كورونا…المرضُ والسياسة

ضجَّتْ الأرضُ بأهلِها بينما يحصدُ فايروس (كورونا) أرواحَ المئاتِ من بَني البشر دون تمييزٍوتدقيق بالهويةِ والإنتماء. كورونا أصبحَ اليوم أخطرَ ظاهرةَ مرضٍ تصيبُ الإنسان.
فالمواجهة ُوالمكافحة أمران حتميان، ومسؤولية المؤسسات أولا بتحضيرِ كافةَ المستلزماتِ الضروريةِ للحدِّ من إنتشارِه ومعالجةِ المُصابين، ونشرِ الوعيِ الصِحي بين الناس. أما مسؤولية الإنسان الآخر هو تلقي التوجيهات والإرشادات الصادرة من تلك المؤسسات بوعي وتفاعل والعمل بها على أكمل وجه.
كورونا يُمكن تحديدَة علميا ب (الفايروس)، أما التفسيرُ الغيبي فهو الآخرُ حاضرٌ في أروقةِ أهلِ الإيمان بالغيبِ على أنه لون من ألوان الإبتلاء.
الى هذا الحد يُعتبر حالةً طبيعية، كونية يُمكن التصدي لها ومعالجتها بحسبِ الإمكاناتِ المُتاحة.
الأنكدُ والأعظمُ أن تتحولَ ظاهرة كورونا الفايروس الطبيعي الى ظاهرةٍ مُصنَّعةٍ توظَّفُ سياسيا لتركيع بعضِ الدول، وأمنيا لقتل بعضِ الضحايا كأهدافٍ منتخبةٍ تنالُ منها دوائرُ الأستخباراتِ التابعة لدول الإستكبار العالمي. هذا ليسَ زعما ولا هو رئيا عابرا مرَّ على مسامعي، إنما أقولها بوعيٍ وفَهمٍ عميقين.
الرئيسُ الأمريكي ترامب المتهم جيشه بنشر هذا الفايروس في مدينة يوهان الصينية هوَ الذي وظّفَ هذه الظاهرةَ في خدمتهِ الشخصية للفوز بالإنتخاباتِ القادمة، وهو الذي يفكرُ ويخططُ بقذارة للنيلِ من الشعوب التي يراها فائضا على الأرض وهي الأدنى في توصيفه العِرقي والمعرفي والثقافي،لأن الرُقي عندهُ هو الصعوُد على قمةِ المال والتكنولوجيا وما دونَهما فهو تخلفٌ وضَياعٌ في دهاليز الحياة.هذا الوحشُ كان مسرورا بظهور فايروس كارونا في الصين ويترقب أن ينتشر فيها ليقتل الملايين، فتتدهورُ البلادُ وتنزلُ الى الحَظيظ، عندها يبقى هو الأقوى في عالمِ الأقتصادِ والمال فيتأرجَح على أطلالها. الصينيون حكومة ًوشعبا يقظين ولهم من العلم في الطب والهندسة قبل أن تطأ قدما ترامب على أرض أمريكا بآلاف السنين ما يجعلهم يكتشون وبسرعةٍ مذهلةٍ الدواءَ المُضاد لفايروس كورونا ويبنون المستشفيات المُجهزة بسبعة أيام لا أكثر.
ترامب كان يسخرُ من الفايروس أن يلوحَ في الأفق الأمريكي حتى لاحَهُ وأصابَ الآلافَ من عامةِ الشعب(لا نتمنى لهم سوى العافية)، ثم أصابَ الفايروس إثنين من أعضاءٍ في الكونغرس، وما زال الخطرُ قائما يهدِّدُ أكثرَ من 110 مليون أمريكي.
بحسَب الفَهم الإنساني فإن للإنسان واجباتٌ على الإنسانِ الآخر تزول فيها فوارقُ الأَعراق واللغاتِ والطوئف، وتزولُ فيها العداواةَ والبَغضاء. يأتي هذا عندما يدركُ الخطرُ الحقيقي واحدا منهما وليس له منفذٌ للهربِ منه، أو يضعَفُ في مواجهتهِ. لكن الموقف الإنساني الذي سجلته حكومةُ الصين وشعبُها بدعم شعبًيْ إيطاليا وإيران في مواجهة وباء كورونا حيث أرسلت الكوادرَ والمستلزماتِ التي تختص بمكافة الفايروس، بينما سياسة إيطاليا في حقيقتها هي الأقربُ للمعسكر الغربي والأمريكي، وتتقيدُ بضوابط حلف شمال الأطلسي. كان هذا موقفٌ إنساني يُسَجَّل لها على صفحاتِ التاريخ المشرق. لقد تعافت الصين من هذا الوباء وصارت البلد الآمن لمن يريد أن يزورَها، واقتصادُها يتعافى ويتصاعد من جديد.
روسيا هي الأخرى وقفت الى جانب المتضررين في إيران وإيطاليا ودورُها رائعٌ في كلِّ الظروفِ الطارئةِ بحَسَب الصفحاتِ الطيبةِ من تاريخِها الإنساني.
إن المواقف الطيبة في يوم المحنة هي أعظم درجة عند الله والناس. ترامب لا يعرف هذا المبدأ لأنه تربى في كهوف الحيلة والمال المحظ.
تعيشُ إيران أوجَ المِحنة ما بين الشرين، شرَّ الحصارِ الأمريكي وشرِّ كورونا… فعندما طلبت المساعدة والوقوف معها لصدِّ زحف الوباء المنتشر في عموم البلاد الذي قتل الآلاف من المواطنين وما زال كانت بعض الدول الأخرى تتمنى أن تفعل شيئا لمساعدة إيران اقتصاديا وطبيا لكنها توقفت عند جدار العقوبات الأمريكية المفروض بينما ترامب يحاول ممارسة حِيله في ظل الأزمة ليعرض بخبثٍ خدماتِه بحفنة من الدولارات ليس لها قيمة أمام تلك المحنة. فلو افترضنا أن مريضا يعاني مرضا خطرا وهو على سريره يتلوى، فهل من المعقول أن يأتي الطبيب ليعطيه حفنة دولارات أم الأجدى أن يقدم له الدواء والغذاء…..؟ هذا هو حال حكومة وشعب إيران في ظل هذه الأزمه، وهذا هو الموقف الأمريكي الذي يتصرف بجبروت المستكبر.
أقولُها بكلًّ ثقةٍ وشرف، لو أن الذي وقعَ على شعبِ إيران اليوم هو بعينه وقع نفسه غداعلى شعب أمريكا دون غيرها سنجد حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران سباقة لتقديم ما بوسعها من خدمات للشعب الأمريكي بحسب قدرتِها. فالفرقُ كبيرٌ ما بينَ مفهومِ البلطجة ومفهومِ الأديان الإنسانية الرحومة.
قد لا يعي المُتجَبِّرُ حجمَهُ في أيام الرفاه مثلما يعيها المؤمنُ بالله واليوم الآخر، فحربُ فايروس كورونا الذي لا يُرى بالعينِ المُجردة على دول العالم هي الجواب الصحيح. لقد أعيى أهلَ الأرض في هذه الأيام، وأمام جبروت هذا الفايروس خمد جبروتُ ترامب وأخمَدَ حيلته التي إبتز بها دولَ وحكومات.
بينما طائرات الأباتشي والشبح الأمريكية لم نسمع لهما زئيرا، وصوت الباتريوت المَهول خاب في التصويب وضاع هدفه للردِّ على هذا الخطر المِجهَري.هذه هي حكمة الله سبحانه.
فأين الملوك الجبابرة، وأين الأمراء المتغطرسين، والرؤساء، والوزراء، وأصحابُ المال والفن منه؟
ضاقت بهم الأرضُ، وضاقت عليهم.
موقفُنا نحن العرب والمسلمين من الكيان الصهيوني المُحتل لدولتنا فلسطين واضح كشمس تموز وآب، فما بيننا سوى العمل على طرده، وزوال حتى أطلاله دون أن تبقى له باقية لتحرير كل فلسطين، لكن الذي نود أن نذكره هنا هو أن هذا الكيان الشرس يحاول أن يستغل كل شاردة وواردة لضرب أمتنا على كل الصعد. وفي هذا الموسم(كورونا) يجب أخذ الحيطة والحذر أن يلجأ هذا العدو لنشر الفايروس في بلداننا بوسيلة وأخرى أخطرها أن يجند عملائه الرجعيين من العرب وغيرهم مثلا
نخشى على أهلنا في اليمن من آل سعود، والعراق من الجيش الأمريكي المتواجد على أراضيها، ونخشى عليهم من جهة شمال العراق، وعلى سورية ، ولبنان من جهة الأرض المحتلة، ونحذر إيران من جهة بلوشستان وشمال العراق أيضا.أما أهلنا في عموم فلسطين المحتلة وأسراها في سجون الإحتلال، وقطاع غزه لهم الله سبحانه أن يحفظهم من مخالبِ المنظومة الصهيونية المتسلطة.
في هذا الوقت يجبُ علينا أن نَعي المَخاطر ونضعَها ضمن أولوياتِنا ونفتحَ عيونَنا على السفاراتِ الغربية ومؤسساتِها الأخرى في بلدانِنا وخصوصا الأمريكية.
فمن فقهِ وطبيعةِ تفكير المؤسساتِ الإستخبارية لدى هذه الدول هو أن تنتشرَكورونا في دولِنا وليسَ في دولِهم ولو حدثَ العكس فإنهم سينتقمون منا شرَّ انتقام ليجدوا أذكى وأشرَّ وسيلةٍ في دفعهِ باتجاهِ دولِنا، فلا تنامُ عيونُهم دونَها.
قاسم محمد الكفائي
للتواصل /
Twitter: Qasim4canada
Email: [email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here