مع الشيعة في مصر (7)،

الدكتور صالح احمد الورداني
————–
تمكنا من نشر العديد من الكتب عن طريق دار الهدف التى أسسناها بعد خروجنا من المعتقل منها :
المناظرات والعتب الجميل على اهل الجرح والتعديل
واسنى المطالب في نجاة ابي طالب ودفاع عن القرآن للشيخ الجلالى
وترجمة الامام الحسين من طبقات ابن سعد ثم عقائد الامامية للمظفر..
وكنت قد حذفت جملة من كتاب عقائد الامامية تقول: الراد على المجتهد كالراد على الله..
وهو ما أغضب البعض منى..
وواجهنى احد المعممين الذين يديرون احد المراكز البحثية بقم حين كنت هناك وقال لى : هذا ليس قول المظفر هذه رواية..
وهو يقصد ان يقول لى انه مادام هذا النص رواية فيجب عليك ان تدين بها ولا ترفضها..
ولما غزا صدام الكويت فتحت الابواب على مصارعها للناشرين ليصدروا ما شاؤا من كتب في صدام ..
وقد كان محظورا في السابق المساس به..
وحسب المثل المصري الشائع : اذا وقع العجل كثرت سكاكينه..
وقام أحد الناشرين بسرقة كتاب جرائم صدام الذي نشرناه عام 87 وغيرنا اسمه لجرائم البعث..
واعاد نشره من جديد واسماه : امنعوا هذا الرجل من هدم الكعبة..
وباع منه كميات كبيرة للسعوديين وغيرهم..
واضطررت لرفع قضية ضده..
ولما سقط صدام قامت حملة وهابية جديدة ضد الشيعة كانت اكثر شدة وضراوة من تلك الحملة التي واكبت الحرب العراقية الايرانية..
وكان ان تسابق الناشرون على اصدار الكتب المعادية للشيعة حيث كانت خزائن النفط مفتوحة لكل ناشر يسهم في هذه الحملة..
لكن خزائن الشيعة لم تفتح لصد هذه الحملة..
وصدرت العديد من الكتب التي كانت أكثر عمقاً وإلماماً بالتراث الشيعي من تلك المنشورات القديمة..
فقد عكف الوهابيين بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية على دراسة المذهب الشيعي..
ولاحظت اقبالهم على شراء أمهات الكتب الشيعية في معرض القاهرة للكتاب..
ومن بين تلك الكتب التى اصدروها في تلك الفترة :
خيانات الشيعة واثرها في هزائم المسلمين..
حسن نصر الله خمينى العرب،والشيعة الرافضة الشر الذي إقترب..
فكر الخوارج والشيعة في ميزان اهل السنة والجماعة..
توضيح النبأ عن مؤسس الشيعة عبد الله بن سبأ..
الشيعة هم العدو فاحذرهم..
عداء الشيعة لأهل السنة..
تكفير الشيعة لعموم المسلمين..
وكتب مقدمة هذا الكتاب الاخير أحد رجال الأزهر صاحب كتاب:الجذور اليهودية للشيعة في كتاب علل الشرائع للصدوق..
وقد جمعت اهم هذه المنشورات وناقشتها في فصل خاص ضمن كتابي: الحق والحقيقة بين السنة والشيعة..
وبخصوص النشر في مصر أود أن أذكر حقيقة هامة غفل عنها الكثير وهى انه لا توجد رقابة على المطبوعات في مصر..
وحقيقة اخرى هى أن القانون المصري لا يجرم الفكر وعلى رأسه الفكر الشيعي..
ولم يحدث ان صادرت الحكومة أى مؤسسة ثقافية او اغلفتها..
حتى دور النشر الإخوانية استمرت باقية ونشطة طوال عصر اللامبارك..
وما يحدث من مصادرات لبعض الكتب في مصر هو عمل غير قانوني وبمجرد اللجوء للقضاء يفرج عن الكتاب..
وعلى الرغم من اتهامى بالرشوة الدولية وان دارى تمول من الخارج ضمن قضية التنظبم الشيعي لم تصادر هذه الدار..
ولم يسحب منى الترخيص..
من هنا فجميع القضايا التى كان يصنعها جهاز الامن ضد الشيعة كان مآلها للحفظ..
