للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من أكثر قراءة والشمس والليل والضحى وألم نشرح في يوم أو ليلة لم يبق شيء بحضرته إلا شهد له يوم القيامة حتى شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه وجميع ما اقلت الارض منه ويقول الرب تبارك وتعالى قبلت شهادتكم لعبدي واجزتها له انطلقوا به إلى جناتي حتى يتخير منها حيث ما أحب فأعطوه من غير من ولكن رحمة مني وفضلا وهنيئا لعبدي .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا{1}
تستهل السورة الشريفة بقسمين :
1- ( وَالشَّمْسِ ) : بيانا لبديع خلقها وعظيم شأنها .
2- ( وَضُحَاهَا ) : نهارها , امتداد ضوئها وانبساطه .
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا{2}
يستمر القسم في الآية الكريمة ( وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ) , تبعها بعد غروبها , مستمدا ضيائها منها .
وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا{3}
يستمر القسم في الآية الكريمة ( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ) , عند انبساطه , كاشفا الظلمة .
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا{4}
يستمر القسم في الآية الكريمة ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ) , يغطي الارض ويظلم الافاق .
وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا{5}
تضمنت الآية الكريمة قسمين :
1- ( وَالسَّمَاء ) : قسمه جل وعلا بالسماء بيانا لبديع خلقه وعظمة شأنها .
2- ( وَمَا بَنَاهَا ) : يقسم الباري جل وعلا بنفسه , فهو الذي بناها بناءً محكماً , بينما يرى مفسرون اخرون , انها قسم ببنائها المحكم .
وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا{6}
تضمنت الآية الكريمة قسمين اخرين :
1- ( وَالْأَرْضِ ) : بيانا لبديع الخلقة وعظم الشأن .
2- ( وَمَا طَحَاهَا ) : يقسم الباري جل وعلا بنفسه , فهو الصانع الذي دحى الارض وبسطها .
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7}
تضمنت الآية الكريمة قسمين اخرين :
1- ( وَنَفْسٍ ) : بيانا لخطرها , ودقة تأثيرها .
2- ( وَمَا سَوَّاهَا ) : يقسم الباري جل وعلا بنفسه , فهو جل وعلا الذي خلق النفوس وقدر صورها .
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8}
تضيف الآية الكريمة ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) , بيّن وعرف لها طريق الخير والشر , ما يجب ان تأخذ به وما يجب ان تتركه .
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9}
تستمر الآية الكريمة ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ) , كتب الفلاح لمن طهر نفسه من الذنوب وعوالق الدنيا .
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) , وكتبت الخيبة والخسران لمن غشاها بالذنوب , واضلها وغمرها واغواها بعوالق الدنيا .
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا{11}
تضيف الآية الكريمة ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ) , طغيان ثمود حملهم على تكذيب نبيهم صالح “ع” .
إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا{12}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ) , اذ اسرع اشقاهم , وهو قيدار او قدار بن سالف عاقر الناقة .
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا{13}
تروي الآية الكريمة ما خاطبهم به نبيهم صالح “ع” ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ) , صالح “ع” , ( نَاقَةَ اللَّهِ ) , ذروها , اتركوها , محذرا اياهم من عقرها , ( وَسُقْيَاهَا ) , ولا تمنعوها من شرب الماء في يومها , وقد كان الماء مقسما الى يومين , يوم تسقي به الناقة , ويوما للقوم .
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا{14}
تستمر الآية الكريمة مبينة :
1- ( فَكَذَّبُوهُ ) : كذبوا رسولهم صالح “ع” وتحذيره لهم من نزول العذاب عليهم فيما لو عقروها .
2- ( فَعَقَرُوهَا ) : الناقة , غير مكترثين لتحذيراته “ع” .
3- ( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ ) : فأطبق عليهم ربهم بالعذاب , بسبب ذنبهم .
4- ( فَسَوَّاهَا ) : أي الدمدمة “العذاب” , فلم يفلت احدا منهم , لا صغيرا ولا كبيرا .
وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا{15}
تضيف الآية الكريمة خاتمة ( وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ) , يختلف المفسرون في الآية الكريمة , فمنهم من يرى :
1- (ولا) بالواو والفاء (يخاف) تعالى (عقباها) تبعتها , ذلك رأي السيوطي في تفسيره الجلالين , يسايره كثير من المفسرين الاخرين , يرفض هذا الرأي جملة غفيرة من المفسرين , وذلك لأنه نسب الخوف لله جل وعلا .
2- جملة اخرى من المفسرين يرون ان تبعات او عاقبة الدمدمة “العذاب” لا تخافها ولا تعبأ بشأنها الامم الكافرة الاخرى , التي بلغتها الاخبار عما جرى لثمود بسبب كفرهم وعقرهم الناقة , تعديا على حدود الله تعالى ذكره ومجده .
حيدر الحدراوي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط