ازمة الولايات المتحدة الامريكية…بداية سقوط دولة؟ ام سقوط رئيس؟

حكمت مهدي جبار

ان ماحدث في ولاية مينيسوتا الامريكية من جريمة قتل للمواطن الاسود (جورج فلويد) من قبل افراد من شرطة المدينة وبطريقة بشعة اشعلت وسائل الاعلام العالمية واستفزت الضمير الانساني.وهذه الجريمة هي ليست غريبة على مجتمع مثل المجتمع الامريكي المليء بجرائم القتل والتمييز العنصري ومنذ عقود عبر تعاقب رؤساء الادارة الامريكية.

ومن الواضح ومنذ سنين أمتاز المجتمع الامريكي بكثرة مشاكله وعلى مستويات عدة.يضطهد فيها الانسان تحت عناوين الحرية والديمقراطية التي يتبجح بها رؤساء الادارات التي توالت على امريكا.وتتصاعد المشاكل داخل المجتمع الامريكي ويكون المواطن هو الخاسر سيما اولئك المواطنين السود الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع الامريكي. غير ان وقاحة الامريكان يجملون من وجهها ليجعلو منها ام الديمقراطية والانسانية.فضلا عن تباهيها بقوتها العسكرية وهيمنتها على العالم.

وعندما وقعت حادثة تفجير مبنى التجارة العالمي في 9 أيلول 2002 ليثير غضب الامريكان واتهاماتهم ضد العرب والمسلمين ودول اخرى بالارهاب.راحت الولايات المتحدة الامريكية تلعب دور المظلوم المسكين.وكأنها هي صديقة الشعوب المظلومة وهي صانعة السلام.ولكن وقوع الجريمة في هذه الظروف التي تعيشها الولايات المتحدة الامريكية خاصة والعالم عامة تأتي لتحتل اهتماما بالغا. فهي جريمة كشفت عن تأريخ حافل بالتمييز العنصري واغتصاب حقوق شعبها تحت ذرائع الحرية والديمقراطية واحترام الانسان.

بعد مقتل المواطن الامريكي الاسود(جورج فلويد) خرجت مظاهرات في عدة مدن امريكية ومن دول اخرى تدين هذه الجريمة ليكون هناك شبه إجماع على أن العنصرية ضد ذوي البشرة السوداء مازالت متغلغلة في المجتمع الأمريكي.كانت جريمة بشعة تلك التي قام بها الشرطي الامريكي وهو يدوس على رأس المواطن الاسود حتى قتله كما عرضته وسائل الاعلام وهذه الجريمة سرعان ما أعادت فتح ملف الاضطهاد الذي يتعرض له المواطنون السود على أيدي الشرطة، وبعض مؤسسات الدولة، رغم مرور عام أو أكثر على إلغاء قوانين التمييز العنصري، فالفوارِق ما زالت موجودة.

يستحضر المراقبون وهم يشهدون وقوع جريمة قتل المواطن الاسود ما اتخذه ترامب من موقف عندما فاز بالانتخابات الامريكية يوم تبنيه البيض الذين كانو سببا في فوزه وتهجمه على الرئيس باراك أوباما كـ (أسود) والتشكيك بمولده ومسقط وحملاته ضد المهاجرين والمسلمين منهم خاصة، فربما تكون تلك الممارسات كأسباب أدت حدوث ممارسات ضد المواطنين السود والتمييز العنصري في دولة ترفع شعار تدعي الحرية والاخاء والمساواة في العالم.

وهذا مايدعوا الى وقفة لموقف ترامب من السود وقفة ربما تضع عدة احتمالات سواء كانت دفينة في نفسه كرجل ابيض كموقف من السود.غير ان رفضه لما حدث قد يغير الحسابات واتوقعات.ثم انه ورغم ردة فعل المجتمع الأمريكي ازاء الحادث لكن الحكومة لم تتخذ الاجراءات التي من شانها ان تعيد حق المواطن من خلال محاسبة القتلة واحترام دمه كانسان.وان انطلاق الاحتجاجات في امريكا ضد هذه الجريمة البشعة انما هي احتجاجات ضد السلوك العدائي للأمريكيين أصحاب البشرة البيضاء، تجاه مواطنيهم من السود، وتجدد مرات ومرات على أن الكلام المنمق الذي تستخدمه الإدارات الأمريكية المتعاقبة للحديث عن بعض وجوه المساواة والعدالة المتحققة في المجتمع الأمريكي، ليست حقيقية وإنما تخفي خلفها صورة قبيحة لهذه الدولة، لا يمكن قبولها في القرن الحادي والعشرين، ويدلل في الوقت ذاته على أن الاضطهاد والعنصرية متأصلان في الولايات المتحدة، رغم أن الدعاية الأمريكية منذ زمن طويل تحاول أن تصور هذه البلاد وشعبها بأنهم يعيشون في مدينة فاضلة أشبه بمدينة أفلاطون.

