لماذا امريكا تصر على العنصرية ولاطياف كثيرة فما هي المبررات ومكنونات الحقيقة المرة والزائفة

لماذا امريكا تصر على العنصرية ولاطياف كثيرة فما هي المبررات ومكنونات الحقيقة المرة والزائفة

أ.د.سلمان لطيف الياسري

أن الرئيس ترامب إستخدم العنصرية المقيتة ضد السود وإثارة الفوضى في امريكا من خلال تصريحاته المستفزة للأمريكيين كل هذا من أجل أن يحرف أنظار الرأي العام الداخلي والعالمي عن التحدي التاريخي الإيراني ضد سياساته اللإنسانية وإرسال5سفن عملاقة تحمل الوقود والمعدات الى فنزويلا و الا كيف سيخرج ترامب من أزماته الداخلية المتراكمة والمعقدة ومشاكله مع المجتمع الدولي من خلال التصعيد مع المنظمات والدول وإنتهاكاته المستمرة للقرارات الدولية وقوانينها، هل بتفاهم داخلي وتنازلات معينة أم بعمل خارجي مستفز لصرف الأنظار وركوب الموجة؟
الجيش والمخابرات والإعلام الأمريكي ومن على شاكلتهم علموا بعض شعوب المنطقة كيف أن تكون إحتجاجاتهم السلمية!!!! من إهانات وحرق وقتل عشرات المسلمين و غيرهم وفساد ومشانق في الساحات وتعطيل الحياة من أسواق ومدارس ومشاغل فتعلمها شعبهم وبدأ بتنفيذها
الثورة الامريكيه اخذت منحى التصعيد الثوري وحراك جماهيري كبير تشهد كل المدن الامريكية تطالب بعزل ترامب ومحاكمته كونه مجرم حرب وعنصري وانتهازي وسخر السلطة لاقصاء اصحاب البشره السوداء من الامريكيين لن يتوقف التصعيد الثوري والاحتجاجات حتى تلبية مطالب واهداف الثورة الامريكية باسقاط المجرم ترامب من الحكم واجباره على التنحي بدون قيد او شرط
تشهد المدن الامريكية انتفاضات شعبية وحالة غليان وغضب وعصيان مدني واحراق الممتلكات وسيارات الشرطة وخروج بالملايين وقفات احتجاجية ضد ترامب وضد التمييز العنصري واستخدام السلطة من قبل ترامب لاقصاء وتهميش اصحاب البشره السوداء تم اغلاق البيت الابيض في واشنطن من قبل المحتجين ومدينه لوس انجلوس ولاس فيجاس ومنهاتن اكبر المدن الامريكيه تشهد حاله غليان واحتقان وعصيان مدني ومن المتوقع استمرار التصعيد الثوري والحراك الجماهيري ضد ترامب قد تؤدي الى سقوطة من الحكم
ترامب امامه خيارين قمع الاحتجاجات و استخدام الرصاص الحي و بالتالي سوف تضاعق من التصعيد الثوري لدي المحتجين أو ترك المحتجين يعبروا عن رأيهم مما يؤدي الى اجبار ترامب التنحي من السلطة
الانتفاضه ضد المجرم ترامب والاستمرار بالتصعيدونقل قبح الامريكان الذي يتغنو بحقوق الانسان والديمقراطيه حتى تتضح الصوره للعالم و مع الاسف منذ اندلاع الاحتجاجات في أمريكا لم نسمع من دول عربية كالسعودية و الامارات و البحرين بيان و تصريحا ضد الحكومة الأمريكية و افعالها الشنيعة حينما نسمع حديثا عن النبي الاكرم محمد صلي الله عليه و سلم من أحب عمل قوم أشرك في عملهم.
تشهد الولايات المتحدة اضطرابات خطيرة لم تعرف لها مثيلا منذ عقود، إذ لا تزال وفاة المواطن الأمريكي جورج فلويد تثير تداعيات خطيرة في الولايات المتحدة، وقد لفظ فلويد، 46 عاماً، وهو مواطن أمريكي من أصول إفريقية، أنفاسه الأخيرة في ولاية مينيسوتا يوم الاثنين الماضي الموافق 25 مايو بعد أن وضع ضابط شرطة ركبته على عنقه لأكثر من ثماني دقائق. وتم تداول شريط فيديو يوثق للجريمة على مدار واسع، وعلى إثر ذلك ألقي القبض لاحقاً على الضابط ويواجه اتهام بجريمة قتل من الدرجة الثالثة. وفي إجراءات وقائية تم إعلان حالة الطوارئ في 25 مدينة.
*احتجاجات بين الموضوعية والتخريب
ورغم عدالة القضية التي أخرجت الناس من بيوتها إلا أن ثمة من ركب الموجة للتخريب والنهب، حيث شهدت مدينة سانت لويس بولاية ميسورى الأمريكية، إحراق عدد من المحال التجارية بالمدينة، كما قام عدد من المتظاهرون بتدمير سيارات تابعة لشرطة الولاية.. وفى سانتا مونيكا تعرضت المتاجر الفاخرة للنهب فى شارع شهير للمشاة، وحطمت مجموعة من الشبان والشابات نوافذ مركز تجارى ونهبوا المتاجر ثم تفرقوا قبل بدء حظر تجول فرض على البلاد.. أما فى العاصمة واشنطن وفي تحد كبير للبيت الأبيض والذي يطل الرئيس من نافذة مكتبه مباشرة على الحدث، فقد أشعل المحتجون حرائق قرب البيت الأبيض وتصاعد الدخان ممتزجاً بسحب الغاز المسيل للدموع الذى أطلقته الشرطة لتفريق المتظاهرين.. واندلعت أعمال عنف متفرقة في أكبر المدن الأمريكية.. وبدأت الرهانات على مستقبل الرئيس تُبْذَرُ في حرث الاحتجاجات المتصاعدة والمنتشرة في عموم البلاد كالنار في الهشيم .. إذن القضية أكبر من حادثة مقتل أمريكي أسود اعتبرها الأمريكييون جريمة عنصرية تستوجب إدانة الجاني بالقتل من الدرجة الأولى واعتقال بقية المشاركين في الجريمة الشنعاء.
*ترامب على محك الأزمة
ولكن ما أغاظ ترامب وأحرج موقفه أن الاحتجاجات جعلته على تماس مباشر مع الحدث الذي أعجزه.. حيث شهد محيط البيت الأبيض تظاهرات فى ظل حالة التوتر التى تشهدها الولايات المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية، وتأججت الاحتجاجات، وتحولت لعنف وأعمال نهب وفوضى، واندلعت النيران في الحديقة الشهيرة أمام البيت الأبيض، ما جعل الرئيس ترامب يوجه اتهاماته لليسار على واعتبر بأنه هو المقصود من هذا التصعيد المشبوه في الاحتجاجات التي توصف بالسلمية عند غالبية المراقبين للمشهد الأمريكي الراهن.
*اعتقالات من جنب وطرف
الشرطة الأمريكية من جهتها نفذت حملة اعتقالات بعدد من الولايات والمدن بحق المتظاهرين ومنها على سبيل المثال أوكلاند سيتى و واشنطن و أتلانتا، فى محاولة منهم للسيطرة على التظاهرات، وكانت صحيفة أمريكية، ذكرت أن ما لا يقل عن 5 أشخاص لقوا مصرعهم في بداية الأزمة فى هذه الاحتجاجات والرقم قابل للزيادة .. ونمت أخبار عن اعتقال المئات من المتظاهرين، والقت الشرطة الأمريكة القبض على ما يقرب من 1400 شخص في 17 مدينة أمريكية في الوقت الذي تستمر فيه الاحتجاجات بسبب وفاة جورج فلويد وذكرت الشرطة ووسائل إعلام أمريكية أن ما لا يقل عن خمسة من أفراد الشرطة الأمريكية تعرضوا لإطلاق نار خلال الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها مدن أمريكية.. وكان الرئيس ترامب يلوح بإجراءات أشد؛ لكبح جماح هذه الاحتجاجات التي يتهمها بالافتعال.
