الصراع من آجل الديموقراطية في امريكا ….

‪ احمد سامي داخل ‬

في كل مكان في الكرة الارضية تابع العالم الاحتجاجات التي اندلعت في العديد من الولايات والمدن الامريكية على خلفية مقتل الامريكي من اصول افريقية جورج فلويد على يد عناصر الشرطة هذا الحدث وتلك الواقعة ادت الى تساؤلات عن طبيعة العقليات و الثقافة السياسية التي ادت الى ردت الفعل القوية التي حدثت ومقارنتها بسلوك المجتمعات و الانظمة في اماكن اخرى .
يمكن القول ان الولايات المتحدة كانت قد تأسست كمجتمع بروتستانتي خالص لقرنين كما يشير الى ذالك صمؤيل هنتغتن واذا كانت الثقافة الانجلوسكسونية هي التي رسمت العادات السياسية و التشريعات القانونية و السلوك السياسي و الاجتماعي يقول آرثر شليسنجر (لغة الامة الجديدة وعاداتها ومبادئ سلوكها وصلواتها مستمدة من برطانيا بالدرجة الاولى ). فأن هذة الثقافة الانجلوسكسونية وجدت التعبير الفعلي عن نفسها في الدستور الامريكي وفي اعلان الاستقلال الامريكي .وقد سطر توماس جيفرسون المساواة بين الناس و الحقوق التي لا يمكن نكرانها كحق الحياة و الحرية و السعي الى السعادة و كما يشير صمؤيل هنتغتون (الميثاق الامريكي مخلوق متفرد للثقافة البروتستانتية وان اعتناق الامريكان لثقافة الميثاق تدل على مكانتة كجزء من شخصيتهم وثقافتهم وهويتهم وان افكار الميثاق هي أفكار عصر التنوير وقد وجدت التربة الخصبة في الثقافة الانكلو بروتستانتية ..). من هنا فأن الثقافة التأسيسة التي سطرت في اعلان الاستقلال و الدستور كانت ثقافة ذات توجة ديموقراطي تستند على قيم الحرية و المساواة و المبادرة الخاصة و سائر حقوق الانسان وهي ثقافة علمانية بأمتياز هي ثقافة عصر الانوار الذي انتج العلمانية في القارة الاوربية هي ثقافة الانجلو سكسونية بعد عصر الانوار التي حسمت مسألة الحقوق و الحريات وشكل العلاقة بين الدين والدولة . ولعل اوضح من عبر عن ذالك هو ماكس فيبر في كتابة الاخلاق البروتستانتية و الروح الرأسمالية في صفحة 172 (((عرفت الولايات المتحدة منذ زمن بعيد مبداء الفصل بين الكنيسة و الدولة وهو فصل على مستوى من الصرامة بحيث ان اي احصاء رسمي لمختلف المعتقدات غير موجود كما ان توجية اسئلة من قبل الدولة الى المواطنين حول معتقداتهم الدينية امر يعتبر من قبل الدولة مخالفة للقانون ))), ولقد كانت حرب الاستقلال في الولايات المتحدة ضد برطانيآ قد تبنت النخب الامريكية خطاب الحريات و ابرزت التناقض الواضح بين الدستور البرطاني و الممارسات الفعلية على الارض في التطبيق يقول بنجامين فرانكلين (كانت مقاومة لصالح الدستور البرطاني .. مقاومة لصالح حريات انكلترا ) هذة الحال ادت كما يقول هنتغتون (لقد مكن تعريف امريكا بأيديولوجيا الميثاق الامريكين من الادعاء بأن لديهم هوية مدنية وطنية مقابل الهويات الاثنية و الثقافية الاثنية للبلدان الاخرى كان مجتمع اكثر تمدنآ مقابل مجتمعات اثنية قبلية ) كتاب من نحن تحديات تواجة الهوية الامريكية صفحة 61 . هذة المعطيات خلقت ثقافة التأسيس ووجدت مجموعة اجتماعية متميزة بثقافتها بمرور الوقت اصبح هنالك اقتران بين الانغلوسكسوني بثقافتة و عرقة وتعريف الامريكي بمرور الوقت اصبحت الارض الجديدة محط هجرت اقوام متعددة اعراق مختلفة وثقافتات متباينة مختلفة بفعل الانفتاح و بفعل الازدهار الاقتصادي وتجارة العبيد .تشير المصادر الى ان عدد سكان الولايات المتحدة عام 1790 ثلاثة ملاين و تسعمائة وتسعة وعشرون الف شكل العبيد حوالي 698000 الف و كان غالبية السكان من البيض ذوي الاصول الانكليزية و نسبة اقل من الالمان و اقل من الهولندين ومنذ عام 1820 حتى 2000 استقبلت امريكا حوالي 66 مليون مهاجر اختلطوا مع المجتمع الاصلي ليخلقوا مجتمعآ بالغ التنوع متعدد ثقافيآ وعرقيآ لكن هذا المجتمع يجمعة ويوحدة الدستور و اعلان الاستقلال وثقافتة و القيم ومعاير السلوك الواردة في الدستور و اعلان الاستقلال . لكن هذة الثقافة في البداية فسرت ان حق المواطنة يقتصر على البيض الاحرار حتى ان قانون التجنس الاول الامريكي لسنة 1790 فأنة فتح باب المواطنة للأشخاص الاحرار البيض فقط في الوقت الذي شكل السود العبيد حوالي 20% من اجمالي السكان ثم ومع حلول رئاسة ابراهام لنكولن -18651861 تم تحرير العبيد بأعلان تحرير العبيد جاء فية ( جميع الأشخاص المملوكين كعبيد في الولايات الكونفدرالية أحراراً ابتداءً من 1 يناير 1863 وإلى