د. رضا العطار
رفعت بعثة الاتحاد الأوربي في العراق، الإثنين بتاريخ 2020ـ05ـ18 بالاشتراك مع السفارة الكندية والبريطانية، وبمناسبة اليوم العالمي (للمثلية الجنسية)علم قوس قزح (علم المثليين) فوق مقرها بالعاصمة بغداد، وسط موجة سخط عارم وغضب واستنكار شديدين من قبل مختلف اطياف الشعب من اجتماعية و سياسية ودينية. كماعبّرت وزارة الخارجيّة العراقية عن شجبها لخطوة الاتحاد الأوربي، ودعت كافة البعثات العاملة في البلاد إلى مراعاة الأعراف والقِيَم السائدة في المُجتمَع العراقي.
وتعقيبي على ما جاء اعلاه اقول : ان المسببات لهذه الظاهرة الشاذة (المثلية الجنسية) واعني هنا المثلية الذكورية حصرا : كثيرة، لا مجال لذكرها ولكنني اعتقد جازما ان التطورالبايولوجي هو من الاسباب الاساسية وله الاُثر الفعال في نشأة الشباب المنحرف.
في الواقع ان التطور البيولوجي هو مفتاح سحري نفتح به ما يستغلق علينا من نزوات الطبيعة البشرية ونزعاتها. ففي كل منا عرق مستتر، يمت الى آبائنا البدائيون، عندما كانوا وحوشا يعيشون في ظلام الغابة، تحيطهم الضواري، يهربون منها الى الاشجار او الكهوف.
وما زال صغارنا يحلمون انهم يهوون من علو، ويوشكون ان يهلكوا، لكنهم قبل الصدمة يفيقون من نومهم فزعين. وليس هذا الحلم سوى الذاكرة القديمة الموروثة حين كان أبائنا الاولون يأوون الى اغصان الاشجار فينامون حريصين على ألا يقعوا.
وقد انطبعت هذه الذاكرة المؤلمة في عقولهم الباطنة حتى اورثوها لنا في احلامنا.
وليس شك في ان احلامنا تمثل يقظة أبائنا. فحن في الحلو نتكلم بلغة الاباء، لان العقل الباطن هو عقل الجدود القدماء.
يختصر الجنين في الاشهر التسعة التي يقضيها في الرحم، تطور الانسان منذ ان
(نبضت الحياة في الخلية الاولى في طين السواحل للمستنقعات الدافئة قبل الف مليون سنة الى ان صار انسانا سويا) ـ هكذا يعتقد العالم البايولوجي الشهير تشالتس داروين . . . . فتنمو هذه الخلية وتكبر حتى تأخذ ما يشبه شكل السمكة، فتظهر الخياشيم، ثم يتخذ هيئة البرمائيات كالضفادع، ثم يقف هنيهة بين الزواحف واللبونات، فيكون له ذنب وشعر، ثم يدخل في طور الانسانية. وهو انما يسلك هذا السبيل لأن له ذاكرة خفية، يحتفظ بتاريخ الانسان منذ بدأ الخليقة الى الان.
فاذا كان للجنين ذاكرة تلهمه بان ينمو على طريقة اسلافه القدماء بعينها، فإن للطفل او الصبي ذاكرة خفية ايضا تبعث في نفسه غرائز الجدود الاقربين عادة والابعدين احيانا. فالطفل يمشي على اربع، يولد وذراعاه في طول ساقيه شأن الحيوان القديم، ثم يخرج من هذا الطور ويستوي على ساقيه، وتتأخر ذراعاه عن النمو بالنسبة الى ساقه. وهو يبقى مدة غير قصيرة يحب التعلق والتسلق، ويلذ له السير على الحافات الدقيقة ونحو ذلك، مما يرجع به الى غرائز الاقدمين الذين كانوا يتحصنون اغلب وقتهم على الاشجار.
وبعد هذه المقدمة ندخل في صلب الموضوع، وهو البحث عن اصل اللواط ونعني به المثلية الذكورية، ننظر اليه بايولوجيا من زاوية علم التطور !