*ترامب يتهم “أنتيفا” بالإرهاب
وعليه فقد قال ترامب بأنه “سيحشد كل الموارد الفدرالية، سواء المدنية أو العسكرية، لوقف أعمال الشغب والنهب.. متهماً سلطات بعض الولايات بأنها فشلت للسيطرة على الشوارع من خلال انتشار أمني كثيف، مؤكداً على أنه كلف حكام الولايات بنشر قوات الحرس الوطني في الشوارع، مشيرا إلى أنه في حال رفضت سلطات المدن تلك الإجراءات، فإنه سينشر قوات الجيش “لحل المشكلة بسرعة”، معلناً تطبيق حظر التجوال في البلاد اعتباراً من الساعة السابعة مساء بشكل صارم .
*ترامب والورقة الرابحة فهل تنجح مساعيه؟
وكان ترامب قد اتهم مجموعة من المتظاهرين بأنهم “مجرمون يساريّون متطرفون”، متهماً شبكة “أنتيفا” وهي مجموعة تروج للفوضى المسلحة، بالوقوف وراء الاضطرابات التي أثارها مقتل فلويد.. ويقال بأن لها علاقة بالحزب الديمقراطي ويدرك الرئيس ترامب خطورة هذه المرحلة على نتائج الانتخابات المقبلة آخر هذا العام، وخاصة بعد أن تلقى ضربة من العيار الثقيل بفعل الخسائر التي تكبدتها أمريكا بسبب جائحة كورونا فخسر كل المكاسب التي حققها خلال فترة حكمة والتي تجلت بحل جملة من المشاكل الاقتصادية وانعكاس ذلك إيجابياً على البطالة.. لذلك ظلت رهاناته تستهدف الغالبية الطائفية البروتستانتية والتي تمثل ما نسبته 51.3 %.. علماً بأن غالبيتهم الساحقة ينتمون إلى العرق الأبيض الذي يمجد تفوقه الرئيس ترامب نفسه.. ويشكل الأمريكيون البيض غالبية الشعب الذي يعيش في الولايات المتحدة، بنسبة 72.4٪ من السكان في تعداد 2010 للولايات المتحدة.
*رهانت المقامر الأشقر على العنصرية
من هنا جاءت رهانات دوناند ترامب على فوزه المحتمل في الانتخابات المقرره في نوفمبر المقبل؛ لذلك غادر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب يوم أمس، البيت الأبيض سيراً على الأقدام متوجهاً نحو كنيسة ساينت جون المجاورة لمقرّ الرئاسة والذي طالته أعمال تخريب خلال الاحتجاجات الجماهيرية المتصاعدة على العنصرية وعنف الشرطة .. وبعد انتهاء ترامب من خطابه إلى الأمة من حديقة الورود في البيت الأبيض، توجه ومن معه إلى كنيسة القديس يوحنا، التي يطلق عليها اسم “كنيسة الرؤساء” والتي أضرم فيها مخربون النيران ليل الأحد الماضي .. وكانت المفاجأة التي فتحت شهية المحللين على التأويل والشطح بالخيال على مختلف الاحتمالات.. وذلك حينما رفع ترامب الكتاب المقدّس وقال
“سوف تبقى الولايات المتحدة الأعظم في العالم آمنة وسالمة”..
وهو ما عمق حالة الغضب في البلاد خاصة بعد أن استخدم ضباط إنفاذ القانون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لفتح الطريق أمام ترامب للسير إلى هناك عقب إدلائه بتصريحات في حديقة الزهور بالبيت الأبيض هذا السلوك المستهجن ربطه المراقبون بأهداف ترامب الانتخابية والتي يراهن فيها ترامب على تفوق الجنس الأبيض وخاصة من الغالبية البروتستاتنية المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي والتي تؤازر الرئيس الأمريكي ترامب وتتوافق كما يبدو مع تصريحاته العنصرية حتى قبل انتخابه رئيساً لأكبر دولة في العالم..
