الحل ليس في الوزارة
لم تكن كل تلك الوزارات التي تشكلت في اعقاب سقوط النظام السابق ان تختلف عن بعضها البعض حتى في الوجوه التي تكررت في السيطرة على الحكومات و الوزارات و لم تخرج تلك الحكومات و رؤسائها و اغلب الوزراء فيها من دائرة و هيمنة الأحزاب الدينية التي كان لها السطوة و السيطرة على الحياة السياسية و كانت تلك الوزرات عادة ما تبدأ عهدها بالحديث الجميل المتكرر عن محاربة الفساد و الفاسدين و القضاء على البطالة و تشغيل العاطلين و تحقيق الأمن و الأمان للمواطنيين و توفير افضل الخدمات البلدية و النهوض بالمستوى التعليمي و التدريسي و الأهتمام بالقطاع الصحي و تطوير الواقع الزراعي و تشجيع الفلاح على زراعة الأرض و بث الروح من جديد في المعامل المتوقفة وعودة العمال الى مصانعهم .
لم يكن البرنامج الحكومي و في كل الوزارات التي تشكلت ان يخلو من هذه النقاط الرئيسية المخادعة حتى ذهب البعض من اؤلئك ( المسؤولين ) بعيدآ اكثر حين صرح احدهم ان العراق سوف يكون مصدرآ للطاقة الكهربائية في غضون اعوام قليلة و ليس من المعلوم ان كان ذلك الوزير يسخر من الشعب العراقي و يستهزء به ام كان في نقص من الخبرة و المعرفة و في كلا الحالتين يتبين ان هناك مشكلة و معضلة في تلك ( الشخصيات ) و التي كانت في الصف الأول من سدة الحكم و القرار و هم من يقود هذا البلد المهم ( العراق ) و الذي تحول نتيجة لتلك السياسات و الشخصيات الخطأ الى ركام دولة و انقاض بلد و حطام مجتمع .
تذهب وزارة و تأتي اخرى و الحال على ما هو عليه ( مكانك راوح ) و ليس هناك من بصيص ضؤ في ذلك النفق المعتم و ليس هناك من أمل في هذا الوضع المشحون باليأس و لم يعد امام المواطن العراقي المنكوب بحكومات الأحزاب الدينية من حل او خلاص سوى الأنقلاب و التمرد و ما كان من الشعب الأعزل من السلاح ان افترش الساحات و الميادين و في اغلب المحافظات في عصيان سلمي و تظاهر مرتفع الصوت ان تسمع تلك الآذآن التي بها صمم و طرش ان ذهبت تلك الصيحات و الأحتجاجات ادراج الرياح كما يقال بعد ان ازهقت ارواح المئات من المتظاهرين السلميين و جرح الالاف من اقرانهم و مازالت الأحزاب الدينية تتصارع على الأستحواذ على النصيب الأوفر و الأربح من تلك الوزارات .
و اخيرآ و بعد المحاولات المستميتة للأحزاب الحاكمة في اطالة عمر و امد حكومة المقال ( عادل عبد المهدي ) العبد المطيع و الذي نفذ كل اوامر و تعليمات الأحزاب و الميليشيات و انصاع بشكل كامل و تام لتوجيهاتها فأزداد السلاح المنفلت الا شرعي و انتشرت الميليشيات الخارجة على القانون و النظام و استعرضت قواتها و بكامل عديدها و عدتها في الشوارع و الساحات في العاصمة و المحافظات و قصفت البعض منها بالصواريخ و الراجمات معسكرات الجيش العراقي و قواعده تحت سمع و بصر ( القائد العام ) الذي لم يحرك ساكنآ و لم يتخذ اجراءآ رادعآ و هدرت الأموال العراقية و صدرت الى اقليم كردستان و لم يجرؤ رئيس الوزراء المقال من ايقاف تدفق الأموال العراقية الى الأقليم ( او غض النظر ) دون وجه حق و غيرذلك العديد العديد من المخالفات و الأنتهاكات و التجاوزات .
كان عهد المقال ( عبد المهدي ) هو العصر الذهبي للأحزاب الطائفية و الميليشيات الخارجة على القانون و هي تسرح و تمرح دون حسيب او رقيب و من هنا كان ذلك التمسك القوي و الدفاع العنيد عن هذه الحكومة البائسة حيث رواغت و ماطلت تلك الأحزاب بغية الحفاظ على حكومة ( عبد المهدي ) و لم تسمح بتمرير حكومتين مفترضتين الأولى كلف بها ( علاوي ) و الأخرى ستكون في عهدة ( الزرفي ) و قد حاولت في المرة الأخيرة اجهاض حكومة ( الكاظمي ) و افشال التصويت لصالحها لولا الضغط الشعبي العارم الذي سحب البساط من تحت اقدام هذه الأحزاب و حشرها في الزاوية الضيقة و التي وافقت و على مضض على التصويت للحكومة المؤقتة ( الكاظمي ) الذي سوف تكون مهمته الأولى و الأهم في اجراء انتخابات مبكرة و نزيهة و هذا ما تخاف منه الأحزاب الدينية الحاكمة و سوف تحاول جهدها ابعادها الى اقصى ما تستطيع .
بعد كل تلك السنوات السيئة من حكم هذه الأحزاب توصل الشعب المعتصم و المتظاهر الى ان الشعب العراقي المتعدد القوميات و المتنوع الأديان و المختلف المذاهب لا يمكن ان يحكم او يقاد الا من احزاب تكون قادرة على جمع كل تلك المكونات و التنوعات في بوتقة واحدة دون انصهارها او اندماجها و دون اصطدامها و تناحرها و هذا الأمر ما تعجز عن القيام به الأحزاب القومية او الدينية او المذهبية و التي تختص كل منها بقوميته او ديانته او مذهبه و هي بذلك لن تستطيع ان تجمع العراقيين بتنوعاتهم الأثنية و العقائدية في اناء واحد و من هنا يجب دستوريآ و قانونيآ منع قيام الأحزاب التي تتشكل على اساس قومي او ديني او مذهبي و التي سوف تكون عامل انقسام و تشرذم و انعزال في بلد يزهو بتعدد القوميات و الأديان و المذاهب و يفخر بتنوع المدارس الفكرية و الفلسفية و على مر العصور و الأزمان و هكذا كان و سيظل ( العراق ) .
حيدر الصراف
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط