العراق 2020: بلد على مفترق الطرق* | 1 – 2 |

ترجمه:عادل حبه
كما هو معروف ان العراق يعاني حاليًا من صدمات خارجية، بما في ذلك انهيار أسعار النفط وكوفيد- 19 وظهور داعش من جديد، وفي ذات الوقت تواجه البلاد تحديات داخلية مثل الفساد المستشري وضعف الخدمات الأساسية والبطالة والعمالة دون مستوى المؤهلات والوضع السياسي المضطرب والأزمة الخطيرة للموازنة.

لكي يتجنب العراق الانهيار السياسي والاقتصادي في 2020 – 2021، يجب على الحكومة أن تتعامل بشكل فاعل مع هذا المزيج المعقد من الازمات الخارجية والداخلية. ان هذا المقال يحدد أخطر التحديات التي تواجه العراق مع توصيات بسياسات محددة للتعامل معها.

هناك خمسة متطلبات أساسية يحتاجها العراق للخروج بنجاح من حالة الفوضى الحالية: أولًا، يجب على القيادة العراقية أن تثبت علنًا – بالفعل والقول – أنها جادة في ازالة الحواجز بينها وبين الشعب العراقي. ثانيًا، يجب على النخبة السياسية اتخاذ قرارات صعبة في الوقت المناسب فالتخبط لم يعد خيارا. ثالثًا، يجب على العراق التعامل مع كوفيد- 19 دون شل الاقتصاد غير النفطي. رابعًا، يجب إعطاء الأولوية لخلق وظائف في القطاع الخاص لتقليل اعتماد الاقتصاد على صادرات النفط الخام. وأخيرًا، من المهم جدا التعامل مع أزمة الموازنة الحالية دون التأثير على النمو الاقتصادي ودون تعريض امكانيات خلق فرص العمل للخطر. لا يتناول هذا المقال مشاكل الفساد والأمن المادي وسياسة النقد او سعر الصرف بشكل مباشر نظرًا لوجود جهات أخرى أكثر قدرة على تقديم المشورة بشأن هذه القضايا.

لن تنجح المبادرات السياسة التفصيلية التي تناقشها هذه الورقة دون تغيير جذري في تخطيط وعرض وتنفيذ السياسة الاقتصادية للعراق. كحد أدنى، يجب أن يكون هناك دعم قوي للمبادرات السياسية اللازمة من قبل المسؤولين المنتخبين والجهاز الاداري الحكومي وكذلك يجب تأمين الشفافية اللازمة لبناء الدعم الشعبي وتقييد الفساد. من الضروري أن تقبل السلطات بتحديد مشاركة الجهاز الحكومي في تنفيذ النشاطات الاقتصادية. ومن المهم أن نتذكر أنه لا توجد مساحة مالية لإنفاق جديد ويجب على المبادرات إما أن تولد إيرادات جديدة أو ان تتطلب الحد الأدنى من الدعم المالي الإضافي.

ينبغي للقيادات العراقية أن تتوقع ظهور فرص وتحديات غير متوقعة. يجب أن تكون الحكومة العراقية مستعدة للعمل بكل حكمة وبأساليب خلاقة في استجاباتها لهذه الأحداث غير المتوقعة. ان مستقبل العراق الان في أيدي العراقيين أكثر من أي وقت مضى، وعلى مدى الأشهر والسنوات القادمة سيتخذ العراق – أو سيفشل في اتخاذ – قرارات حاسمة لا رجعة فيها. يمكن للبلدان التي لها تاريخ طويل في الاستقرار الحكومي والازدهار الاقتصادي أن تتجاهل الظروف المتغيرة وان تتخذ قرارات غير واقعية. لكن العراق لا يمكنه ذلك.

يعاني العراق حاليًا من مجموعة معقدة من الصدمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان لم يتصرف الشعب العراقي بسرعة وحكمة، فإن انهيار أسعار النفط وأزمة الموازنة والنتائج التي سيخلفها كوفيد- 19 وهجمات ما تبقى من فلول داعش مع عدم الاستقرار السياسي الداخلي وتدخلات القوى الأجنبية كل ذلك يشير إلى مستقبل قاتم لـ 04 مليون عراقي.

الصدمات الخارجية

انخفضت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل (مزيج برنت) في منتصف شهر آذار 2020، ومن المتوقع أن تظل عند هذا المستوى لبقية العام. ويشير انخفاض الطلب الآسيوي وزيادة العرض من الولايات المتحدة والعراق نفسه إلى بقاء اسعار النفط دون مستوى 60 دولارًا للبرميل لمدة عقد أو أكثر من الزمن. يعتمد العراق بشكل أكبر على صادرات الموارد الطبيعية – النفط الخام – أكثر من أي دولة أخرى في العالم. في عام 2019، شكل النفط أكثر من 60 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، و 92 ٪ من إجمالي الإيرادات الحكومية، وحوالي 99 ٪ من صادرات الدولة . ونتيجة لذلك لا يزال الاقتصاد العراقي يحيا أو يموت بسبب العرض والطلب العالمي على النفط .

تشير التقارير إلى أن عدد وفيات كوفيد- 19 المعلن عنها في العراق بلغ 102 حالة وفاة ولغاية 5 أيار وبما يعادل 2.7 حالة وفاة لكل مليون شخص، وتعد هذه النسبة منخفضة نسبيًا مقارنة بحالات الوفاة لدى جيران العراق إلى الشرق حيث اعلنت إيران عن 6418 حالة وفاة بمعدل 78.5 وفاة لكل مليون. ومع ذلك، فإن تقديرات العراق لعدوى ووفيات كوفيد- 19 ربما تكون منخفضة للغاية لعدة أسباب فهناك نقص في معدات الفحص وكذلك في عدد الكادر المدرب لاستعمالها وتحليل النتائج. ومع ان الحدود بين العراق وايران مغلقة رسميا إلا ان هناك معابر غير رسمية يسهل اختراقها مما يؤدي إلى احتمال كبير لحركة الأشخاص المصابين عبر الحدود. وأخيرًا، ليس لدى الكثير من العراقيين الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي خيار في تجنب الاختلاط مع الآخرين حيث انهم لن يتمكنوا من توفير لقمة العيش ان لم يعملوا.

بعد هزيمة داعش في الموصل في كانون الأول/ديسمبر 2017، انخفض عدد الوفيات الناتجة عن الإرهاب بشكل حاد من 13183 في عام 2017 إلى 2392 فقط في عام 2019 أي بنسبة أكثر من 80%، وهذا هو أقل مجموع سنوي للوفيات الناتجة عن العنف في العراق منذ بدء جمع البيانات في عام 2003 . ومع ان داعش ليست “دولة” كما كانت تدعي في السابق إلا انها والجماعات المرتبطة بها تستمر في شن هجمات إرهابية ضد الأسواق والأماكن الأخرى التي يتجمع فيها المواطنون. وبرزت مؤخرا حوادث تشير الى تسارع وتيرة ونطاق هجمات داعش الإرهابية ويشمل ذلك عودة ظهورها في محافظات ديالى وصلاح الدين والانبار.

التحديات الداخلية

العراق مثقل بالفساد على نطاق واسع ووفقًا لمنظمة الشفافية الدولية، احتل العراق المرتبة 162 من بين 180 دولة تم تقييمها . إن الفساد في المستشري لا يثقل كاهل الأعمال فحسب، بل ويقوض ثقة الشعب في الحكومة وقدرتها على توفير الخدمات وتحقيق النمو الاقتصادي.

ان الحصول على الخدمات الأساسية ذات الجودة لا يزال مشكلة. على الرغم من الاستثمارات الضخمة خلال العقد ونصف العقد الماضيين، لا يزال معظم السكان لا يحصلون على الكهرباء على مدار الساعة أو المياه النظيفة أو الخدمات الصحية.

يعاني العراق بصورة كبيرة من البطالة والعمالة دون مستوى المؤهلات. ومنذ انهيار أسعار النفط في بداية عام 2014، عجزت الحكومة عن أداء دورها التقليدي كـ”صاحب الملاذ الأول للعمل”. ووجدت إحدى الدراسات أن أكثر من 80 ٪ من الشباب في بغداد عاطلون عن العمل أو يعملون باعمال دون مستوى مؤهلاتهم، بما في ذلك أكثر من 40 ٪ من حديثي التخرج من الجامعات العراقية.

في فترات عدم الاستقرار السياسي كان رد الطبقة السياسية العراقية هو الاستمرار في التخبط. ومع ذلك، فإن الأزمة السياسية الحالية غير مسبوقة. حيث عانى القادة السياسيون داخل المنطقة الخضراء لمدة طويلة لتشكيل حكومة أخرى بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. ومنذ أكتوبر 2019، كانت هناك احتجاجات كبيرة ضد الفساد ونقص الخدمات الأساسية، وكان رد الحكومة على هذه الاحتجاجات السلمية في الغالب في بغداد والمدن الكبرى الأخرى اما التواصل المضطرب مع المتظاهرين أو استعمال العنف. مع انهيار أسعار النفط هناك أزمة حادة في الموازنة تؤدي إلى عجز يقدر بـ 29 ٪ أو أكثر . ولن تكون الإيرادات المتوقعة لعام 2020 كافية لدفع 52.1 مليار دولار (61.6 تريليون دينار) المطلوبة لرواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية ناهيك عن النفقات المتعلقة بالأمن والصحة والتعليم والحصص التموينية ومستحقات شركات النفط الدولية وخدمات الديون.

خيارات تمويل هذا العجز محدودة فهناك القليل من الاقبال على السندات الحكومية العراقية في الأسواق المحلية أو الدولية. وفي ضوء الانكماش الاقتصادي المرتبط بكوفيد- 19 في جميع أنحاء العالم فان من غير المرجح أن تكون هناك مساعدات كبيرة من دولة إلى أخرى. وأخيرًا، لا يمكن للعراق أن يواصل تسييل الدين الحكومي دون التأثير على استقرار سعر صرف الدينار الى الدولار. وبلغ إجمالي الاحتياطيات الدولية للعراق 67.6 مليار دولار في نهاية عام 2019، ولكن بحلول نهاية شباط 2020 انخفض ذلك إلى 59 مليار دولار وبدون زيادة كبيرة في الإيرادات فان ذلك سيحتم على الحكومة العراقية أن تخطط لتخفيض كبير وفوري في النفقات.

دعوة لاتخاذ إجراءات

• تمثل الأزمة الحالية متعددة الجوانب فرصة لتغييرات جذرية في السياسات تم تجنبها في الماضي.

– ان عواقب الفشل في تطوير ستراتيجية عملية للتنمية السياسية والاقتصادية ستكون وخيمة. وبسبب ضيق الوقت، وقد يكون من الأفضل أن تكون هناك مجموعة خاصة تمثل القطاعين العام والخاص لوضع مثل هذه الستراتيجية للتعامل مع أزمة الوضع الحالي. حيث لا يمكن للعراق أن ينتظر العملية البيروقراطية الطويلة في كتابة سادس خطة خمسية للتنمية والتي قد تصبح قديمة وتحتاج للتحديث حتى قبل نشرها . لقد حان الوقت لكي يتقبل كبار السياسيين والقادة الحكوميين هذا الواقع الجديد.

ما الذي يجب فعله

• يجب أن تثبت القيادة الوطنية علنا – من خلال الأفعال والكلمات – أنها جادة في إزالة الحواجز بينها وبين الشعب العراقي.

• يجب على المجتمع السياسي اتخاذ قرارات صعبة وفي الوقت المناسب.

• يجب أن يتعامل العراق مع كوفيد- 19 دون شل الاقتصاد غير النفطي .

• يجب إعطاء الأولوية لخلق وظائف في القطاع الخاص لتقليل الاعتماد على واردات النفط.

• من الضروري التعامل مع أزمة الموازنة الحادة دون التأثير على النمو الاقتصادي أو تعريض امكانيات خلق فرص العمل للخطر.

• ليس هناك سبيل لمعرفة المستقبل.

متطلبات المبادرات لسياسة ناجحة في العراق 2020

• دعم قوي من المسؤولين المنتخبين والبيروقراطية الحكومية.

• الشفافية لبناء الدعم العام ومحاربة الفساد.

• قبول الحكومة بتحديد مشاركتها في النشاطات الاقتصادية.

• لا توجد مساحة مالية لإنفاق جديد ويجب على المبادرات القادمة أن تولد إيرادات جديدة أو ان تتطلب الحد الأدنى من الدعم المالي الإضافي.

تفكيك الحواجز بين القيادة العراقية والشعب العراقي

هناك اعتقاد واسع النطاق في العراق بأن المسؤولين المنتخبين وكذلك قيادة الأحزاب السياسية والوزارات والمؤسسات المملوكة للدولة تشكل النخبة التي تركز بشكل أساسي على الحفاظ على مستويات المعيشة العالية والامتيازات الأخرى بدلًا من السعي لتحسين رفاهية بقية الشعب العراقي. وكانت الاعتراضات على هذه النخبة من أحد الدوافع الرئيسة

للاحتجاجات الكبيرة في بغداد والمدن الأخرى. ان انعدام الثقة هو شيء متبادل حيث أعرب العديد من أعضاء النخبة السياسية بالكلمات والأفعال عن اعتقادهم بأن باقي الشعب لا يمكن الوثوق به لاتخاذ قرارات حتى وان كانت على مستوى بسيط.

إذا كانت النخبة السياسية في البلاد تنوي قيادة العراق خلال هذا المزيج المعقد من الصدمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فعليها أولًا استعادة ثقة الشعب وسيتطلب ذلك إجراءات غير مسبوقة يسهل على الشعب العراقي ملاحظتها والحكم عليها.

• إعادة فتح المنطقة الخضراء التي تعتبر رمزًا واضحا للامتياز.

• تحقيق مفتوح يشمل الأشخاص المسؤولين عن مقتل المتظاهرين على مدى الأشهر الستة الماضية بضمنهم أولئك الذين أطلقوا النار والذين أعطوا الأوامر. وبما أن الثقة في نزاهة القيادة الحكومية منخفضة حاليًا، فقد يتطلب هذا التحقيق مشاركة منظمة دولية. ويجب أن تؤدي النتائج على الأقل إلى تسمية المسؤولين، على الرغم من أن الملاحقة القضائية ستمثل رسالة أقوى بأن الحكومة تدعم العدالة للضحايا.

• تقليل نفوذ التنظيمات مثل الجماعات الدينية والأحزاب السياسية والدول الأجنبية في العمل اليومي للحكومة العراقية.

• ان 7500 من مسؤولي الحكومة الفيدرالية وحكومات الاقاليم والمحافظات ملزمون بتقديم كشوفات الذمة المالية سنويًا إلى هيئة النزاهة. ووفقًا للهيئة، فان هناك تباينًا بعدد الملتزمين بهذا المتطلب من المسؤولين المنتخبين وغير المنتخبين. لذا يجب اتخاذ الاجراءات القانونية ومحاسبة اولئك الذين لا يلتزمون بهذا المتطلب .

• سحب معظم الامتيازات المالية من الرؤساء الحاليين والسابقين ونواب الرؤساء والوزراء وأعضاء مجلس النواب. وهذا سيشمل المخصصات الكبيرة للأمن والنقل والضيافة والإقامة. وفي حين كانت هناك مناقشات رفيعة المستوى تقترح تخفيض الرواتب على جميع المستويات وكذلك تعليق الزيادات والترقيات لجميع موظفي الدولة؛ كان هناك القليل من النقاش العام حول تقليص حتى بعض من الامتيازات التي تمتعت بها النخبة. كمثال على ذلك، غالبًا ما يحتفظ المسؤولون باماكن اقامتهم الرسمية المرتبطة بمختلف المناصب الحكومية حتى بعد مغادرتهم لتلك المناصب وذلك مقابل دفع إيجار رمزي. ان تقليص مثل هذه الامتيازات او ايقافها سيقطع شوطا كبيرًا في كسب ثقة الشعب التي طالما كانت الحكومة في امس الحاجة اليها.

يجب على المجتمع السياسي اتخاذ قرارات صعبة وفي الوقت المناسب

لقد أتقن السياسيون العراقيون فن التخبط في كل الأزمات لتجنب القرارات الصعبة وبدلًا من ذلك كان تركيز الطبقة السياسية هو ضمان حصول كل مجموعة سياسية رئيسية على نصيبها من السلطة السياسية والمكافآت المالية المصاحبة لها. ونتيجة لهذا التركيز على

التعظيم الشخصي فشل المسؤولون العراقيون المنتخبون في تنفيذ حتى المتطلبات الأساسية للديمقراطية التي حددها دستور 2005.

