في الليلة الاولى من موجة الاحتجاجات الثالثة عادت الاتهامات تلاحق أحزاب سياسية باستخدام العنف وقتل المتظاهرين. وخلال الـيومين الماضيين، قتل اثنان من المتظاهرين في الجنوب، وجرح 5 آخرون، كما تم اختطاف متظاهر من وسط بغداد، قبل ان يفرج عنه لاحقا.
وقال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في تغريدة على (تويتر): وجّهتُ بملاحقة المتورطين بمهاجمة المتظاهرين في البصرة. كذلك قال ان “القوات الامنية نفذت عملية اعتقالهم بعد صدور مذكرات قضائية، شكرا للقضاء العادل والاجهزة الامنية البطلة”. واضاف: “وعدنا بأن المتورطين بدم العراقيين لن يناموا ليلهم، نحن نفي بالوعد. سلمية الاحتجاج واجب يشترك به الجميع”. وعاد صباح امس، تدفق المتظاهرين الى جسر الجمهورية، الذي سيطر عليه المحتجون يوم الاحد الماضي، بعد ازالة ساتر مكافحة الشغب.
بالمقابل تواصلت مساعي ناشطين وتنسيقيات في العاصمة، للتهدئة واعطاء الفرصة لحكومة الكاظمي في كشف قتلة المتظاهرين.
غلق “ثأر الله”
وفي البصرة اعلنت قيادة الشرطة بالمحافظة عن إغلاقها مقر حزب “ثأر الله الإسلامي” وإلقاء القبض على من فيه إثر إطلاق نار أدى إلى إصابة عدد من المتظاهرين ليلة أمس. وقال بيان للقيادة، امس، إن قوة من الشرطة توجهت على الفور إلى مقر مكتب الحزب وألقت القبض على من فيه وأغلقته للتحقق من ملابسات إطلاق النار. وأشار البيان إلى أن ذلك الإجراء يأتي نتيجة إطلاق عيارات نارية خلال اشتباكات حصلت مع متظاهرين قرب مبنى حزب ثأر الله في البصرة، ما أدى إلى إصابة عدد من المتظاهرين.
ونوه البيان إلى أن القوة ضبطت أسلحة وأعتدة مختلفة في مقر الحزب. احمد المالكي، المتظاهر من البصرة، اكد في اتصال مع (المدى) امس ان “ثأر الله اطلق الرصاص على المحتجين وقتل متظاهرا واحدا” واصاب 5 آخرين. وكان متظاهرون عائدون ليلة الاحد من احتجاجات امام مبنى المحافظة، ومروا مرددين هتافات قرب “ثأر الله” في منطقة المعقل وسط البصرة، قبل ان يتعرضوا الى اطلاق نار من داخل المقر. واكد ناشطون، ان المتظاهر القتيل والمصابين الآخرين في اطلاق النار، اغلبهم من مواليد (التسعينيات والألفينيات) ويسكنون مناطق فقيرة في البصرة.
وفق ناشطين، فان المصابين هم، احمد علي كاظم تولد ١٩٩٦ يسكن قضاء شط العرب الجزيرة مصاب بطلق ناري في منطقتي الرأس والصدر، وكاظم وعد سعد عبيد تولد ١٩٩٥ يسكن في منطقة التجاوز القيادة البحرية مصاب بطلق ناري في منطقة البطن.
بالإضافة الى علي كاظم سلمان نصار تولد ١٩٩٤ مصاب بطلق ناري بالكتف الايسر يسكن دور التجاوز، وحيدر احمد كاظم معارج يسكن منطقة المعقل اربعة شوارع مصاب بطلق ناري.
كذلك اصيب حسين ماجد حسن تولد ٢٠٠٢ يسكن المعقل قرب الساعة بطلق ناري بالذراع، فيما المتظاهر الذي قتل، وهو مؤمل اسامة خلف تولد ١٩٩٠ يسكن قضاء شط العرب منطقة الجزيرة الرابعة. وكان مدير إعلام شرطة محافظة البصرة، باسم المالكي، نفى سقوط أي قتيل جراء التظاهرات الأخيرة التي شهدتها المحافظة ليلة الاحد الماضي.
