لماذا ومتى نصلّي ؟

الصلاة هي الخيط غير المرئي بين الله والإنسان أو حلقة ربط و الجسر

الواصل بين الأرض والسماء ، وهي لغة الملائكة والقديسين ومفتاح الحديث

مع الله ، لذلك نصلّي بثقة وبعين الإيمان للذي لا نراه ونتخيله قريباً منا ونشعر

بأن الله هو خير صديق وأب حنون ، لذلك نفتح قلوبنا ومشاعرنا بثقة

وحرارة ، ونعني كل كلمة نقولها في حضرته ونؤمن بأن كل طلباتنا وحاجاتنا

ستكون مستجابة ، بشرط غفراننا للآخرين زلاتهم ،فكيف يستجيب الله لنا

ونحن غير مسامحين إخوتنا ؟ والصلاة هي مشاعر وخشوع الجسد والروح

فيحدث عزاءً للنفس وسلاماً للفكر ، وأن يكون الشكر والإعتراف والعمق

والتسبيح حاضراً . وهناك صلوات محفوظة تعيننا على أن نصلي صلاتنا

الخاصة مع الله أبينا ، فنفرغ ما بداخلنا من كبت والم ونضعها أمام الله الذي

يحبنا ،فيكون التسليم لمشيئته وحكمته وغذاءً روحياً لنا في الوقت نفسه .

وعلينا أن نصلًي دون ملل في كلّ حين ، وأن يكون أول شخص نكلمه

صباحاً هو الله شاكرين له سلامة نهوضنا من النوم ، ويمكننا الصلاة أثناء

النهار ولو صلاة قصيرة ، وحتى أثناء العمل وخاصة الإعمال اليدوية ،

وفي بدء العمل، وبذلك تبعدنا الصلاة من الشرور ، وتجعلنا نحب الآخرين

عندما نسامح أخوتنا ونطلب الخير لهم أثناء الصلاة ، فننقي ذواتنا من الأدران

والأفكار الهدامة فتستكين نفوسنا ونركن إلى الهدوء والطمآنينة والسلام .

والأنبياء والرسل و القديسين والكنيسة والمؤمنين صلوا لله افراداً وجماعات.

والمسيح له المجد كان يصلي عندما صام اربعين يوماً في البرية ، وصلى

في بستان الزيتون قبل صلبه ، وقال لتلاميذه عندما عجزوا عن شفاء بعض

المرضى ، إن هذه العلل لا تشفى إلا بالصوم والصلاة ، وقال إذا اردت أن

تصلي فإدخل إلى مخدعك واقفل بابك وابيك السماوي يراك فيجازيك .

ويقول داود النبي في مزاميره : عطشت نفسي إليك ، وقلبي يلهج بحبك

وإن أسمك تلاوتي ، وأنت الله وما أنا إلا تراب ورماد .

وقيل بأن الذين يفهمون الصلاة الحقة يحركون العالم من مخادعهم ،

فنصلي من أجل السلام في العالم ومن أجل الخطاة والضّالين ليعودوا

إلى جادة الصواب ومن أجل قادة العالم ليلهمهم اعمال الخير والعدل ونبذ

الحروب والنزاعات ، ومن أجل بلدنا وسائر البلدان .

والصلاة تعيننا على طرد الشك ، وترك العداوة ، وتجنب الحسد ، وتعيننا

على سعة القلب والمعونة على النسيان ، ونبذ مشاعر الكراهية ، وعدم إدانة

الآخرين ، فتقود إلى محبة جارفة نقية طاهرة خالية من كل سوء .

فهل صلواتنا مستجابة ؟

إن لله سبحانه حكمة في كل شيء ، وتفكير الله يختلف عن تفكيرنا نحن

البشر ، فقد اعطانا حرية الإختيار ، فلسنا مسيّرين ،وعلينا إستغلال فكرنا

ومواهبنا في أرقى ما يمكن من أجل خيرنا وخير الآخرين ، وأن نكون

مناراً يشع منه نور الله وطاعته بالأعمال لا بالأقوال فقط ، سائرين على

طرق القداسة ، وترك الأنانية ومركزية ( الأنا ) ، فنتجرد من كل

ما لا يحسن في نظر الله ، وعندها تكون الصلاة قد حققت اهدافها ، عندما

نطلب بإيمان دون شك ونغفرلمن أخطأ بحقنا و نبتعد عن الحسد والعداوة

والبغضاء وبخشوع وحب أمام أبينا السماوي ، ليقبل منا تضرعاتنا و طلباتنا

المشروعة ، كما قال بفمه الكريم : أطلبوا تجدوا ، إقرعوا يفتح لكم ، يارب

اهلّنا أن نطلب ما يحق لنا وبحكمة ، وكما أوصيتنا أن نطلب

ملكوت الله وبره ، وبقية الأشياء الأرضية اباكم السماوي أدرى بإحتياجاتكم

فيوفرها لكم قبل أن تطلبوها . آمين .

منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here