بعد استقالة رئيس الوزراء لم يتمكن مجلس النواب من اختيار رئيس وزراء جديد في الوقت المناسب في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2019 (المادة 76 من دستور 2005) ولم يتمكن مجلس النواب من الموافقة على ميزانية 2020 (المادة 62) وبالتالي ففي هذا الوقت من التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الصارخ؛ تخضع نفقات الحكومة العراقية لميزانية 2019 عندما كان الوضع مختلفًا تمامًا. إضافة إلى ذلك تواصل بيروقراطية بغداد الهيمنة على مفاصل الحياة في البلاد حيث نجحت في اعاقة الجهود الرامية إلى تحقيق الفيدرالية الحقيقية التي دعا إليها الدستور (المادتان 145 و 114) ولا يوجد حتى الآن قانون وطني للنفط على النحو الذي تتطلبه المادتان 111 و 112. وقد فشل مجلس النواب حتى في القيام بالواجب المباشر من الناحية الفنية لإجراء تعداد سكاني كان يجب أن يتم “في موعد لا يتجاوز 31 ديسمبر 2007” (المادة 140) وفي ضوء أزمة العراق الحالية المعقدة والمتعددة الأوجه، لم يعد الاستمرار في التخبط خيارًا صالحًا. حان الوقت ليتخذ الوطنيون قرارات صعبة.

يجب كسر هيمنة البيروقراطية في بغداد على الحياة اليومية للعراق لثلاثة أسباب. أولًا، هناك الكثير من الاختلاف السياسي والاقتصادي والثقافي بين المحافظات ولا يمكن لوزارة في بغداد صياغة سياسة واحدة تلبي بشكل فعال احتياجات جميع المحافظات. ثانيًا، تهيمن الأحزاب السياسية على معظم الوزارات في بغداد ولهذه الاحزاب قوة دعم تتركز في احد المحافظات او المناطق. ويعتقد على نطاق واسع أن الوزارة التي يسيطر عليها حزب ما تركز على المنطقة التي يكون لديها فيها دعم سياسي بدلا عن المناطق الاخرى. وأخيرًا، وبغض النظر عن عدد الكيلومترات، هناك مسافة نفسية كبيرة بين العراقيين الذين يعيشون ويعملون خارج بغداد والوزارات التي تتحكم بالكثير من حياتهم اليومية. لذلك فأن القرارات المتخذة على مستوى المحافظات أو حتى الاقضية تعكس الاولويات الحقيقية لسكان تلك المناطق.

• ينبغي السماح لرئيس الوزراء باختيار ليس فقط مدير مكتبه ولكن أيضا جميع أعضاء مكتب رئيس الوزراء.

• على مجلس النواب ان يتم وعلى الفور اقرار موازنة عام 2020 بما يعكس حقيقة تراجع الإيرادات في البلاد. حيث لا يمكن للعراق الاقتراض بشكل قانوني ما لم يقر مجلس النواب الموازنة العامة.

• يجب أن يصوت مجلس النواب على قانون النفط الوطني الذي نوقش كثيرًا اما بالموافقة أو بالرفض.

• لحل المخاوف بشأن ما إذا كان مجلس النواب ممثلًا حقيقيًا للشعب وكذلك للمضي قدمًا في قضية كركوك فيجب على مجلس النواب أن يدعو إلى إجراء تعداد سكاني وطني ممول بالكامل عام 2021 وهو أول تعداد حقيقي للسكان منذ عام 1987 .

• يجب أن يتحرك العراق نحو الفيدرالية الحقيقية المنصوص عليها في المادة 1 من الدستور.

– في ضوء فشل مجلس النواب في تمرير أي تشريع ذي معنى أو حتى في تنفيذ ولاياته الدستورية وبما يتفق مع المادة 65 من الدستور فعليه إنشاء مجلس اتحادي يضم ممثلين من الاقاليم والمحافظات.

– العمل على تقاسم مسؤوليات تخطيط وتنفيذ الأنشطة الحكومية بين السلطات الوطنية والسلطات الإقليمية او المحلية كما نوقش في المادة 114.

– النص على تقاسم عائدات النفط بين الحكومات الوطنية والإقليمية والمحلية للسماح لها بأن تصبح مسؤولة عن توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والشرطة والخدمات الصحية.

– باستثناء تنظيم المنظومة المالية؛ يجب أن يتم تنفيذ النظم التجارية والصحية والتعليمية من قبل سلطات المحافظات أو السلطات المحلية وليس من قبل بغداد.

• يفتقر مجلس النواب إلى سكرتارية مهنية غير سياسية ومستقلة لدعم عمله بفاعلية. وينبغي إنشاء وتمكين هذه الأمانة لجعلها قادرة على إنفاذ أفضل الممارسات والإجراءات المناسبة للحد من التدخل السياسي.

– يجب أن تتحول جهود بناء القدرات في مجلس النواب من تدريب نواب فرديين إلى تعزيز قدرات الأمانة العامة.

• لا يمكن لأي برلمان العمل بفاعلية إلا في بيئة معدة لهذا الغرض، وإن أي ترتيب بديل مثل المستخدم حاليًا في بغداد يشل عمل البرلمان ويسيء إلى هذه المؤسسة الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم مبنى جديد للبرلمان في تعزيز الهوية الديمقراطية للعراق وبالتالي تغيير النظرة الشعبية للبرلمان. لذلك، وعندما تتمكن الحكومة من السيطرة على ازمة الموازنة، فعليها أن تبدأ ببناء مبنى مجلس النواب الجديد باستخدام التصميم الذي تم اختياره بالفعل دون مزيد من التأخير.

• الشفافية أمر حاسم لجميع قضايا المحاكم المتعلقة بكبار الطبقة السياسية والبيروقراطية الحكومية. ومن المهم بشكل خاص السماح لوسائل الإعلام بالتعرف علنًا على أي مسؤول يستخدم وكيلًا له في الإجراءات القانونية.

• باستثناء شهادة الزور تحت القسم، يجب أن يكون المحامون الذين يمثلون المواطنين العراقيين أو المنظمات غير الحكومية في مأمن من العواقب الوخيمة التي تفرضها الحكومة نتيجة لهذا التمثيل وكذلك يجب حمايتهم من محاولات الثأر العشائري أو الاجتماعي.

——-

* كتب هذا المقال أعضاء المجلس الاستشاري لمجلس الأعمال العراقي البريطاني (IBBC ) مؤلفو هذا المقال هم كل من البروفيسور فرانك ر. جونتر (مؤلف رئيسي) والبروفيسور محمد الأزري والدكتور ريناد منصور والسيد هاني عكاوي والسيد حسين الأزري والسيد شوان عبد العزيز أحمد والسيد كريستوف ميشيلز.

العراق 2020: بلد على مفترق الطرق | 2 – 2 |

كما هو معروف ان العراق يعاني حاليًا من صدمات خارجية، بما في ذلك انهيار أسعار النفط وكوفيد- 19 وظهور داعش من جديد، وفي ذات الوقت تواجه البلاد تحديات داخلية مثل الفساد المستشري وضعف الخدمات الأساسية والبطالة والعمالة دون مستوى المؤهلات والوضع السياسي المضطرب والأزمة الخطيرة للموازنة.

لكي يتجنب العراق الانهيار السياسي والاقتصادي في 2020 – 2021، يجب على الحكومة أن تتعامل بشكل فاعل مع هذا المزيج المعقد من الازمات الخارجية والداخلية. ان هذا المقال يحدد أخطر التحديات التي تواجه العراق مع توصيات بسياسات محددة للتعامل معها.

يجب أن يتعامل العراق مع كوفيد- 19 دون شلّ الاقتصاد غير النفطي بسبب النقص في معدات الفحص والكادر المدرب قد تكون مشكلة كوفيد- 19 في العراق اخطر بكثير مما تم الاعلان عنه. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في معدات الحماية الشخصية (PPE) على صعيد القطر مثل الأقنعة والملابس الخاصة مما يعرض العاملين في المجال الطبي الى خطر الاصابة بالفايروس.

– إن حجم أزمة كوفيد- 19 يتجاوز القدرة الحالية لنظام الصحة العامة في العراق ويجب على الحكومة البحث عن شركاء من القطاع الخاص للمساعدة في تقديم رعاية جيدة لجميع المصابين.

• استخدام تحدي كوفيد- 19 للمضي قدماً في إصلاح الخدمات الصحية بالاستخدام الأفضل للموارد وتعزيز قدرة الوصول إلى الرعاية الصحية وتأمين معايير رعاية صحية عالية الجودة، وعلى وجه الخصوص منح الاولوية لأنظمة صحية مهنية.

• ايقاف الرقابة على تقارير وسائل الإعلام المحلية والدولية بما يخص كوفيد- 19 .

• اختبار كبار المسؤولين المنتخبين والزعماء الدينيين علنًا للحد من الخجل فيما يتعلق باحتمال الإصابة بكوفيد- 19.

• السعي الجاد للحصول على الدعم الدولي لتأمين كادر طبي ماهر من المنظمات الدولية وكذلك المنظمات الخيرية الخاصة.

• التوجه لتدريب الطلاب الدارسين في كليات ومعاهد الطب والتمريض المدعومة حكوميا حول التعامل مع حالات كوفيد- 19 ومن ثم تكليفهم للعمل في العيادات والمستشفيات وفرق المتابعة.

• توفير حوافز مالية على الفور للإنتاج المحلي لمعدات الحماية الشخصية وإنشاء “منصة آمنة” لحماية المنتجين المحليين لهذه المعدات من أي مسؤولية قانونية غير مرتبطة مباشرة بجودة المعدات المنتجة.

• مقاومة الضغوط الإيرانية لإعادة فتح الحدود لان إيران لديها أعلى معدل للإصابات في المنطقة.

• بناءً على البيانات المحدودة للعدوى، فان انتشار اصابات كوفيد- 19 غير متساوٍ عبر المحافظات. لذا يجب وضع إجراءات للحد من الإصابات العابرة للحدود بين المحافظات. وبعد الاختبار يسمح للمحافظات ذات المستويات المنخفضة من حالات كوفيد- 19 بتخفيف القيود على العمل والتجمعات العامة.

إعطاء الأولوية لخلق وظائف في القطاع الخاص للحد من الاعتماد على النفط

على الرغم من الحاجة الماسة لقطاع خاص نشط غير نفطي لخلق فرص عمل فإن موقف الحكومات العراقية تجاه الشركات الصغيرة والمتوسطة الخاصة يمكن وصفه بالعدائي. وبحسب دراسة للبنك الدولي بعنوان “مسح سهولة ممارسة أنشطة الأعمال” فقد احتل العراق المرتبة 171 من أصل 190 دولة شملها المسح . ان ضوابط “الحصول على الائتمان” سيئة للغاية في العراق، حيث يمتلك العراق أسوأ الضوابط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و فيما يخص “حلول العجز عن الوفاء بالالتزامات المالية” فان العراق يمتلك أسوأ الضوابط في العالم. وبالإضافة إلى ذلك فإن شركات القطاع الخاص مثقلة بتكاليف الفساد الذي يعم جميع مفاصل الدولة.

ومما يزيد من أعباء القطاع الخاص محدودية الحصول على الخدمات المالية. حيث يعاني العراق من نقص كبير في عدد المصارف حيث يوجد 4.5 فرع مصرفي و4.0 جهاز صراف آلي لكل 100.000 من السكان في العراق مقارنة بمتوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغ 14 و 36 على التوالي. ولدى العراق أيضا أدنى نسبة ائتمان محلي للقطاع الخاص من قبل المصارف وهو 9٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي بينما يبلغ متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 55% .

ولا يزال مصرفي الرافدين والرشيد يعانيان من تركة العهد البائد. وعلى الرغم من عدم وجود أي تسوية بين هذين المصرفين والبنك المركزي العراقي منذ عام 2003، لكن يُعتقد أن كلا المصرفين لديهما حاليًا قروض متعثرة بنسبة 35 % وصافي قيمة سلبي .

لدى العراق بالفعل قطاع خاص كبير يوظف حوالي 20 % من القوى الوطنية العاملة لكنه يعمل في الاقتصاد غير الرسمي أو ما يسمى بالاقتصاد “الخفي” مع جميع أوجه القصور المرتبطة بمثل هذا النوع من الاقتصاد. وإن تقليل العداء التنظيمي تجاه القطاع الخاص إلى جانب الحد من الفساد من شأنه أن يسمح لهذه الشركات غير الرسمية بالتحول إلى الاقتصاد الرسمي مما سيمنح الاقتصاد كفاءة اكبر ويخلق فرص العمل ويسهل جمع الضرائب.

• الترشيد والتنظيم السريع للقوانين التجارية للبلد ولضوابط العمل الأخرى للحد من العداء تجاه القطاع الخاص، ومن الممكن اعتماد القانون التجاري لدولة الإمارات العربية المتحدة.

– من الممكن إنشاء منطقة اقتصادية خاصة لتجربة لوائح وقوانين غير معقدة.

– يوجد صندوق معاشات تقاعدية للقطاع الخاص مضمون من الحكومة ومدعوم بمساهمات من أرباب العمل والعاملين في القطاع الخاص ولكن التغطية محدودة. ولتحفيز المشاركة يجب أن تحصل الشركات التي تسجّل العاملين فيها في هذا الصندوق على تخفيض ضريبي.

• ضمان حصول المؤسسات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة على الخدمات المالية.

– يقدر أن 50 ٪ من العراقيين يمتلكون هاتفًا ذكيًا لذا يجب أن يسمح بالتوسع السريع في الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول (المعروفة أيضًا باسم الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول) والتي من شأنها أن تسمح بتحويل الأموال من شخص لآخر. يجب على السلطات التنظيمية العراقية مقاومة المحاولات الحالية لتقييد الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول من أجل حماية المصارف المتواجدة على الارض.

– العمل في نفس الوقت على السماح بإنشاء سجل ائتمان عام وسجلات ائتمان منافسة للقطاع الخاص للسماح للمصارف بتقييم مخاطر القروض بشكل أكثر دقة.

– تشجيع الاندماج بين المصارف الخاصة، وإنشاء مؤسسات لتأمين الودائع في المصارف التجارية والإسلامية للقطاع الخاص والسماح لها بالمشاركة في تعاملات المؤسسات الحكومية والزام المصارف التي لديها أكثر من فرع واحد للعمل بنظام مصرفي موحد.

– إنشاء مصرف “سيئ” لاستيعاب الأصول السيئة في مصرفي الرافدين والرشيد وفرض المعايير الدولية والتدريب على مصرفي الرافدين والرشيد وتحفيز مهم على المشاركة في تقديم الخدمات المالية للقطاع الخاص بما في ذلك القروض العقارية

فصل وزارة المالية عن المصارف الحكومية والخاصة. ويجب أن يتحمل البنك المركزي العراقي وحده مسؤولية تنظيم الضوابط ومراقبة المصارف.

– يجب على العراق إنشاء مصرف للتنمية أو الاستثمار لتوفير تمويل المشاريع للقطاع الخاص. ويجب أن لا يقوم هذا المصرف باستثمارات “الدينار الأول” بسبب احتمالات الفساد بل يجب أن تكون القروض جزءا من كلفة الاستثمارات الخاصة المشروعة.

• منع استيراد المنتجات الزراعية والمنسوجات. هاتان الصناعتان قابلتان للتوسع بسهولة وتتطلبان نفقات رأسمالية صغيرة نسبيًا والحد الأدنى من الواردات ومن الآلات المستوردة الإضافية مما سيوفر وظائف للأشخاص ذوي التعليم المحدود.

– يجب أن تشتمل سلال نظام التوزيع الغذائي العام على المنتجات المصنوعة او المزروعة محليا بنسبة 100%.

• زيادة الرسوم الجمركية على قائمة محدودة من السلع الكمالية.

• التحول إلى شراكات بين القطاعين العام والخاص أو خصخصة تقديم الخدمات البلدية وبناء المساكن وبناء الطرق وصيانتها والتعليم.

• احد القيود الرئيسة على القطاع الخاص هو انخفاض مستوى التعليم والمهارات المحدودة لدى العاطلين عن العمل.

– تحاول وزارة التربية والتعليم في الوقت الحالي ليس فقط تنظيم جودة التعليم الاساسي والثانوي ولكن أيضًا بناء المدارس وتوظيف المعلمين وشراء الكتب المدرسية وتشغيل المدارس. يجب أن يقتصر عمل وزارة التربية والتعليم على تنظيم وتمويل جهود التعليم في المحافظات والاقضية وفي القطاع الخاص.

– يجب أن يركز العراق استخدام موارده العامة والخاصة لتحقيق محو الأمية أولاً وخاصة بين الشباب، ثم على التعليم الابتدائي الشامل الجيد والتعليم الثانوي بما في ذلك التدريب المهني. ولا يجب أن يكون التعليم نظريا فقط – وهو القوة التقليدية للتعليم العراقي – ولكن يجب ان يشمل أيضًا التطبيقات العملية والعمل على تشجيع التفكير النقدي.

– يجب تنسيق التدريب المهني بشكل وثيق مع متطلبات وظائف القطاع الخاص لزيادة امكانية التوظيف المنتج. وبعبارة أخرى، يجب أن تعكس المواد التي يتم تدريسها في مؤسسات التدريب المهني حاجة القطاع الخاص وليس دفع المؤسسة التعليمية.