ان موت (جورج فلويد) هو صرخة جديدة في وجه عنصرية الرجل الأبيض الأمريكي.وبالتالي هي موقف معين ضد سياسة رئيس الادارة الامريكية اليوم (ترامب) بما قد يثار من هواجس تقربه وتعنصره للبيض.

ان العنصرية في أمريكا ليست ظاهرة جديدة حيث عانى الأمريكيون من أصل أفريقي ومن أصل إسباني ومواطنون آخرون من غير البيض من التمييز على مر السنين. لكنها تزايدت في عهد ترامب لأن تعصبه يظهر باستمرار، مُعديا ً بذلك الملايين من أتباعه الذين يحاكونه بشكل أعمى بفخر. لا يفتقد أي كلمات للتعبير عن ازدرائه ضد الملونين. قال في كانون الثاني (يناير) 2018 ،: “لماذا يأتي إلى هنا كل هؤلاء الناس من دول قذرة؟” “لماذا نحتاج إلى المزيد من الهايتيين؟ أخرجهم. “

باختصار ، يعتبر ترامب عنصريًا حتّى العظم ، ولا يمكنه أبدًا إخفاء كراهيته ضد الأمريكيين غير البيض بغض النظر عن مواقفهم ومساهمتهم اليومية في رفاهية البلاد. وما قاله عن قاضي فدرالي يشرف على دعوى جماعية ضد جامعة ترامب يلخص تعصبه: “إنه مكسيكي. نحن نبني جدارًا بين هنا والمكسيك. الجواب هو أنه يعطينا أحكامًا غير عادلة – أحكام لا يصدقها الناس حتى”. الرئيس الذي يروج للعنصرية لا يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى ، فهو يحط من عظمة أمريكا ، ومن أجل ذلك سيتم تذكره بازدراء واحتقار.

اقترح ترامب أو نفذ منذ توليه منصبه سياسات ضد الهجرة تتعارض مع تاريخ الولايات المتحدة كدولة مكونة من المهاجرين. في البداية ، دعا ترامب إلى عمليات ترحيل واسعة النطاق “لنقل ملايين الأجانب غير الشرعيين” من الولايات المتحدة “بالسرعة التي يصلون بها.” ولإيقاف الهجرة غير الشرعية ، أصرّ ترامب على بناء جدار على طول الحدود المكسيكية كلّف حتى الآن أكثر من 11 مليار دولار ، بغض النظر عن حقيقة أن مثل هذا الجدار المادي لن يمنع المهاجر المصمم من دخول الولايات المتحدة – في الواقع ، معظم الناس الذين لا يحملون وثائق في الولايات المتحدة هم أولئك الذين تجاوزوا مدة تأشيراتهم (عادة ما يسافرون بالطائرة) ، وليس أولئك الذين يعبرون الحدود الجنوبية (700.000 تجاوزوا مدة تأشيرات إقامتهم في عام 2017 مقابل 300.000 عبروا الحدود المكسيكية ، وهو أيضًا رقم قياسي منخفض).

ما نسي ترامب للأسف هو أن هذا البلد تم بناؤه على ظهور المهاجرين من جميع أنحاء العالم. جاء الملايين من المهاجرين إلى الولايات المتحدة لتحقيق الحلم الأمريكي، من العمال الذين قاموا ببناء خطوط السكك الحديدية الأمريكية إلى الملايين الذين يزرعون الأراضي الأمريكية اليوم وعشرات الآلاف من العلماء والفنانين والكتاب وغيرهم الكثير من جميع مناحي الحياة الذين قدموا مساهمات بعيدة المدى في تقدم أمريكا، الأمر الذي جعل البلاد رائدة في كل مجال من مجالات الحياة.

