أ.د. سلمان لطيف الياسري
نار لم تحرق ابراهيم
وسكين لم يقتل اسماعيل
وبحر لم يغرق موسى
وحوت لم يأكل يونس
قل لن يصيبنا الا ماكتبه الله لنا
اكثر شيء يقتل كبار السن ليس فيروس كورونا بل بروتوكول الموصى به في التعامل مع المرضى داخل المستشفيات معروف ان كبار السن والمرضى لديهم مناعة متدنية واستعمال مايسمى السيروم الماء الملحي والغلوكوز هو من يضعف المناعة اكثر فيكثر الفيروس اذا استبدل هذا الاجراء بشيء اخر يقوي مناعتهم ستتدنى نسبة الوفيات بكثير
كرونا الحقيقي الذي تعاني منه الشعوب العربية هوا الفقر والعوز والحاجة التي يعانون ويتجرعون مرارتها يوميا
في العالم ثمة عبارات وحالات، يؤدي الإيمان بها إلى تغيير وجه الحياة. القرآن مثلا يقول 🙁 فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ** ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) والإمام علي السلام عليه يؤكد: أنه لا سبيل في الحياة خير من طلب الحق، أو عندما يقول النبي عيسى (ع): إنك مغبون إذا قايضت روحك بكل العالم، أو حينما يقول سقراط: “أعرف نفسك” أو “الحياة غير المجربة غير جديرة بالعيش” أو العبارة الواردة الفعل بدون التمني. هذه العبارات وما شاكلها حينما ( ترسخ) في نفس الإنسان (فإنها)تغير من طبيعته, لقد مرت على جميع الناس تجارب بعضها كوارث مهلكة لمن عاش فيها، وأخرى حروب تعصف بالأخضر واليابس في وقتها، وبعضها أوبئة فتكت بأرواح الناس ودمرت حياتهم المعيشية وما يحصل في عالمنا اليوم من وباء جائح بين خلق الله جميعهم، لم يفرق بين مسلم أو غيره، ولا بين اسود وابيض، ولا بلد دون أخرى، الكل ينكوي بسمومها من شدة انتشارها بين الناس. هذه الأزمة سوف تبقى في ذاكرة من عاشها، ولا ينبغي مرورها دون الاستفادة منها. صحيح أنها مؤلمة لكنها مفيدة وتحمل كثيرا من الدروس والعبر، فهي تعلمنا كيف نفكر، وتعلمنا كيف نجاهد أنفسنا، وتساعدنا على جدولة حياتنا، وتساهم في بناء ذواتنا المستقبلية. في مثل هذه الأيام لطالما يختلي كل فرد بنفسه، فلابد له من مراجعة وإعادة الحسابات الحياتية لأن هذه الأزمة هي علامة فاصلة بين ( الحاضر) والمستقبل، إذ لابد من تغيير المسار الحالي إلى مسار مختلف فمن تمر عليه هذه الفترة ولا تغير (فيه شيئا) فهو خسران وتمعن كلام الفيلسوف سقراط الذي يقول: الحياة غير المجربة غير جديرة بالعيش،) أننا إذا لم نستفد من التجارب لتغيير حياتنا وتجديد مساراتنا وتغيير تفكيرنا، فإننا نبقى امواتا في حياتنا منكرين لذواتنا، لا نستحق الاستئمان على الأرض التي نعيش فيها. فمن يعمل الخير يجزى به ومن يعمل الشر يعود عليه، فلابد من رفع روح التمني بالتغير والاستزادة من خيرات الحياة وفي النهاية، فإن كورونا تبقى من ضمن الكوارث والتجارب التي لابد من الاستفادة منها لتغيير ما بداخلنا
لايخفى على أحد مايجري في العالم اليوم من انتشار لمرض ( كرونا) وهو جائحة اجتاحت العالم أجمع. وبلادنا الحبيبة الغالية المملكة العربية السعودية جزء من هذا العالم مترامي الأطراف وأصابه ماأصابه من هذا المرض. فالحمد لله على قضاءه وقدره. ولازالت بلادنا الحبيبة تكافح المرض بماتستطيع بإيمانها بالله تعالى ثم بسواعد أبنائها البررة من كافة القطاعات الحكومية وخاصةً وزارة الصحة ومنسوبيها. فجزاهم الله خيراً. وبلادنا نبذل من أجلها الغالي والنفيس فهي بلاد التوحيد والسنة. فحفظ الله تعالى بلادنا من هذا المرض ورفعه عنا وحفظ ولاة أمرنا ووفقهم لكل خير وتقوى. وإنني لما تأملت هذا المرض المعدي وماحصل من تأثيره على العالم أحببت مستعيناً بالله تعالى ومتوكلاً عليه أن أذكر نفسي الضعيفة وإخواني ببعض الفوائد المستفادة من هذا المرض.فما كان من صواب وحق فمن الله وحده لاشريك له وماكان من خطأ فمن نفسي والشيطان.
