(ولا تُلْقوا بأيْديكُمْ إلى التّهلُكَةِ)

بقلم: زينة محمد الجانودي

سجّل التاريخ العديد من الأحداث والوقائع والأحداث ومن بينها الكثير من أنواع الابتلاءات التي شهدتها البشريّة، كالأمراض والأوبئة، والمجاعات والزلازل والفيضانات والجفاف وغيرها. والأكثر فتكا من الأمراض التي سجلّها التاريخ كان مرض الطّاعون الذي تحوّل إلى وباء خطير، وانتشر أكثر من مرّة في العديد من دول العالم وقتل الألوف من سكّانها.

ويتحوّل المرض إلى وباء،عندما ينتشر ويصيب الكثير من النّاس في مختلف أنحاء العالم، فيهلك ويدمّر أمن الشّعب والدّولة.

فللأوبئة أخطار كبيرة من عدّة نواح، فمن النّاحية الاجتماعيّة تؤدّي إلى اختلال في التركيبة السّكانيّة، لما يسبّبه الوباء من موت العديد من السكّان وقد يتباين عدد الموتى بين مدينة وأخرى ضمن البلد نفسه، أمّا من النّاحية الاقتصاديّة فبسبب الوباء وحاجة النّاس الشّديدة إلى مختلف الأطعمة والأدوية وغيرها من الاحتياجات الضّروريّة التي يجب عليهم تأمينها بسبب عدم التمكّن من الخروج من منازلهم بشكل طبيعيّ، تقلّ المنتجات لكثرة الطلب عليها، وينتج عن ذلك الغلاء الشّديد في الأسعار، ويلجأ بعض التّجار إلى احتكار السّلع واستغلال الأزمة. وهذا الأمر قد يدفع بالمحتاجين إلى السّرقة، ممّا يؤدّي إلى الانهيار الأخلاقي في المجتمع.

وفي هذه الأيّام شغل الإنسانيّة جمعاء الوباء العالميّ المسمّى “فيروس كورونا”وتسبّب هذا الوباء الذي يزداد انتشارًا كلّ يوم،

بعدد كبير من الوفيّات،وأثار الهلع والخوف خصوصا في البلدان التي استفحل فيها خطر هذا الوباء.

كما نتجت عنه ردود فعل تتراوح بين التّهوين والتّهويل فمنهم من استهتر واعتبره كذبة وفقاعة إعلاميّة، ومنهم من رفع الوباء بحسب قناعاته الدّينيّة وجعله إشعارًا بقرب الآخرة، و التّهوين والتّهويل يجعلنا ضمن حلقة فارغة تؤدّي بنا إلى الهاوية وتجعل هذا الوباء يهزمنا، فملامح احتواء “فيروس كورونا” طبيا مازالت غير واضحة، كالعلاج أو اللّقاح، ولكن ماهو واضح هو الطّريقة السّلوكيّة بالوقاية منه والحدّ من انتشاره وذلك بعدم الاختلاط والابتعاد عن الازدحام والبقاء في المنزل وعدم الخروج إلّا للضّرورة.

وفي الحديث النّبوي عن وباء الطّاعون قال رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم إذا سمعتُمْ به بأرضٍ، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارًا منه) [ متّفق عليه]. إشارة واضحة إلى مايجب أن نطبّقه اليوم عمليا من الحجر الصحيّ، وتجنّب أماكن العدوى بهدف منع انتشار هذا الوباء.

وانطلاقا من قوله تعالى :{ ولا تُلْقوا بأيْدِيكُمْ إلى التّهْلُكَةِ وأحْسِنوا إِنَّ اللهَ يُحِبّ المُحْسِنينَ} [ سورة البقرة، الآية: 195] فإنّنا مطالبون بالتّوكّل على الله والعمل على الوقاية من هذا الوباء، وأن لا نستهتر ونعرّض حياتنا للخطر أو الموت.

وتجدر الإشارة إلى أهميّة التقيّد والالتزام بتوجيهات وإرشادات الجهات الرّسميّة والهيئات الطبيّة في كلّ بلد، وأن نثق بها لأنّها الأكثر معرفة ودراية بوباء الكورونا وآثاره، كما علينا أن نتكافل ونتضامن ونتحدّ ونتعاون لمساعدة بعضنا البعض للتغلّب على هذا الوباء الخطير، و أن نعلّق ونسلّم قلوبنا لله تعالى ونخلص له النّوايا وأن نصبر فلنا الأجر والثّواب عملا بقوله تعالى :{ وإِنْ يمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فلا كاشِفَ لهُ إلّا هُوَ وإِنْ يَمْسَسْكَ بخَيْرٍ فَهُوَ على كُلٍّ شَيْءٍ قديرٌ} [ سورة الأنعام، الآية: 17].

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here