إنه تقليد الترحيب بشكل عام بهؤلاء المهاجرين واحتضانهم هو الذي جعل أمريكا عظيمة في المقام الأول ، ولكن أترك الأمر لترامب لوقف تدفق المهاجرين باسم جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى ، في حين أن سياسة الهجرة الخاصة به تحرم الولايات المتحدة من جذب المواهب اللازمة للحفاظ على عظمة أمريكا.

فهل هذه الاحتجاجات والمظاهرات واضطراب الامن في امريكا بداية لظروف واحوال تجابهها السياسة الامريكية وخاصة سياسة ترامب؟وهل ان قول الرئيس دونالد ترامب بأنه (متفهم للألم) و(ان لعائلة جورج الحق في العدالة) سيشفع له ليظهره بصورة حسنة امام الشعب الامريكي وامام العالم؟

ان الولايات المتحدة الامريكية التي جعلت من نفسها وصية على العالم وتضرب اينما تريد ترسل قواتها الى اي مكان في العالم توجه الاوامر بمقاطعة هذه الدولة او تلك .. تفرض الحصار على كل دولة لا توافقها الرأي والمواقف .. تصنف الدول وانظمتها بحسب مصالحها ومفاهيمها.لا تعترف بأي قوانين ولامعايرها بما في ذلك قوانينها الخاصة .. تلك هي الولايات المتحدة الامريكية الدولة التي تلوح (بعصى القوة) في كل قارات العالم ودولها بالخضوع والطاعة لها واتباع اوامرها منطق لا يمكن ان يسود الا في الغاب حيث صراع البقاء والبقاء للاقوى بين الحيوانات .

تلك هي (أميركا) الدولة القوية والتي ربما بدأت تدب اليها نسمات وربما تتحول الى رياح وعواصف؟امريكا التي لم تنفك لحد الآن ورغم اضطارب وضعها الداخلي تريد ان تحكم العالم وفرض سيطرتها عليه بمنطق القوة دونما اعتبار لقوانين دولية دون احترام لما حصل في العالم مؤخرا من تطورات وثورات تكنولوجية جبارة وثورة في مجال المعلومات غيرت العالم والذي اصبح بموجب ذلك قرية كونية صغيرة .

ان جريمة قتل هذا المواطن الاسود لم تضر فقط بالشعب الامريكي فحسب انما كشفت عن جوهر السياسة الامريكية المتمثل بسياسة القوة التي تتبعها الولايات المتحدة الامريكية في مختلف البلدان والتي اصبحت هاجسا يؤرق العديد من الانظمة في العالم وما حصل مؤخرا في الشرق الاوسط وبالتحديد في المنطقة العربية خير دليل على تلك السياسة الرعناء لامريكا.

لقد شهد العالم كله اعتدءات من قبل امريكا مخلفتة دمارا واسعا لكل البنى التحتية للدول التي وقع عليها الاعتداء.وضحايا من البشر يقدر مئات الالاف ومنها افغانستان والعراق وسورية واليمن وغيرها.ولم تكتفي بالاعتداءات انما قامت بانشاء قواعد عسكرية برية وجوية في الاراضي العراقية متخذه من ذلك منطلقا للهجمات على الدول المجاورة وهذا ما حدث مؤخرا بالقرب من مطار بغداد من غارة جوية ادت الى استشهاد قاسم سليماني قائد فيلق القدس وابو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي العراقي ورفاقهما في عمل ادق وصف له بالعربدة العسكرية الامريكية دون مراعاة للسيادة الوطنية العراقية والقوانين الدولية .

استهترت الولايات المتحدة الامريكية بالعالم لم يعد هناك امان منها على المستوى الدولي واصبح الخوف يسيطر على الانظمة وقادة دول العالم يتجنبون اغضاب سيد البيت الابيض خوفا من بطشه وجبروته. لكن وكما يقال (ما بعد الكمال الا النقصان). فهاهي الولايات المتحدة الامريكية بعد تربعها على سيادة العالم بدأت ملامح افول نجمها وهذا منطق التاريخ الذي يجب التسليم به. فابستقراء سريع لاحداث التاريخ وحقبه المختلفة نرى ان امبراطوريات جبارة قد سادت في العديد من دول العالم في حقب تاريخية مختلفة وافل نجمها ودمرت واصبحت اثرا بعد حين.

