الذكرى الـ6 لسقوط الموصل: الصراعات السياسية عطلت الإعمار.. وداعش بدأ يعزز مواقعه

جاءت ذكرى سقوط الموصل بيد داعش، هذا العام بمقدمات تذكر بما حدث قبل 6 سنوات، حيث تصاعدت الهجمات بشكل ملفت في الشهر الماضي. وكاد التنظيم قبل اسابيع من الذكرى السنوية، ان ينتج “سيناريو” مشابها لاقتحام المدينة، بعد هجمات عنيفة قرب سامراء، المدينة التي انذرت في 2014 بظهور التنظيم.

وظل العراقيون يسخرون لسنوات من خبر انتشر على المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي في 10 حزيران 2014، عبر وعد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بتحرير الموصل خلال 24 ساعة!.

وعلى الرغم من أن التحرير لم يأت إلا بعد أكثر من 3 سنوات على ذلك الوعد، إلا أن العراقيين ما زالوا يستعيدون سنويًا في مثل هذا اليوم (الذي مرت ذكراه أمس) شريط الأحداث ويتساءلون فيما لو كانت أسباب سقوط الموصل قد عولجت أم ما زالت مستمرة؟.

كانت كلفة انهيار 4 فرق عسكرية، أمام بضع مئات من المسلحين في ليلة 10 على 11 حزيران، بحسب بعض التقديرات، كبيرة جدًا، حيث وصل عدد القتلى بين المدنيين والعسكريين الى 300 ألف، ربعهم على الأقل في نينوى لوحدها.

أدى الانهيار الأمني في نينوى الى سقوط مدن عدة في 5 محافظات من بينها أطراف العاصمة، فيما نزح نحو 6 ملايين عراقي من منازلهم ومناطقهم، وما زال، حتى الآن، نحو مليون ونصف المليون منهم بحكم النازحين.

ودمرت الحرب بعد ذلك نحو 150 ألف وحدة سكنية، بحسب الحكومة، في 48 مدينة، فيما وصلت فاتورة إعادة الإعمار الى قرابة الـ200 مليار دولار، يعجز العراق حتى الآن عن دفع 1% منها بسبب الأزمة المالية التي رافقت سنوات سقوط الموصل والنفقات التشغيلية العالية.

قبل 6 سنوات

وفي لحظة اعتراف نادرة بأسباب ما جرى قبل 6 سنوات، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن “الفساد وسوء الادارة كانا سببا بحصول الكوارث السابقة”.

واضاف الكاظمي اثناء زيارته امس، الى المدينة في ذكرى سقوطها بيد داعش انه “يجب حماية المواطنين وعدم تكرار ما حدث في عام 2014”.

وبقيت القوى المعتدلة في البلاد تردد خلال السنوات الماضية، قائلة ان وجود قادة عسكريين فاسدين، وابتزاز المواطنين، وتهميش تلك المدن قد يعيد ظهور صورة جديدة من داعش.

وفي ايار الماضي وصل عدد الهجمات التي نفذها داعش، لنحو 250 هجومًا، في واحد من اكثر سلسلة هجمات عنفا في البلاد منذ اعلان القضاء على التنظيم نهاية 2017.

واعتبر مسؤولون، ان تصاعد الهجمات كان بسبب “تدخلات سياسية” في الملف الامني، واخطاء عسكرية في المناطق الهشة.

مسؤول محلي في الموصل، يقول لـ(المدى) ان “مقدمات عودة داعش او أي تنظيم متطرف، ما زالت قائمة، بسبب الفساد والبطالة، ووجود جهات مسلحة متعددة تؤثر على القرارات الامنية”.

العام الماضي، قرر رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، اغلاق مكاتب تابعة لاحزاب ولفصائل مسلحة، سيطرت على المفاصل الاقتصادية في الموصل بعد التحرير. ولم يستطع عبد المهدي – استنادا لمسؤولين- من اغلاق سوى نصف تلك المكاتب المتهمة ببيع النفط والاستيلاء على الاراضي.