*تاريخ ترامب العنصري.. وقفات للتأمل
حينما يصبح الرئيس وسياساته جزءاً من الأزمة فهنا تكمن الكارثة لأن صاحب القرار الذي يمتلك أدوات الحل جذرياً يصطاد في المياه العكرة التي تختلط فيها الأوراق مراهناً على العرق الأقوى والأكثر عدداً لذك سيهمل بقية الطوائف والأعراق.. هذه هي الرأسماية المتوحشة في بعدها العرقي؛ لأن ترامب يؤمن وفق الدارونية بأن البقاء للأقوى ويقصد هنا عرقيا: الأمريكيين البيض. وطائفياً: البروتستانتيين. فالعنصرية متأصلة في عقل ترامب الباطن.. ومن وحيها يتعامل مع أطيف شعبه وخصومه في الداخل والخارج وفي سياق ذلك دعونا نستقرئ مسيرة حياة ترامب من خلال بعض الشواهد والوقفات فقد تمّت مقاضاة ترامب وشركته (ترامب مانجمنت) عام 1973 من قبل وزارة العدل الأمريكية بتهمةِ التمييز السكني ضدّ السود ولم يعترف ترامب حينها بالتّهم الموجّهة إليه وفي عام 1973، رَفعت وزارة العدل الأمريكية دعوى ضد مجموعة (ترامب مانجمنت)، دونالد ترامب ووالده فريد، بتهمة التمييز ضدّ السود في ممارسات الاستئجار. وكان الدّافع وراء هذه الدعوى هو رفض ترامب تأجير شقق في واحدة من أبنيته للأميركيّين الأفارقة” ، منتهكاً بذلك قانون الإسكان العادل وأشارت العديد من الدراسات والاستطلاعات إلى أنّ المواقف العنصرية والاستياء العرقي غذّت صعود ترامب السياسيّ، وأصبحت أكثر أهمية من العوامل الاقتصادية في تحديد الولاء الحزبي للناخبين. ووفقًا لاستطلاع أجرته Politico /Morning Consult في أكتوبر 2017، فإن 45٪ من الناخبين الأمريكيين رأوا أنّ ترامب عنصريّ و 40٪ لا يرونه كذلك.
من جهة أخرى نقل جون أودونيل في كتابه (Trumped) الذي نشره عام 1991 عن دونالد ترامب قوله:
«لديّ محاسبون سود في قلعة ترامب وفي ترامب بلازا، لديّ رجال سود يُحصون لي أموالي! أكره ذلك.
النوع الوحيد من الناس الذين أريدهم أن يُحصوا أموالي هم الرجال قِصار القامة الذين يرتدون الطاقية اليهودية… هؤلاء فقط هم من أريد منهم إجراء الحسابات على أموالي. لا أحد آخر … بالإضافة إلى ذلك ، أقول لك شيئًا آخر. أعتقد أنّ الرجال السود الذين يعملون لديّ كسالى وربما هذا ليس خطؤهم لأن الكسل هو سمة في السود »
إنها قمة العنصرية البغيضة في أسوأ أشكالها، وخاصة أن دونالد ترامب اعترف بأن المعلومات الواردة في الكتاب “صحيحة على الأرجح” وذلك في مقابلة له في عام 1997،. ونفى أن يكون قد أدلى بالبيان بعد ذلك بعامين عندما سعى للترشّح إلى رئاسة حزب الإصلاح.. لأكن الأول هي الثابتة والتي برهنت عليها مسيرته السياسية منذ انتخابه ودمغت جبينه بالعنصرية وتضخم “أناه” ذات العرق الأبيض المتفوق.