هل بدأ العد التنازلي لترامب؟

ان المراقب لما وقع ويقع اليوم في امريكا يجد وكأن هناك شواهد على ظهور بوادر لسقوط الامبراطورية الامريكية:

• على المستوى الداخل الامريكي المتمثل بظهور بوادر التمييز العنصري ومحاربة المواطنين السود.

• على مستوى حلفائها الذين بدأوا يتذمرون من السياسة الامريكية واتساع موجة الكراهية لهذه الدولة في مختلف دول العالم وبروز تكتلات دولية عصرية جديدة على سبيل المثال مجموعة بريكس وعودة روسيا كلاعب قوى في السياسة الدولية وبروز العملاق الصيني كقوة اقتصادية منافسة للقوى الاقتصادية الامريكية يمكن القول بكل تاكيد ان مسالة الافول الامريكي قد بدات فعلا .

• أوقع ترامب في مجالات عدة ضررا ً ليس فقط على شعوب العالم بل الشعب الأمريكي وبالبلاد ككلّ وبسمعة أمريكا في الخارج. وما لم تُتّخذ تدابير من قبل رئيس جديد لعكس عواقب تصرفات وسياسات ترامب المتهورة، فإنّ هذه مجتمعة ً ستضعف بشكل دائم مكانة أمريكا العالمية وتحط من ديمقراطيتها وتمزق نسيجها الإجتماعي وتشكّل تهديداً لدستورها.

• كلنا نعلم كيف ان ترامب عندما ترشح لرئاسة امريكا لمنصبه كان متباهيا جدا ومغرورا بامواله وثرواته..وقد رفع شعار(اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى). وهو بذلك يقول ان امريكا قبله كانت عظيمة قبله فجاء ليعيدها الى عظمتها.

• باحثون في الشأن السياسي الامريكي يقولون أن عظمة أمريكا أصبحت في الماضي البعيد. ففي أقل من فترة واحدة في منصبه قام ترامب بشكل منهجي بقطع لبنة لبنة من عظمة أمريكا وجعل منصب الرئاسة مخزونًا للضحك في نظر القوى الصغيرة والكبيرة على حد سواء. وفي حين كانت الدول حول العالم تُظهر احترامًا وإعجابًا هائلين لأمريكا كدولة، لقيمها الإجتماعية والسياسية وثرواتها الثقافية وابتكاراتها العلمية والتزامها بحقوق الإنسان، فإن نجم أمريكا في ظلّ رئاسة ترامب قد خفت بشكل سريع وبشكل ٍ مشؤوم إلى حد قد يستغرق سنوات للتعافي منه. وانتخاب ترامب لولاية أخرى مدتها أربع سنوات سيعيد أمريكا إلى الوراء، الأمر الذي سيسبب ضررًا كبيرًا على العديد من الجبهات التي قد لا يمكن إصلاحها.

• كثرة انتقادات السياسيون والمراقبون لترامب بشدة في عدد من المناسبات واهمها عندما أشاد بخصومه وقوّض أهمية حلف الشمال الأطلسي (الناتو) – وهو تحالف يشكل الأساس الأمني للنصف الغربي من الكرة الأرضية في حين يخدم مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في القارة الأوروبية. وعلى هذا النحو تصرّف ترامب مباشرة بطريقة تعود بالنفع على الرئيس الروسي بوتين وتضرّ بمصلحة أمريكا، وهو بالضبط ما كان يأمله بوتين.

• انسحاب ترامب من صفقة إيران التي تم التفاوض عليها دوليًا إلى تعميق العلاقات العدائية بالفعل مع طهران. وقرر فجأة سحب القوات الأمريكية من سوريا. وعلى الرغم من بقاء بعض القوات الأمريكية في الخلف، فقد أضعف نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، الأمر الذي زاد من تعزيز موطئ قدم روسيا وإيران في سوريا مما أثار استياء أصدقائنا وحلفائنا في الشرق الأوسط.

• فشل ترامب فشلاً ذريعاً في نزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية ، معتقدًا بسذاجة أنه يمكنه استخدام “مهاراته التفاوضية السحرية” لإقناع دكتاتورها كيم جونغ أون بتفكيك ترسانته النووية. وبدلاً من ذلك، ومن خلال مقابلة الديكتاتور الكوري الشمالي ثلاث مرات، أضفى عليه فقط الشرعية وتركه حرًا في استئناف اختبار الرؤوس الحربية النووية والصواريخ البلاستية العابرة للقارات.