وقال المالكي، في تصريح صحفي، امس، إنه “حصل سوء فهم بشأن حظر التجوال المفروض وان دائرة الصحة فقط لهم الحق في الحركة وان هناك استثناءات لموظفي دوائر الدولة والاعلاميين”. وأضاف أنه من جهة ثانية فانه “بحسب الاحصائيات والمعلومات المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية، هناك جرحى اثنين مصابين خلال التظاهرات ولا يوجد أي شهيد حتى اللحظة”.
و”ثأر الله” المتهم بإطلاق النار على المتظاهرين في البصرة، لديه تاريخ طويل من الخلافات مع المحتجين تعود الى صيف 2018. في ذلك التاريخ رفع الحزب الذي شارك في الانتخابات التشريعية الاخيرة، دعاوى قضائية ضد 16 متظاهرًا، 3 منهم من قياديي الاحتجاجات، يتهمهم بحرق مقره في البصرة. وقال ناشطون حينها لـ(المدى) إن “ثأر الله” ليس لديه دليل على ذلك، وإنه يحاول إقناع أحزاب أخرى لتحذو حذوه في إصدار أوامر اعتقال ضد المتظاهرين.
ولم يحصل “ثأر الله” الذي نزل منفردا في انتخابات مجلس النواب في أيار الماضي، على اي مقعد. كما كان قد فشل في الدورات الانتخابية السابقة ايضا. ويرأس الحزب يوسف السناوي، الذي يزعم بانه اسس الحزب عام 1995، وأنه قام بتنفيذ عملية ضد رئيس الوزراء في حكومة صدام حسين، ثم محافظ البصرة آنذاك محمد حمزة الزبيدي . ودارت تسريبات حول السناوي باعتقاله في صولة الفرسان عام 2008، ثم هروبه بعد ذلك الى إيران، فيما لم يتسنّ لـ(المدى) التأكد من صحة تلك المعلومات.
الى ذلك توفي امس الأول الناشط أزهر الشمري متأثرًا بجروحه البليغة التي اصيب بها جراء هجوم مسلح استهدفه مساء السبت في مدينة الناصرية.
واستنادا لناشطين، فان اصابع الاتهام تشير الى احزاب مرتبطة بايران. وكان الشمري، قد انتقد قبل ساعات من اغتياله، على صفحته على فيسبوك تدخل طهران في قمع الاحتجاجات في العراق.
زنازين سرية
الى ذلك اكد الناشط مهند البغدادي، في اتصال امس مع (المدى) انه تم اطلاق سراح احد الناشطين المعروفين في بغداد بعد يوم من اختطافه.
وقال البغدادي، ان “الشيخ علي مذكور اللامي، المسؤول عن خيمة اعتصام قبيلة بني لام، كان قد خطف عشية استئناف الاحتجاجات اثناء توجهه الى ساحة التحرير”. واشار البغدادي الى ان “جماعات مسلحة – تحفظ على ذكر اسمها- هي المسؤولة عن اختطافه، واطلاق سراحه جاء بعد تهديدات من قبيلته بتصعيد الامر”. وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قال بعد أول اجتماع لحكومته، الاحد الماضي: ستشكل لجنة تقصي حقائق لمعرفة ملابسات ما جرى منذ انطلاق التظاهرات في مطلع تشرين الاول الماضي.
بالمقابل قالت تسريبات، من جهات حقوقية في العراق، وصلت الى (المدى)، انه مازال هناك عدد من المتظاهرين المعتقلين في “زنازين سرية” في شمالي بغداد.
ووفق التسريبات ان “احد القصور الرئاسية في شمالي العاصمة، يوجد فيه سجن سري يضم عددا من المتظاهرين المعتقلين”.
وطالب الكاظمي، في اجتماع حكومته مع الاجهزة الامنية الاحد الماضي، الى عدم التهاون في عمليات الاختطاف، كما دعا الى اطلاق سراح المتظاهرين المعتقلين.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط