الطَّوَاف حَوْل الْبُيُوت الْمَكْسُورَة . . . .!

د .نيرمين ماجد البورنو

عمل الخير من أفضل الأعمال التي يقوم بها الانسان في حياته ومن أهم مقومات المجتمع وأحبها الى الله سبحانه وتعالى لكي نفوز برضاه والجنة وعمل الخير معروف في كل الكتب السماوية التي أنزلها الله على الإنسان, وهو مصطلح واسع فضفاض له أوجه عديدة لا تعلم ما هو الأعظم عند الله فلا تحقر من المعروف شيئا واحتسب أعمالك لله من حسن خلق وخدمة للناس, وهو يشمل فعل الخير بملايين التصرفات وأقلها الكلمة الطيبة والتي يمكن أن يقوم بها الانسان لأنها تضفي نوع مميز من صفاء القلوب ويجعل الحب والوئام يسود في المجتمع ويزيل البغضاء بين الناس ويضفي للحياة رونق خاص ويجعل شكل الحياة أفضل.

فعل الخير والعطاء وطيبة الإنسان في التعامل مع الآخرين دون مقابل سواء من خلال ابتسامة أو مساعدة بسيطة أو مد يد العون لمن يحتاج مساعدة طيبة هو أقرب لنفس الإنسان وقد تكون سببا للسلامة

النفسية والبدنية بل ويمكن أن تطيل العمر, ولقد كشفت الكثير من الدراسات أن فعل الخير يغمر نفس الفاعل بالسعادة والرضا بنفس القدر الذي يسر متلقي الفعل, وان فعل الخير يبدأ لدى بعض الناس منذ نعومة أظافرهم المبكرة إذ يمكن لرضيع يتعلم المشي وهو ما يزال في شهره الرابع عشر من العمر أن يساعد شخصا بالغا يحاول فتح باب ما ويده مشغولة, وهذا يعني أنّ أفعال الخير في الغالب أقرب إلى فطرة النفس البشرية، لذا تخلق هذه الأفعال في أنفسنا شعورا بالرضا.

إن مشاغل الحياة ومشاكلها وظروفها وأحوالها وأزماتها خاصة في ظل أزمة كورونا تقتضي أن يتعاون الناس مع بعضهم وأن ينفع بعضهم بعضاً وأن يبذل المعروف من يقدر عليه دون أن يطلب أحد منه ذلك ولا ينتظر من الآخرين أن يكافئوه أو يشكروه فالإنسان العظيم لا ينتظر جزاءه ممن حوله بل غايته أسمى وهدفه أكبر من ذلك ويكفيه ثواب الله ورضــاه, لان أبوب المعروف واسعة وأعمالها لا تكاد تنحصر في أعمال محددة فالكلمة الطيبة معروف وتقديم النفع معروف والنصيحة معروف يطيب الخاطر ويدخل السرور وتقديم المصلحة العامة على الخاصة معروف وكف الأذى عن الناس ومساعدة الآخرين والعفو والتسامح ولين الجانب معروف وسداد الدين وإطعام الطعام معروف وبشاشة الروح والنفس تجاه الآخرين معروف وكف آذى اللسان والهمز واللمز معروف فلنحرص على بذل المعروف وتقديم النفع من خلال أبوابه العديدة المتنوعة لأنه من خلال اداء كل هذا المعروف ستطيب النفوس وستترابط الأواصر والروابط بين الأفراد ويعم الحب والسلام الذهني والنفسي وسيزول الظلم وسيحل العدل والرحمة فكن أنت صاحب معروف.

عمل الخير لا يقتصر على شهر رمضان المبارك بل الأولى أن تكون الحياة كلها أبوابا مفتوحه على مصراعيه للخير والبذل والعطاء والتسامح ولين القلب, ويظل فعل الخير بشكل مكثف لمضاعفة الأجر فيه، في حين يخف بريق هذه الأعمال بقية العام، إلى درجة يصل فيها إلى إجراء بحث مطول من قبل أصحاب المبادرات الخيرية عن متبرعين ومتصدقين يغطون احتياجات الأيتام والفقراء طيلة العام, وأكثر ما يثير الدهشة والاستغراب هذه الأيام أثناء تصفحي للعالم الأزرق هو أن تجد كثير من الناس يعبرون عن بالغ حزنهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب عدم أدائهم العمرة والحج هذه السنه بسبب جائحة كورونا والتي عصفت بالبلاد فمنعت الكثير من الناس من السفر وأداء مناسك الحج, لكن الحل بسيط ويهون عليكم الكرب والشعور بالحزن الكبير, فليكن طوافكم هذا العام حول البيوت المكسورة في محيطكم وأحيائكم وأهاليكم المحتاجين المتعففين عن السؤال سواء أكانت أرملة أو مطلقة أو انسان عاطل عن العمل أو دار أيتام لان الأجر سيحل عليكم مضاعف والخير هنا لا يقتصر على الانفاق المادي بل أيضا الدعم المعنوي .

طوبى لمن كان للخير مفتاحا, اذن فعل الخير هو غريزة في النفس الإنسانية الطبيعية وهو أمرٌ أمرنا الله به وأشكاله متعددة, الخير لغة التعانق هي القيم والمبادئ التي يتربى عليها الإنسان كالعدل والحرية والمساواة, لذا كن كالمطر أينما وقع نفع, لان الخير لا حدود له فهو لكل الناس بكافة أطيافهم وأشكالهم وألوانهم, ولان بذور الخير فوق أي أرض وتحت أي سماء ومع أي أحد, فأنت لا تعلم أين تجده ومتى تجده؟! فقد تجد جزاءه في الدنيا أو يكون لك ذخرا في الآخرة, فلا تسرق فرحة أحد ولا تقهر قلب أحد, أعمارنا قصيرة والبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها, وازرع الخير

لكل أحد لا تقل فلان يستحق و فلان لا يستحق أنت افعل الخير و ابذل واجبك و ادي ما عليك و دع الخلق للخالق, فالأمانة أن تعين كل محتاج و أن تنقذ كل مستصرخ ولو كنت تبغضه , فإن لم تستطع فعل الخير، فأمسك نفسك عن الشر, وابذر بذور السلام وازرع هنا وهناك واحصد حتى وإن لم تظللكم شجرته، فيكفى أنها ستظلل أولادكم وأحفادكم وأعمالكم وأرواحكم وقلوبكم, ويكفي أن متعة الحياة تمتزج بطلعة الشمس البهية على الأرض الزكية ونور الصباح ينسينا عتمة الظلام, وكما يقول الشاعر: أزرع جميلا ولوفي غير موضعه… ما خاب جميلا اينما زرعا…ان الجميل وان طال الزمان به…فلا يحصده الا الذي زرعا, فلنكن في الخير مثل غيث أتي غيث كالغيث أينما حل وارتحل نفع, فجال البلاد وألتقي عبادا ضاقت بهم الأرض فغمرهم سعادة وغير مسير حياتهم وكسب حبهم وفتح قلوبا وعقولا وجيوبا للخير, فالرسالة هي ايصال الخير وليس من هو فاعل الخير!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here