ما هذا الجندي المجهول، الذي نشر الرعب، والخوف في الأرض؟

لقد خلق الله تعالى البشر على الأرض ابتداءً ، ليكونوا خليفته في الأرض ..

﴿ وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ ) البقرة 30 .

( سمي خليفة لأنه خليفة الله في أرضه لإقامة حدوده وتنفيذ قضاياه ). تفسير فتح البيان .

( وإذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود , زمام هذه الأرض , وتطلق فيها يده , وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين , والتحليل والتركيب , والتحوير والتبديل ; وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات , وكنوز وخامات , وتسخير هذا كله – بإذن الله – في المهمة الضخمة التي وكلها الله إليه ) في ظلال القرآن ص 45 .

ومن مقتضيات الخلافة ، أن يحصل الابتلاء والامتحان والاختبار ، للبشر ، ليُعرف الصالح من الطالح .

﴿ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك ٢] .

الهدف الرئيسي لخلق الخليفة :

هو عبادة الله تعالى ، والانصياع له ، والاستسلام الكامل لتعليماته ، وأوامره ، وتطبيقها بشكل كامل .

﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ﴾ [الذاريات ٥٦] .

ومن جملة الابتلاءات التي قدرها الله تعالى على البشر جميعهم – مؤمنهم وكافرهم – إصابتهم بالأوبئة ، والأمراض ، والكوارث الطبيعية ، والمجاعة وغيرها .

وقد تكون هذه عقوبة ، وغضب ، وسخط من الله تعالى ، إذا كثُر الفساد .

﴿ وَكَأَیِّن مِّن قَرۡیَةٍ أَمۡلَیۡتُ لَهَا وَهِیَ ظَالِمَةࣱ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ ﴾ [الحج ٤٨] .

وكذلك حينما يخرجون عن طاعة الله ، ويعصونه ، ويفسقون ، ويبطرون ، اغتراراً بالنعم الكثيرة التي أنعمها الله عليهم ، فينسون المنعم ، ويظنون أنهم هم الذين أوجدوها .

﴿ وَإِذَاۤ أَرَدۡنَاۤ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡیَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا فَفَسَقُوا۟ فِیهَا فَحَقَّ عَلَیۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِیرࣰا﴾ [الإسراء ١٦] .

وفي هذه الأيام ، ازداد قتل المسلمين في كل مكان ، في ميانمار ، في الهند ، في تركستان الشرقية المحتلة من قبل الصين الشيوعية ، وأخيراً في سوريا ، التي تكالب عليها شذاذ الآفاق ومجرميها من كل مكان .

وجاء مخلوق ( جندي من جنود الله ) صغير جداً .. جداً ، لا يراه البشر !!!

فأحدث الخوف ، والهلع ، والرعب ، والفزع ، في الأرض كلها !!!

وأخذ يفتك بهم فتكاً ، بدون نار ، ولا دخان ، ويقتلهم بدون رصاص ، ولا صواريخ ، ولا طائرات ، ولا طير أبابيل !!!

لتتلقفهم الأرض العطشى ، إلى دمائهم الدنسة !!!

ولتتغذى ديدانها الجوعى ، من لحومهم العفنة ، النجسة !!!

كي يتطهر ظهر الأرض ، من رجسهم ، ودنسهم !!!

وأجبر كثيراً من البشر ، على الالتزام في بيوتهم ، مسجونين ، محبوسين !!!

وعطل مخططات البشر ، ومشاريعهم التي أمضوا سنوات طويلة ، يحضرون لها ، وصرفوا عليها القناطير المقنطرة ، من الذهب والفضة ، حارمين ثلاثة أرباع سكان الأرض ، من رغيف الخبز ، ومن أبسط مقومات الحياة البشرية !!!

ضارباً بمصالحهم ، وأموالهم عرض الحائط !!!

ومستهزءً بعقولهم ، ومكرهم ، وكيدهم ، وذكائهم !!!

)إِنَّ بَطۡشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴿١٢﴾ البروج .

( فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٦﴾ البروج .

يا له من جندي رائع ، مقدام ، عظيم ، وقوي !!!

