هجمات على ساحات الاحتجاج تزامناً مع وعود الكاظمي بمحاسبة قتلة المحتجين

في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء يلتقي عوائل ضحايا احتجاجات تشرين، كانت بعض الجماعات المجهولة تهاجم ساحة التحرير وتحرق الخيم.

ومنذ ايام يحذر ناشطون من وجود حملات “انتقام” و”تصفيات” لمتظاهرين تجري بشكل يومي، فيما تغطي عليها احداث كورونا. وتدفع حملات الاستهداف الفردي للناشطين، ومهاجمة المتظاهرين بشكل جماعي في ساحات الاحتجاج، الى تسريع عودة التظاهرات. وشهدت عطلة نهاية الاسبوع الاخيرة، تحضيرات في عدة مدن في الجنوب تمهيدًا لاستئناف الاحتجاجات غدا (اليوم الاحد)، بحسب بعض بيانات التنسيقيات. في بغداد وعلى الرغم من تراجع اعداد المتظاهرين في ساحة التحرير الا ان الاستهدافات لم تتوقف.

وتعرضت ساحة التحرير ومحيطها، وفق ناشطين، منذ بداية ازمة الوباء “كورونا” في آذار الماضي، الى نحو 15 هجوما من جهات امنية واخرى مدنية او شبه عسكرية. يوم الخميس الماضي، هاجم شباب مدنيون بعضهم نصف عار، الساحة حاملين اسلحة وسكاكين، كما احرقوا عدة خيم. ويقول احمد علاء، احد الناشطين في بغداد لـ(المدى) ان “الاحزاب السياسية تجند بعض الشخصيات المشبوهة والمراهقين لمهاجمة الساحة، حتى تبعد الشبهات عنها”. اغلب الهجمات وعمليات الخطف، التي جرت في ساحة التحرير، كانت تنفذ من منطقة البتاويين، القريبة من المكان.

ويضيف علاء: “يوم الخميس هاجمنا شباب معروفون في البتاويين بانهم مدمنو مخدرات. كانت الذريعة بانها مشاجرة لكنها تطورت الى حرق خيم”.

ونشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر عدة شباب بملابس رياضية، وبعضهم بصدور عارية، يرمون زجاجات حارقة (مولوتوف) في الساحة.

وكان بعض المهاجمين يحملون “قامات” وعصي. ويقول الناشط في بغداد: “دارت معركة لساعات ثم احرقوا 3 خيم”. وبحسب رواية متظاهرين متواجدين في التحرير، فان الهجوم الاخير حدث حين دخل شاب الى الساحة، مستنجدًا بالمتظاهرين لانقاذه من مجموعة تريد قتله. وحين حاول المتظاهرون مساعدته، دخلت المجموعة تحمل اسلحة وسكاكين، وقامت بسحب الشاب الهارب وحرقه بالبانزين تحت نصب التحرير، ما ادى الى احتراق عدة خيم ايضا بشكل متعمد.

ويتناقل ناشطون، اسم رئيس المجموعة التي نفذت الهجوم الاخير، ويدعى “جريذي” حيث كانت لديه خيمة في اعلى جسر الجمهورية، يستخدمها للتجسس على المتظاهرين.

بين هجومين !

في تلك الاثناء، كان مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء، يعد ذوي ضحايا احتجاجات تشرين، بان دماء ابنائهم “لن تذهب سدى”. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء إن “الكاظمي التقى في القصر الحكومي بعدد من عوائل شهداء الاحتجاجات، لاسيما الذين تعرّضوا الى الاغتيال، خلال المدة المنصرمة، واستمع الى تفاصيل قدّمها ذوو الشهداء حول ظروف اغتيال أبنائهم، والمعاناة التي يمرون بها، وطلبوا اعتبارهم (شهداء للوطن)”. واكد الكاظمي خلال اللقاء، بانه وجه “الجهات المعنية بفتح تحقيقات جنائية تفصيلية حول عمليات الاغتيال، وأنه يتابع شخصيًا هذه التحقيقات، واعدًا عوائل الضحايا بأن دماء ابنائهم لن تذهب سدى، وأن القانون سيقتص من كلّ متورط بدم العراقيين”.