ليس شك في ان الصبيان بل الاطفال يعبثون احيانا باعضائهم التناسلية بدافع الغريزة الجنسية وهم يشعرون ببعض اللذة في ايقاظ هذه الغريزة، فنضربهم كي يكفًوا، وهم احيانا يختلطون بالسر بصبيان آخرين اختلاطا يقصدون منه اللذة الشاذة عن طريق ممارسة العادة المذمونة. فكيف نشأت هذه الغريزة ؟
يجب ان نذكر انه ليس كل صبي يفعل ذلك، رغم ان بذور الغريزة كامنة في نفس جميع الصبيان، انها قوية في بعضهم ضعيفة في آلاخرين، ولا ننسى ما للرادع الديني والتربية العائلية القويمة من التأثير الايجابي على سلوك الطفل في البيئة الاسرية.
يمر معظم الصبيان بهذه المرحلة من التطور من حياتهم ويدخلوا في طور الشباب دون ان يشعروا بها الا ضعيفة لا يأبهون بها ولا تبلغ من نفسهم سوى الاستحسان لجمال صبي آخر يلعبون معه.
ولا بد ان القارئ قد لاحظ ان خصيتي الديك تبقيان داخل جسمه ولا تتدليان. ولا بد ايضا انه لاحظ ان للدجاجة فتحة واحدة من خلف وان التلاقح يتم بينها وبين الديك عن سبيل هذه الفتحة . . . والان اذا قلنا ان بعض الاطفال يولدون واحدى خصيتهم او كلتاهما لا تزال داخل الجسم، افلسنا نفهم من ذلك ان هؤلاء الاطفال قد ساروا سيرة الجدود القدماء من طيور وبرمائيات وزواحف ؟
ان ما حدث في تكوين الخصيتين هي (ردة)، رجع فيها الطفل الى الوراء بمعنى ان ذاكرة الجدود القدماء كانت اقوى فيه من ذاكرة التطور الجديد الذي قضى ان تخرج الخصيتان وتتدليان من الجسم. وهذه الردة كثيرة الحدوث في الانسان. ونحن نسمي السمات القديمة اذا ظهرت شاذة في الانسان ردة كالشعر عادة والذيل في النادر، لكنها اذا ظهرت وعمت جميع الافراد تقريبا لم تعتبر ردة مثل (الزائدة الدودية)، وهي اثر حيواني قديم لا فائدة لنا منه. وهي لذلك ليست شاذة.
ولكن الردة كما تحدث في اعضاء الجسم كذلك تحدث في غرائز النفس ـ ـ فالطفل الذي يولد وخصيتاه في باطنه كالطيور، قد نجد بأزائه طفلا آخر يولد فإذا صار صبيا استيقظت غرائز هذه الحيوانات القديمة في نسيج جسمه وعقله معا، فالصبي يستحسن الاختلاط من خلف بقوة هذه الذاكرة المماتة. فهو يوقظ في نفسه غريزة، كان يجب ان تموت ولكنه يحييها.
فإذا شبً الصبي الى المراهقة وهو يستحسن الصبيان، وألف عادة اللواط واكب عليها، حينذاك تدمغ الصبغة البهيمة في مسالك اعصاب الدماغ في اللحاء الرمادي الخارجي للرأس (هذا ما يؤكده علم التشريح الباثولوجي). انذاك يشق على المصاب بهذه العادة ان يخرج منها حتى لو عرضت له اجمل نساء العالم.
في ضوء الشرح اعلاه، نلاحظ ان الاطفال والصبيان يلذ لهم مس اعضائهم التناسلية ومسحها، ونرى من واجبنا ان نزجرهم ونكفهم عن ذلك. فإذا صار الصبي الى سن المراهقة ووجد للشهوة سبيلا طبيعيا تنفرج اليه كالزواج، فذاك، وإلا فهو عائد الى الطريقة التي الهمته اياها غريزته وهو طفل، فيعود عندئذ الى المس والمسح (العادة السرية) التي تفشو بين 95 % من الشباب واكثر، وهي تبدأ منذ دور المراهقة حوالي سن 13 ـ 14، ولا يخفى ما لهذه العادة السيئة من انعكاسات نفسية ضارة.
