القمع الثقافي الاحتلالي

القمع الثقافي الاحتلالي

بقلم : شاكر فريد حسن

منذ البدايات أدرك المثقفون والكتاب الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة ثقل المسؤولية الوطنية والرسالة الكفاحية الحضارية الملقاة على عاتقهم. وفي المقابل أدرك جنرالات الاحتلال الخطر الآتي من مصدر غير محدد، ألا وهو القلم الملتزم والكلمة المقاتلة والملكة الأدبية، ولذلك فلا عجب أن أجهزة القمع الاحتلالية عملت منذ الأيام الأولى للاحتلال ضد الملكة الأدبية، ومحاصرة الثقافة والمثقفين والمبدعين والفنانين والمؤسسات الثقافية والصحافية، إضافة إلى فرض الرقابة العسكرية على الاعمال الأدبية والكتب المطبوعة وعلى الكتابات في الصحف والمجلات الأدبية.

ونظرة خاطفة إلى الماضي البعيد كافية أن تظهر وتبين منطق الاحتلال الا أخلاقي والا ثقافي والا إنساني، وملف القمع الثقافي الاحتلالي زاخر بالقهر والممارسات القمعية. وكانت سلطات الاحتلال فرضت الإقامات الجبرية على رؤساء تحرير الصحف الفلسطينية الصادرة في تلك الفترة ( الفجر، الشعب، والطليعة)، وهم مأمون السيد واكرم هنية وبشير البرغوثي.

كذلك منعت وصول أدبيات الحزب الشيوعي الى المناطق، واغلقت غاليري 79 في رام اللـه عام 1980، واعتدت على جامعة النجاح واعتقلت عشرات الطلاب، وفي العام 1985 أقدمت على اعتقال الكاتبين عطا القيمري ونبيل الجولاني لمدة 14 عامًا على خلفية مقال عن الكاتب الشهيد غسان كنفاني، وأيضًا منعت العديد من النشاطات والفعاليات الثقافية والأمسيات الفنية الملتزمة في جامعة بير زيت، وأغلقتها مرارًا وتكرارًا.

أما عن الاعتقالات والإقامات الجبرية التي فرضتها على الشخصيات السياسية والأدبية والثقافية فحدث ولا حرج، فهي لم تستثنِ أحدًا من الكتاب والفنانين، ولم يبق أحد لم يعاني الملاحقة وغياهب السجون وعتمة الزنازين، وأذكر على سبيل المثال جمال بنورة وأسعد الأسعد وسامي الكيلاني وجميل السلحوت وخليل توما والمتوكل طه وعبد الناصر صالح وغسان عبد اللـه وباسم الهيجاوي ووليد عبد السلام والقائمة طويلة جدًا.

وهؤلاء جميعًا كتبوا أجمل وأصدق أعمالهم الإبداعية وهم في الزنازين والمعتقلات الاحتلالية، وأبرزها سجن أنصار 3 في النقب، حتى أصبح الأدب الاعتقالي أو أدب السجون جزءًا هامًا وأصيلًا في الثقافة الفلسطينية والأدب الفلسطيني تحت حراب الاحتلال.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here