• لم يتمكن ترامب من ادارة الحرب التجارية مع الصين فكانت ميتة منذ البداية حيث عاقبت في الغالب المزارعين الأمريكيين الذين لم يتمكنوا من تصدير منتجاتهم إلى الصين. واقترح “صفقة القرن” على الأرجح لتشكيل سلام إسرائيلي فلسطيني دون أي مساهمة فلسطينية، وهذه ماتت عند وصولها المنطقة.

• أعطى إسرائيل مؤخراً من خلال وزير الخارجية بومبيو الضوء الأخضر بالقول إن الأمر متروك لإسرائيل لاتخاذ قرار بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وبالتالي إحباط أي احتمال لسلام إسرائيلي فلسطيني يقوم على حل الدولتين.

• أفعاله أو تقاعسه في قضايا السياسة الخارجية الرئيسية ، ومن خلال تصريحاته المضللة وفشله في العمل عن كثب والتشاور مع حلفائنا في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا ، ومن خلال الإنسحاب إلى حد كبير من القضايا العالمية، فقد ترامب مصداقيته. ونتيجة لذلك ، أهدر دور القيادة العالمية للولايات المتحدة التي كانت أمرا ً أساسيا للإستقرار العالمي النسبي منذ الحرب العالمية الثانية.

• زاد بالتأكيد استقطاب الحزب بشكل جذري في عهد ترامب. ووفقًا لبيانات جالوب يواجه ترامب أعلى درجة من الإستقطاب السياسي من أي رئيس بعد الحرب العالمية الثانية ، خاصة خلال فترة عامه الثاني والثالث في منصبه. لقد لعب ترامب دورًا رئيسيًا في تقسيم البلاد حول عدد من القضايا الحاسمة ، بما في ذلك تغير المناخ وتعيين قضاة محافظين للغاية (تم تصنيف بعضهم على أنهم “غير مؤهلين” من قبل نقابة المحامين الأمريكية) ، وحقوق النساء الإنجابية. وأصبحت الحزبية السياسية تحت حكم ترامب هي القاعدة في واشنطن بغض النظر عن القضية المطروحة، الأمر الذي أدى غالبًا إلى شلل الكونجرس.

• أصبحت عبارة “نحن ضدهم” الشعار الذي يحكم كل لقاء تقريبًا بين الجمهوريين والديمقراطيين. الجانب الأكثر حزناً هو أن الإستقطاب السياسي تسرب إلى المجال العام ، حيث أثار التحريض على الكراهية الشخصية الشديدة وكثيراً ما دمر الصداقات بل وعزل أفراد الأسرة عن بعضهم البعض.وأدى استخدام اللغة المهينة واللاإنسانية في حملات ترامب العامة والتغريدات المخزية إلى إثارة الكراهية وزيادة استقطاب الأمة وتسمّم الأجواء بين العديد من الديمقراطيين والجمهوريين.

• زيادة الفقر في أمريكا على مدى السنوات الأربع الماضية ادى الى معاناة الأطفال على وجه الخصوص. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 11 مليون طفل يواجهون الجوع على أساس يومي ، مع تزايد عدد المتسربين من المدرسة لأن الجوع المطول يسبب ضعفًا في النمو ويؤدي إلى مشاكل سلوكية. وفي حين أن ترامب لم يخلق مشكلة الفقر ، إلا أنه لم يفعل شيئًا لمعالجتها – لا يمكنه “جعل أمريكا عظيمة” وفي نفس الوقت يسمح لهذا النوع من الفقر المتفشي بتدمير جيل كامل.

• انتهاكات حقوق الإنسان في عهد ترامب أثارت تساؤلات جدية حول التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان وهو مجال دافعت عنه أمريكا تاريخيا في جميع أنحاء العالم. انتهاكات ترامب لحقوق الإنسان أطول من أن تُعد. ويكفي ذكر عدد قليل فقط لإثبات خطورة هذه الجرائم. بادئ ذي بدء ، سحب ترامب الولايات المتحدة في يونيو 2018 من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وهو أهم هيئة لحقوق الإنسان في العالم، وذلك احتجاجًا على انتقاداته المتكررة لمعاملة إسرائيل للفلسطينيين.

