مورفين كلام وكوكايين أوهام : نص مفتوح

بقلم مهدي قاسم
في النهاية لم يبق لنا غير هذا الكلام اللطيف بمفعوله السحري و المذهل لحد سكرة الروح تجليا و انخطافا مجنّحا ، ليحقننا أحيانا بجميل ثناء أو تمجيد ، لننتفخ بنرجسية منفوشة أذيال وزاهية ، لينتهي بعد قليل مثل فقاعات من قطرات ضباب يختفي في غبش أثير ..
كل ذلك ومن أجل نواسي أنفسنا وغيرنا أيضا بعذوبة ألف كلام و كلام وهجاء وهمسة حب لا يوجد إلا في الخيال ، نعرضه على بعضنا مثل سجاير محشوة حتى ندخّن أوهاما ، تنفيسا ، إدمانا على كوكايين الكلام ! ..
آه منك يا بحر الكلام لولا هدير أمواجك الشامخات لاختنقنا صمتا و سكوتا من شدة خيبة و وحشة سأم لا تُطاق ، سنمضي نحن و غيرنا ذات يوم ونرحل على صرير عربات ذكريات ستنقلب على بعضها صدئة ومركونة تحت ظلال محطات مهجورة عند ضاحية نسيان ..
ثم سننشف كغيوم متيبسة على حبال شفق كئيب يحرسه غراب عجوز ، حيث يرافقنا الكلام مدغدغا بكل لطف بنعمة مشرط جراح قديم ، نرحل ربما بلا أثر ولا ذكرى ، كأوراق خريف اختفت في عصف شديد ، كما حال ملايين في غابر أيام مضوا ، دونما عودة في صباح جميل ..
و هكذا سنمضي كنيزك يبرق متلاشيا على مدرجات ظلام بعيد ، بينما أنت يا بحر الكلام ستبقى شلالا دائم تدفّق وفياض ، تهطل من بين أكتاف جبال لا تنام ، للقادمين المتعطشين لمزيد من خدعة طريفة و روعة أوهام ..
فما من أحد سيرتوي منك يا جميل كلام ، مهما كنتَ بلا طائل ، حتى لو ارتوى منك لحد إفراط و فيض لا يكف عن تدفق و جريان ….
فنحن الشرقيين نحب ونعشق كثرة الكلام ، ربما ــ لقلة أفعال و أعمال ، و نتحدث كثيرا عن الحب لفقدانه في أغلب أحوال ، لهذا فكلهم سيبقون ظامئين لعذوبة قطراتك الساحرات والمذهلات ..
آه يا مورفين كلام و يا حقنة خدعة مهدئة دوما ..
تجعلنا نطير ، منتشين مهرولين ، خلف ألف وهم و سراب ! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here