الحرب في اليمن جريمة ضد الإنسانية والإسلام

تتجاوز الحرب بالوكالة التي تشنها المملكة العربية السعودية وإيران في اليمن على مدى السنوات الخمس الماضية قدرة الإستيعاب البشرية من قسوة شديدة ووحشية، فهي ضد روح ونص القرآن. ومن المفارقات أنه في حين أن لدى المملكة العربية السعودية أسبابًا كثيرة لإنهاء الحرب مما دفعها أن تتخذ قراراً بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، فإن حظر الإسلام لقتل الأبرياء لم يعتبر أبدًا سببًا لوقف القتال. لقد استمر السعوديون في خوض حرب لا ترحم ضد الحوثيين المدعومين من إيران وهذه الحرب تركت اليمن في حالة خراب بينما ألحقت ألما ً ومعاناة لا يسبر غورها لملايين من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تقود العالم الإسلامي السني فإن النزول إلى هذا المستوى من الوحشية هو انتهاك صارخ للإسلام ويشكل جرائم ضد الإنسانية.

تسببت الحرب في اليمن حتى الآن في مقتل أكثر من 100.000 شخص. ومن أصل عدد السكان البالغ 30 مليون نسمة، هناك 20 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء والأدوية وإمدادات مستمرة من مياه الشرب النظيفة بسبب قصف التحالف الذي يزيد عن 6000 غارة جوية استهدفت البنية التحتية المدنية. ويعاني أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد ؛ نصفهم مصابون بالكوليرا وسيموت الكثيرون منهم حيث توجد فرصة ضئيلة أو معدومة لتلقي العلاج الطبي.

والسؤال هو لماذا يتعيّن على بلد متدين للغاية ويفخر بكونه مسقط رأس الإسلام حيث الشريعة هي قانون البلد وهي الدولة التي تولت الدور القيادي للمسلمين السنة في جميع أنحاء العالم أن ينتظر خمس سنوات لإعلان وقف إطلاق النار في محاولة لإنهاء أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

للأسف ، من الواضح أن السعوديين أكثر اهتمامًا بكل شيء باستثناء تعاليم القرآن. وهذا يشمل: أ) القدرات العسكرية المحدودة للمملكة العربية السعودية ؛ ب) الضغوط الهائلة التي تضعها الحرب على الإقتصاد. ج) النقص المتزايد في الموارد المالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، الأمر الذي يمنع تنويع الإقتصاد ؛ د) التقدم الكبير الذي حققه الحوثيون في المحافظات الرئيسية في وسط اليمن ؛ هـ) اللوم الدولي المتزايد على السعوديين. وأخيرًا ، و) إدراك أن الحرب لا يمكن كسبها وأن تأمين الحدود وإبعاد الحوثيين عن إيران كان لها الأولوية. لم تكن تعاليم الإسلام والإلتزامات الأخلاقية ببساطة جزءًا من المعادلة.

وتحذرنا الآية 93 من سورة النساء قول الله تعالى: ” ومن يقتل مؤمناً متعمّدا ً فجزاؤه جهنم خالدا ً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابا ً عظيما ً”. فتجاهل عقيدة أساسية للقرآن ليس مجرد تجديف بل هو تحدٍ صارخ للدين نفسه وهو ما انتهكه السعوديون بشكل صارخ واستخدموه كأداة لتغطية جرائمهم ضد الإنسانية.

وبدلاً من أخذ زمام المبادرة والتخفيف من جميع الحروب الأهلية في الدول ذات الأغلبية المسلمة (بما في ذلك أفغانستان وتركيا والصومال والسودان وباكستان وسوريا وليبيا واليمن (التي تمثل 61 ٪ من جميع الحروب الأهلية الجارية حاليًا على مستوى العالم) ووقف قتل المسلمين على أيدي المسلمين ، كانت المملكة العربية السعودية تقود الغزو. لقد شنت بإصرار وبلا رحمة حرباً لا ترحم بالاشتراك مع الولايات المتحدة وبريطانيا ، اللتين توفران على وجه الخصوص آلات القتل التي تسمح للسعوديين بذبح عشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين.

وعلاوة على ذلك ، وبدلاً من تسهيل إيصال الغذاء والدواء إلى العديد من اليمنيين المحاصرين الذين هم على وشك الموت من الجوع والمرض، انتهك السعوديون تعليمات قرآنية أخرى لمساعدة المحتاجين (سورة 9: 60 ، “… الفقراء والمحتاجين “). وتنصّ سورة 41، الآية 7 على “اللذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون “.

سجلت اليمن التي تواجه بالفعل أسوأ كارثة إنسانية في العالم الآن أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا. وتقول منظمة “إنقذوا الأطفال” إن البلاد لا تمتلك سوى 700 سرير لوحدة العناية المركزة ، بما في ذلك 60 سريرًا للأطفال و 500 جهاز تنفّس فقط لعدد سكان يبلغ 30 مليونًا. ومن المؤكد أنه بعد خمس سنوات من الحرب المدمرة لن تكون البلاد قادرة على التأقلم أو السيطرة إذا انتشر الفيروس. ستكون النتيجة بالتأكيد كارثية.

وبالنسبة للسعوديين كانت جائحة فايروس كورونا نعمة مقنّعة لأنه أعطى الحكومة ذريعة لإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد وخلق حالة حيث يمكن لجميع أطراف النزاع ، بما في ذلك الحوثيين ، الذين طوروا خطة سلام خاصة بهم ، أن يوافقوا على وقف إطلاق النار دون فقدان ماء وجههم. انزعج السعوديون بشدة من الإنتشار المحتمل للفيروس في اليمن حيث يشتركون معه في حدود طولها 1100 ميل. يعيش ملايين اليمنيين في مناطق مزدحمة وغير صحية ويمكن أن تصيب بالفيروس مئات الآلاف في المملكة العربية السعودية – وقد غمرها بالفعل الفيروس. ولذا أصبح البحث عن اتفاق سلام مع الحوثيين الخيار الوحيد القابل للتطبيق لتفادي الأرواح واستنزاف الموارد السعودية.

والآن وبعد أن قررت المملكة وقف إطلاق النار يجب ألا يتوقف شيء عن إنهاء الحرب بشكل دائم. أولاً ، يجب عليها تمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد الأسبوعين اللذين عرضتهما في البداية ، ثم التفاوض مع الحوثيين بجدية للتوصل إلى اتفاق سلام ترضى به جميع أطراف النزاع ، بما في ذلك إيران (التي تتوق أيضًا إلى خفض خسائرها).

لقد حان الوقت للمملكة العربية السعودية ، وهي راعية الإسلام السني ، أن تتوقف عن السخرية من دين الدولة الذي في جوهره الإنسانية والتعاطف والإهتمام بالغير والتمسك بالقيم الأخلاقية التي هي المبادئ الأساسية للإسلام.
ألون بن مئيـــــــــــــــــــر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here