تأملات الجمعة العظيمة ..
نتأمل بالجمعة العظيمة أو جمعة الآلام، والمسيح في بستان الزيتون يتأمل و
يصلي ويطلب من تلاميذه أن يسهروا ويصلوا لكي لا يدخلوا في تجربة ،
لا من أجل نفسه ، بل من اجل خلاص نفوسهم وتوبتهم لنيل الحياة الأبدية .
نتأمل المسيح عندما كان يرجع من الصلاة والتلاميذ نيام وشعوره كإنسان ؟
لقد حزن قائلاً : ألا تستطيعوا أن تسهروا معي ساعة واحدة ، وكان سمعان
قد قال : يا ربّ إذا تطلب الأمر أموت معك ولا أتركك ابداً ، لكنه هرب
مع بقية التلاميذ عندما جاءت الجموع ، فمن لا يستطيع السهر كيف له
أن يصمد عند إقتراب الموت ؟ كان المسيح يعلم أن ساعته قد دنت ، ومع
ذلك ظلّ صامداً ، وتلاميذه هربوا ، حتى ساقته الجموع كالحمل الذي
يساق إلى الذبح ، كفّارة عن ذنوب البشر وادرانهم (لأنه هكذا احبّ الله العالم
حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية) .
نتأمل في براءة المسيح ، وكان في مقدوره أن يدافع عن نفسه لأنه لم يرتكب
خطيئة ، لكنه ظلّ صامتاً مقيد اليدين ، وبذلك عزّ الحزانى ، وضمن الحياة
الأبدية للملايين ، وتحققت النبوءات التي بشّرت بمجيء المخلص .
تحمّل المسيح آلآم الجسد و الروح والنفس ، عندما قال:( نفسي حزينة
حتى الموت) ، لكن فرحه كان عظيماً لتيقنّه بأن خلاص البشرية قد تمّ
وأن السماء تفرح بتوبة خاطئ واحد فكيف إذا كان الخلاص للملايين ؟
أيها المسيح الفادي ، لقد عملنا المعاصي وأخطأنا مراراً ، لكن عزائنا
أنك تغفر للتائبين ، كما طلبت من الله الآب أن يغفر للذين كانوا يجلدونك
قائلاً : إغفر لهم يا ابتاه لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون .
لقد جرحناك بخطايانا ، وتحزن عندما نرتكب الذنوب ، ولكن نرجو
أن لا تعاملنا بحسب أعمالنا الشريرة ، بل بحسب رحمتك الأبوية الواسعة
ومحبتك التي احببتنا حتى المنتهى ، نتأمل بالفداء بموتك وقيامتك من بين
الأموات ، فإذا كنا أمواتاً بخطايانا أقمنا معك لنحرز النصر المبين على
كل المعوقات ومغريات العالم التي لا تحصى ، لأنك تعلم بضعفاتنا ، سامحنا
على زلاتنا وخطايانا ، وأبعد عنا كل مكروه وكل وباء ، لأنك إشتريتنا
بدمك الثمين على الصليب ، فلك وحدك يليق كل المجد وكل الكرامة من
الآن وإلى الأبد ، آمين .
منصور سناطي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط