عن مُسلسل “الاختيار”.. متى تلتفت الدراما العراقية لبطولات أبناءها اثناء مواجهة داعش؟

عن مُسلسل “الاختيار”.. متى تلتفت الدراما العراقية لبطولات أبناءها اثناء مواجهة داعش؟

محمد وذّاح

قبل أيام انتهت الدراما الرمضانية، والتي تشتبك المسلسلات وتتنافس على المستوى المحلي والعربي خلال هذا الشهر الكريم، من أجل استقطاب المشاهد والامساك بهِ لأسباب عدة، قد تكون؛ سياسية أو أقتصادية أو أجتماعية، أو الثلاثة مجتمعة معاً، بحسب سياسة كل قناة تلفزيونية.

وإذا ما راجعنا تلك الأعمال الدرامية التي بثتها القنوات والفضائية العربية طوال شهر رمضان، يمكن للمُتلقي والمتابع العربي أنّ يشخص أو على الأقل بالنسبة لي كمتابع يبحث عن مضمون يحاول ايصال رسالة أو هدف من أي عمي فني وإدرامي، فأن هنالك عملين مصريين قد شدا إنتباهي وجعلاني اتسمر أمام شاشة التلفزيون منتظراً مشاهدتهما طوال أيام الشهر الكريم، فقد كانا يحملان مضموناً جيداً إضافة الى الحبكة والتسلسل الادرامي والإخراج الجيد وهما؛ (البرنس) و(الاختيار).

فالأول كان يحملُ مضموناً إجتماعياً جيداً، أبدع وإمتاز فيه الممثل الشاب (محمد رمضان) وزملاءه، بعد تحقيق أعلى مستوى مشاهد على الصعيد العربي، والعمل الدرامي الآخر يؤرخ لحقبة مهمة في مواجهة مصر للإرهاب المتمثل في تنظيم “داعش” في صحراء شمال سيناء، وكيف جسدت مصر حياة أحد ضباطها الأبطال (أحمد منسي) في عمل إدرامي، الذي ضحى بنفسه في سبيل حماية أرض وطنه وجنوده من إرهاب تنظيم داعش الغاشم، أطلق عليه منتجوه لقب “الاختيار” استعانة من الطريق الذي اختاره للدفاع عن وطنه واستشهد من أجله وبين زميله الضابط (هشام عشماوي) الذي اختار أن يكون ضمن صفوف التنظيم ويقتل ويخرب بلده.

وهنا ليس في محل نقد وتحليل هذا العمل الدرامي الذي نجح بإمتياز في مواجهة الإرهاب بالطرق الناعمة وتمكن من إيصال رسالة قد تكون أمضى من أي سلاح آخر بأنه لا خيار غير أن تكون مع وطنك وابناءه ضد كل من يحاول النيل منه، بقدر ما أحاول لفت الانتباه إلى إننا تمتلك العشرات بل المئات من القصص التي تفوق شجاعة (المنسي) وبطولاته وبسالته حين واجه أبناء العراق وحدهم في كفة والعالم في كفة أخرى، اعتى تنظيم إرهابي وحطم دولته المزعومة وكسر أركانها.

ولكن للأسف الشديد وبعد من مرور أكثر ست سنوات على احتلال داعش للعراق ومن ثم تحرير البلاد من سيطرته في نهاية عام 2017 وتقديم ألاف الشهداء من ابناءه، لم تلتفت الدراما العراقية لتُقدم لنا عملاً فنياً يليق بما قدمه واستبسل وضحى من أجله أبناء القوات الأمنية والحشد الشعبي، حين هب الشيب والشاب للدفاع عن الوطن بعد أن اطلق المرجع الاعلى السيّد على السيستاني فتوى الجهاد الكفائي في حزيران من العام 2014.

حتى على المستوى السياسي، معظم السياسيين العراقيين وقادة البلاد لم يكونوا مُخلصين لقضاياهم التي يدّعون إنها شأنهم الأول والبوصلة التي تحركهم كقضية الحشد الشعبي، عبر محاولة السعي لتجسيد بطولات شهداءه من خلال اعمال فنية تبقى راسخة في عقول الاجيال اللاحقة ولكي تبقى تتذكر أنه لولا تلك الدماء الزكية لما أمكن تحرير البلاد من تنظيم إجرامي متوحش عرفه العالم وأبتلى به العراق، لأن أهمية تدوين قصص هؤلاء الابطال، تكمن في أنها قوالب حافظة للقيم الحسنة والشجاعة الاستثنائية وانها قنوات لنقل المفاهيم التربوية السامية والإيثار والتضحية من جيل إلى آخر.

على الرغم من أن هنالك دعوات خجولة وبسيطة قد لا تكون مسموع مع الصخب السياسي الذي يعيشه العراق، نبه لها رئيس كتلة السند الوطني، النائب أحمد الأسدي، خلال استضافته في برنامج بثته قناة العراقية الرسمية خلال شهر رمضان- المسؤولة الأولى على ضرورة تجسيد بطولات العراقيين في مواجهة “داعش”- حين طالب (الأسدي) الحكومة العراقية والمؤسسات الاعلامية بضرورة توثيق لبطولات العراقيين والجرائم التي ارتكبها تنظيم “داعش” للاجيال المقبلة عبر اعمال ادرامية حتى لا تتكرر التجربة خاصة للأعمار التي لم تشهد سنوات النار والدمار.

لذلك من الضروري أن تلتفت المؤسسات الإعلامية العراقية والشخصيات السياسية، للدفع نحو تجسيد بطولات العراقيين اثناء مواجهة “داعش” عبر اعمال ادرامية وأفلام، لأنه أقل يمكن تقديمه تلك التضحيات والدماء الزكية التي منحها أبناء الوطن لتحرير البلاد والعباد من نير داعش، ومن أجل أن تبقى هذه البطولات محفوظة في ذاكرة الأجيال الحالية واللاحقة من العراقيين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here