أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ.. السَّنةُ السَّابِعَةُ

(١)
نـــــــــــــــزار حيدر
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}.
التَّمكينُ لُغةً هو إِسمٌ، والمصدرُ مكَنَ تمكينًا فهو مُمَكِّن، والمفعُولُ مُمكَّن.
ومكَّنَ لهُ في الشَّيء؛ جعلَ لهُ عليهِ سُلطانًا وقُدرةً، ومَكَّنَ فُلانًا من الشَّيءِ؛ أَمكنهُ منهُ، ومكُنَ يمكُنُ مكانةً فهوَ مَكِينٌ والجمعُ مُكَنَاءُ، كما في قولهِ تعالى {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} أَي صاحبُ مكانةً ومنزلةً.
وقولهُم؛ مكُنَ الرَّجلُ عند النَّاسِ؛ صَارَ ذَا مَنْزِلَةٍ وَرِفْعَةٍ وشَأْنٍ.
ومَكُنَ البِنَاءُ؛ صَارَ قَوِيّاً.
وقولُنا؛ سَعى إِلَى تَمْكِينِهِ مِنَ النَّجَاحِ؛ جَعْلُهُ مُتَمَكِّناً مِنَ النَّجَاحِ.
وتمكينُ المُستأجرِ من العَينِ المُؤَجَّرة؛ (في المَفهُومِ القانُوني) تخويلهُ السُّلطة عليها إِمَّا بالإِقامةِ فيها أَو باستغلالِها.
ولقد وردت الكلمةُ في القرآنِ الكريمِ بمُختلفِ هذهِ المعاني [١١] مرَّة، وعلى خَمسة مُستويات؛
تارةً خُصَّ بها فردٌ كقولهِ تعالى {وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
وتارةً خصَّ بها أَمَّةٌ أَو جماعةٌ من النَّاسِ كقولهِ تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ}.
وتارةً شيءٌ كقولهِ تعالى {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} و [القرار] مصدر أُريدَ بهِ المقر مبالغةً، والمُرادُ بهِ الرَّحم التي تستقر فيها النُّطفة، والمكينُ المُتمكِّن، وُصفت بها الرَّحم لتمكُّنها في حفظ النُّطفةِ من الضَّيعةِ أَو الفسادِ، أَو لكَونِ النُّطفةِ مُستقِرَّة مُتمكِّنة فيها.
وتارةً التَّمكينُ من شيءٍ ماديٍّ كقولهِ تعالى {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}.
وتارةً يكونُ التَّمكينُ لشيءٍ ومِن شيءٍ معنوِيٍّ (روحيٍّ) كقولهِ تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أَو كقولهِ تعالى {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
والتَّمكينُ تارةً للإِنسانِ كإِنسانٍ بغضِّ النَّظرِ عن إِيمانهِ، وهو التَّمكينُ العام كقولهِ تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} وتارةً للإِنسانِ بصفةِ دينهِ وإِيمانهِ وهو التَّمكينُ الخاص كما في قولهِ تعالى {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
في شهرِ الله الفضيل {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ} سنطرقُ في كُلِّ ليلةٍ بابَ آيةٍ أَو آياتٍ من كتابِ الله الحكيم، لنستكشِفَ أَسباب وأَدوات وعوامِل التَّمكين لننهضَ بواقعِنا أَو بعضهِ.
٢٤ نيسان ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
‏E_mail: [email protected]
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Twitter: @NazarHaidar2
‏Skype: nazarhaidar1
‏WhatsApp, Telegram & Viber : + 1(804) 837-3920
*التلِغرام؛
‏https://t.me/NHIRAQ
*الواتس آب
‏https://chat.whatsapp.com/KtL7ZL3dfhi8dsTKUKjHOz

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here