التصعيد مع الكيان الإسرائيلي بين العاطفة والعقلانيّة

التصعيد مع الكيان الإسرائيلي بين العاطفة والعقلانيّة
مراد سامي

أُثير جدل واسع المدى منذ إعلان الكيان الإسرائيلي عزمه ضمّ أجزاء من الضفّة الغربيّة وغور الأردن إلى أراضيه، عبّرت أطراف محليّة وإقليمية ودوليّة عن موقفهم من هذا التطوّر السياسيّ في علاقة بملف الاستيطان، واجتمع رأي كبير رافض لهذا القرار بين دعاة للتصعيد ودعاة للتريّث والتمهّل والتفكير في أقوم المسالك للتعامل مع الوضع الجديد.

رغم إعلان رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن فسخه لكلّ الاتفاقيات الموقّع عليها مع النظير الإسرائيلي فإنّ الأمر أكثر تعقيدا على الصّعيد العمليّ، إذ لا يخفى على كلّ متابع من كثب طبيعة العلاقات المتشعّبة بين كيان الاحتلال وفلسطين، فالتنسيق يتجاوز الجانب السياسيّ إلى جوانب أخرى أكثر تأثيرا على الشعب الفلسطيني، أهمّها التنسيق الطبّي والاقتصادي، إذ يعاني القطاع الطبّي مثلا من نقص المعدّات والخبرات والتجهيزات، لذلك يضطرّ الكثير من الفلسطينيّين للذهاب إلى إسرائيل للحصول على العلاج المناسب.
بعد إفصاح حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة عزمها الاستحواذ على مناطق كبيرة تابعة للتراب الفلسطيني توتّرت العلاقات بين الطّرفين. وكما ذكرنا، ذهبت السلطة الحاكمة في فلسطين ومن ورائها فتح لإلغاء العلاقات مع إسرائيل، ودعت حماس للتصعيد العسكريّ لمجابهة هذا المشروع، لكن تعلم الأغلبية من الطّرفين في قرارة نفسها عجز فلسطين الحالي الانحلال من ارتهانها المباشر واللامباشر لإسرائيل، وتعريجنا على الارتهان الطبّي ليس سوى مثالا من بين أمثلة كثيرة، ولتدعيم هذا الرّأي الذي يبدو غريبا وصادما نذكر أنّ عشرات آلاف الفلسطينيين يعملون في إسرائيل، الأمر الذي لا يمكن التخلّي عنه في ليلة وضحاها.

سيفقد عشرات الآلاف عملهم ولن يتمكّن الآلاف من تلقّي العلاج العاجل في إسرائيل، هذه النتيجة المباشرة لفكّ الارتباط الفوريّ مع الكيان الإسرائيلي، دون ذكر الانسحابات الأخرى على المدى المتوسّط والبعيد. قد يكون الوقت غير مناسب لاتخاذ قرارات عاطفية. في المقابل، يحتاج الشعب الفلسطيني لخطة مدروسة ومتكاملة من أجل حماية حقوقه وعدم الإضرار بمصالحه. هل تنجح السلطة في بلوغ الوسط الذهبي؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here