرتبتين 28 و 29، والبحرين في المرتبة 37، والكويت 51، وجاءت ليبيا 72، ولبنان 91، وشغلت الجزائر والمغرب المرتبتين 88 و 89، والأردن 101، وتونس 124، والعراق 126 ومصر 137، وسوريا 149، واليمن في المرتبة. 151

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here