صناعة المُشاهد المسرحي العراقي

حسين وسام
يُعتبر الجمهور او المُتلقي او المُشاهد من أهم عناصر المسرح او العمل المسرحي، فالمسرح وجد لمخاطبة الجماهير، إذ لابد من ايصال الرسالة السامية التي يحملها العمل المسرحي الى الجمهور، وعلى الجمهور ان يفك شفرات ذلك العمل المسرحي ، وعليه ان يفهم الرسائل الخفية والمبطنة للنص، فنحن نعلم ان كل حركة على خشبة المسرح وكل كلمة في الحوار بين الشخصيات ، لها معنى ودلائل وتحمل الكثير من المعاني والرسائل، ففي بعض الاحيان يُخفي الكاتب رسائله بين الكلمات، ويُخفي المخرج رسائله في حركة الممثلين وطريقة اخراج المشاهد المسرحية، ونحن نعلم جيداً انه ليست كل الرسائل تُقدم بشكل مباشر ، هذا يعني يجب ان يتطلب امرين مهمين في الجمهور :
الأمر الاول: الوعي والذكاء وسرعة البديهة والتحليل والتفسير للمشاهد التي يقوم الممثلين بتقديمها على خشبة المسرح وفهم الرسائل وفك شفرات الحوارات كما ذكرنا سابقاً، فهذا هو احد اهداف المسرح ترك المجال لعقل المُتلقي لحل الاحجية التي قدمها له على شكل مسرحية .
الامر الثاني: فهم المسرح، او على الاقل ان يعرف المُتلقي بعض المعلومات التي تساعده على حل الالغاز وفهم الرسائل المرسلة من المسرحية، فعليه ان يعرف ان هناك اشياء يُرمز لها بأشياء اخرى، مثلاً يستخدم الممثل يده وكأنها مرآة ، ينظر اليها ويتحدث، وربما تكون ورقة يكتب عليها رسالة الى شخص اخر، على الجمهور ان يعرف دلالة الالوان الاضائة المستخدمة داخل المسرحية، لماذا اللون الاحمر في هذا المشهد؟ ، ولماذا اللون الازرق في المشهد السابق؟ ، ففهم المسرح يكون على علاقة طردية مع استمرارية العروض المسرحية الهادفة والرصينة، وتعتمد على ما مدى حرص المُتلقي على فهم المسرح .
اذن علينا صنع جمهور، وخصوصاً جمهوراً مسرحياً عراقياً، وذلك بعد ان اصبح المسرح غريباً، يقتصر على مجموعة قليلة من الاشخاص، وبعد استخدام اسلوب التجهيل المسرحي الذي يتمثل بتقديم عروض مسرحية بائسة ورخيصة، اذ تحول الجمهور من ناقد ومُتلقي لرسائل مبطنة عليه استخدام العقل والمنطق لحلها، الى جمهور تُلقى عليها نُكات مستهلكة ، إذ جعلت منه جمهوراً كسولاً للاسف, لا يريد من المسرح الا الكوميديا بائسة وبعض الاغاني والرقصات، اذا يجب ان يعود المسرح النقي السامي لهذا المجتمع، وذلك بأذن المجتمع فقط، فأما ان يقودك المسرح نحو الثقافة، او تقود المسرح نحو الهاوية، فقد اشتاق المسرح العراقي الى جمهوره الواعي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here