مَنْ أضعفَ الرئاسات الثلاث؟!

واثق الجابري
ليس فقط هم السياسيون الشيعة من أضعف رئاسة مجلس الوزراء، بل السنة والكورد أيضاً أضعفوا رئاسة البرلمان والجمهورية على التوالي!!
ضغط قادة كل مكون على السلطة التي منحت لهم، وفق إتفاق وعرف سياسي، على أساس العددية الشعبية وبتقاسم مكوناتي، وكانت للشيعة رئاسة الوزراء، وللسنة رئاسة البرلمان وللكورد رئاسة الجمهورية.
عُد التحالف الشيعي الكوردي إستراتيجياً بعد العام2003م، نتيجة مقدمات مشتركات محاربة الدكتاتورية وسعي الطرفين لنظام ديموقراطي، ولكن التحالف بدأ بالإهتزاز بعد إعتراضات الكورد على حكومة الجعفري، ومن ذلك الحين بدأ التنافس الشيعي الشيعي على رئاسة الوزراء، سيما بعد وفاة السيد عبدالعزيز الحكيم قبيل إنتخابات العام 2010م، وخروج دولة القانون من التحالف بمنافسته، وتغيير خريطة بقية المقاعد بتقدم التيار الصدري على سواه من الشيعة، وصولاً الى إنقسام تحالف دولة القانون الى القانون والنصر وبروز قوى جديدة أخرى.
عاش كذلك السنة والكورد التنافس الداخلي نفسه وبالذات على قيادة المكون، ورغم حفاظ التحالف الكوردستاني على بقية القوى الكوردية، ورغبته برئاسة الأقليم على حساب التنازل من رئاسة الجمهورية، فيما يرى السنة أن تولي رئاسة البرلمان، سيعطي تلك القوة السياسية، فرصة أكبر سياسياً وإجتماعياً بل حتى تنفيذياً، وهذا التنافس داخل المكونين، جعل من بعض القوى الشيعية، أن تسعى لإستقطاب أطراف ظناً منها القدرة على اضعاف ذلك المكون، أو سعياً للإستقواء به على حساب مكونه.
على تلك التحركات، عاشت القوى السياسية صراعات داخلية، وإلتحاماً أحياناً لمواجهة المكون الآخر،، إلا أنه مجرد إتفاقات لتشكيل الحكومة او الحصول على مكسب آني، وبدأت تطفو على السطح ملامح الخلافات التي لا أحد عاد ينكرها، سواء أعلنت أو لا، وبدأت القوى بإغراء بعضها أو إبتزازها، وتقديم تنازلات منها لأحزاب فيما بينها، أو من حساب حقوق جمهورها لتقوية موقف الطرف الآخر الحليف أمام جمهوره.
كانت هذه التنازلات التي قدمتها القوى السياسية لبعضها، سواء داخل المكون الواحد، أو لكسب بقية المكونات، جاءت على حساب التشريعات والخدمات وبتقاسم واضح حتى في السلطات التنفيذية والرقابية، وبتغطية على ملفات الفساد والمتورطين بالإرهاب والإرتباطات الخارجية، فيما حافظت كل القوى السياسية على إمتيازاتها، وحمت نفسها من الملاحقة القانونية بالمقايضات، وهذا ما ولد الطبقية وإستئثار سياسي قابله عزوف إنتخابي، ومشاركة بحدود أكثر من 20% من الناخبين، في حين معظم النواب، لم يحصل حتى على 1% من الأصوات المؤهلة للتمثيل الشعبي.
إن إناطة إختيار أحد شخصيات الرئاسات الثلاث حسب المكونات، وكل مكون مسؤول فقط عن الرئاسة الخاصة به، ويحمل الحزب الذي خرج منه الرئيس مسؤولية الإخفاقات، هذا ما يجعل قوى من داخل المكون نفسه تعمل بالتنكيل بالعمل التشريعي والتنفيذي، مع وجود تنافس من مكونات آخرى، ناهيك عن التنافس السياسي المتدافع على المصالح والمتغاضي عن الفساد، وهذا ما جعل الرئاسات الثلاث ضعيفة وغير قادرة على أداء أدوارها.
يحتاج العراق الى تعديل دستوري، وتكون الإنتخابات مختلطة، حيث يكون إنتخابات برلمانية، مع إنتخاب رئيس وزراء بشكل مباشر، وأما رئاسة البرلمان والجمهورية فتكون من أعضاء البرلمان دون إملاءات مكونات بذاتها، مع المحافظة على تمثيل المكونات، كأن يكون الترشيح لرئاسة البرلمان محدد بالمكون السني ورئاسة الجمهورية بالمكون الكوردي، وبذلك تبتعد الرئاسات عن تأثير القوى السياسية، وعلى هذا الحال يتم إنتخاب المحافظين بشكل مباشر أيضاً، كي لا يرتبط تقسيم المحافظين ضمن المحاصصة والمقايضة بين المركز والمحافظات، وكذلك يفصل الملف الخدمي عن السياسي.
إضعاف الرئاسات يبدو وكأنه بشكل منظم، وكثير من القوى فضلت مصالحها الحزبية على واجباتها، وبذلك تنازلت عن حقوق شعبها، وكأنها تقاسمت التنازل عن حقوق مكونات تدعي تمثيلها.

واثق الجابري
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here