– باستثناء كليات الطب والأكاديميات العسكرية، ينبغي للحكومة أن تقلل دعمها للتعليم العالي لحين ضمان حصول كل عراقي على تعليم ثانوي عالي النوعية.

– تخفيف القيود المفروضة على المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الأخرى لإدارة المدارس الخاضعة لتوجيه المناهج العامة. كما يجب تخفيف الضوابط التي تقيد التعلم عبر الإنترنت.

– على وزارة التعليم العالي منح استقلالية أكبر للجامعات. ويجب أن تنتقل الوزارة من عملها في الرقابة التشغيلية الى التركيز على التأكد من ضمان جودة التعليم ومنح الاعتماد الاكاديمي المناسب.

• بدون الميزانيات الحسابية المدققة وبيانات الدخل التي تلتزم بالمعايير الدولية، سيكون من الصعب تحقيق نمو القطاع الخاص وإصلاح القطاع العام والشراكات الناجحة بينهما وتشجيع الاستثمار الدولي المباشر وغير المباشر. بالإضافة إلى ذلك فإن زيادة الشفافية تقدم مساهمة قيمة في مكافحة الفساد. وفي الوقت الحاضر فان امكانية وصول شركات المحاسبة والاستشارات الدولية إلى العراق محدودة للغاية.

– يجب على الحكومة مراجعة اللوائح المحاسبية القديمة التي كان هدفها الرئيس هو منع المنافسة الدولية للمحاسبين والمراجعين العراقيين، وينبغي منح شركات المحاسبة والاستشارات الدولية الكبرى إمكانية التعامل مع المؤسسات العراقية دون عوائق.

– ينبغي التزام الوزارات والوكالات والمؤسسات المملوكة للدولة بإخضاع حساباتها للتدقيق من قبل احدى شركات المحاسبة الاربعة الكبرى في العالم، اسوة بالبنك المركزي العراقي.

من الضروري التعامل مع الأزمة الحادة في الموازنة دون التأثير على النمو الاقتصادي ودون تعريض فرص العمل للخطر

من المتوقع أن يقلل انهيار أسعار النفط من عائدات تصدير النفط لعام 2020 بما يقدر بنحو 70 مليار دولار مقارنة بعام 2019. وقد أدى انخفاض أسعار النفط وتكلفة التعامل مع كوفيد- 19 وشلل القطاع الخاص وتكاليف تأمين الخدمات العامة الضرورية إلى خلق حالة أزمة خطيرة في الموازنة يصعب ايجاد الحلول السهلة لها. لذا يجب على الحكومة زيادة الإيرادات أو خفض النفقات بشكل كبير للحد من العجز الذي يلوح في الأفق للفترة المتبقية من عام 2020 أو ستواجه انهيارًا كاملاً في عام 2021.

• من الضروري البدء فورا بتجميد قانون الرواتب وإجمالي نفقات المعاشات التقاعدية – والذي يمثل الجزء الأكبر من الانفاق الحالي – ولكن ذلك بحد ذاته غير كافي حيث يجب ايضا النظر في إجراء تخفيض أكثر استهدافًا لرواتب وامتيازات النخبة من المسؤولين الحكوميين.

• يجب تجنب تخفيض رواتب الموظفين الحكوميين ذوي الأجور المتدنية لأن مثل هذه التخفيضات ليست فقط غير عادلة بل ستزيد على الأرجح حوافز الفساد. ومع ذلك، ان توجب إجراء مثل هذه التخفيضات فيجب اعتبارها قرضًا إلزاميًا بدون فائدة للحكومة ويستحق السداد في مدة لا تزيد عن 4 سنوات.

• بسبب معارضة الوزارات والمؤسسات المملوكة للدولة لا يزال التعداد البيومتري لموظفي الدولة والمتقاعدين، والذي يهدف الى تقليل عدد متعددي الرواتب والموظفين الوهميين والذي اخذ عقدًا من الزمن، غير مكتمل.

– يجب على الحكومة تخفيض الأموال المحولة إلى الوزارات والمؤسسات المملوكة للدولة كرواتب لموظفيها إلى مبلغ يساوي رواتب الموظفين المسجلين فقط في التعداد.

– هناك تقارير واسعة الانتشار عن الموظفين “الأشباح” الذين يتلقون راتبًا حكوميًا لكنهم لا يعملون وأشخاصًا يشغلون وظيفتين أو أكثر من الوظائف الحكومية. بعد الأول من تموز، يجب استبعاد أي شخص يشغل وظيفتين أو أكثر بشكل دائم من أي وظيفة حكومية بغض النظر عن درجته الوظيفية.

• تخفيض الدعم الحكومي

– يشكل قطاع الكهرباء عبئًا كبيرًا على الموارد العامة حيث يمثل الدعم المباشر وغير المباشر للقطاع 9.6 ٪ من جميع النفقات الحكومية وعلى الرغم من أن التكلفة التقديرية للكهرباء تبلغ حوالي 10 سنتات / كيلو واط ساعة فإن متوسط تعرفة الكهرباء يبلغ حوالي سنت واحد / كيلووات ساعة فقط، وقليل من المستهلكين يدفعون هذا المبلغ، ونتيجة لذلك فهناك القليل من التمويل لتغطية تكاليف صيانة الشبكة وتطويرها. بالإضافة إلى ذلك فإن تعرفة الكهرباء المنخفضة تشجع على الإسراف في الاستخدام لذلك يجب أن يتحمل المستهلك المنزلي معدل تكلفة إنتاج الكهرباء التي يستهلكها ان تجاوز الحد الادنى من الاستهلاك.