ويضيف المسؤول المحلي الذي طلب عدم نشر اسمه: “الاسوأ من كل ذلك ان لا احد تم محاسبته على ما جرى، وهو امر يدفع الى تكرار الكارثة”.

وخلص تقرير برلماني عن أسباب حدوث الانتكاسة اكتمل العمل به في 2015 الى اتهام 25 شخصية ضمن الصفوف الاولى في العملية السياسية والمؤسسة العسكرية.

وحددت اللجنة التحقيقية آنذاك، مسؤوليتهم عن التسبب بما جرى، فيما يتمتع أغلبهم الآن بنفس المواقع الرسمية السابقة، كما تم انتخاب البعض منهم الى مجلس النواب الحالي. بدوره قال زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي، ان “محاكمات صورية وسرية” جرت بعد 6 سنوات من سقوط الموصل.

وتساءل علاوي في تغريدة على حسابه في (تويتر): بعد تلك المحاكمات “هل نجحت الحكومة بتشخيص الاسباب الحقيقية من تهميش وطائفية سياسية واجتثاث وترويع والتي ادت الى تلك النكبة، والحيلولة دون تكرارها. هل وعت الدرس؟”. ومايزال سكان الموصل، يتحدثون عن نحو 4 آلاف شخص، ما زالوا في عداد المفقودين، وقرابة الـ10 آلاف معتقل، اغلبهم بسبب تشابه الاسماء.

ظافر العاني النائب عن القوى العراقية (المظلة السياسية لاغلب السُنة)، طالب الحكومة بالاعتذار لأبناء المحافظات المنكوبة بسبب تسهيلها مهمة الدواعش لقتلهم وتهجيرهم.

وقال العاني في تغريدة على (تويتر) إنه “في ذكرى احتلال داعش الارهابي فان الحكومة مطالبة بالاعتذار لأبناء المحافظات المنكوبة لأنها لم تقم بواجبها في حمايتهم بل سهلت مهمة الدواعش لقتلهم وتهجيرهم والتغرير بهم وسبيهم واستغلت المليشيات ذلك بالقتل والتغييب والتطهير الطائفي”.

وأضاف “شكرا لمن دافع وضحى وحرر”، منهيًا تغريدته بهاشتاغ: “داعش لا يمثل السنة”.

قلب الموصل

وسط الموصل ما زال مخربا حتى الان، والحكومات المتعاقبة فشلت في توفير ميزانيات لاعادة البناء.

طرح المحافظ السابق (المستقيل) منصور المرعيد، حلا اثار جدلا واسعا في المدينة، تراجع عنه بعد ذلك وقال انه قد أُسيء فهمه.

الحل كان بيع المنازل المدمرة، تمهيدا لتحويل المدينة القديمة (وسط الموصل) الى بنايات حديثة ومجمعات عمودية.

ورفض اغلب السكان ذلك الحل، خوفا من التغيير الديموغرافي، خصوصا بعد تسرب معلومات عن مستثمرين ايرانيين واتراك يستعدون للشراء.

ويقول حسام الدين العابر، المسؤول السابق عن الخدمات في الموصل، لـ(المدى) ان “اعادة الاعمار يزحف بشكل بطيء في المدينة بسبب الصراعات السياسية”.

وافتتح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، امس، الجسر الثالث في المدينة، من ضمن 5 جسور دمرت خلال سنوات الاحتلال وعمليات التحرير، ولم يتم اصلاحها بالكامل منذ 3 سنوات.

يضيف العبار قائلا: “كل محافظ يأتي الى نينوى يحتاج الى ان يثبت ولاءه للجهة السياسية التي ساندته، ويتعرض لضغوطات كثيرة في الغالب ليست لها علاقة بالخدمات”.

ولا يأمل المسؤول السابق، بوجود تغييرات ستحدث هذا العام في الموصل، خصوصا مع تفاقم الازمة المالية، وتفشي وباء “كورونا”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here