ففي ظل الاحتجاجات التي يبدو بأنها ستطول، يطرح السؤال نفسه حول من سيقود أمريكا في مرحلة ما بعد الانتخابات في نوفمبر المقبل.. والتي قد يظفر بها مرشح الحزب الجمهوري ترامب.. فكيف سيقود أمريكا بفسيفسائها العرقي والطائفي رئيس يلوح بالإنجيل لاسترضاء البيض والبروستانت على حساب الأعراق الأخرى التي كما يبدو كانت تنتظر من يشعل النار في الهشيم، فتجأر أصواتهم في الشوارع عالياً مطالبة بالعدالة المفقودة القضية إذن أعمق وأبعد من مجرد مقتل أمريكي أسود من قبل شرطي فاسد بقلب بارد.. بل هي أزمة أخلاق ومأزق عنصري تناما في عهد المقامر الأشقر ترامب الذي لا يرى بعينيه إلا ما يشبع غروره وعنصريته البغيضة.. فهل سيقود رجل كهذا مستقبل أكبر دولة في العالم! الدولة التي بدأت تهرم وينتشر الشيب في رأسها وقد انحنى ظهرها في زمن لا ينتظر أحد وعندما يسمع أحدنا اسم القس الأمريكي مارتن لوثر كينغ (1929 – 1968) يتبادر إلى الذهن مباشرة الإشكالية الكبرى التي ذهب الرجل ضحية لويلاتها، وكان ذنبه الوحيد أنه “صاحب حلم” يتمنى أن يتجسد على أرض الواقع، فمرض التمييز والفصل العنصري الذي استشرى بأمريكا في ذلك الوقت لم يترك له خيارًا سوى أن يجهر بأفكاره، ويبشر بحلمه الذي أصبح واقعًا؛ ولكن بعد أربعين سنة من مقتله قرَّر الأمريكيون أن يقطعوا صلتهم مع الإرث الثقافي الثقيل بانتخابهم لأول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ينطلق الباحثون المهتمون بالدراسات الاجتماعية إلى اعتبار العنصرية أو فلسفة التمييز العنصري بأنها “أي تصور فكري ينطلق من الاعتقاد بتفوق مجموعة بشرية على غيرها ثقافيًّا وحضاريًّا بناءً على الاختلاف الجسماني كاللون والشكل أو العرق، وينزع إلى تفسير الاختلافات الثقافية بين البشر من خلال إرجاعها إلى أسباب بيولوجية، موروثة وخارجة عن سيطرة الإنسان يكاد الباحث لا يجد مجتمعًا ذا خلفية حضارية تاريخية إلا وله من هذه الآفة نصيب، فالكثير من أفراد تلك المجتمعات مارسوا نوعًا من أشكال التعالي على الغير، عن طريق تضخيم ميزات الجماعة وخصائصها في مقابل تبخيس الآخرين والإلحاح على دونيتهم!. وهذه الظاهرة الاجتماعية تكاد تكون كونيَّة، وتزداد كلما أوغل المجتمع في انغلاقه “حيث تتضاعف أوهام الامتياز لديه”! ولكنها ليست تجسيدًا حقيقيًّا لكارثة العنصرية وإن كانت تحمل في طياتها جذور بذرتها الأولى.