ورؤيتنا ان فايروس كرونا قد يكون قد قدم ولكل البشرية وبدون اختلاف لا باللون ولا الطائفة ولا الدين ولا المعتقد ولا التوجه ولا ,,,,,,,,,,, :::
*** ومنها وجوب طاعة ولي الأمر بغير معصية الله تعالى. فحينما يأمر ولي الأمر فعلى المسلم السمع والطاعة طاعةً لله تعالى. ولكن بغير معصية الله تعالى. وولي الأمر وحرصاً على سلامة المجتمع المسلم دعا إلى البقاء في البيوت وعدم الخروج إلا لضرورة حتى لاينتقل المرض وينتشر بين الناس. وجاء ذلك على لسان معالي وزير الصحة وفقه الله تعالى وهو من عمال ولي الأمر ومسؤول أوكله ولي الأمر على شؤون صحة الناس في بلادنا. قال تعالى 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )٨٩. ( ثم أمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده .. ).
*** ومنها اللجوء إلى الله تعالى والفرار إليه وهي عبادة عظيمة قال تعالى :(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) الذاريات :٥٠. ( ففروا إلى الله ) فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه ، بالإيمان والطاعة . (فلما دعا العباد إلى النظر إلى آياته الموجبة لخشيته، والإنابة إليه، أمر بما هو المقصود من ذلك، وهو الفرار إليه. أي: الفرار مما يكرهه الله، ظاهراً وباطناًº إلى ما يحبه، ظاهراً وباطناً، فرار من الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى الذكر. فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله، وزال عنه المرهوب، وحصل له غاية المراد والمطلوب).
*** ومنها بيان زيف وكذب الغرب الكافر وادعائهم بالعدل والحرية والكرامة للانسانية وخداع بعض المهووسين من المسلمين بهم. وهاهم يقفون عاجزين عن ايجاد حلول بما حل بهم. وقال أحد مسؤوليهم كلاماً مامعناه: بأن كبار السن لاعبرة لهم في الحياة والشباب هم أحق بالعيش منهم. فيعالجون الشباب والرجال ويتركون كبار السن يواجهون خطر الموت.فياسبحان الله ماأعطم الاسلام وشرائعه. قال رسول الله: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. ( فالتحذير من كل منهما وحده؛ فيتعين أن يعاملَ كلاً منهما بما يليق به؛ فيُعطَى الصغيرُ حقَّه من الرفقِ به والرحمةِ والشفقةِ عليه، ويُعطَى الكبيرُ حقَّه من الشرفِ والتوقير“، وقيل: يقابل كلاً منهما بما يليق به فيعطي الصغير حقه من الرفق واللطف والشفقة.. والكبير حقه من التعظيم والإكرام.. ). قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ -أَيْ: تَبْجِيلِه وَتَعْظِيمِه- إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ -أَيْ: تَعْظِيمُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِي الْإِسْلَام، بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ، وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَنَحْو ذَلِكَ- وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ) فالحمد لله على نعمة الاسلام العظيمة التي لاتعادلها نعمة.