ونوّه الكاظمي إلى تشكيل فريق مستقل لتقصي الحقائق، حول كلّ الأحداث التي جرت في العراق منذ تشرين الأول عام 2019، وما رافقها من أعمال.

وقال في البيان ان “هذه التحقيقات بدأت بوضع قائمة دقيقة للشهداء، وأخرى للجرحى لشمولهم برعاية الدولة، وتعويض عوائلهم”. لكن بعد يوم من خطاب الكاظمي الاخير، هاجمت مجاميع مسلحة، مرة اخرى ساحة التحرير، واحرقت خيما جديدة. ولم يتسن لـ(المدى) التأكد من عدد الخيم التي تم احراقها، لكن ناشطين اكدوا ان الهجوم وقع ليلة الجمعة على السبت.

انهيار المفاوضات

ويبدو ان عمليات الخيم الاخيرة، جاءت بعد فشل “مفاوضات” كشفت عنها (المدى) مؤخرا، للسيطرة على ساحة التحرير. وذكر ناشطون قبل ايام لـ(المدى) ان جهة سياسية – لم يكشفوا عنها بالتحديد- بدأت تتفاوض مع بعض المتظاهرين للسيطرة على الخيم وبعض المواقع في الساحة، استباقا لعودة الاحتجاجات. ولم يتضح ما هو المقابل لتسليم الخيمة، لكن في مطلع العام الحالي كانت (المدى) قد كشفت عن قيام جهات سياسية بشراء الخيمة الواحدة مقابل 10 مليون دينار.

وجاءت تلك التطورات في اعقاب، دعوة عدد من المدن في الجنوب الى استئناف التظاهرات. وقالت ساحات اعتصام “شهداء الديوانية” في المحافظة، بان المتظاهرين سيخرجون الى الشوارع، غدا (اليوم الاحد)، لتغيير الحكومة المحلية. ونشر متظاهرو الديوانية، فيديو يظهر عددا من الشباب يحملون الاعلام العراقية. واضاف المتحدث باسمهم انه “بسبب مماطلة نواب الديوانية فاننا سنطالب بخروج المحافظ ونائبيه، وتعيين قاض بدلا عن الحكومة المحلية”. ونفى المتحدث، الاخبار التي قال بانها “منشورة من قبل احزاب سياسية”، عن قيام المتظاهرين بمهاجمة دوائر الدولة، مؤكدا سلمية الاحتجاجات.

مطالب وتصعيد

محافظة المثنى كانت ايضا قد طالبت في وقت سابق، بخطوة مماثلة، فيما أطلق متظاهرو النجف صفارات الإنذار بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة في ساحة اعتصام المدينة إيذانًا بانتهاء “مهلة النجف” التي سبق أن منحها المحتجون للسلطات للاستجابة لمطالبهم.

وأصدر متظاهرو النجف بيانًا، أعلنوا فيه عن خطوات تصعيدية، رافضين ما وصفوه بـ”التسويف واللامبالاة من قبل أطراف السلطة الحاكمة”.

وطالب المتظاهرون بإقالة محافظ النجف ونوابه، وتعيين محافظ جديد مؤقت لحين إجراء الانتخابات المبكرة، يتم بعدها تنصيب محافظ مستقل عن الأحزاب السياسية، وتغيير جميع المديرين العامين لدوائر الدولة ومحاسبة المقصر منهم. كما طالبوا باغلاق مكاتب أعضاء البرلمان داخل النجف، داعين إلى تفعيل “لجنة مكافحة الفساد” من قبل خيمة المحامين داخل ساحة الاعتصام بالتعاون مع محكمة النجف لمتابعة ملفات الفساد ومحاسبة قتلة المتظاهرين.

كذلك طالب المتظاهرون بإغلاق مطار النجف بشكل كامل حتى إشعار آخر، وتقليل أسعار الوقود، وحل أزمة الكهرباء بشكل نهائي، ملوحين بقطع الطرق الداخلية والخارجية في المحافظة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم خلال 48 ساعة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here