العراقية والعنف الأسري

منذ ان حل علينا عام 2020 والمصائب توالت على هذا الكوكب واحدةٍ تلو الاخرى لينتهي بنا المطاف محجورون في المنازل خوفاً من فايروسٍ فتاك ألزم العالم اجمع منازلهم واصبح الجهاد في سبيل العيش هو البقاء في المنزل لتمتلأ مواقع التواصل الاجتماعي وتتعالى مناشدات الحكومات في مختلف الدول في “خليك بالبيت” لكن خليك بالبيت كانت تبعاتها مختلفة على العراقيات اللواتي لطالما كان لهن العبأ الاكبر من المصائب المختلفة التي مرت على العراق. فبعد تقريبا شهر من الحجر المنزلي ومنذ ان حل شهر نيسان أخذت مواقع التواصل الاجتماعي تصدح بقضايا النساء المعنفات.

أختلفت فحوى القصص ما بين استعلال كوفيد 19 لأذلال النساء مثل منع الفتاة من الحجر الصحي في المستشفى بحجة الشرف وطرد الزوجة بعد شفائها من المرض بحجة الخوف من العدوى الى قصص انتحار أختارت بطلاتها أنهاء حياتهن خلاصاً من واقع أليم لم يجدن العون في تغييره لا من عائلة تسمح ولا مجتمع يرحم ولا من حكومة تحمي فأبرزها كانت ملاك حيدر الزبيدي التي تناقلت قصتها العديد من القنوات الاعلامية فاصبحت قضية رأي عام قسمت فيه المجتمع الى جزئين , الاول اعتبرها أملاً لصحوة الضمير فرُفعت الهاشتكات في مواقع التواصل الاجتماعي منددة بالدوافع التي اجبرتها على حرق نفسها خلاصا من عنف زوجها فأصبحت ملاك رمزاً لألاف النساء اللواتي لم يحالفهن الحظ لتكون قصصهن مسموعة واسأساً لاعادة المطالب بتشريع قانون يحمي النساء من العنف الأسري. هذا القانون الذي مر تقريبا عقدٍ على اعداد مشروعه والذي عُدل في مراحل متتابعة ليرضي الطبقة الحاكمة التي كانت حججها لرفضه مرتبطة بخرقه لتعاليم الدين الاسلامي والشريعة. فأي دين يسمح بالعنف! أما الجزء الاخر من المجتمع هو الجزء الذي أخذ يتذمر من اعادة نشر قصة ملاك معللين ذلك كونها مشاكل عائلية مبررين ما يفعله الرجال بالاسباب الخفية وراء العنف الذي تتعرض له النساء وفي كثير من الاحيان يكون القصد منها هو اساءة المرأة لشرفها وشرف

زوجها مبررين بذلك احقيته بتعنيفها وقتلها فنحن نعيش في دولة لا تعاقب من يقتل بحجة الشرف وأن اكثر ما يؤلم ان هذه الاتهامات لم تأتي فقط من الرجال المدافعين عن أفكار مجتمعهم الذكوري وأنما اكثرها من النساء التي من الممكن ان تكون الضحية المقبلة للعنف المنزلي .

فمتى سنقف نحن النساء يدأً واحدة تاركين اختلافتنا الطائفية, الدينية, العرقية, والطبقية بوجه المجتمع الذكوري الذي يسمح لنفسه بمعاقبة الضحية قبل المذنب وللضغط على المشرعين الذين كنا جزءً في ايصالهم الى السلطة من أجل تشريع قانون ضد العنف الأسري يحمي كل أمرأة وفتاة عراقية ؟.

رند لؤي عبد الهادي

Rand Abdalhudee

23 April 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here