. وبعبارة اخرى، اذا وجد الفرد ان ابواب التعارف الجنسي بالطرق الانسانية موصدة امامه، عمد الى باب الطريقة الشاذة ـ ـ وايضا اذا وجد ان هذه الطريقة القديمة قد اقفلت دونه ايضا عمد الى طريقة الصبا طريقة العادة السرية.
والعادة انه اذا كان الوسط الذي يعيش فيه الصبي يسمح له بالزواج عند سن البلوغ او بعده فان تلك الغريزة تكبت وتكتم، حيث تطغى عليها الغريزة الانسانية السليمة باستحسان المرأة. ولكن اذا كانت الظروف لا تؤاتي الفرد على الزواج، فان تلك الغريزة تبقى الى طور الشباب بل قد تتعداه الى الكهولة، فتتأصل عندئذ في النفس وتصبغها بصبغة حيوانية قديمة يعسر تغليب الصبغة الانسانية عليها، وذلك لان الغريزة الجنسية لا تجد مخرجا طبيعيا لها فتعود الى مخارجها القديمة وتنكفئ الى اللواط . . . ومن هنا انتشار هذه العادة بين جموع من يحرمون من النساء كالرهبان والجنود ونزلاء السجون، بيد ان الجندي عندما يُسرًح والسجين يُطلق سراحه ويتزوجوا، تعود حياتهم كما كانت حياة اعتيادية، اما اذا بقى احدهم مستمرا على العادة المقيتة مستحسنا الصبيان، تأصلت فيه العادة فيشق عليه عندئذ الاقلاع عنها. فالشاب الذي ينغمس في اللواط، هو كالصبي الذي يروح ويغدو وهو لا يزال عالقا بثدي أمًه يرضعه. . . انه قد عدا طور الرضاع ولكنه وجد تشجيعا عليه فثبت فيه. انه حرًم من الاختلاط الجنسي الصحيح واستبقى لنفسه هذه الغريزة القديمة المماتة، ينفًس بها عن الشهوة الجنسية الملحًة.
تتأخر عندنا سن الزواج عموما، وهي تتأخر اكثر في الدول الغربية. لكن هناك اختلاط الجنسين وهنا الانفصال، هناك الترفيه وهنا الكبت، والشاب هناك يختلط بالفتاة، فتستقيم خيالاته الجنسية لانها هي هدفه، ولكن الشاب العربي لا يجد غير الشبان من الذكور في سنه، فهو ينقل اليهم استطلاعه الجنسي ويتخيل جمالهم، لانه لا يرى غيرهم هدفا لغريزته.
فلا شرائعنا الدينية ولا اعرافنا الاجتماعية تسمح للفتى او الفتاة بالتعارف الجنسي خارج اطار الزوجية، فإذا كانت التربية الاسرية السليمة والهداية الدينية الرادعة، عاجزة عن معالجة هذه المشكلة، فلا يبقى امامنا من حل غير الزواج المبكر. وعلى عكس ذلك يتعرض شبابنا المراهق الى مخاطر الانحراف بشكل او بآخر.
لا يستطيع المبتلي بهذه العادة المكروهة ان يخفي حقيقته، فسرعان ما ينكشف سره، فينبذه المجتمع لسوء سمعته، وتنقطع علاقاته الاجتماعية الكريمة، كونه فاقدا لابسط قواعد الاخلاق والسيرة الحسنة، يحتقره محيطه ويزدريه، يفقد المصاب الجرأة للظهور في الاحتفالات و المناسبات الاهلية، فهو يشعر انه مجروح الشرف والكرامة، فيعيش مذموما مدحورا.
من هنا ندرك عظمة المسؤولية الملقاة على عاتق الوالدين في الرعاية المكثًفة لأبنائهم منذ عهد الطفولة وطيلة سنوات نموهم الى حين ان يستقروا في الحياة الزوجية، يجب التمعًن في سلوكهم، نراقبهم دوما، نعوًدهم على قيم الاخلاق العالية والعادات الفاضلة بغية تقوية شخصيتهم، تنجيهم من المزالق، ترشدهم الى الصراط القويم.
* مقتبس بتصرف من كتاب ـ اليوم والغد ـ لمؤلفه العلامة سلامة موسى. مع اضافة لكاتب السطور.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط