خريف كورونا هل سيعقبه ربيع أوربي ؟

ظهور كورونا شرارته الأولى كانت من الصين ، و تحديداً في مدينة وهان التي نالت من الشهرة بذلك بما يوازي شهرة الصناعة الصينية !! لينتشر بشكل رهيب و يحصد آلاف الأرواح من الضحايا ، ويخيم الخوف و الهلع و الحزن على هذا البلد ، مما خلق تعاطفا دولياً وشعبيا واسعاً مع الصين في هذه المصيبة التي حلت بها .

و بلد مثل الصين بما عرف عنه من قمة الانتظام ، و العمل بروحية خلية النحل ، و انتظام عمل الماكنة و استمراره و دقته ، فقد استطاع أن يجند كل إمكانياته البشرية و الصناعية و الأخلاقية بصورة مدروسة ، للقضاء على هذا الفايروس ، حيث اجرى حظر صحي نظامي و بشكل سريع قام ببناء مستشفى ضخم لذلك أثناء الأزمة ، و استطاع فرض حظر تجوال كامل و تم تطبيقه بصورة ناجحة و ذلك نابع من وعي المواطن الصيني ، كما قام بكافة الإجراءات الصحية بشكل صحيح و كامل ، وبذلك استطاع تخطي هذه الجائحة بشكل كلي تقريبا ً.

و في هذه الفترة قد تحول هذه الفايروس متنقلاً !! بين ايران و إيطاليا و إسبانيا و فرنسا و المانيا ، حيث انتشر في ايران بشكل سريع ، وكان لضعف الوعي و الإدارة دور كبير في أن يخرج عن السيطرة لحد ما ، بحيث انتشر في مدن عدة و بأعداد كبيرة و ما زال الحال يستمر إلى الآن .

بذات السيناريو ظهر الفايروس في إيطاليا و إسبانيا لينتشر كنار في الهشيم ، لتمتلئ المؤسسات الصحة بالمصابين بحيث لم يبقى مكان لأي مصاب جديد و الاعتذار عن استقبال المصابين و الاكتفاء بالعناية بالمصابين ذوي الأعمار الصغيرة دون العجائز و ترك أعداد كبيرة لتحجر نفسها في بيوتها و تعتني بنفسها ، و في هذا الحال الذي تصل فيه الضحايا إلى الألاف ، تزاحم الناس على الأسواق حتى خوت المخازن من المواد الغذائية و مواد التعقيم الضرورية ، ناهيك عن تقييد الحركة و منعها بشكل تام ، و هذا الحال قد رسم صورته بشكل اقل نوعا ما في فرنسا و المانيا و بريطانيا .

و الذي يؤشر على هذه الدول الأوربية ( إيطاليا ، إسبانيا ، فرنسا ، المانيا ، بريطانيا ) إن الإدارة فيها لم تصمد أمام هذا الظرف ، و لم تستطيع مواجهة هذا الفايروس بالشكل الذي قامت به الصين رغم فارق الكثافة السكانية في الصين ، كما أظهرت الأزمة نفاذ المواد الغذائية و المواد الصحية الأولية من الأسواق

بشكل كبير ، و ثبت كذلك عدم إمكانية الإدارة في إدارة الأزمة من الناحية الإدارية والنفسية و الإعلامية حيث إنها أعلنت على لسان كثير من المسؤولين بان الوضع اصبح خارج نطاق السيطرة ، مما أصاب المواطنين بالهلع و الخوف .

و بعيداً عن من هو السبب في ظهور هذا الفايروس و في أي مراكز بحثية قد تم تصنيعه أو تطويره ، فلهذا الأمر تبعات كبيرة على المستوى الدولي ، ذلك إن العالم الذي ينطوي تحت مظلمة الأمم المتحدة و قد عد هذا الانتماء لها اتحاد لأمم الأرض و شعوبها ، وحريا به أن يتقصى و يبحث عن هذه الدول التي تنتج مبيدات بشرية للفتك في العالم و تهديد امنه و سلمه للخطر ، فقد خيم على أوربا أجواء خريف بائس قد تساقط فيه أرواح كثيرة من المواطنين الأبرياء و اغلبهم من كبار السن و الأمر مستمر و لم تعرف حدود نهاياته .

و من بديهي القول عند انفراج الأزمة ، سيلاحظ المواطن الأوربي هذا الكم الهائل من الخسائر في الأرواح و انتكاسة كبيرة في الاقتصاد على المستوى الأوربي ، وسوف يقييم المواطن الأوربي دور الحكومات الأوربية في هذه الأزمة ، و سيشهد الشارع الأوربي اندلاع رفض شعبي كبير وتذمر من الوضع الذي حصل ، مما قد يولد انفجار الشارع الأوربي على حكوماته ، تارةً بسبب الفشل الذريع في الاحتياطات و النقص الكبير في أداء إدارة الأزمة و القصور الذي رافق فترة الأزمة من ناحية توفير الخدمات و الغذاء و الدواء ، و تارة أخرى بسبب دور الحكومات الأوربية في حيادها و عدم فاعليتها دوليا إزاء الدول التي تتبنى مشاريع التسليح البيولوجي و تقييم مراكز بحثية متطورة من اجل ذلك .

بكل تأكيد أوربا الغد سوف لن تكون ذاتها أوربا بعد فاجعة كورونا، حيث ظهرت بوادر ذلك في إيطاليا التي أزالت علم الاتحاد الأوربي من جنب علمها لترفع العلم الصيني بجانبه ، و ذلك قد يوحي إلى تفكك الاتحاد الأوربي أولاً ، يتبعه ثورات داخلية في كل دولة و أجراء تغييرات كبيرة في الأنظمة الأوربية القائمة ، وهذه معطيات ربيعاً أوربياً سيشهد العالم.

د. شلال عواد العبيدي

العراق / جامعة كركوك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here