تراجع المسؤولية السياسية والمهارة المنهجية في صياغة برامج المُكلفين بقيادة الدولة؟!

أ. د. جواد كاظم لفته الكعبي

خلال فترة أقل من سنة ونصف (الربع الأخير من عام 2018 وحتى الربع الأول من عام 2020)، جرى تكليف رسمي لأربعة شخصيات لإشغال منصب رئيس مجلس الوزراء. وبعد استقالة حكومة السيد عبد المهدي في نهاية عام 2019، جرى تكليف ثلاثة شخصيات لهذا المنصب، اثنان قدما اعتذاريهما (السيدين علاوي والزرفي)، والثالث كُلف قبل بضعة أيام (السيد الكاظمي). باستثناء المُكلف الأخير، قدم المُكلفون الثلاثة السابقين عليه رسميا برامجهم الوزارية لنيل ثقة مجلس النواب، وقد تفاوتت المضامين الفكرية والسياسية والعملية لها ولمنهجيات صياغاتها.

يتصف المنهاج الوزاري للسيد عبد المهدي (121 صفحة) بصياغته المنهجية الشاملة، بمثابة خطة متكاملة لتغطية متطلبات إدارة الدولة خلال الفترة الزمنية 2018-2022، وهذه الخطة امتلكت منطلقاتها الفكرية الإستراتيجية، وتَوزع هيكلها على خمسة محاور يغطي مضمونها أهداف استكمال بناء أسس الدولة الاتحادية الواحدة ونشاط حكومة متكونة من 22 وزارة، وتضمنت ملحقا كبيرا بتفاصيل برامج جميع الوزارات (iraqieconomists.net/ar/2018/02/24). استبدل السيد علاوي منهجية سلفه في إعداد خطة متكاملة لإدارة الدولة ببرنامج حكومي مُقتضب (8 صفحات)، مُتكون من محورين: التحضير للانتخابات المبكرة ويتضمن 5 أقسام، والإصلاح الحكومي ويتضمن 13 قسما (iraqieconomists.net/ar/2018/02/04). بينما المنهاج الوزاري للسيد الزرفي (6 صفحات) فقد اقتصر على مجموعة أهداف غير مترابطة فيما بينها عددها 16 هدفا (facebook.com/Adnan.Azurfi.Offical.Page).

ولا نعلم ما سيأتي به المُكلف الرابع (السيد الكاظمي) من مناهج، ولكن ما صرح به عُقب تكليفه، سيقتصر نشاط حكومته المؤقتة، في حال نيلها ثقة مجلس النواب، على تنفيذ أهداف كبيرة قليلة (عددها 4) ولكنها غير كافية (حيث ينقصها مثلا، الانتخابات المُبكرة والموازنة العامة لهذه السنة): أولوية تحقيق تطلعات العراقيين، صيانة سيادة الوطن وحفظ الحقوق، حل الأزمات، ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام (akhbaar.org/home/2020/4/270033.html). في السياق، يرى أحد الخبراء القانونيين “ليس من شأن المُكلف الحديث عن منهاجه الوزاري… هذه بدعة سياسية تنبئ عن قلة الخبرة… فالمكلف ليس برئيس وزراء من الناحية الدستورية، والإخفاق محتمل لكل مكلف” (akhbaar.org/home/2020/4/270024.html). إن إشارة المُكلف للمفاصل الكبرى لمنهاجه الوزاري أو نشرها في وسائل الإعلام هي سُنّة سياسية حميدة، ومظهر من مظاهر المسؤولية

السياسية العالية والشفافية في إدارة الشأن العام، وربما سيقوم المُكلف، في ضوء الحوار حولها، بتعديلها قبل عرضها على مجلس النواب لنيل الثقة. الديمقراطية ليست نصوصا دستورية أو قانونية جامدة فقط، وإنما هي أيضا ممارسة سياسية حيّة وتفاعلية، ينبغي لها الاستفادة من زخم قنوات التغذية العكسية Feedback مع الناس والقوى السياسية والمجتمعية الفاعلة.