• كان أحد أول أعماله كرئيس إلغاء توجيهات الطلاب المتحولين جنسياً من أوباما للمدارس ؛ وبعد فترة وجيزة أعلن أن المتحولين جنسياً لم يعد بإمكانهم الخدمة في الجيش. ترفض إدارته بشكل عام الإعتراف بالهوية الجنسية كطبقة محمية بموجب قانون الحقوق المدنية ، ولا سيما الباب السابع.

• تم فصل أكثر من 2500 طفل بالقوة عن والديهم على الحدود الأمريكية من قبل الجمارك ودورية الحدود بموجب سياسة ترامب الصريحة. وتم تعيين طاقم مكتب إعادة توطين اللاجئين لتقديم الأدوية النفسية – قسرا في بعض الأحيان – للأطفال المهاجرين في أحد مرفق ولاية تكساس.

• أظهر ترامب القليل من الإحترام للنساء حيث يعاملهن كمواطنات من الدرجة الثانية في أحسن الأحوال. أنهى ترامب قاعدة من عهد أوباما تطلبت من الشركات التي لديها أكثر من 100 موظف الإبلاغ عن عدد العمال الذين يتقاضون أجورهم من حيث العرق والجنس بهدف سد الفجوات بين الجنسين والأجور العرقية من خلال شفافية أكبر في الأجور.لا يعتقد ترامب أن للمرأة الحق في تحديد خططها الإنجابية أو تنظيم الأسرة ، بل إن إدارته دعت إلى إلغاء مناقشة الصحة الجنسية والإنجابية من وثائق الأمم المتحدة. تدعي إدارته أن المصطلحات تعزز الإجهاض قائلة “لا يوجد حق دولي في الإجهاض”. وفي هذا الصدد انضمت الولايات المتحدة إلى روسيا والمملكة العربية السعودية والسودان واليمن ومصر وليبيا وغيرهم – وجميعهم سيئو السمعة بسبب مواقفهم ضد النساء.

• حاول ترامب عدة مرات تقويض أو إنهاء قانون الرعاية الصحيّة بأسعار معقولة (ACA) الذي تبنّاه أوباما والذي تعهد بتنفيذه. وأزال الجمهوريون عقوبة الإنتداب الفردية في عام 2017 في محاولة لتقويض مشروع قانون الصحة.

• في خضم جائحة فايروس كورونا رفض ترامب تحديد فترة تسجيل مفتوحة للرعاية الصحية بموجب قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة (ACA) في الوقت الذي فقد فيه العديد من الأشخاص التأمين الصحي الذي يرتبط عادة في الولايات المتحدة بالوظيفة. وفي حين لا يزال بإمكان الأشخاص التقدم بطلب للتسجيل الخاص بسبب فقدان وظائفهم (وبالتالي التأمين الصحي المقدم من صاحب العمل) ، فإن إنشاء فترة تسجيل مفتوحة واستثنائية كان سيخفف العبء على ملايين الأمريكيين الذين تكون حاجتهم للتأمين الصحي حرجة في هذا الوقت، خاصة عندما يتوقع أن يكون هناك 40 مليون أمريكي غير مؤمن عليهم (زيادة عن 29 مليون غير مؤمن عليهم قبل الوباء)..

بات من الواضح وفي ظل هذه الأزمات والمشاكل الحالية أن ترامب ببساطة غير لائق ليكون رئيسًا. إنه غير كفؤ تمامًا ويفشل باستمرار في مواجهة تحديات مكتب الرئاسة. لقد أدت قراراته بالفعل إلى مقتل عشرات الآلاف من الأمريكيين، وجلبت تعليقاته غير المسؤولة والمتهورة وتأملاته الإحراج والعار والإرتباك والخطر إلى داخل المنازل الأمريكية.

