الصلاة هي الخيط غير المرئي بين الله والإنسان أو حلقة ربط و الجسر
الواصل بين الأرض والسماء ، وهي لغة الملائكة والقديسين ومفتاح الحديث
مع الله ، لذلك نصلّي بثقة وبعين الإيمان للذي لا نراه ونتخيله قريباً منا ونشعر
بأن الله هو خير صديق وأب حنون ، لذلك نفتح قلوبنا ومشاعرنا بثقة
وحرارة ، ونعني كل كلمة نقولها في حضرته ونؤمن بأن كل طلباتنا وحاجاتنا
ستكون مستجابة ، بشرط غفراننا للآخرين زلاتهم ،فكيف يستجيب الله لنا
ونحن غير مسامحين إخوتنا ؟ والصلاة هي مشاعر وخشوع الجسد والروح
فيحدث عزاءً للنفس وسلاماً للفكر ، وأن يكون الشكر والإعتراف والعمق
والتسبيح حاضراً . وهناك صلوات محفوظة تعيننا على أن نصلي صلاتنا
الخاصة مع الله أبينا ، فنفرغ ما بداخلنا من كبت والم ونضعها أمام الله الذي
يحبنا ،فيكون التسليم لمشيئته وحكمته وغذاءً روحياً لنا في الوقت نفسه .
وعلينا أن نصلًي دون ملل في كلّ حين ، وأن يكون أول شخص نكلمه
صباحاً هو الله شاكرين له سلامة نهوضنا من النوم ، ويمكننا الصلاة أثناء
النهار ولو صلاة قصيرة ، وحتى أثناء العمل وخاصة الإعمال اليدوية ،
وفي بدء العمل، وبذلك تبعدنا الصلاة من الشرور ، وتجعلنا نحب الآخرين
عندما نسامح أخوتنا ونطلب الخير لهم أثناء الصلاة ، فننقي ذواتنا من الأدران
والأفكار الهدامة فتستكين نفوسنا ونركن إلى الهدوء والطمآنينة والسلام .
والأنبياء والرسل و القديسين والكنيسة والمؤمنين صلوا لله افراداً وجماعات.
والمسيح له المجد كان يصلي عندما صام اربعين يوماً في البرية ، وصلى
في بستان الزيتون قبل صلبه ، وقال لتلاميذه عندما عجزوا عن شفاء بعض
المرضى ، إن هذه العلل لا تشفى إلا بالصوم والصلاة ، وقال إذا اردت أن
تصلي فإدخل إلى مخدعك واقفل بابك وابيك السماوي يراك فيجازيك .
ويقول داود النبي في مزاميره : عطشت نفسي إليك ، وقلبي يلهج بحبك
وإن أسمك تلاوتي ، وأنت الله وما أنا إلا تراب ورماد .
وقيل بأن الذين يفهمون الصلاة الحقة يحركون العالم من مخادعهم ،
فنصلي من أجل السلام في العالم ومن أجل الخطاة والضّالين ليعودوا
إلى جادة الصواب ومن أجل قادة العالم ليلهمهم اعمال الخير والعدل ونبذ
الحروب والنزاعات ، ومن أجل بلدنا وسائر البلدان .
والصلاة تعيننا على طرد الشك ، وترك العداوة ، وتجنب الحسد ، وتعيننا
على سعة القلب والمعونة على النسيان ، ونبذ مشاعر الكراهية ، وعدم إدانة
الآخرين ، فتقود إلى محبة جارفة نقية طاهرة خالية من كل سوء .
فهل صلواتنا مستجابة ؟
إن لله سبحانه حكمة في كل شيء ، وتفكير الله يختلف عن تفكيرنا نحن
البشر ، فقد اعطانا حرية الإختيار ، فلسنا مسيّرين ،وعلينا إستغلال فكرنا
ومواهبنا في أرقى ما يمكن من أجل خيرنا وخير الآخرين ، وأن نكون
مناراً يشع منه نور الله وطاعته بالأعمال لا بالأقوال فقط ، سائرين على
طرق القداسة ، وترك الأنانية ومركزية ( الأنا ) ، فنتجرد من كل
ما لا يحسن في نظر الله ، وعندها تكون الصلاة قد حققت اهدافها ، عندما
نطلب بإيمان دون شك ونغفرلمن أخطأ بحقنا و نبتعد عن الحسد والعداوة
والبغضاء وبخشوع وحب أمام أبينا السماوي ، ليقبل منا تضرعاتنا و طلباتنا
المشروعة ، كما قال بفمه الكريم : أطلبوا تجدوا ، إقرعوا يفتح لكم ، يارب
اهلّنا أن نطلب ما يحق لنا وبحكمة ، وكما أوصيتنا أن نطلب
ملكوت الله وبره ، وبقية الأشياء الأرضية اباكم السماوي أدرى بإحتياجاتكم
فيوفرها لكم قبل أن تطلبوها . آمين .
منصور سناطي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط