بين خلود طه باقر وكلكامش قبرا مهدوم !

الصحفيباقر مهدي 

لعل أبشع ما أن يحدث هو أن لا ينال المرء منزلة بحجم عطائه,
استوقفتني صورة لقبر عالم الآثار الكبير الأستاذ الدكتور الراحل  طه باقر, صاحب أعظم الانجازات التاريخية في العصر الحديث, فمن يود ان يكتب بحث تاريخي, أو يريد إصدار مؤلف تاريخي فلا يستطيع التحرك والخوض في كتابة ما يريد, دون المرور بالمحطة الأولى ذات الرصيد العلمي والعالمي من مؤلفات الدكتور طه باقر, ”ملحمة كلكامش, هذه الملحمة الخالدة التي وصلتنا وسمعنا بها منذ ألاف السنين, وكنا نحترق من الفضول فقط من اجل معرفة ما جرى من إحداث في ذلك الزمان, وكيف بحث كلكامش عن عشبة الخلود, حتى اجتهد أستاذنا الراحل بترجمة ونقل هذه الملحمة الخالدة للأجيال لمعرفة كيف يخلد المرء.
وماذا عسنا نتحدث عن موسوعة تاريخ الحضارات القديمة بجزئيه, وهو من أهم المحطات العلمية في تاريخ طه باقر. حيث صدر الكتاب بمجلدين عام 1951 وقد أختص الجزء الأول منه بتاريخ العراق وحضارته منذ أقدم العصور الحجرية حتى أواخر أيام الدولة البابلية الحديثة عام 536 ق. م. فيما يتعلق الجزء الثاني بحضارة وتاريخ وادي النيل وجزيرة العرب وبلاد الشام. ويعد الكتاب بمجلديه من أهم المصادر العالمية التي كتبت في الموضوع ولم ينافسهُ أي كتاب آخر في هذا المجال حتى الآن وقد أعيد طبعه أكثر من عشر مرات وما يزال مطلوباً من القراء والمختصين حتى الآن وهو يدرس ككتاب مقرر في أغلب مناهج التدريس في الجامعات العربية وبعض مناهج الجامعات العالمية ويشكل مرجعا لا غنى عنه للقارئ العام والمختص وطلبة الدراسات العليا وأساتذة التاريخ والآثار.
الحديث عن هذه القامة العراقية العظيمة لا يسعه سطور بسيطة من كاتب صغير وقارئ وعاشق لمؤلفات العلماء والباحثين التاريخين, ولكن في القلب غصة وحسرة كبيرة لما ألت أليه المجتمعات في عدم استذكارها لعلمائها, فأمثال طه باقر, وعلي الوردي, وابراهيم خليل العلاف, وبشير يوسف فرنسيس والقائمة الطويلة من الشخصيات العراقية العظيمة, التي لها فضل كبير على البشرية, فيجب ان تخلد هذه الشخصيات وان تصبح قبورهم منارات يستضاء بها لمن أراد السير في طريق المعرفة والتفكير.
لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر (كونفوشيوس)

Image previewImage preview

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here