فلاسفة عنصريون – العنصرية هي موقف فكري ابتداءً قبل أن يصبح سلوكًا اجتماعيًّا، وعلى الرغم من مناصرة الاتجاه العام للحضارة الغربية للعدل والمساواة والإنسانية في كل مكان؛ إلا أن التدقيق يكشف عن وجود بذور التأسيس الثقافي لفلسفة التمييز العنصري في كتابات بعض فلاسفة التنوير الأوروبي، ممن فهموا الحياة بأنها صراع أجناس متحضرة ضد أجناس متخلفة، ولم يستوعبوا الطبيعة التعددية للحضارة البشرية، فافترضوا حتمية التخلف “البنيوي” لثقافات الشعوب غير الأوروبية، واختزلوا الإنسان إلى بعد مادي واحد يتم التعامل معه بلغة الأشياء، وأصبحت نظرية الانتخاب الطبيعي أداة منهجية في التمييز العرقي من أجل تبرير تقسيم الناس إلى بشر وأشباه بشر، مما مهَّد الطريق لظهور النزعات العنصرية العالمية –كالفاشية والنازية والصهيونية والشوفينيات القومية– وأشعل حروبًا كونية ونزاعات إقليمية، وفتح الباب على مصراعيه لاستغلال الضعفاء حول العالم ويأتي المفكر الألماني “إيمانويل كانط” (1724 – 1804) على رأس دعاة تصنيف الأجناس البشرية بمعايير عرقية سافرة، وعلى الرغم من إضافته المهمة في نظرية المعرفة؛ حيث خلق منظورًا جديدًا في الفلسفة، إلا أنه قسَّم الأجناس البشرية حسب اللون، وجعل أكثر الأجناس تطورًا وذكاء ومساهمة في بناء الحضارات هي الأجناس البيضاء، تليها الأجناس الصفراء، ثم الأجناس السوداء، ثم تأتي الأجناس الحمراء – مثل الهنود الحمر وشعوب القارة الهندية – كأسوأ الأجناس ذكاء وأقلها تطورًا وبالغ المفكر الإنجليزي “ديفيد هيوم” (1711 – 1776) في إقصائه للأعراق غير الأوروبية حيث يقول: “أنا لا أشك أبدًا أن الزنوج وجميع أنواع البشر هي بالطبيعة في مستوى أدنى من الإنسان الأبيض”! وفلسفة أخلاق القوة أو “الإنسان السوبرمان” التي صاغها الفيلسوف والشاعر الألماني “فريدريك نيتشه” (1844 – 1900) صادفت هوى لدى الفاشيين لمبالغتها في إقصاء الضعفاء والمرضى، وتأثر بها “مارتن هيدجر” (1889 – 1976) أهم فلاسفة القرن العشرين، والذي كان يعتبره النازيون فيلسوفهم وكاهنهم الأكبر!. وانضم إليه صديقه عالم الأنثروبولوجيا “إيوجين فيشر” (1874 – 1976) المدافع بقوة عن فكرة تعقيم البشر والقتل الرحيم للمعوقين وإبادة اليهود. المفكر الإنجليزي “ديفيد هيوم” يبالغ في إقصائه للأعراق غير الأوروبية ويقول: “أنا لا أشك أبدًا أن الزنوج وجميع أنواع البشر هي بالطبيعة في مستوى أدنى من الإنسان الأبيض ويؤكِّد كثير من الباحثين أن فكرة الامتياز العرقي التي اعتنقها هتلر، وأصدر بسببها قانون “التعقيم لتحسين النسل” عام 1933 تعود بجذورها إلى كتابات المفكر الفرنسي “آرثر غوبينو” (1816 – 1882) الذي كان يعتقد أن اختلاط الأعراق وتزاوجها هو السبب في انحطاط الحضارات، ويبدي غوبينو في كتابه (دراسة في التفاوت) قناعته الشخصية في أن المسألة العرقية هي “صانعة التاريخ”، ويظهر تعصبه للعرق الآري –أرقى السلالات البشرية كما يزعم– من خلال كلامه عن الفن حيث يقول: ” الآرية تنحدر عبر الاختلاط بالفنون الزنجية”!.
