أيار شهر الانقلابات في نينوى.. تحركات سرية للإطاحة بـ الجنرال وتكليف محافظ جديد

لا تبدو الاوضاع في نينوى، ثاني اكبر المدن في البلاد، تسمح ببقاء المحافظ اكثر من 6 اشهر، إذ بدأت تحركات “سرية” لاستبدال الجنرال نجم الجبوري.

المدة التي شغل فيها الجبوري، الضابط الرفيع السابق في الجيش، منصب المحافظ، هي نفسها التي قضاها سلفه منصور المرعيد، الذي كان مدعوما من الشيعة.

اختيار الجبوري، جرى في فورة الاحتجاجات الشعبية، وعلى الرغم ان نينوى لم تشهد تظاهرات، الا ان بغداد كانت مشغولة بما يجري في العاصمة ومدن الجنوب.

لم يلحظ الكثيرون كيف مر الجبوري ووصل الى منصب المحافظ، لكنه كان قد جرى ذلك بعد انشقاقين هما الاكبر في تاريخ القوى السُنية بعد 2003، بدآ بحادثة “العبارة”.

يقول نائب عن نينوى لـ(المدى) ان “الامر معقد في المحافظة مع تشابك الخريطة السياسية. جزء من القوى السياسية التي جاءت بالجبوري انقلبت عليه”.

ويضيف النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه :”المحافظ أيضا كان قد وعد بالتضييق على الجماعات المسلحة المتهمة ببيع اراضي وتهريب النفط”.

ونينوى هي المحافظة الاولى والوحيدة التي شهدت عملية اطاحة بمحافظين عن طريق مجلس النواب.

قبل 5 سنوات

في مثل هذا الشهر (أيار) قبل 5 سنوات، صوت البرلمان على اقالة المحافظ الاسبق اثيل النجيفي من منصبه، بعد مشادات كلامية وعراك بالأيدي.

النجيفي كان قد اتهم الحكومة السابقة (حكومة نوري المالكي)، في تلك السنة بمسؤوليتها عن سقوط الموصل بيد داعش في صيف 2014.

كان المحافظ الاسبق، “مكروه” من عدة اطراف سياسية تحمله مسؤولية سقوط المدينة بحسب بعض النواب، كما كان هناك طلب من 23 مسؤولا محليا باحالة الاخير الى التحقيق.

وفي آذار 2019، صوت البرلمان للمرة الثانية على تنحية خليفة النجيفي، نوفل العاكوب من منصبه، بعد اسبوع من غرق عبارة سياحية في الموصل، راح ضحيتها اكثر من 100 شخص.

في أيار ايضا قبل عام، استطاع فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، من تمرير مرشحه (النائب عن الفتح منصور المرعيد) لمنصب المحافظ.

قبل ذلك كانت الموصل قد مرت بازمة حادة، بسبب تداعيات احداث “العبارة”، وحاول النجيفي (المقال) دعم مرشحين، فيما القوى السنية الاخرى دعمت مرشحين آخرين.

ويقول النائب عن نينوى ان “نجم الجبوري في الاسابيع الماضية بدأ يهدد بالاستقالة لأنه يتعرض الى ضغط كبير من بعض القوى السُنية”.

ذهب الجبوري وهو قائد عمليات نينوى السابق، والذي اختير عقب تنازل المرعيد عن المنصب، لأسباب غير مفهومة، الى بغداد مؤخرا والتقى عددا من القيادات لمناقشة وضعه بالمحافظة.

انشقاق السُنة

كان اختيار المرعيد ــ الذي وعد منذ توليه المنصب بفتح حور مع المعارضين ــ قد تسبب باول انشقاق بين القوى السنية.

آنذاك غضب محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان من التفاف القياديان في القوى السنية احمد الجبوري (ابو مازن) وخميس الخنجر من خلف ظهره، والذهاب مع (الفتح) الذي يتزعمه هادي العامري، لتمرير المرعيد.

وظل تحالف ابو مازن – الخنجر متماسكا في نينوى امام “تحالف القوى” الذي اعاد هيكلته الحلبوسي، حتى قررت وزارة التربية تعيين اسيل العبادي، مرشحة الخنجر، لمنصب مديرة تربية المحافظة – وألغى الوزير السابق وكالة قصي السهيل امر تعيينها بعد ذلك بايام.

وبحسب اتفاق سابق جرى تسريبه لتقاسم المناصب الادارية في نينوى، يقضي بحصول تحالف ابو مازن- الخنجر على مديريات الصحة، والتربية، والاستثمار.

لكن “الخنجر، حسب مصادر، قام بخرق الاتفاق وتقديم مرشحين خلاف لرغبة “ابو مازن”.

وعلى اثر تلك الخلافات اعلن في ايلول الماضي، في منزل ابو مازن في صلاح الدين عن “عراقية نينوى”، بمعزل عن الخنجر، وتضم 23 اسما من اصل 39 من اعضاء مجلس محافظة نينوى السابق، وهو الانشقاق الثاني داخل القوى السنية.

الاستقالة المسبقة !

كان المرعيد حينها قد وقع ضحية “تكتيك” جديد جربته القوى الشيعية في تنصيب المحافظين، لتضمن عدم خروجهم عليها وتنفيذ اوامرهم، بحسب مسؤولين، وبعد تبدل خريطة التحالفات اطيح بالمحافظ الجديد بعد 6 اشهر من تسلمه المنصب.

المحافظ السابق كان قد وقع على اقالته في يوم تنصيبه، كشرط للقوى الشيعية التي ساعدته للوصول الى منصبه، وكذلك فعل فلاح الجزائري المحافظ السابق لبغداد الذي تمت تنحيته في تشرين الاول الماضي.

في نفس الشهر (تشرين الاول) استطاع تحالف ابو مازن، مع فريق محمد الحلبوسي التصويت على نجم الجبوري بديلا للمرعيد. ويقول خلف الحديدي، عضو في مجلس محافظة نينوى السابق لـ(المدى) ان هذا التحالف “يعمل بالسر على استبدال الجبوري”.

الحديدي لا يعرف على وجه التحديد لماذا بدأ التحالف الان بمحاولة استبدال الجبوري، لكنه يقول “ربما لم يحقق المحافظ المشاريع السياسية التي كان يخطط له التحالف الداعم له”.

والجبوري لواء سابق يعرف بعلاقته مع الولايات المتحدة، كان قد قاد لشهرين ما عرف بـ”خلية الازمة” في نينوى، التي اعقبت تجميد المحافظ السابق نوفل العاكوب بسبب حادثة العبارة.

الفصائل المسلحة

الجبوري كسلفه المرعيد، الاثنين وعدا بتحجيم دور فصائل مسلحة، التي تقوم باعمال غير شرعية في نينوى، باعتراف رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي.

امس، نفى الجبوري بشكل قاطع الانباء والشائعات التي تحدثت عن تقديمه للاستقالة، مؤكدا ان المنصب هو تكليف وامانة أساسها خدمة أهالي المحافظة.

وأشار الجبوري الى ان “اهتمامه ينصب على استئناف المشاريع وتوفير فرص العمل للشباب من خلال تنفيذ أكثر من 400 مشروع على الأرض بالإضافة لتواصله مع العديد من المنظمات لغرض تفعيل عملها في المحافظة”.

وجرى ذلك بعد عودته من بغداد، بحسب مصادر، التي قالت بانه قد حصل على “ضمانات” من بعض الاطراف السياسية هناك.

شيروان الدوبرداني، النائب عن نينوي يقول لـ(المدى) ان الجبوري “رجل عسكري لكنه يحاول ان يعمل ما يستطيع لخدمة نينوى، لكن بعض الاطراف السياسية – التي لم يسمها- تمنعه”.

النائب يعتقد ان أي محاولة لاقالة المحافظ ستكون صعبة لانها تحتاج الى ان يقدم نواب طلبا الى رئيس الوزراء، قبل ان يستطيع البرلمان التصويت على تنحيته، ويقول “سيكون من الاسهل الضغط على المحافظ للاستقالة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here