المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي ينعي السادة؛جودت القزويني، وعبدالستار الحسني البغدادي

بسم الله الرحمن الرحيم

(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (الملك:2)

لم أكد انتهي من نعي صديق؛ حتى أفاجأ بنعي آخر، ولا يسلينا الّا التسليم لأمر الله سبحانه والذي تجري الأشياء بعينه ووفق إرادته وحكمته.

وها أنا أتلقى نبأ رحيل الصديق العزيز والأديب الحسيب والمثقف البارز الأخ السيد جودت الحسيني القزويني في بلاد الغربة المقيتة، والضباب المظلم الكئيب؛ فإنني أحس بفاجعة الصدمة التاريخية الكبرى التي أصابت شعبنا طوال السنوات العجاف منذ الاحتلال البريطاني الأول حتى الاحتلال الأمريكي الاخير، وما بينهما من سنوات الجاهلية والضلالة والكفر والالحاد والظلم والطغيان، وما أصاب شعبنا من مصائب كبرى خلالها، خصوصاً حين يأتي النبأ الحزين في ذكرى مرور أربعين عاما على أشد الفواجع وأقساها وهي شهادة المرجع الكبير السيد الصدر(رض)، وافواج الشهداء التي لاتعد، وتيارات الدماء التي لا تحد؛ فمن ذا بقي ليواصل المسيرة التي خطّها بدمه الشريف، ودم أصحابه ممن رفضوا الظلم والجور والطغيان والاستبداد، ومن ذا الذي يقف بوجه المشروع المعادي للإسلام و للأمة وللسيد الشهيد الصدر(رض)، فهل جاء رحيل السيد جودت (ابي صالح) وفي هذه الظروف ومع انتشار الوباء المدمر والمعبر ومع كل الذكريات الاليمة والمتزاحمة ليفجر فينا نهر حزن جديد يمتلئ بالدموع الساخنة التي ستوضح لنا الرؤية في مسيرتنا الخالدة مسترجعين قول شاعرنا الأول السيد داود العطار وفي مدرسة الإمام الخالصي في الخمسينات:

جهاداً إلى أن يرجع الوضع مسلماً

والّا فلا عرض يصان ولا حمى

أبالكفر والالحاد والعهر والخنى

نحاول إصلاحاً ونبغي تقدماً

ففي هذه اللحظة الحزينة نقدم العزاء لعائلة السيد الراحل، ولابنه الكريم السيد صالح ولأهله الكرام ولمحبيه.

ولا يفوتني ان أتلافى هنا قصورنا في تأبين صديق مشترك قديم بيننا، رحل عن الدنيا قبل عدة أيام، وفي نفس هذه الظروف الاستثنائية، ولم نحضر تشييعه، ولم نقم بأداء الواجب في تأبينه؛ وهو الأخ الاديب، والشاعر المميز، واللغوي البارع، والمشهود بتميزه حوزوياً في علمي الفقه والأصول؛ السيد عبد الستار النسابة الحسني البغدادي، وقد كانا صديقين حميمين منذ نشأتهما في الخمسينات ودراستهما في الستينات، وحتى سني الافتراق المريرة وإلى سنوات العودة القصيرة، حتى رحلا متقاربين، فهل كانا على موعد للرحيل، أم أراد أحدهما ان يؤنس الآخر في طريق البرزخ الطويل؟!.

اللهم آنس وحشتهما، وآمن روعتهما، وكن لهما وقد نزلا بك بعد الإيمان خير مؤنس وراحم، وانت ولي كل مؤمن وخير منزول به، واجمعهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين واصحابهم والتابعين، واجعلهما لنا فرطاً صالحاً حتى نلقاهما عندك في ظل رحمتك، وفي جوار اوليائك. إنك على كل شيء قدير.

العبد المنتظر أمر الحق

والراجي عفو ربه؛ جواد الخالصي

14 شعبان المعظم 1441هـ

8 نيسان 2020م

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here