هل ستسقط أمريكا؟

وهل ستسقط خاصية كونها أهم المتحكمين بالعالم؟

سؤال ربما يبدو للوهلة الاولى غريبا!! أو لايعقله أحد لامن السياسيين ولا من المثقفين ولا المواطنين العاديين.ثم اذا لو سقطت امريكا فماهي اسباب سقوطها؟ هل تراكم اسباب الفشل في السياسات او هل بسبب كورونا ام بسبب الوضع الاقتصادي او بسبب سوء الادارة للرئيس ترامب؟

من الواضح أن للولايات المتحده الأمريكية دور لايخفى فى المساهمة بدفع عجلة التقدم الانساني الحضاري بغض النظر عن طريقة إدارة رؤساءها المتعاقبين رئيس تلو رئيس.وكذلك في بعض مساعداتها لبعض الدول..لكن هذه الدولة العظيمة بدأت تعاني من مشاكل صارت تتعاظم بوما بعد يوم وأهمها هي توقف الكثير من المصانع عن العمل فى خلال الفترة الأخيرة، وملايين من المواطنين تعجز الدولة عن منحهم فرصة عمل لائقة.فضلا عن ارتفاع مديونية الولايات المتحدة للصين نتيجة الغزو الممنهج للبضائع الصينية غير القانونية والمدعومة حكوميًا للسوق الأمريكية منذ عام 2001.ومؤشرات اخرى تدل على أضرار جسيمة لحقت بالاقتصاد الأمريكى، وتهدد ازدهاره بسبب الصعود السريع والمستمر لجمهورية الصين الشعبية.وتوسعها المتسارع للاقتصاد على حساب امريكا، ومن تزايد القوة العسكرية الصينية، باعتبارها ستكون خطرًا قد لا يمكن احتواؤه، وستوثر على المصالح الأمريكية فى دول العالم الثالث.اضافة الى ماتحدث به باحثون حول عن الانحسار المتزايد للطبقة الوسطى فى أمريكا.منذ عهد الرئيس الأسبق رونالد ريجان.

في الحقيقة اننا عندما نطرح سؤال عن هل ان امريكا ممكن ان تسقط؟ فأننا لانقصد أنه ليس انهيارها واختفاءها من على خريطة العالم، أو تفككها جغرافيًا، أو حتى تحوّلها إلى دولة فقيرة، بل يعنى أن تنفلت خيوط اللعبة السياسية الدولية من بين أيديها، أو بمعنى آخر أن تتحول من المهيمن الأول إلى مجرد طرف فاعل، مثلها مثل دول أخرى.بينما كانت أمريكا تتوقع أن تتحول إلى قوة عظمى وحيدة تسيطر على الكوكب، وتتحكم فى شؤونه بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، لكن ما حدث هو أن قوى أخرى صعدت، خاصة بعد تكوّن الاتحاد الأوروبى، والتطور الصناعى الكبير الذى أحرزته اليابان، ومن ثم الصين وهذا حال دون ظهور عالم أحادى القطبية.

أن تطور الدول التي نافست امريكا واحتمالات تحالفها مع قوى أخرى مناهضة للولايات المتحدة كروسيا والصين، يجعل من الصعب استمرار الحال على ما هو عليه، فإذا أخذت أوروبا- على سبيل المثال- فى اعتبارها تعزيز القيمة العالمية لليورو أكثر، فربما تصبح عملتها فى يوم ما ندًا قويًا لسيطرة الدولار على الأسواق الدولية.

لانعتقد ستسقط امريكا كدولة…انما يسقط رؤساء وزعماء.. وسقوط الرئيس هو سقوط شخص تسقط معه سياسته ومنهجه واسلوبه..اما الدولة كفهوم فهو باق بمؤسساته وحلقاته ودوائره..ولانعتقد ان الرئيس الذي يقود بلاده نحو الحرية والعدل والمساوة بين الجميع ويدعو لرفع راية الوطن الواحد سيسقط..الا اذا غزيت البلاد واغتصبت الارض قسرا وجورا..

ستسقط عنجهية السياسة الامريكية وسطوة حكامها على الشعوب الفقيرة..وستفرض الارادة الدولية شخصيتها وستأتي بلدان اكثر تطورا ونموا واقتصاد تلعب دورا فاعلا بدلا عن امريكا..وسيكون للتوازن العالمي حضوره الفاعل من اجل خدمة الانسانية والامم الفقيرة والمظلومة..وسينال ابناء الاعراق من السود والبيض حرياتهم في ظل رئيس غير ترامب يحكم بالعدل..وستبقى امريكا قوية محترمة اذا ما احترمت الامم الاخرى واحترمت قوتها وتأريخها وسمعتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here