نحو مراجعات حاسمة لمسارات حياتنا لما بعد كورونا

نحو مراجعات حاسمة لمسارات حياتنا لما بعد كورونا
خضر دوملي
رغم أن المواجهة مستمرة ولم يكشف العلاج النهائي له، ألا أن الامر المهم أن فايروس كورونا حفزَ عقولنا على أن نراجع الكثير من الممارسات الحياتية التي تعودنا عليها او كانت جزءا من حياتنا اليومية ، وهو ما يشير انه واقع حياتنا سيتغير تدريجيا وفي الكثير من المسارات بدءا من تنظيم الاسرة وتحديد الولادات ومرورا بمكانة الدين في حياتنا.
بدءا من العائلة والاوضاع العائلية فأن فايرورس كورونا أكد وبوضوح أننا جميعا مطالبون بمراجعة حاسمة للواقع الحياتي عائليا، وكل واحد منا يستطيع التفكير بالطريقة التي تلائمه، ولكن بالتأكيد ستتغير الاوضاع والعلاقات العائلية بشكل كبير لدى الكثير من العوائل، وقد تتشتت او تتناثر الكثير من العوائل او بالعكس .
أوضحت أزمة كورونا فايروس بما لايقبل الشك بأننا مطالبون بمراجعة قائمة الاصدقاء، ونعطي لكل صديق مكانته الحقيقية في حياتنا ونميز بين الصديق في العمل وصديق العائلة وصديق الشارع والاقرباء و و و كثيرة هي التوجهات، ولكن الصورة أصبحت أوضح بكثير في هذه الايام التي عشناها في الحجر المنزلي، فتنمية العلاقات بين الاصدقاء ماكانت تكلف سوى بضع سنتات لم يصرفها البعض على مكالمة هاتفية لأشخاص كانوا اصدقاءه ليشعرهم انه موجود في حياتهم ،،،، ويبدو أن صورة اصدقاء المصلحة ستكون أكثر وصفا و البقية مفهومة .
فتحت لنا كورونا ضرورة أن نراجع وبتمعن قائمة القنوات التفزيونية التي نتابعها، أيهما كانت مع نشر الحقائق والتوعية بالصورة الصحيحة ودعم الاستقرار النفسي والعائلي، وأيهما كانت تستفز مشاعر الناس بالاخبار الكاذبة وتشوه صورة الاشخاص المصابين بكورونا، او تزيد من الاثار النفسية لجائحة كورونا او تنقل أخبارا مضللة كثيرة او تصنع تقارير على أساس معلومات مفبركة تصنع الهلع والخوف … طبعا هذا الامر يمتد الى المراسلين الذين كنا نثق بهم كثيرا أيضا ولكنهم أنزلقوا الى طريق التشويه والسرعة وعدم الدقة و و و و و كثيرة هي الاشارات والمؤشرات . وفي صفحة الاعلام والشبكات التواصل الاجتماعي بات لزاما علينا ان نكون او نقف بوجه الصفحات الوهمية ومراجعة والتأكيد على خذف الصفحات الوهمية من قائمة المتابعة لأنها سببت الكثير من الاذى ولاتزال، ونتعلم كيفية استخدام السوشيال ميديا بالصورة الصحيحة بأعتبارها ان الان الاكثر تأثيرا وباتت جزءا مهما وتحتل مساحة مميزة من حياتنا، أذ تغيرت الصورة أمامنا جميعا ورأينا كيف ان النساء والرجال والشباب، وحتى الأطفال، كل واحد منهم يعيش مع عالمه في السوشيال ميديا في هذه الازمة ، وكل واحد بماذا يهتم؟ وعلى ماذا يركز؟ وبماذا يتأثر ؟؟ خاصة ان العالم يتجه لجعل كل شيء أونلاين من شراء حقيبة او علبة مكياج الى الحصول على شهادة تخصصية او علمية حتى .
أوضحت جائحة كورونا او أزمة تفشي وباء فايروس كورونا أننا بحاجة كبيرة الى العمل وبجرأة لتنظيم الاسرة فلم يعد الوضع من الان فصاعدا ملائما للاسر الكبيرة، لابد ان تكون هناك سياسات حكومية واضحة وصريحة بخصوص تنظيم الاسرة وعدد الولادات والتوعية بهذا الامر المهم ، فلايمكن من الان فصاعدا أن يكون لكل عائلة ستة او سبعة او ثمانية اولاد، في ظل أوضاع سريعة التغيير والتجدد، وتأثيرات أقتصادية لم نكن نشعر بها ألا ان أزمة كورونا أعطت لنا درسا وتأكيدا كبيرا على ضرورة العمل بهذا الاتجاه . لأن هذا الامر سيكون أسهل لمراجعة الممارسات الحياية داخل العائلة – التعامل مع الابناء وتوجيههم ودعمهم لتنظيم أمورهم الحياتية ، وسيكون هذا الامر أكثر تأثيرا ومساعدا لمراجعة وتنظيم ميزانية العائلة والمصاريف المنزلية، لأن مقولة القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود هي لهذه الايام والايام القادمة .
أزمة كورونا فايروس أوضحت بصورة صارمة اننا يجب ان نراجع موضوع وتأثير النظافة في بيئة العمل في الشارع في المنزل، فهناك الكثير من الدوائر لاتستطيع استخدام حماماتها ومرافقها الصحية – تواليت فيما حمام ومرافق – تواليت السيد المدير يلمع أكثر من لمع جبينه .
ايضا ومن الامور الهامة الكثير التي فتحت أمامنا هي كيفية استغلال وتوظيف أوقات فراغنا في العمل والعائلة ومع الاصدقاء ومراجعة تنظيم أوقات الفراغ بات أمرا مهما يجب أن يأخذ مساحة كبيرة في حياتنا في الايام القادمة ، كيف يمكن أن نوظف هذا الوقت في ممارسة الرياضة ولماذا؟، وتنظيم الاكل و شراء الملابس و المستلزمات غير الضرورية، والمطالعة والقراءة ولماذا ؟ لأننا شعب يتحدث كثيرا ويقرأ قليلا جدا .
والمراجعة الاهم التي خلقت أزمة كورونا مساحة كبيرة للنقاش حولها هي مكانة الدين في حياتنا، فهذه بحد ذاتها معضلة كبيرة أوضحت هذه الازمة أنه يجب أن نراجع هذه المنزلة وأن لانسمح بعد الان بالخزعبلات الدينية ان تقرر مسار حياتنا ( مع أحترامي للالتزام بالعقائد الدينية دون جرح مشاعر الاخرين المختلفين عنهم، لأن احترام العقيدة الدينية جزء من حياة الملايين من الافراد ) ، أوضحت كورونا بضرورة ان نراجع وبدقة مكانة الدين في حياتنا الشخصية والمجتمعية وعلاقتنا وممارسات حياتنا .. لابد ان نقف بوجه الذين حاولوا أن يوظفوا الدين لخلق أزمة عالمية نتيجة تصريحات الكثيرين بخلق موضوع انتشار الفايروس بالايمان وعدم الايمان والتي هي بالاساس مسألة لايستطيع أي كان أن يحسمها في اية ديانة او مذهب على الكرة الارضية … كورونا فتحت أفاقنا، فياترى هل سنكون بمستوى ما تركته من أثار نفسية وأجتماعية واقتصادية وصحية ومعرفية على حياتنا؟. أم سنمضي بحياتنا كما كنا وكأن شيئا لم يكن …!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here