– يجب على الوكالات الحكومية والمؤسسات المملوكة للدولة وشركات القطاع الخاص دفع متوسط تكلفة إنتاج الكهرباء بدءًا من استهلاكهم لأول كيلو واط ساعة.

– يجب إلغاء جميع أشكال دعم الوقود للكيانات الخاصة أو العامة. ويجب تحديد أسعار الوقود بضمنها البنزين والكيروسين والديزل وما إلى ذلك وحسب ما يحدده السوق.

– تميل الشركات المملوكة للدولة في الوقت الحالي إلى أن تكون منتجة للسلع والخدمات ذات الجودة المنخفضة وبتكلفة عالية، وأن دعمها المباشر وغير المباشر يشكل استنزافًا كبيرًا للموازنة. لذا يجب على الحكومة توجيه مؤسساتها ذات التدفق النقدي السلبي باستثناء المؤسسات الامنية – والتي هي في معظمها شركات مملوكة للدولة خارج صناعة النفط – بأن تفرض تجميدًا فوريًا للتوظيف والترفيع والعلاوة.

• استبدلت تعديلات تشرين الثاني 2019 لقانون التقاعد العام 9 / 2014 النظام السيئ السابق بنظام حالي أسوأ. وبصيغته المعدلة فإن نظام التقاعد العام غير مستدام من الناحية المالية ويزيد من عدم المساواة بين الرواتب العامة والخاصة ويفشل في توفير المعاشات التقاعدية الكافية . و لتجنب العبء المتزايد لبرنامج فاشل على الموازنة، يجب على مجلس

النواب عكس تعديلاته لعام 2019 والتصويت على مشروع قانون التقاعد العام الذي اقره مجلس الوزراء في عام 2016.

– نحو ثلثي إنتاج العراق من الغاز الطبيعي يحرق دون الاستفادة منه، وفي نفس الوقت يستورد العراق الكهرباء بأسعار السوق من تركيا وإيران. على العراق أن يستثمر في انشاء خطوط الأنابيب والبنى التحتية الأخرى التي ستمكنه من استخدام الغاز الطبيعي المحروق عديم الكلفة لإنتاج الكهرباء بدلاً من الإنفاق الحكومي على استيراد الكهرباء.

– يجب دمج وزارة النفط ووزارة الكهرباء في وزارة واحدة للطاقة للحد من النقص في التنسيق والهدر الذي زاد بشكل حاد من الإنفاق الحكومي.

– يجب أن تكون الأولوية للاستثمار العام الذي يدعم بشكل مباشر نمو القطاع الخاص مثل زيادة توفير الكهرباء وصيانة الطرق والجسور ونظام إنترنت عالي السرعة على مستوى الدولة. ان وجود قطاع خاص نابض بالحياة سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة.

• للمساعدة في تمويل العجز يمكن إنشاء “سندات نفطية” للبيع للشعب العراقي. سيتم بيع هذه السندات بسعر مزيج برنت الحالي من النفط. وعندما تصل أسعار مزيج برنت إلى سعر معين محدد مسبقًا سيتم استرداد السندات تلقائيًا بسعر الشراء بالإضافة إلى نصف مكاسب السعر .

– خيار إضافي هو ان تقوم البنوك المحلية بإصدار سندات لمشاريع محددة مثل مشاريع الإسكان.

• للحد من تدفق الاحتياطيات الدولية من البنك المركزي من خلال مزاد العملة اليومي يجب على الحكومة مراجعة الفواتير ومطابقتها مع البيانات الجمركية. ويجب حظر البنوك والمؤسسات الأخرى التي لديها إمكانية الوصول إلى مزاد العملة والتي ثبت أنها قدمت فواتير مزورة من المشاركة في المزاد لفترة زمنية محددة.

ليس هناك سبيل لمعرفة المستقبل

تكون أي خطة جيدة ان بنيت على افتراضات وبيانات سليمة. وعلى القيادات العراقية أن تتوقع ظهور فرص وتحديات غير متوقعة. للاستجابة الى مثل هذه الأحداث غير المتوقعة يجب أن تكون الحكومة العراقية مستعدة للعمل بحكمة وبأساليب خلاقة. ان مستقبل العراق الان في أيدي العراقيين أكثر من أي وقت مضى، وعلى مدى الأشهر والسنوات القادمة سيتخذ العراق – أو سيفشل في اتخاذ – قرارات حاسمة لا رجعة فيها. ان البلدان التي لها تاريخ طويل من الاستقرار الحكومي والازدهار الاقتصادي يمكن ان تتجاهل الظروف المتغيرة وتتخذ قرارات غير واقعية، لكن العراق لا يمكنه ذلك.

______

كتب هذا المقال أعضاء المجلس الاستشاري لمجلس الأعمال العراقي البريطاني (IBBC ) نيابة عن المنظمة. IBBC هي شركة خيرية في المملكة المتحدة ومنظمة غير حكومية في العراق. الغرض الجوهري للمنظمة هو تنمية القطاع الخاص في العراق من خلال تسهيل التجارة والاستثمار ونقل المعرفة إلى العراق عبر التعاون الوثيق مع الحكومتين العراقية والبريطانية. للحصول على معلومات تفصيلية حول IBBC والمجلس الاستشاري يرجى زيارة الرابط الالكتروني www.iraqbriatainbusiness.org

مؤلفو هذا المقال هم كل من البروفيسور فرانك ر. جونتر (مؤلف رئيسي) والبروفيسور محمد الأزري والدكتور ريناد منصور والسيد هاني عكاوي والسيد حسين الأزري والسيد شوان عبد العزيز أحمد والسيد كريستوف ميشيلز (ممثلا عن ادارة IBBC ). للسؤال أو التعليق يرجى الاتصال على البريد الالكتروني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here