ورغم تذاكي المنهاج الوزاري للسيد عبد المهدي عند صياغته لخطته الشاملة (akhbaar.org/home/2019/2/254567.html)، إلا أن المنهاج الوزاري للسيد علاوي قد تخلى عن منهجية سلفه وإن كانت متذاكية، في حين جاءت صياغة المنهاج الوزاري للسيد الزرفي بما يخالف حتى منهجيات صياغة البرامج ومبادرات الأعمال، ناهيك الحديث عن صياغة الخطط السياسية والاقتصادية الشاملة لإدارة الدولة. عند مقارنة المناهج الثلاثة الأولى للمُكلفين بعضها بالبعض الآخر، نرصد حالة التراجع الكمي والنوعي لجودة منهجيات صياغتها، وهو أمر يُشير ليس فقط إلى العجلة والاستخفاف في صياغتها، وإنما أيضا إلى تراجع القدرات الفكرية والسياسية والمهنية لأصحابها، وهو مؤشر دال على تآكل مستوى المسؤولية السياسية للطبقة الحاكمة في اختيار مُرشحيها لقيادة الدولة في ظروف عصيبة تزداد سوءا يوما بعد يوم. وبما أن المنهاجين السابقين قد ذهبا لمواجهة حُكم التاريخ بما لهما وما عليهما، ولم يقدم السيد الكاظمي منهاجه رسميا لغاية الحين، لم يتبقَ أمامنا إلا منهاج السيد الزرفي المُعتذر عن التكليف كنموذج للتحليل في أدناه (وسنسميه في هذه الدراسة منهاج المُكلف المُعتذر)، شاخصا بوجه تاريخنا الحاضر للحُكم بما له وما عليه من زاويتي نظر المسؤولية السياسية والمهارة المنهجية في صياغته.

يبدو أن المُكلف المُعتذر، عند صياغته منهاجه الوزاري، كان في عجلة من أمره، أو أن فريقه الاستشاري لم يكن محترفا، أو بعيدا عن الواقع المُعاش لدولة مشلولة مؤسساتيا، تنخر جسدها مظاهر الفساد المختلفة، وتتوزعها ولاءات سياسية وفئوية بهويات فرعية كثيرة. في رسالته إلى مجلس النواب، والتي تصدّرت منهاجه الحكومي، يقول المُكلف المُعتذر ما نصه: “… أمامنا ملفات شائكة ومعقدة فلا بد لنا من التصدي لها بمسؤولية كاملة… استجابة منّا لما وجّهت به المرجعية الدينية العليا، والتي كان لها الفضلُ والسبقُ في تصويب ما لم نتمكن تصويبه في حفظ وحدة العراق وسلامة شعبه…”. عن ماذا يتحدث و/أو لا يتحدث هذا النص المُقتبس من رسالة المُكلف المُعتذر؟

· اعتراف ضمّني جريء بمسؤولية الطبقة السياسية الحاكمة منذ عام 2003 عن نشوء الملفات الشائكة والمعقدة المذكورة في الرسالة (وباء كورونا، الموازنة العامة، العجز المالي، هيبة الدولة، الأداء الحكومي)، وهو أمر جيد وصائب يُحسب لصالح صاحب المنهاج.

· لم تكن الرسالة جريئة للنهاية في رؤيتها لنشوء الملفات المذكورة، عندما حَجبت، وبشكل مُتعمد على ما يبدو، الدوافع الإيديولوجية والسياسية والاقتصادية النفعية لسلوك الطبقة الحاكمة بعدم حفظ وحدة العراق وسلامة شعبه. عندما لا يجري تشخيص المشكلة بما فيه الكفاية من الدقة والاتساع والنزاهة، سيتعذر عندها إيجاد الحلول الصحيحة لمواجهتها.

· حينما أنتجت الطبقة الحاكمة بنفسها الملفات المذكورة، فمن الطبيعي أن تكون عاجزة أو غير راغبة في تحمّل مسؤولية مواجهتها، والمُكلف المُعتذر أحد رجالات هذه الطبقة (كما هو حال جميع المُكلفين الآخرين). وقد أعلن عن فشله مُسبقا، عندما خاطب مجلس النواب بأن منهاجه “يتطلب ظروفا مستقرة أو مثالية، مع توفر أجواء التفاهم السياسي والمجتمعي، وتفهّم المشكلات والتحديات التي تكتنف العمل الحكومي، ومؤازرة القوى السياسية”. حال المُكلف المُعتذر هنا، كحال “اللي يترجى من بارح … مطر!”، وبذلك ستكون مساعيه في تلك المواجهة عبثا سياسيا غير مسئولا، وغير مُنتجا لشيء نافع، وتذاكيا على الناس.