*** ومنها عبادة انتظار الفرج بعد الشدة
قال تعالى ؛( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) سورة النمل :٦٢. وقال تعالى 🙁 فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) سورة الشرح٥-٦.وقال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، (الأعراف 56)، قال بعضُ الصَّالحين: «استَعْمِلْ في كُلِّ بَلِيَّةٍ تَطْرُقُكَ حُسْنَ الظَّنِّ باللهِ عزَّ وجلَّ في كَشْفِها، فَإِنَّ ذلك أَقْرَبُ بِكَ إلى الفَرَج».
*** ومنها التحلي بالخصلة العظيمة الجليلة وهي (الصبر):
أمرنا الله تعالى بالاستعانة بالصبر وبالصلاة على الأمور العظيمة والخطوب الشديدة، فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ) سورة البقرة:١٥٣، وأثنى الله على أهل الصبر، فقال: (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )سورة البقرة:١٧٧. و بين سبحانه أنه يبتلي عباده لحكم وأسرار، والله جل وعلا يختبر عباده فمن شكر صارت العاقبة حميدة ومن كفر صارت العاقبة وخيمة، ولهذا قال: (فتنة) يعني: اختباراً (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) الأنبياء:٣٥، يعني: اختباراً وامتحاناً. فكن أنت عبداً صالحاً إذا ابتليت فاصبر وصابر واجتهد في طاعة الله وأد الحق الذي عليك حتى تكون بهذا الابتلاء ناجحاً موفق، والله المستعان.
قال الشاعر :
فَدَعْ مَا مَضى واصْبِرْ على حِكِمْةِ الْقَضَا ** فَلَيْسَ يَنَالُ الْمَرْءُ مَا فَـاتَ بِالْجُهْـد
والناس حال المصيبة على مراتب أربع :
الأولى : السخط ، وهو إما أن يكون بالقلب ، كأن يسخط على ربه ويغضب على قدر الله عليه ، وقد يؤدى إلى الكفر ، قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) [ الحج : 11] .
وقد يكون باللسان ، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك .وقد يكون بالجوارح ، كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ونتف الشعور ، و أشبه ذلك .
الثانية : الصبر ، فيرى الإنسان أن هذا الشيء ثقيل عليه ويكرهه ، لكنه يتحمله ويتصبر ، وليس وقوعه وعدمه سواء عنده ، بل يكره هذا ولكن إيمانه يحميه من السخط .
الثالثة : الرضا ، وهو أعلى من ذلك ، وهو أن يكون الأمران عنده سواء ، بالنسبة لقضاء الله وقدرة ، وإن كان قد يحزن من المصيبة ، لأنه رجل يسبح في القضاء والقدر ، أينما ينزل به القضاء والقدر ، فهو نازل به على سهل أو جبل ، إن أصيب بنعمه أو أصيب بضدها ، فالكل عنده سواء ، لا لأن قلبه ميت ، بل لتمام رضاء ربه – سبحانه وتعالى – يتقلب في تصرفات الرب – عز وجل – ، ولكنها عنده سواء ، إذ إنه ينظر إليها باعتبارها قضاء لربه ، وهذا الفرق بين الرضا والصبر .
الرابعة : الشكر ، وهو أعلى المراتب ، وذلك أن يشكر الله على ما أصابه من مصيبة ، وذلك يكون في عباد الله الشاكرين ، حين يرى أن هناك مصائب أعظم منها ، وأن مصائب الدنيا أهون من مصائب الدين ، وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وأن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته ، وربما لزيادة حسناته شكر الله على ذلك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما يصيب المؤمن من هو ولا غم ولا شيء إلا كفر له بها ، حتى الشوكة يشاكها)
*** ومنها التفكر والتأمل بالأمم السابقة وماحل بها من العذاب حينما عصت أمر ربها وكذبوا رسل ربهم ( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج ٤٦،٤٥. فالأمم السابقة حل بها العذاب والدمار بكفرهم وارتكابهم لما حرم الله تعالى عليهم. فعلى المؤمن أخذ العبرة منهم فالله تعالى قادر على اهلاك من عصاه واجترأ على محارمه وهذا يزيد ايمانه ويقينه بالله تعالى. وكم ملأت الدنيا في زماننا في بعض البلدان من الكفر والشرك ودعاء غير الله تعالى والاستغاثة بهم وانتشار المجنون والفواحش ومبارزة َ الله تعالى بالمنكرات فنعوذ بالله من سخط الله. كذلك مما في الأرض آثار السابقين الذي مضوا من قبلنا وعمروها أكثر مما عمرناها وساروا فيها وبنو فيها مساكنهم وديارهم، ثم هلكوا وبقية آثارهم تدل عليهم ليعتبر من جاء بعدهم بهذه الآثار حتى يعبد ربه على بصيرة، وحتى لا يعمل مثل ما عمل الكفرة من الأمم السابقة الذين حل بهم الدمار وبقية ديارهم شاهدةً عليهم (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً) (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.
