محنة الفلاسفة عبر التأريخ واحدة:

حكم ملك (اثينا) على سقراط بالاعدام حتى الموت و خيّرة بين طريقتين للموت.
الأولى: اما شنقاً بالحبل. أو ان يسقيه سماً؟

فاختار سقراط ألسّم, و أعطاه الملك ان يختار احداً قبل الأعدام مِمّن يُحبّ أن يراه و يأنسه قبل آلموت ليمكث معه طوال الليل حتى ساعة الصفر في الصباح, فاختار سقراط تلميذه المُفضل (أفلاطون), فذهب رسول الملك الى افلاطون واخبره بآلأمر بكون سقراط اختاره هو ليسامره في ليلته الأخيرة من عمره قبل شرب السّم, فلبى افلاطون الطلب و أسرع ملهوفا ليرى استاذه في اخر ليلة من حياته, فدخل افلاطون على استاذه واعتقنه بلهفة و صدق و أجهشا بالبكاء نتيجة شوقهم و حبّهم لبعضهم حتى سقطا على الارض, و قال افلاطون لاستاذه سقراط:
دعنا نغافل الحرس او نغريه بمبلغ من المال لاخراجك من السجن و آلهرب بعدها نحو الجبال والغابات!؟
فرفض سقراط الطلب .. فقال له تلميذه افلاطون:
ولماذا ترفض يااستاذنا و انت فيلسوف عظيم و وجودك بين الناس امرٌ هام للغاية؟
قال سقراط: أكون استاذاً عظيمأً حين اموت مسموماً .. و ليس عندما اهرب لنجاة نفسي!؟
قال افلاطون : وكيف يكون هذا؟
قال: إذا هربتُ .. فيكون هروبي إعترافاً صريحا بانّ جميع العقائد التي آمنت بها و أعلنتها و حكموا عليّ بالاعدام بسببها؛ هو كذب.
قال افلاطون: كيف يكون كذب و سيرتك نظيفة لم يشك بها أحد؟
قال: لانهم – الحُكّام – سيقولون للناس؛ أ لم يقل (سقراط) بانّ هناك حياة بعد الموت وعالم مثالي قائم على العدل المطلق وآلسعادة الابدية!؟
عندها سيقول الناس نعم سمعنا هذا منه مراراً!
عندها سيقولون: اذن لماذا لا يموت ويذهب الى ذاك العالم الرحب ألآمن ويتنعم فيه؟
سيقول الناس: لا ندري!؟
عندها سيقول حماة النظام: لأنه – أيّ سقراط – كذاب و منافق, و لا يوجد عالم ممّا ذكر للخلود و البقاء.
فقال افلاطون لاستاذه: يااستاذي المبجّل سقراط :
اوصيني إذن بما تريد ان افعله بعدك؟
قال له: عليك بنشر اقوالي بين الناس.
قال افلاطون يا استاذي وهل هذا الأمر يحتاج ان توصيني به!؟
فكرّر سقراط القول ثلاثاً؛ (أوصيك يا أفلاطون بنشر اقوالي), فتعجّب افلاطون من ذلك التكرار و الأصرار, وقال يااستاذ: إذا لم تثق بي فلم اخترتني؟
فبكى سقراط واعتنق أفلاطون وقال ياتلميذي الغالي انا اخترتك على ولدي و أهلي و أصدقائي لأننا أصحاب قضية!
قال اذن لِمَ تُكرّر الوصية و كأنك تشكّ بي؟
قال سقراط: لأنك لا تعلم كم سأكون مخيفاً لهؤلاء الظالمين بعد موتي!؟
فتعجّب افلاطون من كلام سقراط, وقال:
و انت يااستاذي .. عظيمٌ و انت حي ومخيف لهم .. قال سقراط: لكن بعد موتي ساكون اكبر خطورة و أثراً بكثير فيشددون عليك أيما تشديد حتى تترك كلامي, لانهم .. انما حكموا عليّ بالاعدام ليعفوا أثري!
لكنهم لا يُدركون بانّ الذي سيحصل هو العكس تماماً .. فعاهد افلاطون استاذه من انه سينشر اقواله مهما كلّف الثمن ولو حياته, وظلّ سقراط وتلميذه افلاطون يتسامران طوال تلك الليلة الأخيرة حتى اصبح الصباح و دخل السجانُ على سقراط و بيده كأس السّم و امر سقراط بأن يشربه فوراً فصار سقراط ينظر في الكأس (كأس ألمنيّة) ودموعه تنحدر على خدّيه وافلاطون يقول: وا أسفاه عليك يااستاذي .. اراك تشرب سمّ الموت ولا استطيع ان افعل لك شيئاً .. وهكذا شرب سقراط كأس السم وصار يحدّق بوجه افلاطون .. وافلاطون يبكي بمرارة .. و بدأ السم يسري في جسد سقراط ألنحيف وهو يتقلّب يميناً وشمالا .. فقال له افلاطون يا استاذي العزيز لماذا اخترت السّم على الشنق .. و الشنق أهون عليك واسرع؟
قال سقراط لامرين؛ قال افلاطون وما هما؟
قال: حتى أثبتْ لهم أنّي على يقين ممّا اقول .. و آلسبب الاخر, هو:
إني احببتُ أن اراكَ لأوصيك بحمل رسالتي من بعدي, لعلمي انهم سيعطوني فرصة لقاء أخيرة مع إنسان احبّه و عزيز عليّ, فاخترتك!
ثمّ انقطع كلام سقراط وفاضت روحه آلطاهرة الى بارئها!
(قصة مؤلمة وممتعة في ان واحد)!
تلك هي نهاية الفلاسفة الحقيقييون.
و آلدّرس الكبير الذي نتعلّمه من ذلك, هو: [يجب تبليغ الحقّ للناس رغم أنه قد يكلفنا حياتنا لأهمية العقيدة و الأيمان بآلوجود, الذي لا يمكن أن نخلد فيه إلا بآلصدق مع ما نؤمن به .. لا التظاهر بآلعقيدة و كما يفعل أكثر الناس!
لهذا أصدرنا خلال هذه الأيام كتاباً هاماً يُساعد المبلغ و الكاتب و المثقف و الأستاذ و الفيلسوف و صاحب الرسالة على إيصال رسالة الحقّ لأهله, و الحمد لله أولا و أخيراً .

ألفيلسوف الكوني عزيز الخزرجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here