ماذا لو تبرعت الرئاسات الثلاثة براتب لشهر واحد فقط؟!

ماذا لو تبرعت الرئاسات الثلاثة
براتب لشهر واحد فقط؟!
علاء كرم الله

أذا أستثنينا السويد التي أستمرت الحياة فيها برغم وباء كورونا بشكل شبه طبيعي! والتأكيد فقط على الثقافة الصحية في كيفية مواجهة خطر الوباء. فأننا نستطيع القول بأن فايروس كورونا هذا الذي لا يرى بالعين المجردة أستطاع أن يشل الحياة بالعالم ويوقف ويعطل كل شيء، فلا أقتصاد ولا سياسة ولا رياضة ولا سياحة ولا أداب ولا فنون ولا مؤتمرات ولا ندوات ولا ولا ولا كل شيء. وقد تفاوتت شدة أصابة هذا الفايروس لدول العالم فهناك دول أسقطها بالكامل وجعلها ترفع راية الأستسلام بسرعة حيث كانت أصابته لها مدمرة قاتلة مهلكة مثلما حدث في أيطاليا وأسبانيا، وهناك دول كان تأثيره عليها أقل، ودول لم يأتيها ولم يصلها طوفان كورونا! الذي لم يبق ولم يذر. يعني هناك تفاوت في شدة الأصابة وأنتشار الوباء بين هذه الدولة وتلك، وهذا التفاوت يعتمد على قوة الدولة ومدى تطور النظام الصحي فيها، والأجراءات الوقائية التي تتخذها للحد من خطورة هذا الوباء، والأهم هو مدى ألتزام الشعب لتوجيهات الدولة. ومن الطبيعي أن العراق كجزء من هذا العالم لم ينج من طوفان كورونا ولم يكن بعيدا عن أثاره وتأثيره الذي لا زالت نذره المميتة تخيم على أجواء الحياة العراقية!. الشيء الملفت في أمر وباء كورونا، أن تأثيره ووقعه كان أكبرفي العراق،! لأنه أضاف أزمة جديدة للعراق وللعراقيين لم يألفوها من قبل كما ولم يعرفوا كيف يواجهونها؟!، حيث تزامنت أزمته مع أنخفاض سعر النفط عالميا، الذي أنعكس بشكل مباشر وسريع على الوضع الأقتصادي للبلاد والوضع المعاشي اليومي للمواطن!. فالعراق هو أصلا مأزوم بجملة من المشاكل والأزمات منذ زمن بعيد والتي لا نهاية ولا حل لها، وتحديدا أزمته السياسية الأخيرة قبل أشهر، التي تمثلت بأستقالة رئيس الحكومة السيد عادل عبد المهدي وعدم وجود البديل له، بسبب عدم أتفاق الأحزاب السياسية على تكليف شخص يمكن أن يقود العراق في مرحلته الحرجة هذه، حيث الفراغ الأمني والتدخلات الأقليمية والدولية بالشأن العراقي وضياع السيادة وعدم وجود جكومة بمعناها الحقيقي!. ورغم أن أزمة دول العالم مع فايروس كورونا لا تقارن ولا تشبه أزمته الكبيرة التي خلقها بالعراق، ألا أننا نرى جهود حكومات تلك الدول تظافرت بشكل أيجابي وكبير مع الشعب في سبيل التصدي للوباء القاتل والذي تمثل ليس بألتزام الشعوب لتوجيهات الحكومة فحسب وأنما بموقف الحكومات تجاه الشعب، والذي تمثل بمواقف كثيرة ومتعددة، أهمها قيام تلك الحكومات بكافة طاقمها ووزرائها بالتبرع بكل مرتباتهم لحين أنجلاء أزمة الوباء والسيطرة عليه!، ناهيك عن مواقف وتبرعات أخرى، من قبل أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال. نعود الى العراق وأزمته الجديدة مع كورونا وأنخفاض أسعار النفط، حبث لم يعد خافيا على أحد أن علاقة الشعب بالحكومة والأحزاب السياسية هي ليست على ما يرام، فجسور المودة والأحترام والثقة مهدومة منذ زمن بعيد بل هي مقطوعة أصلا لأسباب كثيرة!. أرى أن أزمة فايروس كورونا بالعراق يمكنها أن تكون الضارة النافعىة للحكومة وللأحزاب السياسية وقادتها على أختلاف توجهاتهم!، فهي فرصة مناسبة لهم لترميم وأصلاح ما يمكن أصلاحه في العلاقة بينهم وبين الشعب، هذا أذا خلصت النوايا وصفت ونقت القلوب من كل الأدران. أقول فما الضير وما الذي يمنع الحكومة برئاساتها الثلاثة وكل الزعامات وقادة الأحزاب السياسية أن تبادر، الى التبرع برواتبهم لشهر واحد فقط لا غير!، كموقف وطني وأنساني يحسب لهم في ذاكرة وعقول وقلوب العراقيين المعروفين بطيبتهم، موقف تضامن مع الشعب الذي ضربته آفة المرض والجوع والخوف. صحيح أن مبلغ التبرع هذا أذا أقدمت عليه فعلا الحكومة مع كافة الأحزاب السياسية، سوف لن ينقذ البلاد من أزمتها المالية الخانقة والتي ربما ستصل الى عدم أمكانية الدولة من دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين!، ولكنها بنفس الوقت ستساهم في حل ولو جزء بسيط من تلك الأزمة!، لاسيما أن الجميع يعرف بأن رواتب الرئاسات الثلاثة مع بقية طواقمهم والوزراء والمستشارين والمخصصات التي تمنح لهم، تصل الى أرقام فلكية!. ولا نريد أن نسألهم هنا لماذا لم تبادروا بذلك؟ فلربما سيفهم من سؤالنا بأنه نوع من الأستجداء والتوسل، وليس كموقف أنساني ووطني تفرضه عليهم ظروف المحنة التي يمر بها العراق!، ولكن سنترك ذلك لهم ، لا سيما وأن التبرع براتب شهر واحد لا أعتقد أنه سيؤثر علىيهم ولا على عوائلهم الكريمة؟. وفي حقيقة الأمر هناك أسئلة كثيرة وكثيرة ومؤلمة وحزينة تدور في أذهان غالبية العراقيين وهم يمرون بمثل هذه الظروف. أخيرا نقول: أذا لم تبادر الحكومة برئاساتها الثلاثة، ولم تبادر الأحزاب السياسية وزعاماتها بالتبرع للعراق وشعبه وهو يمر بهذه المحنة، ترى هل ننتظر المبادرة من مرجعيتنا الرشيدة، المعروفة بمواقفها الوطنية والأنسانية، أو ننتظر ذلك من وكلائها الكرام؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here