كفاكم كلاماً جارحاً

كفاكم كلاماً جارحاً

بغداد /آية حسين

اقضي أغلب وقتي في المساء بحديقة المنزل بصحبة الكتب وكوب القهوة وبينما كنت اجلس كعادتي سمعت اصوات البكاء والصراخ في الشارع فخرجت لكي ارى ماحدث فرأيتُ جارتي تبكي وتصرخ وهي تحمل ابنتها هند ذات ثلاثة عشر عاماً والدم يتساقط من يديها فاخذها والدها مسرعاً بسيارته متجهاً بها إلى المستشفى فذهبت معهم وكانت والدتها تبكي طول الطريق ووالدها يحاول أن يتجاوز السيارات بأقصى سرعة ممكنة من أجل الوصول إلى المستشفى بينما كنت اجلس معهم وانا بحالة من الصدمة والذهول اذ بقيتُ أفكر بضع الوقت بالاسباب التي جعلتها تقدم على الانتحار وهي لا تزال طفلة فضلاً عن والديها يحبونها ويهتمون بها كثيراً ويجلبون لها كل ما تريد بالاضافة إلى ان مستواها الدراسي جيداً جداً وبينما كنت انا في دوامة من التفكير وصلنا إلى المستشفى فحاولت تهدئة والدتها وتخفيف من توترها ومعرفة الاسباب التي جعلتها تقدم على الانتحار فأجابتني والدتها وعيونها تذرف بالدموع بسبب التنمر الذي تتعرض له من مدرساتها وزميلاتها في المدرسة لكونها تعاني من السمنة المفرطة وايضاً لاتستطيع ان تنطق كل الحروف بشكل صحيح فكانت كل يوم تعود وهي تبكي بسبب ماتتعرض له من الكلام الجارح من قبلهم فاليوم عادت من المدرسة و هي تبكي قررت ان تتركها لكن انا ووالدها لم نوافق على ذلك خوفاً على مستقبلها لهذا اقدمت على الانتحار وكادت ان تفقد حياتها ولولا إنقاذها بأخر اللحظة وبينما كنتُ استمع لحديث والدتها فشعرت بالحزن راودتني الكثير من التساؤلات منها ؟ وماالاسباب التي أدت إلى انتشار التنمر في الوقت الحاضر؟ ماهي اسبابه ومدى تأثيره على الحالة النفسية للاشخاص الذين يتعرض له فحاولت ان ابحث عنه بشكل موسع خلال بحثي وجدت التنمر شكل من أشكال العُنف، والإساءة، والإيذاء، الذي يكون مُوجَّهاً من شخص، أو مجموعة من الأشخاص، إلى شخص آخر، أو مجموعة من الأشخاص الأقلّ قوّة، سواء بدنيّاً، أو نفسيّاً التنمُّر المباشر؛ حيث يتضمَّن الضَّرْب، والدَّفْع، وشَدّ الشَّعر، والطَّعْن، والصَّفْع، والعَضّ، والخَدْش، وغيرها من الأفعال التي تدلُّ على الاعتداء الجسديّ. غير المباشر؛ حيث يتضمَّن تهديد الضحيّة بالعَزْل الاجتماعيّ الذي يتحقَّق بعدّة طُرُق، مثل: التهديد بنَشْر الإشاعات، ورَفْض الاختلاط مع الضحيّة، ومُمارَسة التنمُّر على الأشخاص الذين يختلطون مع الضحيّة، ونَقْد الضحيّة من ناحية الملبس، والعِرق، واللون، والدِّين، والعَجْز، وغيرها فأصبحت ظاهرة التنمر تكتسح المجتمع بشكل غير طبيعي وحتى أصبح البعض يفضل العزلة والبقاء في المنزل على الخروج والتحدث مع الاقرباء والاصدقاء في حين البعض الاخر دخل في حالة كآبة نتيجة ماتعرض له من تنمر من قبل الآخرين فالتنمر لم يقتصر على أرض الواقع فقط بل نجدهُ ايضاً بكثرة بمواقع التواصل الاجتماعي اصبح الكل يتنمر بحجة المزاح ومتناسياً حجم تأثيره على الفرد والاثار السلبية المترتبَ على حياته ومستقبله .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here