” رسالة سرية الى عظمة الله المحترم ( وعلانية للعقول النيرة ) “

” رسالة سرية الى عظمة الله المحترم ( وعلانية للعقول النيرة ) ”

تحية وانحناء …

مولاي الرب :
نحن اليوم ، في مد وجزر ..
وخسوف وكسوف .. على مدار اليوم لا يفصلنا عن الموت سوى بضعة ايام او ثوانٍ .
وفي خضم الثنائيات المضادة ، من مقاومة وضعف ، وامل ويأس ، وخوف وايمان ، ونصر وهزيمة ، وجدلية النجاة والموت ، وفلسفة الحياة وتلابيب الفوز بها ، ودولاب الموت يدور ويدور في فضاءات الكرة الارضية امام انظار خلقِكَ ، يقلّه عدو لا نرَ له وجه ولا عين ، لا احد يعرف عند من سيتوقف !
نحاول مقابلته للتفاوض معه واقناعه ، فلا مجال للقبول ولا للخضوع او الخنوع او المزاح او اوالولاء او التملق كما تعودنا !

ولا مجال لرشوته من اموالنا المسروقة المكدسة في مصارف الغرب او المعفنة في خزائن دورنا !

فلا جدوى من رجل دين او خطيب او حكيم معالج ببول البعير او بالبصق بالماء ، ولا مفكر او مثقف او غني متجبر او ملك او امير !
سيدي العظيم :
حتى لا جدوى من ميزانياتنا العالمية ،
ولا جدوى من وكالاتنا التجسسية ،
ولا جدوى من ترسانة الاسلحة النووية ،
ولا جدوى من طواقمنا الطبية الماهرة
ولا جدوى من ادياننا او عقائدنا او مذاهبنا او اعراقنا ..
عدو غير مبال ٍ لمؤمن او كافر ،
لا فاسد ولا طاهر ،
يتحدانا بحبسنا الحر في مآوينا ،
قائلا : الرجل من يخرج من جحره كي اغزو جسده المتهالك ،وارديه صريعا كحيوان فطيس ، لن يحظ َ حتى بجنازة او مشيعون ، فابقوا في جحوركم كالفئران قد يستيقظ الصرعى والنيام ، وفعلا له سمعا وطاعة ونحن في الحجر باقون !

سيدي الكبير :

اقفلَ علينا كل مناسك العبادة
اُقفل الكعبة .. والقدس ..
وبيت لحم .. والفاتيكان .. ولالش .

اوقفَ محطات العربات و القطارات
شلّ حركة الطائرات والمطارات
عَطل الصواريخ التي غزت الفضاء …

غواصات وعبّارات بحرية قابعة في قاع المحيطات ،
قنابل هيدروجينية متروكة واساطيلا حربية مهملة ،
لا بلاد داخل بلاد ، لا بلاد خارج بلاد !
( انا الزائر الاخيرا) ،
، اجوب العالم بلا جواز دخول او رسوما كمركية و انحناء مثلكم ، انا كورونا !
جئتكم متحديا راسماليتكم الزائفة تحت رداء الديمقراطية التي دمرت شعوبكم ، اكثر مما سادمره انا وسارس والكوليرا والطاعون والكابة ..
جئتكم ، متحديا اصحاب اللحى والعمائم الزائفة، واقول لهم لكم انتم عاجزون عن اختراع دواء يقضي على جبروتي وطغياني معتمدين منتظرين الكفرة لانقاذكم !
يامن فتكتم بعقول الابرياء انا لكم بالمرصاد .
انا الضيف الحر ، بيدي قانون العدالة الكونية المستجد ، الذي لا يفرق بين بلد واخر ، بين دين واخر ،بين ثري وفقير ..
جئتكم لاثبت لكم بؤسكم ..
وصغر حجمكم .. وافضح كذبكم ..
وخواء عقولكم .. وزيف ايمانكم بربكم ..حتى انحنى امام قامتي الصغيرة جميعكم بلا استثاء ولن ارحل ، وسادخل القصور العاجية لسلاطينكم واباطرتكم وملوككم وامراءكم واثرياءكم ..
مولاي ..
هوت بلدان وتهشمت مدن
وسقطت االاعمدة والابراج والمنائر عن عرشها !
كيف هذا يا مولاي ،
رفقا بنا .. رفقا بنا ،
تغص الكؤوس دما ودمعا سخينا
تهيج في الفضاء اهاتنا
الحيرة تغني صريع رجاءنا
اصغ ِ الى وقع الملايين الراحلين
انظر الى ركْب المودعين ..