توظيف البيولوجيا – وجدت هذه الأفكار صدى في بريطانيا، حيث قام عالم البيولوجيا “فرانسيس جالتون” عام 1869 بوضع قواعد علم “اليوجينيا” الذي يختص بآليات التحكم في السلالة البشرية من خلال رصد التفاوت العرقي للحد من تناسل من لا يستحقون الحياة –بمعايير جالتون– كالمعاقين والمتخلفين ذهنيًّا، وأصحاب البشرة السوداء، وكشف عالم البيولوجيا البريطاني عن نزعة عنصرية مقيتة حينما بشَّر بنتائج أبحاثه قائلاً: “كلاب أفريقيا ستكف عن النباح إذا ما تنفَّسَت هواءنا ويكاد يتفق الباحثون أن الأفكار الأساسية التي حوَّلت أمريكا إلى معقل للحركات العنصرية ضد السود مبثوثة في كتب “إدوارد لونج” (1734 – 1813)؛ لأنه استعمل مصطلح “مكانة الزنوج في الطبيعة” لأول مرة في تقسيماته المعقدة للسلالات البشرية، حيث أيَّد استرقاق الرجل الأسود؛ لأن مكانه الطبيعي بيولوجيًّا –حسب تقسيماته– في أدنى سلم الأعراق البشرية. لقد اتخذ الفكر الغربي مسارًا جديدًا منذ أن نشر عالم الطبيعة البريطاني “تشارلز داروين” (1809 – 1882) كتابه الشهير “أصل الأنواع” الذي طوَّر فيه رؤيته لنظرية التطور، وارتقاء الكائنات الحيَّة، فعلى الرغم من أن داروين نفسه قد رفض بشدة مبدأ العبودية، وتقسيم البشر إلى فئات عليا ودنيا بحسب أجناسهم، وأصرَّ على أن سياسة المجتمع “لا يجب أن تتبع مفاهيم الصراع والانتقاء الطبيعي”؛ إلا أن بعض الفلاسفة والمفكرين قد نجحوا في استخدام فكرة الانتخاب الطبيعي (سُـميت لاحقا بالداروينية) كحجة أيدولوجية لتبرير أطروحاتهم العنصرية، وتحولت الداروينية إلى سلاح تنظيري لمحاربة كل من يرفض العواقب الأخلاقية لنظريات الانتخاب الطبيعي على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وشكَّـل مصطلح “البقاء للأصلح” الذي اشتهر به “هربرت سبنسر” (1820 – 1903) مخرجًا أخلاقيًّا لضمير الإنسانية حينما اعتبرت “الداروينية الاجتماعية” قانون الطبيعة الذي لا مفر منه، حيث لا مكان للضعيف في سباق الأقوياء!. فقد شهد العالم أحداثًا متتالية ذات طابع عنصري موغل في التوحش؛ كالمذابح الجماعية، والتهجير القسري بالإرهاب والتجويع، وحروب “الهنود الحمر”، وكانت بعض تلك الممارسات ترتكب بتبريرات قانونية!. إذ تقول “إيريكا أيرين دايس” (مقررة فريق الأمم المتحدة المعني بالسكان الأصليين) في دراسة عن السكان الأصليين وعلاقتهم بالأرض: “إن قوانين اكتشاف وغزو الأرض التي ليست ملكًا لأحد، هي التي تكوَّنت منها نظريات التجريد من الملكية مع ترسخ مفهوم الدولة القومية تكرَّست نزعة عنصرية في كتابات معظم القوميين العرب ساهمت في إحراق شعار الأمة العربية الواحدة “ذات الرسالة الخالدة
جناية القومية العربية – ليست البلدان العربية بأفضل حالاً من الغرب؛ نظرًا لارتكاز معظم الحركات التقدمية في العالم العربي على الأفكار الحداثية الأوروبية، فعلى الرغم من التضحيات التي قدَّمها القوميون من أجل تحقيق الاستقلال، وتحديث المجتمع والنضال ضد إسرائيل، ومحاولة توحيد القرار السياسي العربي؛ إلا أن الإيغال في تقوية الشعور بالانتماء القومي تسبَّب في نشوء كراهية عنصرية تجاه الأقليات، يقول جورج طرابيشي: “ثمة منظرون قوميون ذهبوا إلى إنكار واقعة الأقليات إلى حد اعتبارها من صنع الاستعمار، فالأقليات لا ماهية لها في ذاتها، بل هي في أحسن الأحوال مجرد رواسب تاريخية، بله مستحثات ينبغي أن تخضع من جديد لقانون التفتت والذوبان ثم الاندماج، وهي ليست بحال من الأحوال علامة تنوع ومصدر غنى حضاري وكان من الطبيعي أن تتفجر مشكلة الأقليات العرقية كنتيجة مباشرة لتجاهل القوميين للواقع التعددي للمجتمعات العربية، وتحولت مكاسب الحداثة العربية على صعيد التنظير للتسامح الديني إلى خسائر نتيجة تصاعد التعصب القومي، ومركزية الذات العربية –محور الأطروحات القومية– جعلت بعض المفكرين العرب يصرحون بآراء “شوفينية” تجاه الأعراق غير العربية كالأكراد والأمازيغ والبربر والأفارقة وغيرهم من الأقليات، ومع ترسخ مفهوم الدولة القومية تكرَّست نزعة عنصرية في كتابات معظم القوميين العرب ساهمت في إحراق شعار الأمة العربية الواحدة “ذات الرسالة الخالدة”.
