أضحى التنائي طبيبا قد يداوينا!!

كورونا فعلت بنا ما لم يفعله وباء قبلها , فبسرعة فتاكة بعثرتنا وعزلتنا , وحررت الأرض من شرورنا , وأشعرت المخلوقات الأخرى بالسعادة من دوننا!!

وقد “أضحى التنائي طبيبا قد يداوينا” … وناب عن طيب لقيانا تجافينا!!

فإنْ طابَ لقيانا سيُنهينا!!

هذا الصباح أنا الوحيد الذي عليه أن يغادر المنزل ويذهب إلى سوح قتال كورونا , وما أدهشني فرح الأطيار ومرحها وإجتهادها بتلحين سمفونية الصباح , فهي مستغربة مني , وكأني قد أقلقتها , وأنذرتها , فأعلمتني أن البشر عدوها!!

فتساءلت , أين الضحكات والقبلات والهمسات والأحضان والإمعان في التفاعلات الشهوانية والتواصلات العدوانية ما بين البشر؟

الناس تتنافر , وتهرب من بعضها , وتضع الكمامات على أنفها وفمها , وتلبس القفازات , ولا تريد تفاعلا مع الآخر , لأن البشر صار قتّالا للبشر من حيث لا يحتسب!!

الفرار هو الفاعل في الحياة الأرضية التي توهم البشر بأنه سيدها , وإذا بها تخبره بأنه زائر عليه أن يحترمها ويلتزم بأصول الضيافة , وأن لا يتوهم بأنه قد إستعبدها.

وأين النظرات العدوانية والكبرياء والنرجسية والتباهي بالمظاهر البراقة والسيارات الفارهة , والبذخ في المشرب والمأكل , وتناسي الآخر المسكين الذي يحلم بوجبة طعام واحدة؟

أين الرغبات المهوسة بالمال والضياع والعمارات والأرصدة والعقارات وأسهم الأموال , وهذا التشامخ والتطاول الفارغ على الآخرين؟

أين الحركة , فالشوارع خالية , والمحركات صامتة , ولا تسمع غير حفيف الأشجار وترانيم الطيور , وأظنها تسبّح لخالقها العظيم وتشكره على نعمة وقايتها من شر البشر الذي زودها بالمخاوف والهلع , فانقلب عليه ما كان يبغيه.

فالحياة البشرية أصيبت بالضربة القاضية , وخيّمت عليها إرادة السكتة السلوكية , وهي كالصيحة التي جعلت البشر في ديارهم خائفين حائرين مرعوبين , وإن عادت فستجعلهم جاثمين!!

أيتها الأرض أدركنا الرسالة وحفظنا الدرس , وتعلمنا أصول الضيافة , فهل من رحمة ورأفة ومغفرة؟!!

د-ضادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here