*** ومنها التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وثباته في المصائب العظام والخطب الجلل، قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ الأحزاب: ٢١.
وهذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل….). وحينما نزل البلاء العظيم في غزوة الأحزاب ، قال تعالى: ( إ ِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) الأحزاب ١١،١٠. ثبت رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وأخذ بالأسباب وأعد الجيش واستشار صحابته رضي الله عنهم وأشار عليه سلمان الفارسي بحفر الخندق واضرام النار فيها فكانت سداً منيعاً على المشركين. وهكذا على المسلمين التأسي بالنبي صلى الله عليهم وسلم عند حدوث الملمات الصعبة وبذل الأسباب المادية التي تعين المسلمين على التخفيف من وطئة المصائب العامة ومنها : توفير الأغذية ومايحتاجه الناس والأدوية التي تكافح هذا المرض والله هو الشافي وحده لاشريك له.
*** ومنها الدعاء دعاء الله وحده لاشريك له. فالدعاء عبادة عظيمة عمد حدوث البلاء وهو دواء نافع ناجع. : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة :١٨٦. من يُكثر قرع الباب يُوشك أن يُفتح له، ومن يُكثر الدعاء يُوشك أن يستجاب له).
إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه]. كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله .
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ المنافقون:١١-٩ ، وقال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ المؤمنون:١٠٠:٩٩. الواجب على العاقل ذكر الموت على الأوقات كلها وترك الاغترار بالدنيا في الأسباب كلها, إذ الموت رحى دوارة بين الخلق, وكأس يُدار بها عليهم, لا بد لكل ذي روح أن يشربها, ويذوق طعمها, فالعاقل لا ينسي ذكر شيء هو مترقب له, ومنتظر وقوعه, من قدم إلى قدم, فكم من مُكرم في أهله, مُعظم في قومه, مُبجل في جيرته, لا يخاف الضيق في المعيشة ولا الضنك في المصيبة, إذ ورد عليه مذلل الملوك, وقاهر الجبابرة, وقاصم الطغاة, فألقاه صريعاً بين الأحبة, مفارقاً لأهل بيته وإخوانه, لا يملكون له نفعاً, ولا يستطيعون له دفعاً…فالعاقل لا يغتر بحالة نهايتها تؤدى إلى ما قلنا, ولا يركن إلى عيش مغبته ما ذكرنا, ولا ينسى حالة لا محالة هو مواقعها. فاللهم أحسن خاتمتنا وتب علينا واغفر لنا وردنا إليك رداً جميلا.