· العالم مشغول الآن بإجراء تجارب على فئران المختبرات الطبية لإيجاد لقاح فعال لفيروس كورونا، ومُكلفنا المُعتذر حاول، في منهاجه الوزاري، إيهامنا بانشغاله بإيجاد لقاح لمعالجة التبعات الكارثية لفيروسات الملفات المذكورة، ولكن “فئران!” تجاربه سيكونون أبناء وبنات الشعب العراقي. إذا كانت الطبقة الحاكمة هي المُنتجة لأوبئة الملفات المذكورة وغير المذكورة في الرسالة، فلماذا يُراد منا كشعب تصديق دعاوى أحد أبناءها بالتجريب على رؤوسنا مرة أخرى… وكما هو معلوم “المُجرب لا يُجرب”!

· لم تخبرنا رسالة المُكلف المُعتذر لماذا لم تتمكن طبقته الحاكمة وعلى مدى أكثر من عقد ونصف من تصويب ممارساتها السياسية التي أفضت إلى المساس الوجودي الحقيقي والخطير بوحدة العراق وسلامة شعبه؟ ولكن الرسالة، بالمقابل، “بشّرتنا” بأن تنفيذ المنهاج الوزاري مشروط بـــ “تنسيق الجهود وتعضيدها بين الجهات التنفيذية…”. أليست الجهات التنفيذية (يبدو أن المُكلف المُعتذر قد نسى وجود جهات تشريعية وقضائية ضمن جسد طبقته الحاكمة!) هي نفسها الأذرع الحاملة والحاضنة والحامية لطبقته السياسية، والمُنفّذة لممارساتها الضيقة والنفعية وغير المسئولة في التفريط بوحدة العراق وسلامة شعبه؟!

إذا أجرينا تقييما لجودة صياغة المنهاج الوزاري للمُكلف المُعتذر بمعايير “SMART”، وهي منظومة معايير لتقييم جودة صياغة الأهداف السياسية والاقتصادية وغيرها للحكومات والمنظمات والقادة والناس، فهذا الأمر يتطلب منه امتلاك رؤية سياسية إستراتيجية واضحة بما فيه الكفاية عن

مجموعة أهداف يرغب في تحقيقها، ولديه أجوبة قاطعة الدلالات المنهجية والمعرفية والمعلوماتية عن جميع الأسئلة الآتية: ما هو الشيء الذي يرغب بتحقيقه، ولماذا يرغب بتحقيقه، وكيف سيتمكن من تحقيقه، ومن سيساعده على تحقيقه، وأين سيعمل على تحقيقه، والإطار الزمني لتحقيقه:

1. معيار الهدف المُحدد Specific: باستثناء هدف مكافحة وباء كورونا (الهدف 1)، لم يوفق المُكلف المُعتذر بتحديد الشيء الذي يرغب بتحقيقه للوصول إلى تحقيق الأهداف الــ (15) المتبقية. على سبيل المثال، ما هو الضمان الذي سيقدمه المُكلف وفريقه الحكومي للشعب العراقي عن مدى حريتهم ونزاهتهم وشفافيتهم في “التحضير لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة…” (الهدف 3)؛ أو ما هو الشيء الذي سيقدمه المُكلف المُعتذر لقادة إقليم كردستان حتى يصل معهم إلى “… تفاهمات مشتركة تراعي تطبيق الدستور وتحترم الشراكة وتعزز الوحدة الوطنية” (الهدف 12). إذا كان رئيس مجلس الوزراء المُستقيل قد أعطاهم النفط وخُمس الموازنة الحكومية السنوية (وهي خاوية الآن!)، فماذا كان ينوي المُكلف المُعتذر إعطاءهم؟

2. معيار الهدف القابل للقياس Measurable: بمعنى قُدرة المُكلف بقيادة الدولة على قياس هدفه، أو أن هدفه يُمكن قياسه كميا أو نوعيا. لم يخبرنا المُكلف المُعتذر مثلا، بمقاييسه الخاصة لقياس أهداف: “الاهتمام بالقطاعين التربوي والتعليمي…” (الهدف 14)، أو “تمكين المرأة من أخذ دورها الفاعل والمؤثر…” (الهدف 15)، أو “حماية أمن المتظاهرين والناشطين السلميين والتأكيد على سلامتهم والاستجابة لمطالبهم المشروعة…” (الهدف 4)، أو “معالجة أزمة النازحين والمهجّرين…” (الهدف 7)، أو “زيادة كفاءة برنامج الرعاية الاجتماعية…” (الهدف 8).