روما …
دافينشي .. وليوناردو .. والموناليزا
وروميو وجوليت والحب السرمدي .. والفراري .. وفينيسيا التقويم والاحلام ..
وكيف غزا الخراب ارضها
وكيف تنوح الابجديات
وتئن المنازل والشرفات على بعضها …

برشلونة ..
ميسي .. وجزر الكناري ..
وغرناطة
من عهد سحيق القدم
واليوم بيكاسو يطويه الموت والعدم …

باريس ..
وكلودمونيه .. والشانزليزيه .. وزنابق الماء .. والموضة .. والعطر ..
وسحر لياليها
وباتت باريس تبحث عن امسها
فاستيقظت على بعض
ملح وموت في كأسها …

ومدينة الضباب ..
وهايد بارك .. وشكسبير.. وتشارلز دكن.. وموطن الحداثةوالرومانسية ..
وشعرها وادبها ،
وعشٍقْها من كان
محظوظا بزيارتها
وظل حالما بها
من لم‌ يسعفه الحظ بلقياها ..
وبرلين ..
، وكريستوف بيتروس ..
والاوبرا العتيقة .. والبرت اينشتاين ..
وسومر فيلد
ذو السر العميق
كاثيدرائيات كانت مخدرة بالبخور
وجدار برلين المنهار
اسطورة سكرى
غاب عنها البريق ..

وبغداد ..
بغداد الرشيد .. وابو نؤاس ..
ودار السلام
والشعراء .. والحضارة
مذ 2003 تختنق في مستنقعات الدود والذباب والقذارة ،
واليوم بفضل ضيفها المفروض تحظى
ببعض اهتمام وتطهير وتعقيم ،
وما زال العار والجُبن يرعاها
والتخاذل والفساد اعياها
ذبحوا فيها السحر والجمال
وجميع الفضائل
وباتت امور القوم تقودها الرذائل
وحتى جعلوا من ارضها
قبور لنسور التحرير البواسل …

سيدي القاضي
الجبار المتجبر ،
يا ذا المجد الدائم
والعرش العادل ..
من الجدير تذكيركم ،
ان ادم يحتكر ، المال .. والميراث ..
والسلطة ..والجنس .. والاطفال ..
وحواء ، تحمل .. وتنجب ..
وتربي.. وتعمل ..
وان احبت وعشقت فمصيرها الهلاك والقتل . .
حواء .. لا حق لها في الاطفال ..
ولا الميراث .. ولا الحكم .. ولا السلطة .. ولا السياسة ..
حواء كائن ناقص .. تابع لادم واقل منه عقلا ودين !

واخيرا عظمتكم ..
لم يعد.لدينا اليوم وفي حضور ضيفنا المبجل كورونا ممثلكم على الارض ،امنية اكبر من التحرر من جحورنا وبدأنا نحلم على الاقل بحياة القرود على اشجار الغابات ،
لعلنا نؤمن ان تلك العطسة ارسلتها لايقاظنا من فسادنا وكبريائنا وانانيتنا وغطرستنا وكذبنا وغرورنا ، لا بل ، وتذكيرنا بصغر قاماتنا وضحالة نوايانا ،
قد نطهر افكارنا الضحلة في حجرنا ونعقم قلوبنا برذاذ الحب والصدق والايمان بجبروتكم ،
لعل كورونا يلقننا دروسا في الاخلاق والادب ، ويلملمنا من الشوارع ومحطاته الماجنة .
لعله ينجح في اقناعنا بفتح خزائن اموالنا لفعل الخير ، التي اكتنزناها بدموع اليتامى ودماء البؤس والحرام لعلنا نحظى ببعض رضاكم ..
لعل زائرنا الاخير يكون
صحوة الروح والعقل
والعدل والايمان ،
لعلنا نعتنق الانسان
وبعدها ما شئنا من الاديان …
شكرا لكورونا
شكرا مولانا حيث اثبتم وجودكم
بعد طول غياب …
سندس النجار

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here