*** ومنها يتذكر الانسان ضعفه وأنه مخلوق ضعيف يصيبه الخوف والجزع قال تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ ) المعارج. من هلعه من ضعفه إلا وقلة صبره، يكون جزوع ومنوع، جزوع عندما يصيبه نكبة، منوع عندما يحصل له المال بسبب شدة البخل، فهو صفته هلوع إلا من رحمه الله ورزقه البصيرة والاستقامة وثبات القلب على الحق هذا يسلمه الله من هذا).ولكن جنس الإنسان هلوع إلا من رزقه الله الإيمان والثبات والحق والاستقامة فإنه لا يكون هلوعًا، إن مسه الشر صبر وجاهد نفسه في إبعاده، وإن مسه الخير شكر الله وأنفقه في وجوه البر، فهو شكور عند الرخاء صبور عند البلاء، هكذا المؤمن، لكن غالب الناس ليس كذلك هلوع، غالب الخلق هلوع، ليس عنده صبر وعند الشدة، وليس عنده شكر عند الرخاء، هذه حال غالب الناس
*** ومنها تذكر قوة الله تعالى وجبروته وأنه هو القوي العزيز فيظهر قوته تعالى بأضعف مخلوقاته. جرثومة صغيرة لاترى بالعين المجردة. قتلت الآلاف وأرعبت الملايين وتوقفت مؤسسات العالم أجمع وجيشت لها الجيوش ووقف الغرب بتطوره وتقدمه عاجزاً عن ايقافها. حتى قال بعض رؤسائهم وهو رئيس وزراء ايطاليا( إنتَهَت حُلول الأرض وننتَظِر تَدّخُل السماء ). الله أكبر. قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس:٨٢. وقال سبحانه: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} القمر:٥٠. وقال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} الزمر:٦٧.
*** ومنها درس وتذكير للمتكبرين والظالمين في الأرض الذين ظلموا عباد الله فأخذوا أموالهم بغير حق واستكبروا وطغوا وتجبروا. فإذا كانت جرثومة صغيرة لاترى بالعين قد تصيبك ياعبد الله. فتذكر حينها حجمك وتواضع لله تعالى ورد المظالم لأهلها. وتأمل فيمن هم أقوى منك وتجبروا ماذا كان مصيرهم. قال تعالى 🙁 فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) فصلت : ١٥.
*** ومنها حسن الظن بالله تعالى. وأن الله تعالى سيجعل بعد عسرٍ يسرا. وحسن الظن بالله تعالى؛ هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، احسنوا الظن بربكم وأملوا خيراً فهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير.ومعظم البلاد أولت اهتمامها وعنايتها لشعبها وللمسلمين وحتى غير المسلمين وتحملت الأعباء المالية والغذائية وفي بلاد الغرب والحضارة المزعومة عند من اغتر بهم تخلوا عن شعوبهم ولم يستطيعوا توفير شيء من المستلزمات الضرورية لمعاشهم عندما حدث هذا الوباء.فتأملوا.
*** ومنها أن الدنيا ليس لها ثبوت على حال والمؤمن يتقلب فيها من سرور وحزن ونعمة وبلاء وغنىً وفقر وكلها بتقدير الله تعالى. قال تعالى 🙁 لتركبن طبقاً عن طبق) الانشقاق. : أمرا بعد أمر ، رخاء بعد شدة ، وشدة بعد رخاء ، وغنى بعد فقر ، وفقرا بعد غنى ، وصحة بعد سقم ، وسقما بعد صحة : منزلة بعد منزلة ، قوم كانوا في الدنيا متضعين فارتفعوا في الآخرة ، وقوم كانوا في الدنيا مرتفعين فاتضعوا في الآخرة : وقيل : منزلة عن منزلة). فمن عرف ذلك فعليه التفكر في حاله ومآله والاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله تعالى.
*** ومنها أن الله تعالى هو الخلاق العليم ويخلق مالاتعلمون ومنها الأمصال العلاجية لمعالجة الوباء ومنها كرونا. فلولا توفيق الله تعالى ومنته وأنه هو الخلاق العليم لحصل للبشرية الفناء لكن الله تعالى حكيم عليم رحيمٌ بعباده. قال تعالى : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) النحل :ثمانية ,( { وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } : مما يكون بعد نزول القرآن من الأشياء، التي يركبها الخلق في البر والبحر والجو، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم ).
*** ومنها أن انتشار الفاحشة سبب في تفشي الأمراض الفتاكة والطواعين، رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا *فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا*، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم).
*** وأخيراً أن المؤمن الصابر في هذا المرض (كرونا) وغيره من الأمراض الخطيرة والوبائية نرجو له الشهادة من الله تعالى، قالَ رسولُ اللَّه: (مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ،” قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ: منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ). للهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام يارحيم ياودود اللهم ارفع عنا الوباء واحفظنا بحفظك واحفظ البلاد كلها من كل بلاء وفتنة وسائر بلاد المسلمين.