كأنه زواج بلا حب أوله انبهار آخره انخذال : قصة قصيرة

بقلم مهدي قاسم

التقيا بعد فترة طويلة من الغياب

فسأل الأول الثاني بود و حماس

ـــ أين أنت أيها الرجل ؟.. ما هذا الغياب الطويل ؟ .. ما لي لا أراك على الفيس اطلاقا ؟

فرد الثاني بنبرة ودية مماثلة :

ــ ها أنذا موجود حيث امضي حياتي  الروتينية المعتادة بين العمل و العائلة ..

فرد الأول :

ــ أعرف ولكن اقصد لستَ موجودا في شبكة الفيس

فسأل الثاني بدوره :

ــ وهل أنت موجود إذن ؟

ــ طبعا ومنذ أكثر من شهر .. فعلا إنه عالم مذهل و مدهش يا صاحبي !..

ــ مشاعرك هذه معروفة عندي !.. فأنا أيضا غمرني نفس هذا الشعور قبل عشر سنوات عندما أسستُ حسابي : فقد كنتُ منذهلا و منتشيا بهذا العالم الوهمي و الجذاب ولكن ….

قاطعه الآخر بنفاد صبر :

ــ ولكن ماذا ؟..

ــ ولكنني اكتشفت ، شيئا فشيئا اكتشفت ، وكأنني أطارد سرابا جميلا و خادعا في دهاليز المتاهة فانتكست مشاعري هذه لتحل محلها مشاعر إحباط ،  حقيقة أنه …..

ــ أنه باختصار يشبه..

قاطعه مرة أخرى بانفعال  و حماس أكثر ؟

ــ ولكنه ماذا يشبه ؟

ــ أنه باختصار يشبه زواجا بلا حب .. أوله انبهار و آخره انخذال !..

ــ لا أفهم بالمرة ..

ـــ يعتقد المرء في البداية أنه يستطيع أن يصبح أي شيء : حكيما بليغا .. نجما أدبيا أو فنيا أو اجتماعيا أم سياسيا ولكنه يكتشف  في النهاية أنه واحد من الملايين الآخرين الذين في البداية يعتقدون نفس الشيء يعني بلا أي تمييز أو انفراد حتى يخفت عنده الحماس و يخمد ، شيئا فشيئا ، لينتهي الأمر عنده إلى يجد نفسه ذاته يوم يفكر بمغادرته نهائيا لأنه أخذ من وقته الشيء الكثير دون أن يحقق ذاته أو يعطيه أي غذاء روحي الذي كان يحصل عليه من  خلال قراءة الكتب أو ارتياد صالات السينما والمسارح ..

يعني مثلما أسلفتُ قبل قليل : إنه مثل زواج بلا حب

 أوله انبهار و آخره انخذال  ! .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here