انتفاضة معاكسة, من الإنصاف أن نذكر هنا “انتفاضة” كثير من فلاسفة الغرب ضد هذه المقولات والأفكار العنصرية، لأن تمايز الشعوب حقيقة واقعية، ولكن الفروقات التي تميزهم عن بعضهم هي فروقات ثقافية وليست بيولوجية، وأبرز من أطاح بنظرية تفاوت الأعراق هو عالم الاجتماع الفرنسي “كلود ليفي شتراوس” (1908 – 2009) الذي صاغ نظرية العرق بطريقة عكسية مؤكدًا على أن “تنوع الثقافات الإنسانية يجب ألا يتم إدراكه على نحو ساكن”، ورفض الخلط بين الوضع الثقافي لجماعة بشرية وأصلها العرقي؛ لأن المجتمعات البشرية ” ليست وحيدة، وعندما تبدو في أقصى درجات الانفصال فإن ذلك يأخذ أيضًا شكل الكتل أو المجموعات وتضافرت مجموعة من الدراسات العلمية التي أنجزها كوكبة من المفكرين الغربيين في دحض أوهام “التميز العرقي” مثل كتاب (ليس في جيناتنا)، وكتاب (العرقية إزاء العلم)، وكتاب (السلالة والمجتمع)، وكتاب (خرافات عن الأجناس)، وكتاب (الدحض العلمي لأسطورة التفوق العرقي)، وجميعها تؤكد على وحدة النوع الإنساني، وتهافت دعوى النقاء العرقي، وترفض تبرير التميز أو الأفضلية بمزاعم عرقية، فالاختلافات بين البشر قد ترتبط بطبيعة النظم الحاكمة للمجتمعات، أو أسلوب إنتاجها واقتصادها، أو تقاليدها الموروثة، أو غيرها من الأسباب التي لا علاقة لها بمسألة العرق ومن هذا المنطلق أبرمت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة اتفاقية دولية “للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”، نصَّت في مادتها الأولى على أن التمييز بين البشر هو إهانة للكرامة الإنسانية، ويجب أن يُـدان باعتباره انتهاكًا لحقوق الإنسان، وعقبة كبرى دون قيام علاقة وديَّة وسلميَّة بين الأمم والشعوب وانعكست هذه المقاومة الفكرية والأممية لفلسفة العنصرية على أرض الواقع، فقد تصاعد المد الثوري في الخمسينات الميلادية بين الأقليات المهمشة حول العالم بسبب سياسة التمييز العنصري، وتجسَّدت بصورة جلية في حركات الإضراب والعصيان المدني في جنوب أفريقيا، ومن أشهرها حادثة “شاربفيل” التي قتل فيها حوالي 69 شخصًا، وجرح أكثر من 168، حيث ظهر للعالم مقدار المعاناة التي يعيشها غير البيض في جنوب أفريقيا وارتفع صوت الضمير المدني في أمريكا بعد حادثة “روزا باركس” في ديسمبر عام 1955 صاحبة أشهر “لا” في تاريخ أمريكا، والتي قدحت الزناد الذي أيقظ حركة الحقوق المدنية حتى تحسَّنت أوضاع السود الأمريكيين، وتوفيت هذه السيدة سنة 2005 عن عمر يناهز 92 عامًا، وحضر جنازتها الآلاف، وبعض رؤساء الدول، ونُـكس في يومها علم أمريكا، وتم دفن جثمانها بأحد مباني الكونغرس تكريمًا لها، وبقيت ذكراها وقود كفاح وشعلة أمل لتحفيز ضحايا العنصرية حول العالم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here