وأقصى مدة اعتقال للشيعة لم تتجاوز الستة شهور..
وعلى هذ الاساس نشرت العديد من الكتب التى كانت تتولى توزيعها اكبر مؤسسة توزيع حكومية في مصر وهى مؤسسة الاهرام..
والتي كانت تنشر لنا اعلانا مجانيا للكتاب في جريدة الاهرام..
وذلك مقابل عمولة نسبتها 35 % من سعر الكتاب..
وكانت كتبنا مميزة لدى المؤسسة لكونها تحقق مبيعات بينما كانت الكتب الاخرى لا تحقق شيئا..
وقد وزعت لنا مؤسسة الاهرام كتاب الامام على سيف الله والسيف والطاغوت والمناظرات واكاذيب الوهابية وفقه الاعتدال وغيرها من الكتب..
وكان الذين يقبلون على كتبنا هم الشيعة غير الظاهرين بالاضافة الى المثقفين والمعتدلين..
وفي رحلاتي الخارجية ولقاءاتى بالمراجع واصحاب المؤسسات والفقهاء كنت أضع امامهم هذه الحقيقة: أن الساحة المصرية ساحة مفتوحة..
والفرصة سانحة لتأسيس صروح ثقافية لنشر علوم اهل البيت..
وان الاولى ان يكون مكان هذه المراكز البحثية ودور النشر والتى تمول من قبل ايران والمرجعيات والتي تكتظ بها قم والنجف وكربلاء وبيروت هو مصر..
ولكن كما قال الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا ** ولكن لا حياة لمن تنادي
واريد ان اضيف للقارىء ان عدد دور النشر الوهابية في مصر لا يمكن احصاؤه..
وان نسبتها تزيد على 80 ْ% من عدد دور النشر الاخرى..
وكنا تقف في مواجهتها بدار واحدة عرجاء..
وتجب الاشارة الى انه توجد بعض دور النشر الصوفية تقف في مواجة الوهابية..
لكنها لا تشكل وزنا ولا خطرا على الوهابية..
وهذه الدور الوهابية تنشر عشرات الكتب سنوبا بينما لم نكن نقدر على نشر خمسة عناوين في السنة..
وكان مجموع ما نشرناه طوال اكثر من ربع قرن هى عمر هذه الدار لا يزيد على ثلاثين عنوانا..
وهو ما دفعنى في النهاية الى إغلاقها..
وفي الوقت الذي توقفت فيه دار الهدف وأغلقت ابوابها اذ بي ارى العديد ممن ليس لهم اى باع في الكتابة والتأليف ينشرون كتبا عن أهل البيت عن طريق ناشرين علمانيين..
وهذه الكتب لم تكن بالمستوى المطلوب وكانت كتب نقلية ومجمعة وليست كتب بحثية ولا تحمل اى جديد..
وهى صورة مكررة من كتب اهل السنة في اهل البيت مثل: فضل ال البيت للمقريزي وإحياء الميت في فضائل اهل البيت للسيوطى وفضائل الحسنين وأمهما فاطمة لمحمد فؤاد عبد الباقي..
وعلمت ان هؤلاء لم يطبعوا هذه الكتب على نفقتهم فهم لا يملكون القدرة على طبع مثل هذه الكتب من الاصل وانما هناك من مول طباعتها..
والتقيت يوما باحد الشيعةالعراقيين المقيمين في مصر بغرض العلاج..
وكان المرض قد جعله لا يقوى على المشي..
وقال لى انه معه حقوق مالية واستشارني في كيفية التصرف فيها..
فاقترحت عليه ان تستخدم هذه الحقوق في نشر الكتب..
وقلت له ان عندى دار نشر متوقفة..
وقدمت له نماذج من مطبوعاتها..
وقلت له تعالوا شاركونى فيها او اديروها بانفسكم..
ولم اره بعدها ولم اسمع منه جوابا..
وقبل ذلك كنت قد اتفقت مع مؤسسة الهدى الايرانية التى تنشر كتبا بلغات عديدة ان اكون وكيلها في مصر..
ووقعنا عقدا بذلك لكن المدير الذى و قع معى العقد تم نقله ولم ينفذ العقد..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here