تفوق قوته ، قوة عشرات القنابل النووية البشرية !!!

ولا يزال هذا الجندي في البداية ، يستعرض جزءً بسيطاً من قوته !!!

إنه الآن فقط يمزح ، ويقوم ببعض التجارب ، ويدغدغ عواطف البشر !!!

والقادم أعظم ، وأخطر !!!

ولا يستبعد أن يصل العدد التقريبي لضحاياه ، إلى قرابة المليار إنسان ، بإذن الله تعالى .. والله أعلم ..

﴿ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَاۤ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِیَ ظَـٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥۤ أَلِیمࣱ شَدِیدٌ ﴾ [هود ١٠٢] .

﴿ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی مَنۡ أَسۡرَفَ وَلَمۡ یُؤۡمِنۢ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰۤ ﴾ [طه ١٢٧] .

وسيقول عامة الناس .. من أين جئت بهذه الأخبار؟!

سيكذبون ، ويتشككون ، ولا يصدقون !!!

إنه علم الله ، يؤتيه من يشاء …

وقراءة دقيقة لسنن الله تعالى في الكون ، ومعرفة بتاريخ البشرية ، ماذا يصيبها ، حينما تضل السبيل ..

واستناداً إلى تحذير سيد البشر صلى الله عليه وسلم للمهاجرين :

( يا مَعْشَرَ المهاجرينَ !

خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ :

لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ،

ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ،

ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ،

ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم ) صحيح .

والجاهلون ، سيبقون في سكرتهم ، يعمهون !!!

فليبقوا في غفلتهم ، يترنحون .. حتى يأتيهم وعد الله !!!

﴿ وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ ﴾ [الروم ٦] .

( وَلَا یَزَالُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ تُصِیبُهُم بِمَا صَنَعُوا۟ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِیبࣰا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ وَعۡدُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ ) الرعد 31 .

ولا يزال يستمر الجندي الذكي المجهول ، في تحركاته على سطح الكرة الأرضية !!!

يخترق كل الحواجز ، والأسوار ، والحدود ، والأبواب !!!

مستهزئاً بهؤلاء العبيد العبابيد ، المهابيل ، الذين وضعوها لأمثالهم ، من العبيد ، ليهينوهم ، ويذلوهم ، ويضيقوا عليهم !!!

فجاء هذا الجندي الذكي المجهول ، يسخر منهم ، ويتحداهم ، ويتجول كيفما شاء ، وفي أي مكان شاء !!!

بل وفرض عليهم الإقامة الجبرية ، في بلدانهم ، وفي بيوتهم !!!

وبدأ ينتقي ضحاياه ، بعناية بالغة – بقدرة الله وتوجيهه – فصب جام غضبه أولاً ، على الشيوعين الملحدين في الصين ، فنكل بهم أيما تنكيل ، وأذلهم أيما إذلال ، انتقاماً ، وثأراً ، لعباد الله الصالحين ، الذين أذاقوهم صنوف العذاب !!!

ثم انتقل إلى المجوس الفارسيين ، وفي عاصمتهم اللعينة ، قم ، فكسر شوكتهم ، وداس على رؤوسهم ، انتقاماً وثأراً ، للشيوخ والنساء والأطفال ، الذين قتلوهم شر قتلة ، في أرض الشام !!!

ثم أخذ يتجول ، وهو يتبختر ، ويضحك ، من عقول العبابيد اللكع ، فجاء إلى بلاد بوذا ، المشركين الكافرين ، وإلى بلاد العم سام ، ولم ينس أن يحط رحاله ، في بلاد العربان الصعاليك ، ليذيقهم جزءً ، مما أذاقوا العرب والمسلمين ، الذين عمروا بلادهم ، فكان جزاؤهم ، جزاء سنمار !!!

يا لك من جندي مقدام ، تسير بأمر الله تعالى ، خضوعاً ، واستسلاماً ، أكثر من العبيد ، الذين تنكروا لله تعالى ، وظنوا أنهم ، قد سيطروا على الأرض ، وأصبحوا ، ليسوا بحاجة إلى رب الأرض والسماء !!!

الأحد 20 رجب 1441

15 آذار 2020

موفق السباعي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here