أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٩)

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ

السَّنةُ السَّابِعَةُ

(١٩)

نـــــــــــــــزار حيدر

{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}.

في نهجِ أَميرِ المُؤمنِينَ (ع) [تُصادف اللَّيلة (١٩ رمضان المُبارك) ذكرى تعرُّضهِ للضَّربة المسمُومة على يدِ عدوِّ الله القاتِل المُجرم الخارجي عبد الرَّحمن بن مُلجموهو في محرابِ صلاةِ الفجر في مسجدِ الكُوفةِ المُعظَّم، والتي استُشهد على أَثرِها بعد يَومَين (٢١ من الشهر عام ٤٠ للهجرةِ)] فإِنَّ المالَ أَحد أَهم أَدوات التَّمكينُللنَّجاح، ولذلكَ كان يبدو مِنْهُ أَشدَّ الحرصِ على أَن يُقلِّل الفجوة الإِقتصاديَّة بينَ فئاتِ وطبقاتِ المُجتمع والتي إِذا اتَّسعت زادت الطبقيَّة الإِقتصاديَّة التي تُنتجالطبقيَّة الإِجتماعيَّة وهيَ ظاهرةً خطيرةً تُنتِجُ الكثير من المشاكل الأَخلاقيَّة والسياسيَّة والإِجتماعيَّة كالجريمةِ المُنظَّمة والفساد المالي والإِداري وتجارةِ الجِنسوالإِرهابِ وتجارةِ الأَعضاءِ البشريَّةِ وغيرِها، فيما إِذا تقلَّصت ساهمت في تحقيقِ السِّلم الأَهلي والمُجتمعي مَن خلالِ تحقيقِ العدالةِ الإِجتماعيَّةِ.

ولقد حذَّرَ القُرآن الكريم من أَن يتحوَّل المال في الأُمَّة إِلى دُولةٍ بينَ الأَغنياءِ فقط ويُحرم مِنْهُ الآخرون، فقالَ تعالى {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِوَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَشَدِيدُ الْعِقَابِ}.

دُولةُ المالِ هي الْيَوْم أَحد أَخطر أَسباب مشاكِل البشريَّة.

ولقد بنى أميرُ المُؤمنينَ (ع) نظريَّتهُ بهذا الخصُوص على عمودَين مُهمَّينِ وهُما؛ التَّوازن في التصرُّف في المالِ بين التمتُّع الشَّخصي والحقُوق، وتحديد منابعالفساد المالي في الدَّولة لمكافحتِها.

في الإِطار الأَوَّل نقرأ النصَّ التَّالي؛

فمِن كلامٍ لَهُ (ع) بالبصرةِ، وقد دَخَلَ على العلاءِ بن زياد الحارثي ـ وهو من أَصحابهِ ـ يعودهُ، فلمَّا رأى سِعَةَ دارهِ قال {مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هذِهِ الدَّارِ فِيالدُّنْيَا، أَنْتَ إِلَيْهَا فِي الاْخِرَةِ كُنْتَ أَحْوَجَ؟ وَبَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الاْخِرَةَ، تَقْرِي فِيهَا الضَّيْفَ، وَتَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ، وَتُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا، فَإذَا أَنْتَ قَدْبَلَغْتَ بِهَا الاْخِرَةَ}.

فقالَ لهُ العلاء؛ يا أَميرَ المُؤمنينَ، أَشكو إِليكَ أَخي عاصِم بن زياد، قال؛ وما لهُ؟! قالَ؛ لبِسَ العباءةَ وتخلَّى من الدُّنيا، قالَ؛ عليَّ بهِ، فلمَّا جَاءَ قال (ع) {يَا عُدَىَّنَفْسِهِ! لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ! أَمَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ! أَتَرَى اللهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا! أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذلِكَ!} قالَ؛ يا أَميرَ المُؤمنينَ،هذا أَنت في خشونةِ ملبسِكَ وجُشوبةِ مأكلكَ! قال (ع) {وَيْحَكَ، إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ، كَيْلاَيَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ!}.

أَمَّا في الإِطارِ الثَّاني، ففي أَروع وأَدقِّ وأَشملِ توصيفٍ للفسادِ له (ع) لمَّا سُئلَ؛ كيفَ تفسدُ العامَّة من النَّاس؟! فقالَ (ع) {إنَّما هِيَ مِن فسادِ الخاصَّة، وإِنَّماالخاصَّة ليُقسَّمُونَ على خمسٍ؛ العُلماءُ وهُم الأَدِلَّاءُ على الله، والزُّهَّاد وهُم الطَّريقُ إِلى الله، والتجَّار وهُم أُمناء الله، والغُزاةُ وهُم أَنصارُ دينِ الله، والحُكَّام وهُمرُعاةُ خلقِ الله.

فإِذا كانَ العالِمُ طمَّاعاً وللمالِ جمَّاعاً فبِمَن يُستدَلُّ؟! وإِذا كانَ الزَّاهدُ راغِباً ولِما في أَيدِي النَّاسَ طالِباً فبِمَن يُقتَدى؟! وإذا كان التاجر خائناً وللزكاة مانعاًفبمن يُستوثق؟! وإِذا كانَ الغازي مُرائِياً للكَسبِ ناظِراً فبِمَن يُذَبُّ عَنِ المُسلِمينَ؟! وإِذا كانَ الحاكِمُ ظالِماً وفِي الأَحكامِ جائِراً فبِمَن يُنصَرُ المَظلُومُ على الظَّالمِ؟!.

وأَضافَ (ع) {فوالله ما أَتلفَ النَّاسُ إِلَّا العُلماء الطمَّاعُون والزهَّاد الرَّاغبُون والتجَّار الخائنُون والغُزاة المُراؤُون والحُكَّام الجائرُون ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّمُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

الفسادُ منظومةٌ، إِذن؛ عِمامةٌ فاسدةٌ وزاهدٌ دجَّالٌ وتاجِرٌ خائنٌ وميليشيات تُتاجرُ بالدَّم وعِصابةٌ حاكمةٌ جائرةٌ!.

١٢ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

‏WhatsApp, Telegram & Viber : + 1(804) 837-3920

*التلِغرام؛

https://t.me/NHIRAQ

*الواتس آب

https://chat.whatsapp.com/KtL7ZL3dfhi8dsTKUKjHOz

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here