3. معيار الهدف القابل للتحقيق Attainable: هناك أهداف مستحيلة التحقيق إما لتعارضها مع قوانين طبيعية، أو لتعارضها مع قوانين وقواعد ونُظم وأعراف وتقاليد سائدة. الكثير من أهداف المُكلف المُعتذر لا يمكن تحقيقها في الفترة القصيرة المخصصة دستوريا لحكومته لأسباب موضوعية قاهرة. على سبيل المثال، بسبب خواء الجهاز الإداري الحكومي، والمحاصصة السياسية والعرقية والطائفية والحزبية في إدارة مؤسسات الدولة، وتشظي ولاء القوى السياسية الفاعلة، لن يتسنى للمُكلف المُعتذر تحقيق هدفه في “تحسين أداء مؤسسات الدولة وإعادة هيكلة بعضها…” (الهدف 9)؛ ولن يتسنى له تحقيق هدفه في “التصدي بحزم للفساد المستشري في مختلف مؤسسات الدولة…” (الهدف 10)؛ ولن يجرؤ على “اعتماد سياسة خارجية قائمة على مبدأ العراق أولا…” (الهدف 11)؛ ولن يتمكن من “تطوير بيئة جاذبة لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية…” (الهدف 5)؛ وليس بمستطاعه “إعادة هيبة الدولة… وحصر السلاح بيد الدولة…” (الهدف 6).

4. معيار الأهمية الراهنة Relevant للهدف أو واقعيته Realistic: بمعنى اتسام أو عدم اتسام هدف أي مُكلف بقيادة الدولة بأهميته الراهنة أو واقعيته في نشاطه لقيادة المرحلة الانتقالية. لا تتسم غالبية أهداف المُكلف المُعتذر بأهميتها الراهنة أو واقعيتها، على سبيل المثال الأهداف (5، 6، 7، 9، 10، 11، 13، 14، 15). ربما يستطيع المُكلف المُعتذر “إلزام أعضاء الحكومة بتقديم برامجهم الوزارية… خلال… ثلاثين يوما…” (الهدف 16)، ولكن هذه البرامج لا تمتلك قوة سحر عصا النبي موسى لحل مشكلات البلاد الكثيرة والمعقدة! لقد أغفل المُكلف المُعتذر هدف المراجعة العاجلة للسياسة النفطية حتى يستطيع على الأقل “معالجة العجز المالي (في الموازنة العامة لسنة 2020) الناتج عن الهبوط الحاد في أسعار النفط…” (الهدف 2).

5. معيار الإطار الزمني للهدف Time-bound (Timely): معنى هذا أن يضع أي مُكلف بقيادة الدولة لنفسه وقتا يبدأ فيه العمل على تحقيق كل هدف على حدة، ووقتا ينهي فيه العمل على هذا الهدف، وبذلك لن تدخل في جدول أعماله في المرحلة الانتقالية لحكومته إلا الأعمال التي تستحق أن تكون فيه. لم يضع المُكلف المُعتذر لنفسه أُطرا زمنية مُحددة للعمل وإنهاء العمل على أهدافه المعلنة. لا تمتلك الأهداف (1، 4-15) أُطرا زمنية مُحددة لتحقيقها، إذ يمكن لها أن تتحقق بمديات زمنية أطول من المدى الزمني المُخصص دستوريا للحكومة الانتقالية وهو سنة واحدة، بينما الهدف (16) يمكن تحقيقه خلال شهر واحد من نيل الحكومة الانتقالية ثقة مجلس النواب، والهدفين (2، 3) يمكن تحقيقهما في المدى الزمني الدستوري لهذه الحكومة.

فضلا عن ذلك، سنحاول مقاربة جودة صناعة منهاج المُكلف المُعتذر ليس بكونه مجموعة أهداف مُبعثرة وغير مترابطة بنيويا فيما بينها، وإنما بافتراضنا كوّن المنهاج نفسه بمثابة مُنتج جاهز وكامل في صورة “خطة متكاملة الأركان!”، باستخدام منظومة المعايير الأربعة المُعاصرة لتقييم جودة إعداد الخطط السياسية والاقتصادية الإستراتيجية والكبيرة والشاملة لقيادة الدولة:

1. معايير المدخلات Inputs Standards: وبما أن الخطة مُنتج (حالها في ذلك كحال منتجات صناعة الخبز أو مَرّكَة البامية أو استخراج برميل نفط مثلا)، فهي بحاجة لمدخلات صناعتها من موارد مختلفة وقدرات مهنية وأنظمة تكنولوجية وضوابط قانونية…الخ. لا تتوفر خطة المُكلف المُعتذر على أي نوع من أنواع المدخلات لصناعتها. على سبيل المثال، لم نرصد إعلانه عن أية مبادرات تشريعية في صياغته لخطته، ولم نرصد أية مصادر مالية رصينة لتمويلها، ولم نعرف المؤسسات الدستورية والتنظيمية المُنَفّذة لها. ربما يمتلك المُكلف المُعتذر نوايا طيبة في منهاجه الوزاري، ولكن إنتاج المنتجات الجيدة لا يتم بالنوايا الطيبة وحدها!

2. معايير العمليات Process Standards: من أجل حل مسألة رياضية مثلا، يتطلب الأمر إجراء عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة وغيرها بمستويات مختلفة من البساطة والتعقيد. والأمر نفسه عند التعامل مع عناصر مدخلات الخطة: فهي تحتاج لعمليات المزج والتحويل والضبط والانتظام والمراقبة والتحفيز والدافعية والمساءلة وغيرها. لا تتوفر خطة المُكلف المُعتذر على أي نوع من أنواع العمليات لصناعتها. على سبيل المثال، لم تخبرنا خطته عن نوع العمليات التي سيقوم بها لتأمين أمن المتظاهرين: هل سيقف معهم في ساحة التحرير عاري الصدر لحمايتهم من بطش المُندسين، أم سيلجأ للقبض فورا على هؤلاء المندسين وإيداعهم السجون! لا ندري.

3. معايير المخرجات Outputs Standards: هي النتائج المتوقعة من استخدام العمليات في معالجة المدخلات، وأن جودتها تتوقف على جودة المدخلات وجودة عمليات معالجتها. لا يُمكن توقع الحصول على مخرجات ذات جودة عالية من تنفيذ خطة المُكلف المُعتذر، إذا كانت مدخلاتها وعملياتها لا تتصف بمواصفات الجودة المطلوبة، مصداقا للقول المأثور إذا كانت المُقدمات باطلة فستكون النتائج باطلة حتما. على سبيل المثال، عندما تكون مدخلات وعمليات التحضير لإجراء الانتخابات المُبكرة معبأة بالفساد وغياب سيادة القانون وضعف أداء الأجهزة الحكومية المختصة، سنحصل عندها على مخرجات عملية انتخابية تفتقر لمواصفات قيّم الحرية والشفافية والنزاهة والعدالة والإنصاف والأمن، التي أعلن عنها منهاج المُكلف المُعتذر.

4. معايير القيمة المُضافة Surplus Value Standards: هي الفروق الكمية والنوعية بين قيمة المدخلات وقيمة المخرجات، أو هي الميزة الإضافية التي تتجاوز التوقعات وتوفر شيئا إضافيا. ومن أجل الحصول على قيمة مُضافة، يجب تقليل مخاطر العمليات، وضمان سرعة انجازها، وزيادة قدرتها على إنتاج المزيد بموارد مدخلات أقل. ومن المنطقي تماما، عدم توقع إنتاج قيمة مُضافة من خطة المُكلف المُعتذر (مثلا تعزيز الهوية الوطنية الواحدة، أو ضمان استقرار تمويل الموازنة العامة)، إذا كانت مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها لا تراعي الالتزام بمتطلبات معايير الجودة، وغير كافية العناصر والإجراءات التنفيذية، ومتناقضة هيكليا ومفاهيميا، ومُنتجة للمشكلات والمخاطر الكثيرة والحادة وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي.

د. جواد الكعبي

[email protected]

21/4/2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here