الأبد) . لقد فتحت هذة العملية على يد ابراهام لنكولن المحامي و النائب و الرئيس الامريكي محرر العبيد وموحد البلاد و الرافع لشعارات اعلان الاستقلال التي كتبها توماس جيفرسون وقد جعلت هذة العملية العبيد احرار ومواطنين متمتعين بالحرية و المساواة وقد خاض فيما بعد مارتن لوثر كينغ نضالة الشهير و الذي توج بالغاء كل اساس قانوني للتميز بين المواطنين (من غير القانوني لرب العمل ان يرسب او يرفض استخدام اي فرد بسبب عرقة او لونة او دينة او جنسة او اصلة القومي . مرسوم الحقوق المدنية الامريكي عام 1964)بل ان بعض الولايات و الشركات اخذت تتبنى سياسة عرفت بالتميز الايجابي لصالح السود على امل ردم الهوة الاجتماعية بين فئات المجتمع . من هنا فأن بقايا التاريخ وبقايا ثقافة ماقبل تحرير العبيد لازال لها اثارها الاجتماعية و اثارها السياسية التي تقسم المجتمع مابيع محافظين ومتحررين لكن يحسب وبشكل عام ان قوى التحرر في الولايات المتحدة القوى الديموقراطية تتمسك بقيم اعلان الاستقلال و هي قيم ديموقراطية بكل معنى الكلمة كأنما تستعيد تراث الاباء المؤسسين عندما قاوموا البرطانين متمسكين بتراث الحريات الاوربي بعد عصر التنويو كأنما يستعيدون تراث بنيامين فرانكلين وهو يقول (مقاومة لصالح الدستور البرطاني . مقاومة لصالح حريات انكلترا ) الان تحولت الى احتجاجات لصالح اعلان الاستقلال احتجاجات لصالح الدستور الامريكي لصالح حقوق الانسان كحق الحرية و المساواة والحياة و السعي الى السعادة . حتى الطرف الأخر هو متفق على هذة القيم وبالتالي فأن قيم الميثاق الامريكي هي المشترك الجامع بين الاطراف واساس التعاقد الى الحياة المشتركة بين الجميع لكن كل طرف يفسر الميثاق بطريقة رؤيتة لما يجب ان تكون علية الامور مع الاتفاق بشأن الاسس العامة . هذة الاحتجاجات الاخير بسبب مقتل شخص واحد تجعلنا نسأل حكوماتنا وبيروقراطيتنا في العراق و اجهزة انفاذ القانون لدينا وحتى مليشياتنا العراقية و قوانا السياسية ماهية قيمة الحياة لدينا نحن فقدنا قرابة 800 قتيل و عشرات الالاف من الجرحى و المغيبين و المقتولين و قبلها ايام الحرب الاهلية في العراق بعد تفجير المرقدين في سامراء كان معدل الجثث مجهولة الهوية حوالي 50 جثة يوميآ حتى غدى الصراع بين مكونات الشعب موضع تندر عالمي لا يعرف الانسان هل يحاسب بموجب قانون الدولة ام بمحاكم دينية تصدر فتاويها ينفذها مسلحون على الارض بدون حسيب او رقيب حتى مظاهراتنا ومجزرة النجف مجزرة الناصرية مجازر ساحة التحرير اختراق المظاهرات و تجيرها لمصلحة هذا الطرف او ذاك بالقوة و العنف و التهديد و المال السياسي اي قيمة رخيصة للأنسان و العدالة واي انعدام للحرية لدينا . وفي دول اخرى وعلى طريقة صدام حسين في انتقاد امريكا عندما يقتل شخص فأنه ليس مؤهل للأنتقاد كونة ارتكب عشرات المجازر ولا يعرف شيئ اسمة قيمة الحياة الانسانية ربما يتمنى البعض زوال التجربة الامريكية لأنها تذكرهم بنقيض تصرفاتهم حيث هم لا يعترفون بشيئ اسمة حرية الرأي او حقوق الانسان في قرارة انفسهم هم ورثة ثقافة الاستبداد الشرقي . اما مسألة الدين في امريكا فأن مسألة علمانية الدولة مسألة محسومة وان كان العامل الديني لة دور في حياة شعب متدين يذكرني هذا بما قراءت عن قضية اصدرت فيها محكمة الأستئناف في سان فرانسسكو عام 2002 حيث اعتبرت المحكمة ان ذكر عبارة برعاية الله في قسم الولاء يعتبر انتهاك للفصل بين الكنيسة و الدولة و اعتبر مؤيدو القرار ان الولايات المتحدة بلد علماني هذا الحكم ادى الى سجال ونقاش وجدال امريكي حتى حل فيما بعد بأن غير المؤمنين لا يجبرون على ذكر عبارة برعاية الله في القسم او المشاركة في اي فعالية دينية بنفس الوقت ليس لهم الحق في فرض الحادهم او عدم ايمانهم على الاخرين فمن حق المؤمن ان يقسم بمايشاء . وهنالك قضايا الصلبان التي وضعت في الاماكن العامة سنة 1999 بولاية ايداهو فقد اشير الى انة يجب على الدولة ان لا تدعم دين معين و اضطر مناصرو و ضع الصلبان الى شراء الارض تحويلها الى ملكية خاصة لكي تبقى الصلبان لأن لا يجوز للدولة ان تدعم معتقد ضد اخر . لنقارنها بمالدينا حيث الاكراة و القسر و السيطرة على الاماكن العامة والدولة و المجتمع لفرض رؤية هذا او ذاك من الزعماء بما يحول الدين والممارسة الدينة الى عبادة الزعماء وفرض رؤيتهم للحياة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here